إعداد: شيماء عبد الحميد
استمرارًا لجرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين فى قطاع غزة، صادق الجيش الإسرائيلى على خطة عسكرية لاجتياح مدينة رفح الفلسطينية؛ والتى باتت آخر ملاذ آمن لما يزيد على مليون نازح فلسطينى من باقى مناطق القطاع، مما أثار قلقًا دوليًا بشأن التداعيات المحتملة لهذا الهجوم وخاصةً الكارثة الإنسانية التى قد يتسبب فيها الاجتياح الإسرائيلى، هذا إلى جانب ارتفاع المخاوف المصرية من النزوح الجماعى الذى قد يحدث فى أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية.
دوافع العملية الإسرائيلية على رفح:
وجه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أمرًا بالاستعداد لاجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، مبررًا هذا القرار بأنه لا يمكن تحقيق أهداف الحرب فى غزة دون القضاء على 4 كتائب لحماس منتشرة هناك، مؤكدًا أنه لا تراجع عن تنفيذ هذه العملية؛ لأهميتها العملياتية والإستراتيجية.
وعن تفاصيل العملية؛ أفادت تقارير إسرائيلية بأن “نتنياهو” طلب من الجيش والمؤسسة الأمنية تقديم خطة إلى مجلس الوزراء تركز على إجلاء المدنيين من رفح تمهيدًا للعملية العسكرية، وبالفعل صادق الجيش الإسرائيلى يوم 9 فبراير الجارى على خطة الاجتياح، والتى تضمنت:
- ضرورة إنهاء العملية العسكرية البرية المزمعة فى رفح قبل حلول شهر رمضان المبارك، والذى سيبدأ فى 11 مارس المقبل، نظرًا لأن دائمًا ما تتصاعد فيه التوترات فى فلسطين، لا سيما فى المسجد الأقصى.
- إجلاء النازحين الفلسطينيين عبر ممر آمن من رفح إلى خان يونس، أو السماح بانتقال بعضهم نحو شمال غزة مرة أخرى، على أن تشمل المرحلة الأولى النساء والأطفال، ثم الرجال الطاعنين فى السن من خلال بوابة يتم إنشاؤها على شارع صلاح الدين، ثم فى المرحلة الثالثة سيتم عبور الرجال بعد تفتيشهم والتحقيق معهم.
- الاتفاق بين مصر وتل أبيب بشأن نشاط الجيش الإسرائيلى ضد الأنفاق فى محور فيلادلفيا.
فى المقابل؛ رأى البعض أن دوافع العملية العسكرية على رفح، مختلفة تمامًا عن الدوافع المعلنة من قبل نتنياهو؛ حيث أشار عدد من الخبراء والمحللين إلى أن نتنياهو يرغب من اجتياح رفح، وذلك من خلال النقاط التالية:
- استغلال ورقة رفح من أجل الضغط على حركة حماس لقبول شروط إسرائيل والتفاوض حول الهدنة، بل والضغط على الأطراف الإقليمية المعنية بالقضية وعلى رأسها مصر، من أجل إقناع حماس بقبول الصفقة بالشروط الإسرائيلية.
- إطالة أمد الحرب من أجل التهرب من محاكمته فى القضايا والتهم المنسوبة إليه، حيث إن الوصول لهدنة جديدة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، يعنى وقف إطلاق النار وتخفيف العمليات العسكرية فى غزة، وهو ما لا يريده نتنياهو، لذلك يحاول أن يصل إلى أقصى مدى فى هذه العملية من خلال الدخول إلى جميع المناطق فى القطاع.
- رغبة نتنياهو فى بقاء ائتلافه اليمينى المتطرف فى السلطة، ولذلك يحاول الضغط على أعضاء حكومة الليكود ليعلنوا معارضتهم صفقة الرهائن المقترحة، وأكبر دليل على ذلك؛ الموقف الإسرائيلى الأخير فى الاجتماع الأمنى الذى استضافته العاصمة المصرية القاهرة يوم 13 فبراير الجارى، والذى انتهى دون إحراز تقدم يُذكر فى ملف الهدنة، بسبب رفض تل أبيب لشروط حماس.
