الأهداف التركية من دعوة أردوغان لعقد قمة ثلاثية مع بوتين والأسد

إعداد: أحمد محمد فهمي

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه عرض علي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عقد لقاء ثلاثي بين رؤساء تركيا وروسيا وسوريا، وتضمن الإقتراح عقد اجتماع بين أجهزة مخابرات الدول الثلاث أولاً، يتبعه لقاء على مستوى وزراء الدفاع ثم الخارجية، ثم قمة على مستوى القادة، كما صرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، بأن أنقرة مستعدة للعمل مع النظام السوري وإعادة العلاقات معه، مشيرًا إن أجهزة المخابرات تواصل اتصالاتها به منذ فترة، مشددًا علي استعداد تركيا للعمل مع سوريا في ملفات مكافحة الإرهاب والعملية السياسية وعودة اللاجئين السوريين.

من جانبه، أعلن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، بأن موسكو ترحب باقتراح الرئيس التركي أردوغان بإنشاء آلية ثلاثية لتعزيز المسار الدبلوماسي بين تركيا وروسيا وسوريا، ولعقد قمة بين قادة الدول الثلاث، مؤكدًا بأن موسكو تجري اتصالات مع دمشق بشان المقترح التركي.

في المقابل، كان الرئيس السورى بشار الأسد رفض مقترحًا سابقًا من تركيا لعقد لقاء مع نظيره التركي أردوغان، فيما أشارت مصادر مطلعة[1] بأن الأسد يقاوم الضغوط الروسية حتى الآن، لأنه يرى بأن مثل هذا الاجتماع قد يعزز موقف أردوغان وحزبه قبل الانتخابات العامة في العام المقبل، خاصة وأن مثل هذا اللقاء يدعم الدعاية الإنتخابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بجدية المساعي التركية بإعادة اللاجئين السوريين لديها الي سوريا، كذلك ترغب دمشق في تقديم أنقرة لتنازلات قبل عقد اللقاء يتمثل في الانسحاب الكامل للقوات التركية من شمال سوريا.

وسبقت هذه الدعوة التركية، دعوات سابقة لإعادة العلاقات مع سوريا، وذلك في إطار التحركات التركية للتطبيع مع الدول التي قاطعتها مسبقًا في سياق تطورات ثورات ما سُمى بــ«الربيع العربي»، وتدارك تركيا لطبيعة الأزمات الدولية الحالية وتطوراتها وتداعياتها المستجدة علي الساحتين الإقليمية والدولية، والذي يتطلب منها «تصفير مشاكلها» لتحقيق غايات سياستها الخارجية، وبالأخص أهدافها تجاه التقارب والتطبيع مع سوريا.

(١) وحدة الأراضي السورية:

تريد أنقرة من خلال محادثاتها مع دمشق الحفاظ علي وحدة الأراضي السورية ولكن علي الطريقة التركية، من خلال القضاء علي اى فرص لإقامة حكم ذاتي للأكراد في الشمال السوري، وإنهاء وجود كافة التنظيمات المسلحة الكردية والقضاء عليها تمامًا وعلي تسليحه الذي تلقاه من الولايات المتحدة إبان التنسيق المشترك للقتال ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، وكذلك ضمان عدم اتخاذ تلك التنظيمات الكردية  للإراضي السورية والتي تنتشر بها «قوات سوريا الديمقراطية» و«قوات حماية الشعب الكردي» والتي تتهمهم أنقرة بأنهم واجهة لـ«حزب العمال الكردستاني» كقاعدة للإنطلاق لشن هجمات علي الداخل التركي.

وكل ما سبق يمثل تهديدات وتحديات للأمن القومي التركي، فهي تريد ضمان عدم إقامة كيان كردي مستقل علي حدودها الجنوبية وهو ما قد يشجع الأكراد في شرق وجنوب تركيا على الإنفصال وإقامة دولة كردية مع أكراد سوريا، خصوصًا في ظل معاناة تركيا من القتال ضد حزب العمال الكردستاني والذي يتخذ من معاقله في دول الجوار التركي كقاعدة للإنطلاق لشن هجمات داخل تركيا، مستهدفًا المدنيين وقوات الأمن والجيش.

