بقلم السفير محمد سالم الصوفي
المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي
احتفل الرئيس الكاميرون يوم 6 نوفمبر الجاري بمرور 40 عاما على وصوله إلى دفة الحكم في الكاميرون سنة 1982 إثر استقالة سلفه أحمد وايجو وهو الذي دخل رئاسة الكاميرون لأول مرة في أكتوبر سنة 1962 حين عاد من دراسته في الخارج ليصبح مكلفا بمهمة في رئاسة الجمهورية ويصبح بعد ذلك في الرابع من نوفمبر سنة 1975 وزيرا أول ويبقى في ذلك المنصب لغاية 1982 حين خلف أول رئيس للكاميرون في الرئاسة حيث مكث فيها إلى اليوم.
يتساءل الكثيرون عن السر وراء بقائه في السلطة لهذه الفترة الطويلة. ويفسرون ذلك ب عوامل متعددة من ضمنها علاقاته الوطيدة بفرنسا حيث تذكر المصادر أن شخصية فرنسية نافذة في السياسة الخارجية لباريس هي التي اقترحته سنة 1962 بعد عودته من الدراسة في فرنسا على أول رئيس للبلاد أحمد وايجو ليشتغل معه في رئاسة البلاد تحضيرا للمراحل اللاحقة من مساره السياسي في الكاميرون.
وقد مر ابول بيا طيلة فترة حكمه الطويلة بمطبات كثيرة ومهما يكن من أمر فقد كان يعرف عنه التكتم على نواياه في ما يخص الترشح للاستحقاقات الرئاسية حتى قبل موعدها بقليل، ذلك ما فعله في يناير 1984 وفي ابريل 1988 وفي اكتوبر 1992 وفي اكتوبر 1997 وفي اكتوبر 2004 وفي اكتوبر 2011.
ورغم بلوغه من العمر عتيا وتدهور حالته الصحية فمن الواضع أنه ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في سنة 2025. ولكن هل ستمنعه حالته الصحية من تحقيق مشروعه بعد أن عجزت الأزمات العديدة التي اجتازها خلال فترته الطويلة في الحكم ومن آخرها انشقاق الإقليم الناطق بالانجليزية وما ترتب عليه من حرب عصابات وعمليات عسكرية وتخريب وسجن وتشريد الكثير من الأشخاص وأزمات كثيرة قبل ذلك لم تمنعه من الترشح في كل مرة والفوز في الانتخابات بطرقه الخاصة.
ولكن يُعرف عنه في فترته الأخيرة أنه كثير الأسفار إلى الخارج من أجل العلاج و أنه لا يعقد مجلس الوزراء إلا مرة في السنة وقد تمضي السنة بكاملها دون أن ينعقد مجلس الوزراء ودون أن يظهر الرئيس على الواجهة أمام الرأي العام، لكن من المؤشرات على أنه ينوي الترشح استقباله في الأسابيع الماضية للرئيس الفرنسي في ياوندي وهو تقليد درج عليه الرؤساء الفرنسيون حيث يظهرون مع الرئيس للتأكيد على العلاقات الوطيدة بين البلدين.
ويبقى السؤال مطروحا رغم ذلك نظرا لحالته الصحية مع أنه يتكتم بشكل شديد حتى الآن على كل ما يتعلق بنواياه بشأن الترشح للرئاسة القادمة ومن آخر ردوده على من يحاول استدراجه للحديث عن الموضوع قوله “لقد تم انتخابي لعهدة رئاسية لم تنته والحديث عما سيجري بعد ذلك سابق لأوانه.” إذن هل ستمنعه حاله الصحية من الترشح من جديد أم هل يحدث طارئ في الكاميرون يغيِّر موازين القوى في البلاد؟ الأسئلة عديدة في انتظار ما ستكشف عنه الأيام والأسابيع المقبلة.