ويمكن الاستدلال على اختلاف حسابات نتنياهو الشخصية فى القيام بالعملية العسكرية فى رفح، من خلال تباين مواقف المستويين السياسى والعسكرى حول العملية؛ حيث بدت الخلافات واضحة خلال اجتماع مجلس الحرب الأخير، بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس هيئة الأركان “هرتسى هاليفى”.
فبينما طلب نتنياهو من “هاليفى”، إعادة تجنيد قوات الاحتياط الذين تم تسريحهم، لصالح العملية العسكرية فى رفح، ورد رئيس الأركان بأن هناك اعتبارات عدة يجب مراعتها أولًا قبل أى تحرك؛ منها: أن إعادة تجنيد قوات الاحتياط تحتاج إلى وقت طويل، كما أن عملية برية من هذا النوع، تتطلب الاهتمام بالجوانب السياسية التى يجب تحديدها قبل العملية، مثل إقرار ما يجب فعله مع المدنيين فى رفح، والتنسيق على المستوى السياسى مع مصر فيما يخص محور فيلادلفيا.
ورغم اختلاف المواقف هذا؛ شنت إسرائيل يومى 8-9 فبراير الجارى، غارات جوية مكثفة على عدة منازل فى مدينة رفح، أدت إلى مقتل 25 فردًا وإصابة آخرين، وفى يوم 12 فبراير، قصفت دبابات وطائرات إسرائيلية مناطق فى شرق رفح، شملت 14 منزلًا وثلاثة مساجد، ما أسفر عن مقتل حوالى 11 شخصًا.
وفى محاولة لتبرير هذه الغارات غير الإنسانية؛ أعلن الجيش الإسرائيلى أنه جراء هذا الهجوم، تم تحرير الأسيرين الإسرائيليين “لويس هر وفرناندو مرمان”، موضحًا أن العملية نفذتها قوات مؤلفة من جهاز الأمن العام الإسرائيلى “شاباك” ووحدة “يام” ووحدة الكوماندوز البحرى “شاطيت 13″، وقد استغرقت نحو ساعة من تبادل إطلاق النار.
تحذيرات دولية واسعة:
منذ أن أعلن نتنياهو عن عمليته العسكرية فى رفح، وتتوالى التحذيرات الإقليمية والدولية من التبعات الكارثية التى قد تنتج عن العملية المرتقبة، وخاصةً على الصعيد الإنسانى حيث يتكدس نحو 1.4 مليون شخص فى المدينة، وذلك فى الوقت الذى تحاصر فيه تل أبيب القطاع حصارًا كاملًا وتمنع دخول المساعدات تمامًا، ويمكن إيضاح أبرز المواقف وردود الفعل على العملية الإسرائيلية، على النحو التالى:
أولًا؛ مواقف الأطراف المعنية بالحرب:
1- الموقف المصرى؛ أصدرت الرئاسة المصرية يوم 9 فبراير، بيانًا أكدت فيه أن أى محاولات أو مساعٍ لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم ستبوء بالفشل، وأن الحل الوحيد للأوضاع الراهنة يتمثل فى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
من جهته؛ أكد وزير الخارجية المصرى سامح شكرى، يوم 10 فبراير الجارى، أن مصر تواصل اتصالاتها لوضع إطار يسمح بالتوصل إلى هدنة فى قطاع غزة، رغم تعقد المفاوضات وسعى كل طرف لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، محذرًا من أن زيادة رقعة الأعمال العسكرية فى غزة وخاصةً فى رفح، ستكون لها عواقب وخيمة، لأن الأمر لا يحتمل مزيدًا من الضحايا والتدمير.
وفى 12 فبراير، أكدت مصر مرة أخرى موقفها، حيث أصدرت الخارجية المصرية بيانًا صحافيًا جديدًا، نص على التالى:
- التصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعى المستوى بالحكومة الإسرائيلية، بشأن اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية فى القطاع.
