إعلان غير توافقي لنهاية الحوار في اتشاد
بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي
في الوقت الذي كان فيه المشاركون في الجلسة العامة المنعقدة يوم الأربعاء 5 أكتوبر الجاري ينتظرون تحديد موعد الجلسة العامة التي ستخصص للمصادقة على التقرير العام للحوار الوطني الشامل والمستقل المنظم في اتشاد الذي يشمل مخرجاته، فاجأ رئيس مجلس الإشراف الحاضرين بالإعلان عن انتهاء أشغال الحوار.
وقد أحدث الإعلان ضجة في القاعة واستغرابا واحتجاجات عديدة ولكن رئيس مجلس الإشراف غالي انكوتيكا أعلن أن جلسة الأربعاء هي الجلسة الأخيرة ودعا الحاضرين إلى جلسة عامة مقررة يوم السبت 8 أكتوبر الجاري من أجل حفل الاختتام النهائي لأعمال الحوار بعد أن تمت المصادقة في جلسة سابقة على أجندة الفترة الانتقالية التي خلفت هي الأخرى احتجاجات عديدة وأدت إلى تجدُّد الانسحابات من الحوار.
المراقبون يرون أن مجلس الإشرافي على تنظيم الحوار يريد استباق الأمور من أجل تنظيم ما يمكن أن يحافظ على مصداقية الحوار بعد أن بدأت سلسلة الانسحابات والاحتجاجات ويؤشر هذا على الاستياء الذي خلفته أعمال الحوار في أوساط الأطراف غير الموالية للحكومة بصفة عامة وقد تجسد ذلك طيلة أيام الحوار في الانسحابات المتتالية في كل جلسة .
ففي نفس جلسة الأربعاء التي جرى فيها الإعلان المفاجئ عن انتهاء أشغال الحوار، صرَّح نحو 50 من الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني بأنهم لا يوافقون على النتائج التي ترتبت على الجلسات وأن النص الذي قرأه رئيس مجلس الإشراف لا يعكس بصدق ما دار في النقاشات وأنهم لم يجدوا شيئا من اقتراحاتهم في النتائج والتوصيات التي تم اعتمادها إثر الأشغال فقد تم على سبيل المثال إسقاط مقترحهم بشأن استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية وهو ما لم ترد الإشارة إليه في مشروع الدستور الذي تم اقتراحه.
ومن أبرز المتذمِّرين من الإعلان ومن نتائج الحوار رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان محمد نور إبدو الذي صرح بأن نتائج الحوار تمنح سلطات واسعة ومفرطة لرئيس الفترة الانتقالية محمد إدريس دبي وأنه لا وجود لسلطة موازنة في مقابلة سلطاته الواسعة ويعني ذلك بالنسبة له أن هذه النتائج تظهر أن كل هذه الأعمال وكل هذه الجهود التي تم بذلها منذ بداية الحوار حتى الآن لم تجد شيئا ولم تؤد إلى نتيجة إيجابية.
نقطة أخرى حساسة طالما ألحت عليها الحركات السياسية المسلحة منذ انطلاق تحضيرات الحوار في الدوحة وهي المسألة الحساسة المتعلقة بإعادة النظر في تركيبة الجيش اتشادي الذي تطغى عليه الجهوية و التسخير لخدمة فئة معينة على حساب المكونات الأخرى في مجتمع اتشاد. ولكن ممثلي الحكومة قد رفضوا الحديث عن الموضوع في الدوحة متذرعين بأن هذه مسألة وطنية لا تناقش إلا داخل البلد ولطمأنة الحركات المطالبة بإدراج هذه المسألة على جدول الأعمال وعد الفريق الحكومي بتسجيل النقطة على أجندة النقاش بعد العودة إلى انجامينا وهو ما تم بالفعل.
ولكن رغم أن المسألة مسجلة على الورق إلا أنه تم تناولها بصفة خاطفة وتجاوزها بسرعة حتى انتهى الحوار دون تعميق النقاش حولها أو اتخاذ قرار بشأنها مع أن العديد من اتشاديين يتهمون تركيبة الجيش بأنها السبب الرئيسي وراء كافة الأزمات التي واجهها اتشاد منذ استقلاله حتى اليوم.
وبهذه التطورات والنتائج التي ترتبت على الحوار يرى المراقبون أن التاريخ في طريقه لإعادة نفسه في اتشاد مع محمات إدريس دبي الذي تؤكد المصادر الرسمية أنه يستعد لتنظيم حفل رسمي لتأدية اليمين القانونية لتنصيب نفسه رئيسا للفترة الانتقالية حتى نهايتها بعد أن سمح له الحوار بالترشح للرئاسيات القادمة وسيكون الحفل بعد يوم أو يومين من انعقاد جلسة الاختتام الرسمي للحوار.و تؤكد التسريبات أن الدعوات وصلت إلى رؤساء الدول و الحكومات الإفريقية و أن بعضهم أكد بالفعل عزمه حضور الحفل المذكور.
ولا يشك هؤلاء المراقبون في أنه سيبقى في الحكم ليعيد نسخة أخرى من حكم والده إدريس دبي وسيبقى اتشاد ، حسب رأيهم ،رغم حوار دام عدة شهور من النقاشات في انجامينا سبقتها تحضيرات لفترة طويلة في قطر ، في نفس المرحلة في ظل حكم يواجه معارضة سياسية وعسكرية وفصائل عديدة تتربص به الدوائر في الداخل والخارج وبذلك سيكون حكم محمات إدريس دبي نسخة طبق الأصل من حكم والده في الفترة القادمة.