بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي
“البلد يحبس أنفاسه بسبب الغموض الذي أصبح يلف تنظيم الانتخابات التشريعية في يوليو المقبل” ذلك هو العنوان الذي تردد كثيرا في المواقع والصحف الإخبارية اليومية في السنغال هذا الأسبوع بعد أن أصدر وزير الداخلية مقررا يصف لائحة التحالف المعارض “يوي اسكان اوي” بأنها غير مكتملة و يخلق هذا المقرر لدى المراقبين ما يسمونه حالة نشاز فقد يكون مؤشرا على تحول مفاجئ في الموقف أو يكون مناورة.
مهما تكن حقيقة الأمر فالانتخابات التشريعية المقررة في 31 يوليو المقبل أصبحت على طريق مجهول ،هذا بالإضافة إلى الشكوك المتعددة حول احتمال استغلال وزير الداخلية من أجل تخليص النظام من كل المنافسين المحتملين الذين يمكن أن يشكلوا خطرا عليه وفي مقدتمهم زعيم “باستيف” عثمان سونكو الذي يجرُّ وراءه خليطا من قادة المعارضة.
تصف وسائل الإعلام ما جرى بأنه ردم لبذور الفوضى وأنه يضع البلد في مواجهة مخاطر جمة في حالة عدم مشاركة اللائحة الرسمية للمعارضة في الانتخابات التشريعية بالإضافة إلى ما سيترتب على غياب المعارضة عن الجمعية الوطنية. فقد يعرف البلد أزمة حادة بعد الانتخابات.
فإذا تم حرمان قادة المعارضة الكبار من الانتخاب فسيدخل تحالف “اوي اسكن اوي” فترة من الغليان لأنه سيكون محروما من التعويل على منتخبين برلمانيين ويبقى معتمدا فقط عل لوائح المقاطعات فسيبقى القادة الكبار خارج قبة الجمعة الوطنية من أمثال عثمان سونكو اديا امبودج ديدي فال ، حبيب سي وآخرين ولن يعود بإمكان هذا التحالف أن يسعى لتشكيل فريق برلماني ولا أغلبية برلمانية ويعني ذلك فتح قوس ي لحالة سياسية تشبه نظام الحزب الواحد قد تدوم خمس سنوات يُرشَّح البلد فيها لأن يعرف هزات قوية .
يقود أحد المواقع ذات النبرة القريبة من المعارضة إن ترهل النظام الانتخابي بسبب عمليات التلاعب المتعددة سواء بالنسبة للدستور أو بالنسبة للمدونة الانتخابية، حسب تعبيره ،يخلق معضلة مليئة بالشكوك يمكن أن تقود ليس فقط إلى انتخابات فارغة من المعنى بسبب غياب المعارضة ولكن أيضا يمكن أن تقود إلى صدامات سياسية غير محسوبة العواقب قد تهيِّئ الأرضية للتفكير في انقلاب عسكري.
ويعتبر هذا الموقع أن الخطر يزيد ما دام الرئيس يحرص على إبقاء سحابة من الغموض تلف موقفه من الترشح لمأمورية ثالثة. و أمام هذه المخاطر المتنامية التي تهدد السلم المدني في السنغال يدعو صاحب هذا الرأي إلى رص صفوف المعارضة لمواجهة الانحراف نحو الديكتاتورية. و في هذا إعلان عن تحضير رد المعارضة على الموقف. ولكن ما هي طبيعة الرد الذي تعده المعارضة علما أن أغلب وسائل الإعلام والمحللين يرون اليد الخفية للسلطة وراء محاولة إقصاء المعارضة من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة ولكن ذلك يبقى مرهونا بطبيعة القرار الذي سيتخذه المجلس الدستوري .
ويتوقع تحالف المعارضة أن يكون القرار منحازا و استفزازيا بشكل غير مقبول و هنا يبقى السؤال هو ما هو الشكل الذي سيتخذه رد المعارضة التي وعدت بالتحرك في الساعات المقبلة يوم الجمعة في مسيرة أو مهرجان أو مؤتمر صحفي ، الواضح حتى الآن أن السلطة في السنغال تتحرك للحد من زيادة نفوذ المعارضة.
ويرى أحد المواقع أن المعارضة ستخرج إلى الشوارع يوم الجمعة في داكار في مسيرة للرد على محاولات إقصائها من الانتخابات المقبلة سيكون سونكو ورفاقه يعولون على تنظيم مهرجان جماهيري كبير يوم الجمعة بعد صلاة الجمعية في ميدان الأمة.
وحتى الآن ما زال الرأي العام ينتظر صوت الحكماء الذين عادة يدعون إلى التهدئة في مثل هذه المواقف كما حصل في الاضطرابات التي رافقت سجن النائب عثمان سونكو في ملف قضية اجتماعية خلال الشهور الماضية كاد تحرك الشارع أن يقود إلى فوضى عارمة في البلد لولا أن أصوات قد ارتفعت تدعو إلى التهدئة واستجاتب لها السلطة و بإطلاق سراح المعني. إذن يبقى الغموض والشك هما السائدين فيما يخص مستقبل مشاركة تحالف المعارضة في الانتخابات التشريعية المقبلة في نهاية شهر يوليو القادم رغم ما يؤشر عليه ذلك لدى المراقبين بأن السنغال مرشح لاجتياز فترة من الغليان .