وبالرغم من التوافق التركي – السوري حول هذه المسألة ألا وهي رفض إقامة حكم ذاتي داخل المناطق الكردية السورية، وهو ما اتفق عليه الأتراك مع حلفاء الأسد، من الإيرانيين والروس، خلال اجتماع عقد نوفمبر الماضي بشأن سوريا، في العاصمة الكازاخية آستانة، على مقاومة «المزيد من الخطط الانفصالية الرامية إلى تقويض وحدة الأراضي السورية، وتهديد الأمن الوطني للبلدان المجاورة»، إلا أن دمشق ترغب في بسط سيطرتها علي الشمال السوري كاملاً، وليس القضاء علي التنظيمات الكردية فحسب، بل كافة اشكال التواجد المسلح في الشمال السوري وهو ما يتعارض مع حسابات أنقرة ووجود «الجيش الوطني السوري» الموالي لها.

(٢) عودة آمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم:

اتجه العديد من اللاجئين السوريين بسبب تصاعد المواجهات المسلحة في سوريا عام ٢٠١١، الى عدد من دول الجوار، من أبرزها تركيا، والتي يتواجد بها أكثر من ثلاثة ملايين لاجي سوري، وهو ما جعل أنقرة تريد وبشدة ولحسابات داخلية متعلقة بالإنتخابات وضمان استمرارية حزب «العدالة والتنمية» على رأس السلطة، التخلص من اللاجئين وضمان عودتهم الى بلادهم، وقد جعل وزير الخارجية التركي، جاويش أوغلو، مسألة استئناف المحادثات السياسية، مشروطة بضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين من تركيا إلى وطنهم، كما شدد حقان فيدان، رئيس الاستخبارات التركية، على قضية اللاجئين عند لقائه برئيس الاستخبارات السورية، علي مملوك، في سبتمبر الماضي.

ويعاني اللاجئين السوريين الآن في تركيا من تصاعد مشاعر العداء ضد وجودهم خصوصا في ظل التفاقمات السياسية والاقتصادية في الداخل التركي، والذي تتجه أصابع الإتهام فيها الي الوجود الكيير للاجئين في تركيا، وياتي ذلك تزامنًا مع قيام العديد من أحزاب المعارضة التركية باستغلال ذلك للهجوم علي سياسات حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في البلاد، وذلك من أجل تحقيق مكاسب سياسية وكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة خصوصا من التيار الكمالي، وكان كمال كليجدار أوغلو، رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، قد وعد أنصاره بانه سيعيد اللاجئين السوريين الي بلادهم في غضون عامين في حالة نجاحه في الانتخابات المقبلة، مؤكدًا امتلاكة خطه لتنفيذ ذلك والتي تتمثل في عقد صلح مع بشار الأسد، واعادة فتح السفارة التركية في دمشق، والسعي للحصول الي التمويل اللازم من الاتحاد الاوروبي لبناء مدارس وشركات ومصانع للسوريين في بلادهم.[2]

في المقابل، فبالرغم من ترحيب دمشق رسمياً بعودة اللاجئين، لكن صرح الأسد أيضاً في 2017 بأن سوريا صارت أقوى وأكثر تجانساً بعد رحيلهم، فهو لا يريد عودة كل هؤلاء اللاجئين، فأين سيعيشون؟ وأين سيجدون الوظائف؟ وكيف سيجدون الطعام؟ وكيف يمكن لحكومة الأسد الثقة بهم جميعاً؟، وقد صار واضحًا أن دمشق لن تُقدم ضمانات بشأن سلامتهم إلى فيدان وجاويش أوغلو وإردوغان، كما لن يقبل الأسد بمقترحات تركية حول إقامة مناطق آمنة في سوريا للاجئين، تكون خاضعة للسيطرة التركية.[3]

(٣) الوصول الى صيغة تفاهمية حول مستقبل منطقة أدلب:

لم تقع إدلب تحت السيطرة التركية الكاملة، بل تمارس هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) سيطرة محكمة في المنطقة، حيث تتحرك من خلال قوتها الأمنية العسكرية ومن خلال جناح مدني يُعرَف بحكومة الإنقاذ، ولكن مصير إدلب هو أيضاً رهنٌ بقرارات أنقرة، ومع أن حدود إدلب تغيّرت بسبب التقدّم الذي أحرزته القوات التابعة للحكومة السورية، إلا أن القوات ومراكز المراقبة التركية لا تزال في مكانها وتمارس نفوذًا غير مباشر على إدلب.[4]

