إعادة التوطين المؤقت غير العقابي للمدنيين اثناء الحرب

بقلم د . أيمن سلامة

أستاذ القانون الدولي العام

” شر البلية ما يضحك ” قول عربي مأثور ينطبق في الحالة الإسرائيلية ، فقد طلبت سلطات الاحتلال  الإسرائيلي  من  المدنيين  الفلسطينيين  العزل  أن يفروا خلا 24 ساعة من شمال غزة ، ويرحلوا إلي مناطق أخري ” أقل جحيما ” من نار الدنيا ، وكأن المناطق التي خصصها الاحتلال الإسرائيلي ستصير ” ليلة  الزينة” لهؤلاء المدنيين المكروبين بأشد نكبة منذ عام 1948 ، والمكلومين بأفظع احتلال عسكري معاصر منذ عام 1967 ،

لا عجب و لا مشاحة ، فإسرائيل هي التي تستأثر دوما  بالفريات  الصادمة ،

والفريات  المؤلمة ، وفي ذلك السياق نؤكد دوما و دون كل أو مل أن القانون الدولي الإنساني لا يترك شاردة أو واردة ، فهناك عددًا من الشروط الأساسية التي يجب استيفاؤها قبل أن يتم نقل المدنيين أثناء النزاع المسلح لحمايتهم ، وتشمل هذه:

أولا : أن نقل المدنيين أمر خطير ولا ينبغي القيام به إلا كملاذ أخير، وينبغي استنفاد الخيارات الأخرى، مثل توفير المأوى في المكان أو التفاوض على وقف إطلاق النار، قبل التفكير في إعادة التوطين.

هناك عدد من المخاطر المرتبطة بنقل المدنيين، بما في ذلك:

  • تعرضهم للهجمات من قبل المتحاربين
  • التعرض للألغام أو المتفجرات الأخرى
  • التعرض للأمراض أو الأوبئة
  • سوء المعاملة أو الإساءة

ثانيا : يجب أن يكون هناك تهديد حقيقي لحياة أو رفاهية المدنيين الذين يتم نقلهم.

أحد الشروط المسبقة الأساسية لإعادة توطين المدنيين خلال النزاع المسلح، فيجب أن يكون هناك تهديد حقيقي لحياة أو رفاهية المدنيين الذين يتم نقلهم، مثل تهديد بالقتل أو الإصابة أو التشرد أو الحرمان من الغذاء أو المياه أو المأوى.

يجب أن يكون التهديد حقيقيًا ووشيكًا، وليس مجرد احتمال، كما  يجب أيضًا أن يكون التهديد محددًا، بمعنى أنه يجب أن يكون هناك تهديد محدد للأفراد أو المجموعة الذين يتم نقلهم.

إذا لم يكن هناك تهديد حقيقي لحياة أو رفاهية المدنيين، فإن إعادة توطينهم لن تكون مبررة.

فيما يلي بعض الأمثلة على التهديدات التي يمكن أن تبرر إعادة توطين المدنيين خلال النزاع المسلح:

  • القصف أو الهجمات الأخرى التي تستهدف المدنيين
  • استخدام أسلحة الدمار الشامل
  • عمليات النهب أو السلب
  • انتشار الأوبئة أو الأمراض
  • انعدام الأمن الغذائي أو المياه أو المأوى

ثالثا : يجب أن يكون النقل ضرورياً لحماية المدنيين من التهديد.

إذا كان هناك خيارات أخرى لحماية المدنيين من التهديد، مثل توفير المأوى في مكانهم أو التفاوض على وقف إطلاق النار، فيجب استخدام هذه الخيارات أولاً،

فيجب أن يكون النقل هو الخيار الأخير فقط عندما لا توجد خيارات أخرى لحماية المدنيين من التهديد.

فيما يلي بعض الأمثلة على الحالات التي قد يكون فيها النقل ضروريًا لحماية المدنيين:

  • عندما يكون التهديد شديدًا أو وشيكًا
  • عندما يكون التهديد محددًا للمدنيين الذين يتم نقلهم
  • عندما لا توجد خيارات أخرى لحماية المدنيين من التهديد

رابعا:  يجب أن تتم عملية النقل بطريقة آمنة وإنسانية.

يجب أن تكون عملية النقل آمنة من حيث أن المدنيين الذين يتم نقلهم محميون من الأذى أو الضرر. يجب أيضًا أن تكون عملية النقل إنسانية، مما يعني أنها تحترم كرامة وحقوق المدنيين الذين يتم نقلهم.