- لا بد من تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية التى باتت تأوى ما يقرب من 1.4 مليون فلسطينى، نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع.
- استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى فى تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطينى وتصفية قضيته، وذلك فى انتهاك واضح لأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.
2- الموقف الأمريكى؛ أكدت واشنطن يوم 8 فبراير، أنها لن تؤيد أى عملية عسكرية إسرائيلية فى رفح دون التخطيط الكافى لها، حتى لا تتسبب فى كارثة إنسانية كبيرة، وأيضًا دون النظر فى آثار هذه العملية على المساعدات الإنسانية والمغادرة الآمنة للأجانب.
وفى انتقاد أمريكى ضمنى لنتنياهو، صرح الرئيس الأمريكى جو بايدن بأن الرد الإسرائيلى على هجوم حماس، كان مبالغًا فيه، مؤكدًا سعيه لاتخاذ خطوات عاجلة ومحددة لتعزيز المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
3- السلطة الفلسطينية؛ أشارت إلى أن الخطط الإسرائيلية باجتياح رفح يراد بها تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، مؤكدة أن شن عملية عسكرية فى المدينة سيكون تجاوزًا لكل الخطوط الحمراء، فيما أكد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، التالى:
- يجب على الولايات المتحدة، التحرك بشكل جدى لإجبار إسرائيل على وقف جرائم الإبادة التى ترتكبها ضد الشعب الفلسطينى، وآخرها ما يحدث فى مدينة رفح، والذى سيدفع الأمور إلى حافة الهاوية.
- لا بد من الإسراع فى إدخال المواد الإغاثية والطبية والغذائية، وتوفير المياه والكهرباء والوقود إلى كامل قطاع غزة بما فيه منطقة شمال غزة، لتعاود المستشفيات والمرافق الأساسية ومراكز الإيواء عملها فى التخفيف من معاناة المواطنين.
- حركة المقاومة الإسلامية حماس؛ أكدت أن شن عملية عسكرية إسرائيلية فى رفح، يهدد بوقوع كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلف عشرات آلاف القتلى والجرحى، تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولى، كما نوهت الحركة بأن تنفيذ العملية يعنى نسف مفاوضات التبادل بشأن الرهائن.
ثانيًا؛ ردود الفعل العربية والإقليمية:
سارعت غالبية الدول والمنظمات العربية والإقليمية، وعلى رأسها دول مجلس التعاون الخليجى والأردن والعراق واليمن وإيران، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، بتحذير إسرائيل من تبعات إقدامها على تنفيذ العملية العسكرية فى رفح، وقد أكدت هذه الدول على التالى:
- إقدام إسرائيل على شن عملية برية فى رفح بجنوب قطاع غزة، يهدد بوقوع مزيد من الضحايا، كما سيؤدى إلى استفحال الكارثة الإنسانية التى يشهدها القطاع.
- رفض تهجير الفلسطينيين داخل أرضهم أو إلى خارجها، وضرورة إنهاء الحرب على القطاع والتوصل لوقف فورى لإطلاق النار، يضمن حماية المدنيين ووصول المساعدات إلى كافة أنحاء القطاع.
- ضرورة التحرك الفورى من قبل المجتمع الدولى، من أجل منع إسرائيل من الاستمرار بحربها المستعرة، والتى تسبب كارثة إنسانية غير مسبوقة، إلى جانب العودة إلى المفاوضات لتحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
- ضرورة أن ينتبه العالم لخطورة الممارسة الإسرائيلية المدفوعة بأجندة يمينية متطرفة، تريد إفراغ القطاع من سكانه، وتحقيق تطهير عرقى متكامل الأركان، مما يتعارض مع مبادئ القانون الدولى والقانون الإنسانى الدولى.
- تحرك مجلس الأمن بشكل فورى من أجل تحمل مسؤولياته تجاه وقف العدوان الإسرائيلى، وإيقاف عملية الاجتياح الإسرائيلى لرفح، وارتكاب إبادة جماعية فى المدينة.