وتهدف أنقرة من خلال محاولات التطبيع مع دمشق، أن يتقبل النظام السوري الوضع الحالي لأدلب وأن يكون هناك تفاهمات حول مستقبل المنطقة وبحث آليات التعاون مع التنظيمات المسلحة المتواجدة بها، ولحدوث ذلك ترغب تركيا أولاً أن تثبت للمجتمع الدولي إمكانية تقبل تكرار تجربة إدارة حركة «طالبان» في أفغانستان، عن طريق أنه يمكن التعاون مع «جبهة النصرة» وأنها ستُحسن إدارة أدلب، وأنها ستكون طرفًا جديرًا بالثقة بعدما استطاعت أن تغير من سياستها الراديكالية الى وجه أكثر قبولا وقابل للتعاون معه، كما تقبل المجتمع الدولي الوضع في افغانستان وسيطرة «طالبان» علي كامل الدولة، وإدارتها.

ولإثبات ذلك فقد قامت «جبهة تحرير الشام» بتغير نهجها فصارت تسمح للمسحيين بالاحتفال بأعيادهم واقامة الشعائر الدينية المسيحية والذي كان محظورًا، كذلك فهي صارت تقدم نفسها داعمًا للأقليات وليس لديها أي مشكلة معها، فقد قام أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني بعمل لقاءات مع المسيحيين والدروز وتخلى عن العمامة واللباس الديني التقليدي وبدا يرتدي أزياء غربية، كما التقى بالمبعوث الأميركي السابق الخاص بالملف السوري جيمس جفيري ووفد أميركي عام 2020 عند زيارتهم إلى إدلب، وكل ذلك في ظل مسعى التنظيم بأن يكون مقبولا لدي المجتمع الدولي وقبول تواجده وإدارته لمنطقة أدلب.

إزاء ذلك، يتفق مراقبون للمشهد في شمال غربي سوريا، على أن التحول في نهج وسياسة «تحرير الشام» يتعلق بالوقت ذاته بالتقارب بين أنقرة ودمشق، ومسارعة التنظيم إلى إعطاء صورة مغايرة بقدرته على التعايش مع جميع الأديان والطوائف، بخاصة أن الجبهة من الأحزاب المصنفة بالإرهابية، وثمة وإجماع عالمي على محاربتها لكونها تنحدر من فصائل متطرفة كـ”جبهة النصرة” و”القاعدة” وخليط من فصائل متشددة اندمجت في ما بينها وأبرزها جبهة فتح الشام وأنصار الدين وجيش السنة ولواء الحق ونور الدين الزنكي، وانضوت تحت مسمى «هيئة تحرير الشام» بقيادة الجولاني في يناير عام 2017 وتنتهج سلوكيات تنظيم “القاعدة” ذاتها كونها فرعاً منه.[5]

(٤) استعادة نسق التجارة بين البلدين:

تريد أنقرة البحث عن متنفس جديد لإقتصادها المتعثر، فبعد المصالحة مع دولتي الإمارات والسعودية والتي أثرت بشكل إيجابي على خطط التنمية الإقتصادية لتركيا، فهي تبحث كذلك عن مصالحها الاقتصادية في خطوة التقارب مع دمشق واللتان لهما معابر برية مشتركة والتي تسهل حركة التجارة بين البلدين، فقد مثّل التعاون الاقتصادي حجر زاوية في العلاقات بين البلدين تحت حكم «العدالة والتنمية» وأصبحت سوريا بوابة للبضائع التركية إلى منطقة الخليج العربي[6]، ووقّع البلدان عام 2004 اتفاقية التجارة الحرة وتم الشروع في تطبيقها عام 2007، كما تم فتح الحدود بين البلدين بلا تأشيرة دخول وتوقيع عشرات اتفاقيات التعاون الاقتصادي.

وأولى خطوات التطبيع الاقتصادي لتشجيع دمشق على التطبيع الاقتصادي، دفعت فيها تركيا؛ هيئة تحرير الشام والتي تسيطر على شمال غربي سوريا، بإزالة السواتر، وفتحت الطريق الواصل بين بلدتي سرمين، وسراقب، في ريف إدلب الشرقي؛ تمهيداً لفتح معبر جديد إلى مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية، كما فتح فصيل «فرقة السلطان مراد»؛ التابع «للجيش الوطني السوري»، معبر “أبو الزندين”؛ الذي يربط ريف حلب الشمالي، الواقع تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة بمناطق التي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية.

