مسار الصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا العدد (12)

مسار الصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا العدد الثاني عشر إصدار سبتمبر 2022

إعداد / كافة باحثي مركز شاف 

مقدمة

تشكل الصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا انعكاسا لتعقيد الصراعات طويلة الأمد؛ حيث تعكس طريقة تفاعلاتها، وطول أمدها، وسلوك الفاعلين فيه ومطالبها، وشروط الأطراف لتسويتها، والديناميكية التي تتميز بها، وشدة تنافسها. مدى التعقيد الذي تتميز به.

يزداد هذا التعقيد في ظل تفاعل تلك الصراعات مع التغيرات العالمية، إذ تصبح مصالح الفاعلين أكثر تداخلا وتعقيدا، و تزداد حجم التحديات المحيطة بالتسويات السياسية، لتزداد أهمية المتابعة الدقيقة لتلك التفاعلات وتحليلها بالشكل الذي يمكننا من وضع الأمور في نصابها لاختيار أنسب السياسات والاستعداد للسيناريوهات المطروحة، وفي هذا العدد بجانب تتبع الصراعات الإقليمية، نقترب من تشابكاتها الداخلية والتفاعل الدولي والإقليمي حولها.

 يسلط العدد الثاني عشر من التقرير الشهري مسار الصراعات والصادر عن مركز شاف الضوء على ساحة دول الصراع، في الشرق الأوسط وأفريقيا، ونتتبع القضايا الهامة فيها، وأبرز المستجدات، والتفاعلات المحلية والإقليمية والدولية، ويشمل التقرير حالة الصراع في عشر دول وهم كالتالي (أثيوبيا- السودان، الصومال، العراق – واليمن – وجنوب السودان، وسوريا – واليمن – وليبيا- ولبنان ومالي)

العرض العام للتقرير

قبل أن نلقي الضوء على تطورات وضع الصراع في المناطق محـل التناول تعرض بشكل إجمالي أوضاع الصراعات في الدول العشر محل الاهتمام قبل الانتقال إلى التقرير التفصيل.

أثيوبيا: تشهد أثيوبيا مناخًا على المستوى الأمني والسياسي مترنح يشوبه عدم الاستقرار، ومن المتوقع ألا تساهم وساطة الاتحاد الأثيوبي في وقف الصراع بين التيجراي والحكومة المركزية، ولاسيما أن مقر الاتحاد الأفريقي هو أديس أبابا وبالتالي فقراراته ستكون منحازة للحكومة المركزية وهذا وضع لن يسمح به متمردي التيجراي مطلقًا. فضلًا عن موقف الحكومة المركزية السلبي إزاء ما فعلته إريتريا من شن هجوم على التيجراي. وبالنسبة لملف سد النهضة، فيجب ان تتم المباحثات لإجراء اتفاق قانوني يضمن مصالح كل من دولتي المصب ويجعل أثيوبيا تضع في حسبانها كل من مصر والسودان قبل إجراء إي فعل بخصوص ذلك الملف، ويجب ألا يتم قرار من دون موافقة دولتي المصب.

السودان: شهدت السودان في شهر سبتمبر العديد من المؤشرات التي صاعدت الآمال بقرب حدوث انفراجه سياسية في المشهد السوداني، لكن في المقابل استمرت حالة فقدان الثقة بين الأطراف الفاعلة في المشهد السوداني، وهي الحالة التي تُهدد إمكانية الوصول إلى توافق وطني يُمهد لمعادلة سياسية جديدة في السودان، وهي اعتبارات تزيد من التهديدات التي تواجهها البلاد، سياسياً واقتصادياً وأمنياً.

 الصومال: شهد الصومال في شهر سبتمبر مواصلة لحالة الاستقرار نسبيا في الصومال، وذلك بعد بدأ   عمل الحكومة وتشكيلها، وذلك وفقا للناحية السياسية، وأنها تسير باتجاه دعم صلتها بجيرانها الأفارقة بشكل خاص انعكس ذلك في مواصلة التحركات ناحية كينيا وأثيوبيا، بعد زيارات اريتريا قبلهما.

 أم الناحية الأمنية فمازالت تحركات تنظيم الشباب تتوسع في هجماتها داخل الأراضي الصومالية، وكذلك في الحدود الأثيوبية، كما يمكن القول ان هناك تطور نوعي    في تحركات مواجهة حركة الشباب، والمتمثل في الإعلان عن حرب شاملة ضد مكافحة الإرهاب، ويرجح أن يدخل عدد من الفاعلين من دول الجوار على خط هذه الحرب.

