اغتيال أبو أسامة المهاجر… استمرارية استهداف قادة تنظيم داعش

إعداد/ جميلة حسين محمد

فى خضم ملاحقة القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولى لقيادات تنظيم داعش فى سوريا والعراق ورغبتها المستمرة فى هزيمتها والحد من تواجدها بل والقضاء عليها، أعلنت القيادة المركزية للجيش الأمريكى يوم الأحد الموافق 9 يوليو مقتل زعيم داعش «أبو أسامة المهاجر» فى شمال شرق سوريا أثناء غارة جوية تم تنفيذها فى وقت سابق من يوم الجمعة الموافق 7 يوليو بواسطة طائرات مسيرة من طراز “إم كيو – 9” خلال قيادته دراجة نارية، وأضاف بيان القيادة المركزية الأمريكية أن تلك الغارة لم ينتج عنها وقوع أى إصابة للمدنيين.

من هو أبو أسامة المهاجر؟

التحق أبو اسامة المهاجر اليمنى الجنسية بتنظيم “داعش” فى عام 2015 وشارك فى القتال ضمن أفراد داعش فى سوريا وقبل ذلك كان أحد قيادات “تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب” من عام 2010 وحتى 2015، وتولى فى عام 2017 إمارة داعش فى اليمن نظرًا لما وجد فيه من قدرته على القيادة، وقامت وزارة الخزانة الأمريكية بإدراجه على قائمة العقوبات.

وهو شخص متعدد الكنى ويعرف أيضًا بـ(همام أبو أنس) و(همام الشامى) وبعد هزيمة التنظيم فى سوريا والعراق، وتم اعتباره الرجل الثانى المسؤول عن إعادة بناء التنظيم شمال شرق سوريا، حيث أطلق عليه لقب “والى” لما يسميه التنظيم الإرهابى “ولاية الخير” فى منطقة دير الزور سوريا، وكان يتم إعداده ليتولى منصب والى الشام، أقام فى “إدلب” حوالى عامين، وانتقل بعد ذلك إلى منطقة “بزاعة” قرب منطقة الباب السورية.

العمليات السابقة للقيادة الأمريكية؟

اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية العام الماضى إستراتيجية جديدة تعرف بإستراتيجية “قطع الرؤوس” وتهدف بالأساس إلى خفض التواجد العسكرى فى الشرق الأوسط والقضاء على قيادات التنظيمات الإرهابية من أجل إحداث نوع من الخلل والارتباك داخل التنظيمات والتأثير بالسلب على عناصره، وبالفعل اعتمدت فى عملياتها الأخيرة ضد داعش على إحداث تحركات محدودة وتوجيه ضربات من خلال الطائرات المسيرة ويستدل على ذلك بما يلى:

  1. فبراير 2022: استهداف زعيم داعش (أبو إبراهيم الهاشمى القرشي) فى عملية عسكرية فى منطقة “أطمة” بريف أدلب شمال غرب سوريا بعد أقل من 3 سنوات من توليه قيادة التنظيم بعد استهداف (أبو بكر البغدادى) فى أكتوبر 2019.
  2. يوليو 2022: اغتيال زعيم داعش فى سوريا (ماهر العقال) من خلال ضربة نفذتها طائرة مسيرة أمريكية منطقة عفرين فى ريف حلب شمالى سوريا، ويعتبر من من قيادات الصف الثانى فى داعش، وقد وصفته القيادة المركزية فى البنتاغون بأنه “أحد القادة الخمسة الأبرز” فى التنظيم.
  3. فبراير 2023: اغتيال القيادى (حمزة الحمصى) عبر غارة بطائرة مروحية شمال شرق سوريا تمت بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، ويعتبر الحمصى المشرف على شبكة التنظيم فى شرق سوريا.
  4. أبريل 2023: قتل قيادى مهم فى التنظيم (خالد أحمد الجبورى) عبر طائرة مسيرة أمريكية فى شمال غرب سوريا، وكان الجبورى مسؤولًا عن التخطيط لهجمات التنظيم فى أوروبا وتركيا وتطوير هيكل القيادة.

