إعداد : ميار هانى
لعل يكون واضحاً وجود معارضة لنظام طهران من قِبل أشخاص لا تنتمى للمناصب العليا فى البلاد، لكن حينما يأتى النقد والدعم الصريح للاحتجاجات من قبل أبناء الثورة- المعروفون محليا باسم آقازاده- كاسرين حاجز الصمت، فأنت تعلم أن النخبة الحاكمة تتصدع وأن النظام فى ورطة حقيقية، وفيما يلى نستعرض أبرز تلك النماذج: ( فـريـدة مـراد خـانـى – فــائــزة هــاشــمـى رفــسنجانــى – حـــسن الــخمــينى).
فـــــريـــدة مـــــــراد خانـــــــى:
لقطة شاشة من مقطع فيديو نشر على موقع يوتيوب انتقدت فيه فريدة مراد خانى النظام الإيرانى، الصورة: يوتيوب.
فى خضم الاحتجاجات التى تشهدها إيران منذ ثلاث أشهر، ادانت “فريدة مراد خانى”، ابنة شقيقة المرشد الأعلى الإيرانى “آية الله على خامنئى“، نظام خالها لقمعه الإيرانيين، واصفةً اياه بأنه ” قاتل للأطفال”، كما دعت الحكومات الأجنبية إلى قطع جميع صلاتها بنظام طهران، وذلك خلال مقطع فيديو شاركه شقيقها، محمود مراد خانى المقيم فى فرنسا، بعد يومين من اعتقالها.
وقالت أن “هذا النظام غير مخلص لأى من مبادئه الدينية ولا يعرف أى قانون أو حكم سوى القوة والحفاظ على سلطته، وأضافت: “الآن، فى هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ، تلاحظ البشرية جمعاء أن الشعب الإيرانى بأيدٍ فارغة، وشجاعة مثالية يقاتل قوى الشر. فى هذه اللحظة يتحمل الشعب الإيرانى عبء هذه المسؤولية الثقيلة وحده من خلال دفع أرواحهم”. منتقده تقاعس المجتمع الدولى واقتصاره على التنديد، فضلاً عن مقارنتها خلال تصريحاتها بين خالها وهتلر وموسولينى، وأعربت عن أملها بأن ينجح “الشعب الايرانى فى إسقاط النظام”.
وفريدة مراد خانى، البالغة من العمر نحو 50 عاماً، واحدة من أشد الناشطات المعارضات للنظام الإيرانى، دافعت بشكل مستمر عن حقوق الإنسان وعرفت برفضها لعقوبة الإعدام فى إيران وأطلقت حملة ضدها قبل أشهر. وسبق أن تعرضت للإعتقال فى يناير الماضى عقب مشاركتها فى حفل أقيم عبر الإنترنت بمناسبة الذكرى السنوية لولادة الملكة “فرح بهلوى” زوجة شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوى.
وتُجدر الإشارة ان فريدة قد اشتهرت بكونها تنتمى إلى أسرة معارضة، فقد كان اباها رجل الدين “على مراد خانى” المعروف باسم “الشيخ على طهرانى“ معارضاً لحكم رجال الدين بشكل عام، فضلاً عن أخاها “محمود مراد خانى” ووالدتها “بدرى خامنئى“، التى أعلنت يوم الأربعاء 7 ديسمبر، البراءة من شقيقها، كما أعربت فى بيان شديد اللهجة عن تعاطفها مع الأمهات الثكلى ممن فقدن أبناءهن على يد الحكومة بعد ثورة 1979، مستدركة “منذ سنوات، أحضرت صوت الناس إلى آذان أخى على خامنئى عدة مرات، لكن بعد أن رأيت أنه لم يستمع ويتبع طريق الخمينى فى القمع وقتل الأبرياء، قطعت علاقتى به”، كما هاجمت الأجهزة الأمنية بكافة صنوفها، ووصفتها بـ”المرتزقة”، وقالت “على حراس ومرتزقة على خامنئى إلقاء أسلحتهم والانضمام إلى الشعب بأسرع ما يمكن قبل فوات الأوان”، داعية الشعب الإيرانى إلى مواصلة طريق الاحتجاجات حتى إسقاط النظام.