(٥) المشاركة في إعادة إعمار سوريا:

بالرغم من عدم وجود دلائل تشير الى خطط أو مناقشات حول إعادة إعمار سوريا، وذلك نظرًا لغياب المتطلبات الأساسية التى تعتمد عليها عمليات إعادة الإعمار الناجحة، لكن تركيا ترغب في تقديم نفسها كمشاركة في اعمار سوريا وبالأخص مدن حلب والشمال السوري القريبة والملاصقة للحدود التركية، وأن تاخد وعدًا من دمشق على ذلك، وذلك بعد رفض منظّمون لمعرض إعادة إعمار سوريا، طلبات المشاركة لشركات تركية، بعد محاولاتها للمشاركة في المعرض الذي أُقيم على أرض معرض دمشق الدولي.

ويكمن الهدف الأساسي من المسعى التركي في المشاركة في عمليات الإعمار، هو وجود كيانات عمرانية متميزة في الشمال السوري لتوطين السوريين الموالين لها، وضمان استمرار دعمهم لأنقرة، وتكوين حاجز صد للتطلعات الكردية الانفصالية، وكذلك لخدمة الاعتبارات الجيوسياسية لأنقرة، خصوصا في ظل عدم امتلاك حلفاء النظام السوري من روسيا وإيران للموارد اللازمة لتمويل عملية إعادة الإعمار بسبب العقوبات المفروضة عليهم، كما أن سوريا لا تمتلك الموارد الطبيعية لجذب المستثمرين الصينيين، لذلك قد تكون النتيجة بالنسبة لسوريا هى التخلى عن أى عملية إعادة إعمار واسعة النطاق[7].

لكن أنقرة قد أخذت خطوات مسبقة على الأرض لإعمار شمال سوريا، لكنها ترغب في موافقة دمشق علي إكمال هذا المسار، ويشار الى انه في مطلع شهر مايو 2022، افتتح وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قرية سكنية قرب بلدة سرمدا السورية، القريبة من الحدود التركية – السورية، وأخرى في منطقة “كللي”، وتشمل تلك القرى، التي تقع في مناطق سيطرة الفصائل المقربة لتركيا، مشروعا قال الرئيس رجب طيب أردوغان، إنه يهدف الى إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مضيفًا انه تم بناء أكثر من 57000 منزلا للسوريين في محافظة إدلب وذلك بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية، مؤكدا أنه سيتم أيضًا تشييد البنية التحتية السكنية الأساسية في المنطقة، موضحًا أن المشروع سيقام في 13 منطقة في الشمال السوري (قرب مدن إعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض) الحدودية، وأنه سيوفر كل الاحتياجات اللازمة للعيش الكريم من سكن ومدارس ومستشفيات.[8]

في المقابل، فإن دمشق ترفض إعادة إعمار المناطق المدمرة التي استعادت السيطرة عليها خلال سنوات الحرب، وتريد بناء «مدن سكنية جديدة» خارج تلك المناطق أو في محيطها، مثل (ماروتا سيتي) و(باسيليا سيتي) في مدينة دمشق»، وأنه يريد لأهالي المناطق التي دمرتها الحرب أن يقوموا بإعادة إعمار مناطقهم على نفقاتهم الخاصة.[9]

(٦) دعم التوجه الجديد لتركيا على الساحة الدولية:

في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية ترغب تركيا في تحسين صورتها أمام العالم، وإعادة بناء علاقاتها الخارجية والتي توترت سابقًا مع العديد من الدول، وزيادة ثقة المجتمع الدولي بها كوسيط إستراتيجي هام في العديد من القضايا والأزمات والصراعات، وهو ما يعود بالتاكيد بالفائدة علي تركيا بشكل عام وعلي الرئيس التركي وحزبه بشكل خاص، وهو ما يدعم موقفه في الانتخابات العامة المقبلة.

فعلى الصعيد الدولي، استطاعت تركيا استغلال الأزمات والصراعات الدولية بشكل يدعم توجها الجديد في المنطقة والتي من أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها، وذلك من خلال دعم المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وادارتها لملف تصدير الحبوب من أوكرانيا الى الدول الأكثر احتياجًا، بجانب مركزية موقعها في إنشاء مركز دولي لتوزيع الغاز الروسي الى دول الإتحاد الأوروبي في ظل أزمة الطاقة العالمية.

