العلاقات الإيرانية الخليجية والمسارات المتأرجحة

إعداد د / أحمد الشحات

 

 

 

تتشكل العلاقات الإيرانية – الخليجية بمجموعة من العوامل التي فرضها كل من الواقع الجغرافي والتاريخي إضافة إلى المصالح المشتركة ؛ فإيران تقع شمال شرقي شبه الجزيرة العربية ، التي بدورها تضم دول المجلس الست ( السعودية – الإمارات – قطر – البحرين – عمان – الكويت ) ، وتتشاركان كذلك في مجموعة من المصالح، بحكم انتمائهما إلى نطاق جغرافي واحد ، إضافة إلى الروابط التجارية بين الجانبين.

 

محددات العلاقة وأبرز ملامحها

هناك مجموعة من المحددات والمعطيات، الحاكمة للعلاقات بين الجانبين ، يتمثل أبرزها في الأتى :

    الموقع الجغرافي : حيث تعد إيران دولة جوار مباشر لدول الخليج، إذ تمتلك سواحل مترامية على طول الضفة الشرقية للخليج العربي.مما أسهم هذا القرب الجغرافي في إثارة العديد من المشكلات بين الجانبين، خاصةً فيما يتعلق بالحدود البحرية وما تحتويه من ثروات طبيعية ولاسيما النفط والغاز، وتعد النزاعات المرتبطة بحقل “الدرة” النفطي الواقع في المنطقة البحرية المشتركة بين كل من المملكة، والكويت، وإيران، مثالًا على ذلك .

التركيبة والامتدادات السكانية والاجتماعي : فقد ساعد الجوار الجغرافي بين إيران ودول الخليج على سهولة التنقل والتواصل بين ضفتي الخليج، ومن ثَمَّ أصبحت هناك امتدادات ديموغرافية وروابط اجتماعية بين الجانبين حيث يوجد العديد من العائلات والأسر الخليجية ذات أصول إيرانية، كما هو الحال في البحرين، والكويت، والإمارات، على سبيل المثال.

الروابط التجارية والاقتصادية : تُعد إيران شريكًا تجاريًّا مهمًّا -وفي بعض الأحيان الشريك التجاري الأول – لبعض دول الخليج، وبالرغم من فترة القطيعة الدبلوماسية إلا أن العلاقات التجارية بين إيران والدول الخليجية لم تنقطع بشكل مطلق ، فعلى سبيل المثال، تعد الإمارات شريكًا اقتصاديّاً هاماً لإيران ، حيث تشير الإحصاءات الإيرانية إلى وجود نحو 10 آلاف شركة إيرانية تمارس أنشطة تجارية في دولة الإمارات، تعمل في المجالات الغذائية والحديد والمواد الخام. . وأصبحت إيران ثالث أكبر سوق تصديرية للإمارات مستحوذةً على ما يقارب 11% من إجمالي صادراتها. ، فمثلاً تعتبر الإمارات الشريك التجاري الثاني لإيران بعد الصين ويعيش فيها نحو نصف مليون إيراني غالبيتهم من التجّار ورجال الأعمال .

 

علاقات متأرجحة

على مدى العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، تأرجحت العلاقة بين الطرفين ما بين الصراع، وما يشبه الانفراج، ففي عهد الشاه كانت العلاقات الخليجية – الإيرانية تبدو قوية، لاسيما بعد أن طرح الشاه نفسه كمناهض للتوسع الشيوعي السوفيتي في المنطقة، غير أنه رغم ذلك، وضع بذور التوتر بين الجانبين، باحتلاله الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى، طنب الصغرى، أبو موسى) عام 1971.

وفي أعقاب الغزو العراقي لدولة الكويت فى 1990، حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي إتسمت العلاقات بالهدوء الحذر، خاصة أن إيران كانت بطبيعة الحال كانت من الدول الرافضة لهذا الغزو، غير أن القضايا الخلافية الرئيسة بين الخليج وإيران ظلت عالقة وعلى رأسها مسألة تصدير الأفكار الثورية القائمة على ولاية الفقيه واحتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاثة ، وأدت تلك القضايا إلى عرقلة سبل إقامة علاقات مستديمة بين الطرفين.