العراق: تعددت التحركات خلال شهر سبتمبر سواء من الأطراف ف الفاعلين أم من قبل المؤسسات، ورغم ذلك لم تساعد في إحراز أي خطوات تقدم ملموسة، كما يمكن التأكيد على أن محاولات الاستقطاب مازالت مستمرة من قبل الفاعلين الرئيسين في المشهد

سوريا: المشهد السوري لا يزال يعاني من الكثير التعقيدات نتيجة لتعدد أطراف الصراع وتضارب مصالح كل طرف من هذه الأطراف، فباستثناء اتفاق العديد من الفاعلين في هذه الأزمة والقوى الإقليمية والدولية إلى ضرورة إيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية، إلا أن ما يحدث على الأرض من مواجهات عسكرية لا ينذر بانفراجه سياسية قريبة للأزمة السورية.

اليمن: انتهت الهدنة التي كانت سارية في اليمن منذ ستة أشهر بعد عدم توصل الحكومة اليمنية وحركة “أنصار الله” إلى اتفاق على تمديدها، ما يثير الخشية من استئناف المعارك في البلد الذي يشهد نزاعًا داميًا، خاصة بعد أن هددت الحركة بعودة الحرب مجددا فور انتهاء الهدنة التي وصلت التفاهمات حولها إلى طريق مسدود.

 

جنوب السودان: ستواجه البلاد العديد من التحديات الصعبة لكي يصل إلى الوضع السياسي الذي يسعى إليه، وذلك بسبب تبعات الفيضانات التي تضرب بالبلاد والتي ينتج عنها الكثير من الأمراض والأوبئة المائية التي تعمل على إبادة شعبه في ظل فقره الشديد من الغذاء والدواء، ومن ناحية أخرى فإن موجات العنف المتزايدة في البلاد تزيد من تأزم الوضع وفشل التوجه السياسي. لذا يجب على نخبة جنوب السودان جعل محاربة العنف والجريمة التوجه الأول في سياساتهم العمل على تقليل تابعات الفيضانات.

 لبنان: بات مستقبل لبنان ينذر بعدم اليقين، ويرجع السبب في ذلك إلى الفراغ الحكومي الذي تشهده البلاد والتنازع الطائفي الذي دائمًا يعلو بمصالحه الخاصة على المصلحة الوطنية، فضلًا عن التدخلات الدولية والتأزم الاقتصادي والفساد السياسي والمؤسسي، وكل ذلك يضع لبنان على حافة الهاوية ويجعلها أكثر هشاشة بحيث لا تستطيع التغلب على ما تمر به من عقبات. وتجدر لإشارة إلى أن الأزمات التي يمر بها لبنان ليست السابقة على عصرها، فهي ليست جديدة على تاريخ لبنان فقد مر بها سابقًا ولكن النخب المتقاعسة والانقسام هو ما يزيد الأمر تعقيدًا.

ليبيا: يبدو أن استمرار الأزمة في ليبيا وتفاقم حالة الانقسام بين الفرقاء الليبيين حتى الآن يعكس أن ما يعرقل تسوية الخلافات هو وجود أزمة أمنية وعسكرية متمثلةً في وجود الميليشيات المسلحة والمرتزقة، حيث انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة والانحراف عن مسارات الحل التي اتفق عليها الليبيون والمجتمع الدولي في مؤتمر برلين.

وبناء عليه لا بد من العودة لمخرجات برلين ومسارات الحل خاصة المسار الأمني والعسكري المتمثل في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5 والتي وقعت اتفاق وقف إطلاق النار وحققت تقدما كبيرا في هذا المضمار.

ولا بد من تنفيذ كل ما اتفقت عليه اللجنة العسكرية خاصة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وحل المليشيات ونزع سلاحها وإخراجها من المدن وإعادة تأهيل ودمج من يصلح من منتسبيها، وتوحيد المؤسسة العسكرية لتقوم بهذا الدور المنوط بها.

مالي: تشهد باماكو استمرار للأعمال الإرهابية إضافة إلى تزايد العنف اتجاه المدنيين من قبل تنظيم داعش الذي يتبنى ” إستراتيجية رعب ” لا تتوقف عند هدف جمع المال بل لهدف أوسع وهو السيطرة على شمال مالي وإعلانها إمارة تابعة لهم، ونشهد انفراج في ملف الأزواد من خلال نتائج الاجتماع السادس لاتفاق السلم والمصالحة والذي من المتوقع حال تطبيقه على أرض الواقع أن يساهم في مكافحة الإرهاب بشكل فعال شمال البلاد، وهذا ما سنتعرف عليه خلال الأشهر القادمة.

كلمات مفتاحية