اشتباكات وتصعيد على الحدود بين إثيوبيا و السودان

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

أعلن السودان يوم الاثنين 27 يونيو الجاري، عن استدعاء سفيره في أديس أبابا على الفور واستدعاء السفير الإثيوبي بالخرطوم لإبلاغه بالتنديد السوداني بـ “إعدام” سبعة من جنوده ومواطن مدنيٍ.

كما يشير السودان إلى أنه سيقدم شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية متوعدًا بالرد على هذا “العمل الجبان” حسب وصف البيان السوداني.

الأحداث التي يُزعم أنها وقعت بالقرب من مثلث فشقة – وهو منطقة يتنازع البلدان ملكيتها، نسبتها سلطات  أديس أبابا إلى ميليشيات الأمهره. وقالت وزارة الخارجية السودانية إن هؤلاء الرجال “خطفوا يوم 22 يونيو من داخل الأراضي السودانية ثم نقلوا إلى إثيوبيا ليتم إعدامهم في عمل يخالف جميع اتفاقيات الحرب والقانون الدولي.

وتوضيحا لملابسات الحادث قال مسؤول عسكري سوداني إن  الجنود تم أسرهم  في منطقة حدودية بالقرب من الفشقة بولاية الغضارف  الواقعة في شرق البلاد.

و تباطأت أديس أبابا في الرد على اتهامات الخرطوم واعتبرت  الوفيات “مأساوية ومؤسفة” و قالت إن ميليشيا محلية في منطقة الأمهرة  هي المسؤولة عنها. ولكن في مجموعة من الاتهامات التي أصبحت هي القاعدة ، تتهم إثيوبيا على عكس ذلك الخرطوم بالمبادرة  بالاعتداء في هجوم يهدف إلى دعم حزب تيغراي المتمرّد التابع للجبهة الشعبية لتحرير تيغرايين.

تحدث  في بانتظام اشتباكات قاتلة في بعض الأحيان  كان من  أشدها ما وقع في عام 2020 أثناء الحرب بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وسلطات إقليم تيغراي المجاورة للسودان ، والتي تسببت في لجوء عشرات الآلاف من الإثيوبيين إلى الدولة المجاورة.

فقد بدأ التصعيد يبرز على الساحة بين البلدين منتصف ديسمبر 2020 ليتواصل حتى منتصف يناير 2021حين وقعت عدة أعمال عنف على الحدود اتهم السودان إثرها مليشيات تابعة لإثيوبيا بقتل المدنيين ليتواصل الشحن الإعلامي بين البلدين ويبلغ  ذروته منتصف يناير  من نفس السنة حين أدانت حكومة السودان على لسان وزير خارجيتها خرق إحدى الطائرات العسكرية الإثيوبية للمجال الجوي السوداني .

ومن جانبها أعلنت إثيوبيا في ذلك الوقت أن لصبرها حدودا لكنها فضلت التهدئة من أجل التوصل إلى تسوية ودية ولكن إذا استمر السودان في تحركه فإن القوات الإثيوبية حسب وزير خارجية أديس أبابا لن تبقى مكتوفة الأيدي وستكون مجبرة على الرد دفاعا عن سيادة التراب الإثيوبي حسب تعبير وزير الخارجية في إثيوبيا وقالت إثيوبيا إن الجيش السوداني قد أطلق المدافع الثقيلة و إن العديد من المدنيين على الأراضي الإثيوبية قد سقطوا قتلى وجرحى.

ما يحدث اليوم يعني بالنسبة للمراقبين أن البلدين يقطعان خطوات جديدة نحو المواجهة العسكرية بسبب النزاع الحدودي حول منطقة مثلث الفشقة الذي يعود صراع البلدين حوله إلى عدة عقود بسبب عدم رسم الحدود بينهما بصفة دقيقة وواضحة. وتؤشر على ذلك نبرة الشحن التي طبعت عبارات الجيش السوداني الذي توعَّد بأن “هذا العمل الغادر لن يمر” ، خاصة وأن القوات الإثيوبية قد تعمدت عرض جثث القتلى السودانيين في وسائل الإعلام  في خطوة اعتبرها السودانيون استفزازا لمشاعرهم.

يؤجج هذا الصدام الحدودي التوترات بين بلدين  لم يتمكنا  من التوصل إلى اتفاق بشأن مسار حدودهما ، على الرغم من جولات المفاوضات العديدة. وبعد اندلاع الصراع في منطقة تيغري ، استعاد السودان الأرض بالقوة ولكن إثيوبيا لم تُسلِّم بذلك و تتحين الُفرص لبسط نفوذها من جديد  على الرقعة المتنازع عليها.

يرى المراقبون أن التصعيد الحدودي الجديد بالإضافة إلى معضلة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا ويعارضه السودان وعوامل أخرى جانبية تتضافر لتخلق جوا ملائما لاندلاع صراع جديد بين البلدين العملاقين في منطقة شرق إفريقيا.

 

كلمات مفتاحية