مع وصول التيار الإصلاحي للسلطة في إيران إثر فوز محمد خاتمي بالانتخابات الرئاسية عام 1997، شهدت العلاقات التي تربط طهران بالعواصم الخليجية، وفي مقدمتها الرياض، تطورات إيجابية وانفتاحًا غير مسبوق، سواء على صعيد الخطاب السياسي أو السلوك العملي الإيراني، ذلك أن خاتمي حاول تعزيز سياسة رافسنجاني المنفتحة على الخليج بل وضم إلى الخليج دولا أخرى مثل مصر والأردن.

في تلك المرحلة كان لإيران تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى في العواصم الخليجية، لدرجة أنه كان لإيران سفيرين في المملكة العربية السعودية أحدهما في العاصمة الرياض والآخر في جدة حيث مقر منظمة التعاون الإسلامي.

ولأنها علاقة لا تتسم بالإستقرار ، عادت أجواء التوتر إلى العلاقات بين الجانبين، مع الغزو الأمريكي للعراق ،  وبعودة المحافظين إلى السلطة في انتخابات عام 2005 وتولي “أحمدي نجاد” ، الذى سعى إلى جعل بلاده القوة العظمى في المنطقة، وبالتالي محاولة الهيمنة عليها، الأمر الذي كان له أثر سلبي في النظم السياسية لدول الخليج التي رأت في ذلك ما يقوض دعائم الثقة بين الطرفين، وفاقم من ذلك الإصرار الإيراني على عدم الدخول في أي مفاوضات تتعلق بالجزر الإماراتية الثلاث، وكذلك أيضًا إطلاق مزاعم بشأن حقوق إيرانية بالبحرين، وعدم ارتياح طهران للوجود العسكري الأجنبي في الخليج، والذي رأت أنه يحجم طموحاتها في المنطقة.

وبالتالي  عاد التوتر ليخيم من جديد على مسار العلاقات، واستمرت حالة المد والجزر بين الجانبين منذ ذلك الحين وخلال السنوات اللاحقة، غير أن الطابع الاستفزازي في الخطاب والسلوك السياسي الإيراني اتخذ منحى نوعيا بالتزامن مع المفاوضات التي أطلقها الغرب بشأن برنامج طهران النووي، والتي أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي بين الجانبين في هذا الشأن يوم 14 يوليو بالعام 2015 وهو ما يعرف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة” أو الاتفاق النووي.

ومع اندلاع الثورة السورية مارس 2011 وصلت العلاقات إلى مرحلة القطيعة ، ترتيباً على تناقض مواقف طهران والخليج حول انتقال السلطة وبقاء نظام الرئيس بشار الأسد، وخريف عام 2014 عندما انخرطت إيران في دعم الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن وما تبعه من توغل إيراني واسع في أغلب الدول العربية جنبا إلى جنب مع مباحثات الاتفاق النووي، وهو ما عنى أن إيران تريد أن تحصل على أكبر مكاسب ميدانية وقت التفاوض حتى إذا ما تم الاتفاق ـ وهو ما حدث بالفعل ، حتى يكون وجودها في العواصم العربية أمرا واقعا لا يمكن التفاوض بشأنه.

ولعل هذا التذبذب في العلاقات بين الطرفين، وكذلك التوجس الإيراني من الوجود الأجنبي العسكري في الخليج خاصة في بحر العرب وفى محيط مضيق هرمز ، بالإضافة إلى تصاعد الأزمة بين الغرب وإيران، على خلفية برنامج الأخيرة النووي مرَّت العلاقات الخليجية – الإيرانية بمنعطفات مختلفة عبر مراحل زمنية ممتدة، تأرجحت فيها ما بين الصراع وما يشبه الانفراج.. ومنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، مرَّت العلاقات بين طهران والعواصم الخليجية بفترات متفاوتة ومتقلبة بين الصدام والتعاون.

وفى إطار المنحنيات المختلفة لمسار العلاقات بين الجانبين شهدت الآونة الأخيرة معطيات ومؤشرات متابينة بشأن السلوك المستقبلي لإيران تجاه دول المجلس في ظل حالة الترقب لماهية الاتفاق النووي الجديد حال إتمامه.