فــائــزة هــاشــمــى رفـســنــجــانــى:
فائزة هاشمى رفسنجانى فى سيارة الأمن الإيرانى عقب اعتقالها، الصورة: اندبندنت عربية.
“فائزة رفسنجانى”، الإبنة الثالثة والأكثر إثارة للجدل بين أبناء الرئيس الإيرانى الراحل “على أكبر هاشمى رفسنجانى” (1989-1997). دعمت الاحتجاجات الحالية فى جميع أنحاء البلاد، واصفةً إياها بأنها “استمرار لمطالب الماضى، ولكن فى شكل جديد”، وأوضحت خلال تصريحات بثتها إذاعة “راديو فردا”: “هذا المجتمع يشعر بخيبة أمل من الإصلاحات فى الجمهورية الإسلامية، ولا يمكن للهيئة الحاكمة أيضا أن تتكيف مع الجيل الجديد، وقد دفعت هذه القضية المحتجين إلى استنتاج أنهم ( أى النظام) لا ينبغى أن يحكموا بعد الآن، وفى رأيى، هم على حق!” ، وعلى أثر ذلك أعتقلتها أجهزة أمنية، نهاية سبتمبر الماضى، وحُكم عليها بالسجن 15 شهراً وسنتين من العقوبة التكميلية، تشمل منعها من السفر للخارج أو القيام بأنشطة عبر الإنترنت، بتهمة الدعاية ضد النظام، بحسب القضاء الإيرانى.
وفائزة رفسنجانى، صاحبة ال 60عاماً، كانت نائبة سابقة إصلاحية فى مجلس الشورى الإسلامى فى تسعينيات القرن الماضى، وهى ناشطة فى حقوق الإنسان، أعتقلت وسُجنت عدة مرات فى الماضى، عُرفت بانتقاداتها للنظام فى عدة مناسبات، فوصفته بأنه “طالبانى” الفكر وان سياساته الغير صحيحة أدت إلى العقوبات الأمريكية التى جعلت حياة الإيرانيين العاديين صعبة للغاية، فضلاً أن نظام طهران تسبب بمقتل آلاف المسلمين فى العديد من الدول العربية.
حــســـن الــخــمــيــنــى:
حسن الخمينى حفيد آية الله الخمينى، الصورة:AL-MONITOR
فائزة وفريدة ليسا وحدهما المعارضين علانيه للنظام، “حسن الخمينى”، حفيد “آية الله الخمينى” قائد الثورة الإسلامية ومؤسس النظام الإيرانى الإسلامى، كثيراً ما وجه انتقادات للنظام. ففى عام 2018، حذر من أن “التشرذم الاجتماعى المستمر ونشر الكراهية والضغينة والنفاق والمعايير المزدوجة وخيانة الأمانة هى علامة سيئة للحكومة”. وفى عام 2021، خلال الانتخابات الرئاسية، انتقد التوجه نحو سيطرة تيار واحد على مقاليد الحكم، وذلك فى إشارة إلى استبعاد كثير من الإصلاحيين أمام المحافظين.
وأخيراً:
تأتى تلك الانتقادات من قِبل أبناء زعماء النظام الإيرانى ليس فى إطار الانقلاب على نظام الولى الفقيه برمته، بل فى إطار مدى انحراف سلوك النظام الحالى عن مبادئ الثورة الإيرانية وأهدافها، لذلك يمكن القول أن تلك المعارضة دليل على وجود خلل فى السياسة الإيرانية ومؤشر على الضيق والمعاناة داخل البلاد إلى الحد الذى طال أبناء مؤسسى النظام، كما من الممكن أن تكون المعارضة فى خضم الاحتجاجات من قِبل فريدة مراد خانى وفائزة رفسنجانى، مشجعة للمعارضين داخل النظام لرفع صوتهم عالياً والانضمام لصفوف الثوار.