ثالثًا؛ ردود الفعل الدولية:
لاقت العملية الإسرائيلية تنديدًا دوليًا أيضًا من العديد من الدول والمنظمات الغربية، والتى كانت فى بداية الحرب لها مواقف داعمة إلى إسرائيل، مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، بالإضافة إلى منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، وقد أكدت هذه الجهات التالى:
- الوضع الإنسانى فى غزة كارثى وغير مقبول، كما أن الوضع فى رفح مقلق للغاية، حيث من الصعب ألا تؤدى العمليات العسكرية على نطاق واسع فى منطقة مكتظة بالسكان، إلى وقوع آلاف الضحايا المدنيين.
- يتعين حماية المدنيين فى رفح، ويجب ألا يكون هناك أى تهجير قسرى جماعى، كما يجب أن تكون الأولوية الآن إلى الوقف الفورى للقتال، لإدخال المساعدات وإخراج الرهائن، ثم التقدم نحو وقف دائم لإطلاق النار.
التداعيات المحتملة لعملية رفح:
لا شك أن إقدام إسرائيل على تنفيذ الاجتياح البرى لرفح، سيرتب العديد من التداعيات الخطيرة على كافة الأصعدة المختلفة؛ سواء على المستوى السياسى أو الأمنى أو الإنسانى، وأبرزها:
1- زيادة الخلافات بين مصر وإسرائيل؛ ستكون مصر أكثر الدول تأثرًا فى حال إتمام العملية العسكرية فى رفح، ولذلك تراقب الدولة المصرية الضغوط المتزايدة على حدودها مع غزة بقلق كبير، نظرًا لأن هذا التحرك يزيد من احتمالات النزوح الجماعى للفلسطينيين إلى الأراضى المصرية، كما سيُعد انتهاكًا واضحًا لمعاهدة السلام الموقعة بين الدولتين عام 1979.
حيث تنص معاهدة السلام على تقسيم سيناء المصرية إلى 3 مناطق؛ “أ” و”ب” وهما محددتان بعدد معين من القوات، وصولًا إلى المنطقة “ج” منزوعة القوات والسلاح العسكرى، والنقطة “د” وهى وفقًا للمعاهدة منطقة حدودية تقع بالأراضى الفلسطينية وتخضع لسيطرة إسرائيل، ولا يمكن أن يتواجد بها أكثر من 4 آلاف جندى إسرائيلى، يتم تسليحهم بأسلحة قوات المشاة الميكانيكى فقط، دون وجود مدرعات ومدفعية أو طيران، ومن ثم؛ أى دخول قوات مدرعة أو مدفعيات لهذه النقطة، سيكون بمثابة خرق إسرائيلى لمعاهدة السلام، وحينها يحق لمصر اتخاذ كافة الإجراءات لحماية أمنها القومى.
وفى ضوء هذه التطورات، واستعدادًا لسيناريو النزوح، دفعت القاهرة بنحو40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء لتعزيز الأمن على حدودها مع غزة، فيما أفادت تقارير بأن مصر أقامت جدارًا حدوديًا خرسانيًا تمتد أسسه فى الأرض ستة أمتار وتعلوه أسلاك شائكة، كما كثفت منظومتها الدفاعية على الحدود بسياجات وكاميرات وأبراج مراقبة وأجهزة استشعار.
2- تعقيد ملف تبادل الأسرى؛ حيث تشكل العملية البرية فى رفح، خطرًا على حياة الرهائن، كما سيكون لها تداعيات سلبية على المفاوضات فى صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وحتى بكل ما يتعلق بمستقبل غزة فى اليوم التالى للحرب، وينعكس ذلك فى تحذير حركة حماس بأن أى هجوم على رفح يعنى نسف مفاوضات التبادل.