 

قضايا خلافية وأزمات متجذرة :

وإذا كان هناك إجماع على أن العلاقات الخليجية الإيرانية غير مستقرة، فإن هذا الأمر ولا شك له أسبابه، كما أن له شواهده العديدة التي تؤكده وتتطلب طرح بدائل وخيارات خليجية لكيفية التعامل مع طهران في المرحلة القادمة ، خاصة حال إصرارها على عدم تغيير سياستها تجاه دول الخليج، وهو الأمر الذي تظهر شواهده في العديد من الممارسات والأزمات التي افتعلتها إيران، يتمثل أبرزها في:

 

أزمة الجزر الإماراتية : تلك الجزر التي احتلتها إيران الشاه عشية خروج القوات البريطانية من إمارات الخليج العربي عام 1971، وظلت على مدار خمسة عقود ترفض جهود الإمارات لحلها بكل الطرائق السلمية.. بل تتخذ إجراءات أحادية لتغيير الوضع القانوني والديموغرافي للجزر.. وهو ما جعل هذه الأزمة سبباً رئيسياً في استمرار توتر العلاقات الخليجية – الإيرانية.

 

النفوذ الإيراني في العراق : حيث إن دول الخليج يقلقها كثيرًا تمدد النفوذ الإيراني في العراق بعد غزوه عام 2003، فقد استغلت طهران سقوط نظام صدام حسين، وتفشي الفوضى في هذا البلد لتوجد لنفسها موطئ قدم فيه، وتكريس حالة الفوضى الأمنية بالعراق من خلال دعمها بالمال والسلاح بعض الميليشيات المسلحة، وهو أمر يقلق دول الخليج من المخططات الإيرانية الهادفة لتكريس الطائفية في المنطقة، وهو ما يزعزع الوضع الأمني في هذه الدول.

 

البرنامج النووي : الطموح النووي الإيراني وعدم الشفافية يشكلان هاجسًا مشتركًا لدول الخليج العربية وتهديدًا لأمنها، خاصة أن حصول طهران على السلاح النووي سيؤدي لعدم استقرار هذه الدول، ويسبب سباق تسلح بين دول المنطقة، نظرًا لخطورة تحول إيران إلى دولة نووية تهيمن على محيطها الإقليمي.

 

النشاط الاستخباراتي في الخليج : إذ يجرى تداول معلومات تستند إلى تقارير استخباراتية تفيد وجود خلايا إيرانية في الدول الخليجية تنشط في جمع المعلومات عن المنشآت الاقتصادية والعسكرية والبنية التحتية.. وأبرز مثال على هذا النوع من النشاط قضية التجسس التي تسببت في الأزمة بين الكويت وإيران؛ حيث اكتشفت أجهزة الأمن الكويتية في مايو 2010 شبكة تجسس تابعة للحرس الثوري الإيراني تستهدف البنية الأساسية في هذا البلد.

دعم الحوثيين : تمتد نقاط التوتر والقلق في العلاقات الخليجية – الإيرانية لتشمل أيضًا، دور إيران في دعم الحوثيين في اليمن لأجل زعزعة الاستقرار على حدوده مع المملكة، وكذلك ترديدها الشعارات العنصرية كإصرارها على مسمى “الخليج الفارسي.

 

تلك الأزمات وبؤر التوتر كافة التي تعتري العلاقات الخليجية – الإيرانية، لا تفضي إلا إلى حقيقة واحدة، هي أن إيران هي المسؤول الأول عن وصول هذه العلاقات إلى تلك الحالة، بسبب إصرارها الدائم على ممارسة أسلوب الاستعلاء وسياسات التدخل والتصعيد في تعاملها مع دول الخليج، التي كما سبقت الإشارة لا تفتأ تظهر حسن نياتها تجاه طهران، وتعلن دائمًا استعدادها لتطوير العلاقات معها، وتدعو إلى حل القضايا الخلافية بالدبلوماسية والحوار.

