بقلم السفير : محمد الصوفي
تتصاعد في السودان حدة التوتر بين الجيش النظامي بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الحاكم في البلاد من جهة، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الجنرال محمد حمدان دوكلو الملقب احميتي الرجل الثاني في النظام الحاكم من جهة أخرى.
وكانت قواته شبه العسكرية قد بدأت الانتشار منذ يومين في العاصمة الخرطوم وغيرها من كبريات المدن في السودان الأمر الذي أحدث تخوفا من اندلاع مواجهات بين الجيش النظامي من جهة والقوات شبه العسكرية من جهة أخرى.
فقد أصدر الجيش النظامي بيانا استنكر فيه مبادرة انتشار قوات الدعم السريع في العاصمة والمدن الأخرى واصفا ما حصل بأنه قرار من جانب واحد تم اتخاذه دون التشاور مع الجهات الأخرى في السلطة.
ويزيد هذا من مخاطر تدهور الوضع الأمني في السودان حسب المحللين الذين اعتبروا البيان شديد اللهجة الذي أصدره الجيش صباح الخميس 13 ابريل الجاري بمثابة إنذار لقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال احميتي.
فقد صرح الناطق الرسمي باسم الجيش بأنه يطلق جرس الإنذار في مواجهة التطور الخطير الأول من نوعه في البلد حسب تعبير العقيد نبيل عبد الله الناطق الرسمي باسم السلطة الذي شجب انتشار قوات الدعم السريع شبه العسكرية دون اتفاق أو تنسيق مع القيادة العليا في البلد واعتبر أن المبادرة تشكل خرقا خطيرا للقانون ويمكن أن تؤدي إلى انفلات الأمور في البلد، حسب تعبيره.
و يعيش بعض المدن حالة توتر قصوى خوفا من صدام وشيك بين قوات الدعم السريع ووحدات الجيش النظامي ومن الأمثلة على ذلك ما يحصل في مدينة ماراو على بعد 200 كلم شمال الخرطوم حيث يوجد المطار الذي يحتضن طائرات عسكرية سودانية ومصرية وورد في الأنباء أن الجيش النظامي قد حاصر قوات الدعم السريع بعد انتشارها قرب المطار موجها إليها إنذارا بضرورة الانسحاب وقد واجهت القوات شبه العسكرية هذا الإنذار بالرفض حتى الآن مبررة وجودها بأنه ضروري ويدخل في إطار مهمة لمحاربة تهريب المهاجرين غير النظاميين وتهريب المخدرات.
ولكن قوات الدعم السريع شبه العسكرية قد تم إرسالها أيضا إلى عدة مواقع في العاصمة الخرطوم الأمر الذي أحدث احتقانا شديدا نظرا لوجود القوات النظامية في نفس المواقع من العاصمة في مواجهة وحدات قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
يرى المراقبون في ما يحصل منذ الساعات الماضية مؤشرا على قرب القطيعة بين الجنرالين عبد الفتاح البرهان، من جهة، ومحمد حمدان دقلو، الملقب احميتي، من جهة أخرى، وقد بدأ الخلاف يتطور بين الرجلين حول مسألة دمج قوات الدعم السريع شبه العسكرية داخل الجيش النظامي ضمن الإجراءات المقررة من أجل بناء جيش موحد وتوقيع اتفاق يفضي إلى تسليم السلطة إلى المدنيين.
وقد تأخر توقيع الاتفاق في آخر لحظة، الأمر الذي زاد من الغموض الذي يلف مستقبل عملية انتقال السلطة في السودان ولا شك، حسب المراقبين، أن التطورات الأخيرة بين الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الجنرال محمد حمدان، دقلو، الملقب احميتي، من جهة أخرى،سيصرف الأنظار عن مسألة الاتفاق إلى ما هو أخطر أي الانشغال بمحاولة تفادي حدوث صدام بين الطرفين يؤدي إلى انفلات أمني أو تطورات قد تخرج في النهاية عن السيطرة أو تغلُّب أحد الطرفين على الآخر والدخول في مرحلة جديدة.