3- وقوع كارثة إنسانية فى القطاع؛ تستضيف رفح الغالبية العظمى من النازحين الذين يقيم معظمهم فى خيام عشوائية أُقيمت فى مختلف أنحاء المدينة، وسط ظروف إنسانية صعبة وشح فى المساعدات، هذا إلى جانب خروج معظم مستشفيات رفح من الخدمة، وعدم وجود أنظمة للمياه لتضررها بشكل كبير.
وبالتالى أى عملية عسكرية برفح الفلسطينية، ستزيد من المأساة الإنسانية بشكل كبير؛ لأنها ستعنى مقتل وإصابة آلاف المدنيين؛ كما ستؤدى إلى مزيد من الدمار والضغوط الإنسانية، والتى بدورها ستدفع إلى عملية نزوح جماعى.
4- إطالة أمد الحرب؛ حيث من المتوقع أن تكون هذه العملية طويلة الأمد لتحقيق الهدف الذى حددته تل أبيب، وهو القضاء على آخر كتائب حركة حماس، وذلك نظرًا لعدة أسباب؛ منها: كتائب حماس فى رفح من الكتائب عالية التدريب التى تشارك فى عمليات القتال، كما تتمركز بشكل جيد بحيث تستطيع أن تقوم بعمليات كبيرة لمواجهة واستنزاف القوات الإسرائيلية التى ستحاول الدخول إلى رفح، هذا إلى جانب عدم سيطرة إسرائيل أو معرفتها بخريطة الأنفاق الواصلة بين رفح وخان يونس، فضلًا عن احتفاظ الحركة بقدرات مسلحة كبيرة ومرونة قتالية رغم دخول الحرب شهرها الرابع.
5- زيادة التوترات فى المنطقة؛ فمع استمرار الحرب وإطالة أمدها فى حال قيام إسرائيل بعمليتها فى رفح وانعكاس ذلك السلبى على ملف تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، يُتوقع أن تزداد حدة التوترات فى المنطقة وخاصةً من قبل أطراف محور المقاومة، ويمكن الاستدلال على ذلك من تصريح جماعة الحوثى يوم 10 فبراير الجارى؛ حيث أكدت أن أى تصعيد لإسرائيل فى رفح، سيُقابل بتصعيد لعمليات الحوثى العسكرية.
استنتاجات ختامية:
– العملية المزمعة فى رفح ستخلف الكثير من الخسائر فى صفوف المدنيين الفلسطينيين، سواء تم نقلهم إلى شمال قطاع غزة مرة أخرى أم لا، نظرًا لأن الأوضاع الإنسانية كارثية ولا يُسمح بدخول المساعدات الكافية، فضلًا عن أن شمال القطاع بات مدمرًا ولا توجد ظروف حياتية مناسبة لعودة النازحين مجددًا.
– يبدو أن إسرائيل تحاول تصفية القضية الفلسطينية من خلال عدة محاور:
أولًا: إجبار أهالى القطاع على النزوح إلى الحدود المصرية وتكدسهم عند معبر رفح.
ثانيًا: إلقاء العبء على الدولة المصرية ووضعها بين خيارين كلاهما مر؛ إما فتح المعبر وبالتالى نجاح هدف تل أبيب بتهجير الفلسطينيين والقضاء على أى أمل لإقامة دولة فلسطينية، أو رفض فتح المعبر وبالتالى تصوير مصر بأنها المسؤولة عن الكارثة الإنسانية التى ستصيب المدنيين المتكدسين فى رفح، وتظهر هذه النوايا فى اتهامات إسرائيل الأخيرة لمصر أمام محكمة العدل الدولية.
– إذا تم دخول رفح ولم يتم التوصل إلى الأسرى ولا إلى قيادات عسكرية أو سياسية لحركة حماس، ستُجبر إسرائيل على الذهاب إلى صفقة تبادل الأسرى من جديد بتقديم تنازلات وبضغوطات داخلية وخارجية، لأن وقتها لن يبقَ لها مبرر لاستمرار عمليتها العسكرية، وهذا يفسر أسباب تحركات تل أبيب العسكرية والسياسية المتوازية فى الوقت الراهن.