وعلى الصعيد الإقليمي، أخذت تركيا مسارًا من جديد نحو «تصفير مشاكلها» مع دول المنطقة، والتي انتهت بالتوصل الي التطبيع مع الامارات والسعودية واسرائيل، وكذلك اتخاذ خطوات المسار ذاته مع مصر، والآن تنظر تركيا الي سوريا علي انها محطه هامة لإنهاء هذا الملف، استعدادًا للانتخابات العامة في تركيا، واستخدام تلك المنجزات في السياسة الخارجية وآثاره على الأوضاع الداخلية، للدعاية الإنتخابية الداخلية.

ولعل هذا ما يفسر اصرار الرئيس أردوغان على طرق باب دمشق على أمل دفعها للتخلي عن التريث، وعقد لقاء قمة ينتظره بفارغ الصبر، خاصة إنه يعتقد أن هذا اللقاء سيكون كفيلا بإزاحة الملف السوري عن كاهله في الداخل بعد أن رفعته المعارضة شعارا ضده، وحملته مسؤولية الأعباء الناتجة عنه بعد أن تحول إلى محدد في خيارات الناخب التركي.[10]

وفي الختام:

فإن المختلف هنا بين الخطوات التركية للتطبيع مع دول المنطقة وبين التطبيع مع سوريا، هى أن الأخيرة لا تزال لا تملك سيادة إتخاذ القرار بدون الرجوع الى قوى إقليمية ودولية ترسم مخططات وأبعاد السياسة السورية، بالتالى فأعتقد أن الأهداف التركية لن يكتب لها النجاح إلا عن طريق المرور من بوابتي طهران وموسكو.

كذلك فبالرغم من استقرار الأوضاع العسكرية في سوريا نوعًا ما مقارنة بالأعوام الماضية، إلا أن النظام السوري يعاني من أوضاع معيشية صعبة وأزمات عميقة منها أزمة الوقود وإنهيار الليرة، وذلك جراء العقوبات المفروضة عليها وعلي حلفائها روسيا وإيران، بالتالي لا تستطيع تركيا الحصول على شيء من سوريا ولا من حلفائها في الوقت القريب.

كما أن هناك شكوكًا حول جدية المساعي التركية للتطبيع مع سوريا، والتي من الممكن أن تكون مجرد تصريحات دعائية لأهداف داخلية، نظرًا لمدى هوة القضايا المتعارضة بين الطرفين، والاختلاف والتباعد في الرؤى والأولويات لدي الدولتين الجارتين.

المراجع:-

[1] “رويترز”: الأسد رفض عرضا لمقابلة أردوغان، روسيا ليوم، 3/12/2022، متاح على: https://cutt.us/l6uNX .

[2] اللاجئون السوريون في تركيا: ما دور الأحزاب التركية في تأجيج مشاعر العداء ضدهم؟، بى بى سى عربى، 2/9/2021، متاح على: https://cutt.us/IW0DT .

[3] روبرت فورد، “التقارب التركي السوري لا يزال بعيداً”، العربية.نت، 9/12/2022، متاح علي: https://cutt.us/P38QI .

[4] هدى رزق، هل يمكن حل مشكلة الحدود السورية التركية؟، المبادين اللبنانية، 8/9/2022، متاح على: https://cutt.us/1XjU5 .

[5] مصطفي رستم، مسيحيو إدلب.. لماذا تغير “تحرير الشام” نهجها المتطرف؟، اندبندنت عربية، 3/9/2022، متاح على: https://cutt.us/PMFhE

[6] ما أسباب تحوّل سياسة تركيا تجاه سوريا من النقيض إلى النقيض؟، صحيفة الشرق الأوسط، 16/9/2022، متاح على: https://cutt.us/jBaTa.

[7] عمرو عادلي، محمد العربي، إبراهيم عوض، “إعادة الإعمار في الدول العربية بعد الحرب: استمرار الصراع بوسائل أخرى”، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 24 /2/2021، متاح علي: https://cutt.us/c34Nx .

[8] عمار مصارع، “إعادة إعمار المجتمع: مفتاح النجاح لمشروع قرى إعادة التوطين السورية الجديدة في تركيا”، منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 26/5/2022، متاح على: https://cutt.us/Kgfbh .

[9] دمشق ترفض إعمار المناطق المدمرة وتريد بناء «مدن جديدة»، صحيفة الشرق الأوسط، 17/4/2022 متاح على: https://cutt.us/fImUS .

[10] خورشيد دلي، “حسابات تركيا في سوريا”، بوابة العين الإخبارية، 2022/12/16، متاح على: https://cutt.us/ZEnLA .

 

كلمات مفتاحية