 

تحركات محسوبة لإستعدال مسار العلاقات

تشهد منطقة الخليج إعادة ترسيم خارطتها الدبلوماسية مع إيران باستعادة بلدين خليجيين هما الكويت والإمارات علاقاتهما الدبلوماسية مع طهران بعد نحو سبع سنوات من خفض تمثيل البلدين الدبلوماسي عقب اقتحام محتجين إيرانيين السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد عام 2016 على خلفية قرار سلطات المملكة حكم الإعدام بحق 47 شخصا في قضايا إرهاب ومن ضمنهم رجل الدين الشيعي البارز، نمرباقر النمر.

 

تجدر الإشارة بأنه مع إعلان الكويت عودة سفيرها لدى طهران، بدر عبد الله المنيخ ، أعلنت الإمارات في خطوة مشابهة عودة سفيرها سيف محمد الزعابي . وصفت الخطوة من الجانب الإماراتى بأنها ضمن توجه دولة الإمارات الإقليمي نحو ترميم الجسور وتعزيز العلاقات وتعظيم المشترك والبناء عليه لخلق مناخ من الثقة والتفاهم والتعاون، في ظل قناعة راسخة بضرورة العمل والتنسيق العربي والإقليمي من أجل منطقة مستقرة ومستقبل مزدهر .

مقابل تصريحات للخارجية الإيرانية تشير بإن السياسات الخارجية لدولته تركت آثاراً إيجابية ستخطو خطوات هامة في المستقبل، وأن العلاقات بينها وبين دول المنطقة تسير نحو الأفضل.

ويتزامن الحراك الدبلوماسي الإماراتي والكويتي تجاه إيران مع أجواء وُصفت بالإيجابية تجري على خط طهران-الرياض بفعل جولات المباحثات التي تستضيفها بغداد منذ العام الماضي.

وفي سياق متصل ، وبالرغم من حالة التوتر والخلافات الحادة بين السعودية وإيران ، خاصة الحرب في اليمن وهجمات 2 يناير 2016 على سفارة الرياض لدى طهران والقنصلية السعودية في مشهد ، لكن جرى خلال الأشهر الأخيرة تبادل رسائل حول رغبتهما في تسوية الخلافات. حيث وجهت الرياض رسائل اعتبرتها الأوساط المراقبة إيجابية خاصة المرتبطة بتصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير “فيصل بن فرحان” على هامش مشاركته في مؤتمر ميونيخ  للأمن فبراير الماضى والذى قال نصاً : ” نأمل في مواصلة المحادثات مع إيران للتوصل إلى خفض التصعيد في المنطقة ونحن نتطلع إلى جولة جديدة من المحادثات مع إيران، رغم عدم إحراز تقدم جوهري في الجولات السابقة، فهناك أمور عدة يمكن مناقشتها مع إيران إذا كانت لديها رغبة في خفض التصعيد في المنطقة”.

ومؤخراً أكد ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان في العديد من الفاعليات ، إن إيران ستبقى جارة للسعودية ، مؤكدا نية الرياض مواصلة المحادثات مع طهران لحل الخلافات المعلقة بينهما .

 

توقيت الحراك الدبلوماسي مع المفاوضات النووية.

يعد توقيت الحراك الدبلوماسي الخليجي باتجاه إيران، مؤشر على تحولات عدة حصلت أخيراً في المنطقة يتمحور معظمها حول مفهوم انتقال أدوات التنافس بين دول المنطقة من المفهوم الجيوسياسي القديم إلى مفهوم جيو اقتصادي حديث ، فعلى سبيل المثال رأينا كيف أعادت الإمارات تعريف علاقاتها مع مختلف الأطراف الإقليمية على هذا الأساس، فقد شهدنا انفتاحًا على إسرائيل وآخر على تركيا وعلى دول كانت تصنّف علاقتها بالمتوترة سابقًا مع الإمارات”

كما أن مسار عودة العلاقات هو مسار متعدد الأوجه ولا يقتصر على الإمارات والكويت وكذلك الرياض ، بما يعد ترجمة لرغبة خليجية وإيرانية تهدف إلى تهدئة التوترات والبحث عن حلول للقضايا العالقة والخلافية عبر القنوات الدبلوماسية وليس عبر الصراعات الجيوسياسية التي لم تنجح في حلّ أي من هذه القضايا.