فيما يلي بعض المبادئ التي يجب أن تُراعى عند تنفيذ عملية النقل بطريقة آمنة وإنسانية:

  • يجب أن يتم النقل في ظروف آمنة، بعيدًا عن مناطق القتال أو التهديدات الأخرى.
  • يجب أن يتم توفير الحماية للمدنيين الذين يتم نقلهم من الأذى أو الضرر.
  • يجب أن يتم معاملة المدنيين الذين يتم نقلهم باحترام وكرامة.
  • يجب أن يتم توفير المساعدة الإنسانية للمدنيين الذين يتم نقلهم، مثل الطعام والماء والرعاية الصحي

خامسا:  يجب إعلام المدنيين بأسباب النقل وخياراتهم في النقل.

يجب أن يكون المدنيون على علم بأسباب النقل، حتى يتمكنوا من فهم التهديدات الذي يواجهونها  ،وسبب الحاجة إلى نقلهم ،ويجب أيضًا أن يكونوا على علم باختياراتهم في النقل، حتى يتمكنوا من اتخاذ قرار مستنير بشأن ما إذا كانوا يرغبون في الانتقال أم لا.

فيما يلي بعض المبادئ التي يجب أن تُراعى عند إعلام المدنيين بأسباب النقل وخياراتهم في النقل:

  • يجب تقديم المعلومات للمدنيين بطريقة واضحة ومفهومة.
  • يجب تقديم المعلومات للمدنيين في الوقت المناسب، حتى يتمكنوا من اتخاذ قرار مستنير بشأن النقل.
  • يجب توفير للمدنيين فرصة للتعبير عن رأيهم في النقل.

يجب أن يُبذل كل الجهود الممكنة لضمان أن يكون المدنيون على علم بأسباب النقل وخياراتهم في النقل. يجب أن يكون حق المدنيين في الحصول على المعلومات هو الأولوية القصوى.

سادسا: يجب تزويد المدنيين بالمساعدة والدعم الكافي أثناء عملية النقل وبعدها.

يجب أن يشمل الدعم المساعدة الإنسانية، مثل الطعام والماء والرعاية الصحية والسكن. يجب أن يشمل الدعم أيضًا المساعدة في إعادة التأهيل والتكيف، مثل المساعدة في العثور على عمل أو التعليم أو الخدمات الاجتماعية.

فيما يلي بعض المبادئ التي يجب أن تُراعى عند تزويد المدنيين بالمساعدة والدعم الكافي أثناء عملية النقل وبعدها:

  • يجب أن تكون المساعدة والدعم مستجيبًا للاحتياجات المحددة للمدنيين الذين يتم نقلهم.
  • يجب أن تكون المساعدة والدعم متاحة في الوقت المناسب، حتى يتمكن المدنيون من التعافي من تجاربهم وإعادة بناء حياتهم.
  • يجب أن تكون المساعدة والدعم شاملة، حتى تتمكن المدنيين من إعادة بناء حياتهم بشكل كامل.

يجب أن يُبذل كل الجهود الممكنة لضمان أن يحصل المدنيون على المساعدة والدعم الكافي أثناء عملية النقل وبعدها. يجب أن يكون رفاهية المدنيين الذين يتم نقلهم هو الأولوية القصوى.

بالإضافة إلى ما سبق، ينبغي أيضًا مراعاة المعايير التالية عند نقل المدنيين أثناء النزاع المسلح:

* يجب أن تكون عملية النقل مؤقتة بهدف إعادة المدنيين إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن.

* لا ينبغي استخدام عملية النقل كإجراء عقابي ضد المدنيين.

* يجب ألا يؤدي النقل إلى انفصال الأسر أو فقدان سبل العيش.

* لا ينبغي أن يؤدي النقل إلى إنشاء مخيمات جديدة للاجئين أو مواقع النزوح.

صفوة القول :  علي  المجتمع الدولي أن يًذّكر كافة  الدول  المارقة عن الجماعة  الدولية  و الخارقة للأعراف و القوانين الدولية ، أن القانون  الدولي الإنساني شرع لأجل ” أنسنة النزاع المسلح “، وأن مبدأ  الإنسانية ما برح يتوج علي سائر المبادئ  الأخرى لهذا القانون الذي ينظم  العدائيات العسكرية ،و يحمي المدنيين غير المشتركين في النزاعات المسلحه

كلمات مفتاحية