التداعيات على مستقبل التنظيم

ربما تكون هذه العملية إشارة لافتة للتنظيم الإرهابى من أجل وضع حد لهم للقيام بأى عمليات فى الداخل السورى وخارجها، وجاءت فى إطار تحذيرات الولايات المتحدة الأخيرة من تنامى مخاطر التنطيم ورغبتها فى القضاء على تهديداته وهجماته التى على الرغم من محدوديتها إلا أنها ما زالت مستمرة خاصة ضد القوى الأمنية.

ويعتبر اغتيال أبو أسامة المهاجر ضربة كبيرة للتنظيم بعد أن كان يشغل منصب التخطيط العسكرى فى التنظيم، وكان يشرف على الهجمات التى تنفذها الخلايا النائمة التابعة للتنظيم، ومن أبرز تداعيات مقتله على مستقبل التنظيم ما يلى:

  1. استمرارية الاستهداف القيادى للتنظيم: حيث يتم استهداف غالبية الصفوف الأولى والثانية من التنظيم مما يكشف عن أهم القيادات البارزة، ويظهر مدى عجز التنظيم عن حمايتهم، بل يتم خسارتهم قيادى تلو الآخر، ويتم الاستعانة ببعض قيادات من الصف الثالث والتى لا تمتلك نفس خبرة القيادات السابقة.
  2. تراجع النشاط العملياتى للتنظيم: على الرغم من محاولات التنظيم لشن عمليات لاستهداف مدنيين أو عسكريين أو قوات من سوريا الديمقراطية، تزداد نسب تراجع مستويات أنشطة وعمليات التنظيم وضعف وجوده باستمرارية عمليات استهدافه ودحر تواجده خاصة فى الشمال الشرقى.
  3. خلل اكتساب عناصر جديدة: الخسائر المتتالية لقيادات التنظيم تنعكس بصورة سلبية على شكل التنظيم وتكوينه وعدم قدرته الكافية على الإتيان بأهدافه التى خلق من أجل تحقيقها وكذلك عدم قدرته على حماية عناصره من أى مخاطر خارجية.
  4. اتباع التنظيم نهج أكثر حزمًا: مع محاولات اختراق التنظيم من قبل الاستخبارات الأمريكية وكذلك التركية وسقوط أهم قياداته وعناصره ومروره بأزمة شديدة خاصة فى ظل اتباع الإدارة الأمريكية لإستراتيجية “قطع الرؤوس”، يتأثر التنظيم على النحو الذى يفرض عليه اتباع أسلوب المناورات واتخاذ حذره وتطوير منظومته وترتيب صفوفه وقياداته من جديد.

مما سبق؛ من خلال العمليات المتتالية اللاحقة بقادة تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والتى انتهت باغتيال القيادى (أبو أسامة المهاجر) والتى تمت بالأساس عن طريق إستراتيجيات الإدارة الأمريكية وقوات التحالف الدولى لمكافحة داعش التى تقوده الولايات المتحدة وتشارك به العشرات من دول العالم، بالإضافة إلى انطلاق أعمال الاجتماع الوزارى للتحالف الدولى لمحاربة داعش فى شهر يونيو الماضى والذى انعقد فى المملكة العربية السعودية، فإن معظم قادات الصف الأول من التنظيم قد تم الكشف عنهم، مما يظهر حالة من الضعف وعدم الكفاءة للفرع السورى للتنظيم، مما يترتب عليه جملة من العوامل والتى يتلخص أهمها فى تراجع النشاط العملياتى للتنظيم فى الفترة المقبلة، وكذلك خلل انضمام أعضاء جديدة للتنظيم، وعلى الرغم من ذلك فإن تلك العوامل لا تعنى دحر التنظيم بالكامل أو زواله وإنما تراجعه وتعرضه لأزمة قد تمكنه من تنفس الصعداء مرة أخرى والعودة إلى الميدان.

 

كلمات مفتاحية