ويرتبط  التقارب الخليجي الإيراني بالمفاوضات الجارية في فيينا حول ملف إيران النووي حتى لا تكون تلك العلاقات عائقًا أمام توقيع الاتفاق النووي كما حصل في العام 2018 حينما كانت اعتراضات دول الجوار سببًا في خروج إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي”.

 

تتبنى الدول الإقليمية فكرة أن تحقيق مصالحها يأتي بالحوار وعبر القنوات الدبلوماسية مع إيران وليس من خلال المسار الدولي الذي لم يترك للقوى الإقليمية أي مجال للتفاوض حول برنامج إيران النووي، ذلك أن مطالبات المملكة العربية السعودية وقوى إقليمية أخرى كإسرائيل في المشاركة في أعمال هذه المفاوضات لم تحظَ بأي موافقة دولية أو إيرانية.

 

أن القوى الإقليمية المتمثلة بالدول الخليجية رأت أن من مصلحتها أن تبحث في القضايا الأخرى العالقة مع إيران من خارج سياق الملف النووي وفي مقدمة هذه الملفات الأنشطة الإيرانية في دول الجوار ودعمها لأطراف مسلّحة إضافة إلى برنامجها العسكري والآخر المتعلّق بالطائرات المسيّرة وغيرها.وقد تساهم هذه التحوّلات في السياسات الخارجية الإيرانية والخليجية ” حال صدقت النوايا ” في تهدئة الأوضاع في المنطقة .

 

 

 

 

رؤية ختامية

العلاقات الإيرانية – الخليجية تفرضها عوامل  مشتركة ، وروابط تاريخية ومصالح متعددة ، الأمر الذى يفرض على الجانبين العديد من الإعتبارات .

فعلى الدول الخليجية عدم التسليم المطلق بالنوايا الإيرانية المرتبطة بتغيير سياساتها تجاه الدول العربية وخاصة الخليجية منها ، خاصة مع مواصلة إيران التدخل بشكل مباشر في الشئون الداخلية لدول المنطفة من خلال أذرعها المتواجدة في كافة بؤر التوتر المختلفةسواء في الداخل العراقى واليمنى والفلسطينى والعراقى والسورى واليمنى واللبنانى ، وكذا قواعدها الشعبية في العديد من الدول الخليجية ، والتي من الممكن أن تؤجج الأوضاع الداخلية بتلك الدول في أي وقت وفى أ ى ظروف لا تتفق مع أهدافها ومخططاتها ، والتي أتوقع ألا تتنازل عنها خلال المنظور القريب على أقل تقدير ، وهو الأمر الذى يفرض على الدول الخليجية إتخاذ ضمانات راسخة من الجانب الإيراني ( حال حدوث إنفراجات حقيقية في مسار العلاقات وتغيير السياسات الراهنة ) ، تكون موثقة دولياً وملزمة على كافة الأطراف ، خاصة المرتبطة بمستقبل البرنامج النووي الإيراني .

في الجانب الأخر ، فعلى إيران أن تدرك أن علاقاتها مع دول الخليج إستراتيجية وليست ظرفية، وأن أمن الخليج يقع على عاتق دوله بما فيها إيران، وفق ترتيبات أمنية مشتركة، للحيلولة دون وقوع أي أزمة. مع ضرورة توافر إرادة سياسة واضحة والتخلص من رواسب الماضي ومنطق الحنين لدى القيادة الإيرانية للعب دور “الشرطي” في المنطقة, وقبول التحكيم الدولي بشأن مسألة الجزر الإماراتية، والقبول بما تسفر عنه من قرارات حتى لا تكون هذه المسألة عقبة دائمة في تفعيل العلاقات من منظور أنها تمثل مسألة سيادة وحقوق وطنية إماراتية، لا يجوز القفز عليها.

وعلى إيران -خاصة على صعيد العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي- أن تتوقف عن مسعى بناء التعاون، على “أساس ثنائي”، أي مع كل دولة على حدة، وطبقًا لطبيعة وحجم المصالح المشتركة، بل بصورة جماعية، مع النظام الرسمي لإقليم الخليج، وعبر جامعة الدول العربية، على الصعيد الأشمل، وبمزيد من الأطر المؤسسية والنظامية، وبصورة متوازنة ومتكافئة.

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمات مفتاحية