القضية الفلسطينية وأزمة سد النهضة: تاريخ مشترك من المراوغات الإسرائيلية والإثيوبية

إعداد: دينا لملوم

باحثة متخصصة فى الشؤون الأفريقية

ثمة متشابهات مشتركة بين إسرائيل وإثيوبيا، حيث يجمعهما تاريخ من الانتهازية والمماطلة فى حقوق الشعوب، ففى الوقت الذى سلبت فيه دولة الكيان حقوق الشعب الفلسطينى، وكسرت كافة قوانين الإنسانية فى التعامل مع القضية الفلسطينية، كان هناك الجانب الإثيوبى الذى عمل على الالتفاف على مصر والسودان واختراق الاتفاقيات المنظمة للاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل، عبر مماطلات أطالت أمد المفاوضات المتعلقة بإزالة جمود هذا الملف، ولكن ظلت الحكومة الإثيوبية تتمادى فى عمليات ملء السد، فلقد كانت هذه المماطلات هى مجرد محاولات لكسب المزيد من الوقت لتتمكن من تحقيق أهدافها، دون الالتفات لحقوق دولتى المصب من مائية نهر النيل، وليس بالغريب على دولة تتبع خطى إسرائيل أن تقوم بذلك، فكلاهما وجهان لعملة واحدة.

جذور التقارب الإسرائيلى الإثيوبى:

تمتد بدايات التقارب بين إسرائيل وإثيوبيا حينما اعترفت الأخيرة بالدولة العبرية عام 1954، ومنذ ذلك الحين والعلاقات بين الجانبين فى تطور مستمر، حيث افتتحت تل أبيب سفارتها فى أديس أبابا مطلع الستينيات، إضافة إلى تمركز بعثة عسكرية إسرائيلية دائمة فى إثيوبيا بلغت نحو 20 ضابط قبيل عام 1973، كانت مهمتهم التدريس فى المعاهد العسكرية الإثيوبية وتدريب بعض الوحدات الخاصة فى الجيش والشرطة الإثيوبيين، ولقد اتضح هذا الدور جليًا فى زيارة رئيس الأركان الإسرائيلى آنذاك “حاييم بارليف” عام 1971، وتم الاتفاق خلالها على استمرار تواجد المستشارين الإسرائيليين؛ دعمًا للجيش الإثيوبى وحكومة الملك “هيلا سيلاسي” فى خضم التوترات فى إقليم أوجادين الصومالى، وكذا صعود حركات التحرر فى إريتريا وتعدد محاولات الانقلاب على الحكم الملكى، واستنادًا إلى مبدأ الانتهازية الإسرائيلية، فإن تل أبيب قد اتخذت من إثيوبيا معبرًا للوصول إلى العمق الإفريقى خاصة دول شرق إفريقيا والبحر الأحمر عبر تنسيق الاستراتيجيات الثنائية مع الدولة الإثيوبية لتسهيل التعامل مع أى صراع قد ينشب بين دول المنبع ودول المصب حول مياه النيل، وبالأساس فعلاقات إسرائيل الخارجية تستند على استغلال التناقضات الدولية من أجل تحقيق مصالحها مع الدول التى تعدها معادية لها لا سيما الدول العربية.

التدخل الإسرائيلى فى ملف سد النهضة:

دومًا ما تسعى إسرائيل إلى تحقيق السردية الإسرائيلية المتعلقة بحلم “من النيل للفرات”، كما أنها أدركت حاجتها الماسة لدول حوض النيل خاصة دول المنبع التى تمثل ورقة ضغط على مصر والدول العربية؛ استنادًا إلى أسلوب الالتفاف والتحايل وكسر  القوانين فقط  لتحقيق أهدافها حتى ولو كان على حساب دماء الآخرين، هذا ما تعود عليه العالم من هذا الكيان، الذى اتخذ من التدخلات السياسية والاقتصادية والعسكرية سبيلًا للسيطرة على مياه النيل والاستفادة منها، وهو ما اتضح فى اتفاقية “عنتيبى”،  تلك الاتفاقية الإطارية التى وقعت عليها دول المنبع فى حوض النيل عام 2010، بينما اعترضت عليها دولتى المصب مصر والسودان، لأنها تنهى ما يسمى بالحصص التاريخية لهما فى مياه النيل، وأثارت الاتفاقية جدلًا كبيرًا وتسببت فى خلافات بين دول حوض النيل التى وقف أغلبهم بجانب إثيوبيا التى تتبنى الاتفاقية، بدعوى أن حصة مصر التاريخية مجحفة لباقى دول حوض النيل ولابد من مراجعتها وإعادة تقسيم مياه النيل.

وظلت دولة الكيان داعمة للموقف الدولى لإثيوبيا فى الملفات المختلفة، كما أنها أسهمت فى بناء سد النهضة عبر تمويل أديس أبابا ماليًا وتدعيمها سياسيًا أمام المنظمات الدولية؛ بما أدى إلى تفاقم حدة الصراع بين دول المنبع والمصب حول مياه نهر النيل، خاصة فى ظل التعنت الإثيوبى وعدم وضعه حقوق دول المصب فى مائية النيل فى الحسبان، وقد تدفقت التمويلات الإسرائيلية على إثيوبيا، سواء لبناء سد النهضة أو تمويل غيره من السدود على مجرى النيل، ناهيك عن الدعم الفنى لها عبر إرسال الخبراء والفنيين لها؛  للمساعدة فى عمليات البناء والاستشارات والخبرات بشأن إنشاء السدود، حتى وصل عدد هؤلاء الخبراء إلى قرابة 400 خبير على الأراضى الإثيوبية؛ وذلك لإجراء الأبحاث لإقامة مشروعات الرى والسدود على مجرى النيل، وانطلاقًا من سياسة المناكفات الإسرائيلية فقد دأبت إسرائيل على اتخاذ إثيوبيا التى تمثل تهديدًا لأمن الدول العربية المعتمدة على نهر النيل بوابة؛ للتضييق على النفوذ العربى والإسلامى فى القارة الإفريقية.

التعدى على القوانين الدولية والإنسانية:

للدولة العبرية ونظيرتها الإثيوبية تاريخ مشترك من الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية والاتفاقات المنظمة للاستخدام العادل لموارد المياه، ففى الحالة الأولى هناك القضية الفلسطينية، وفى الثانية ثمة أزمة سد النهضة العالقة، التى شهدت تعنت إثيوبيًا وتحرشات مستمرة بشأن حقوق مصر والسودان المائية من نهر النيل، ويمكن إبراز أهم القوانين التى تنص على ذلك فى التالى:

أولًا- القضية الفلسطينية:

انتهكت قوات الاحتلال الإسرائيلى أكثر من 12 اتفاقية وقرارًا ونصًا قانونيًا صادرًا عن أعلى هيئات أممية عالمية ووقعت عليه أكثر من 170 دولة، ومارست أكثر من 30 عملًا غير مشروع، وثمة تعدٍ صارخ على محتوى اتفاقيات جنيف الدَّولية الأربعة، وتحديدًا الاتفاقية الخاصة بحماية السُّكان المدنيين، وبمراجعة القرارات الصَّادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرار محكمة العدل الدَّولية لسنة 2004 الخاص بالجدار العازل والمعروفة بفتوى لاهاى، وقرارات مجلس الأمن الدَّولى، تبين أنَّ كلَّ الممارسات التى تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلى ضدَّ المدنيين الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس، هى انتهاكات جسيمة للقانون الدَّولى الإنسانى وحقوق الإنسان، وتصل إلى حدِّ جرائم حرب وجرائم ضدَّ الإنسانية يرتقى غالبيتها لجرائم حرب ضدَّ الفلسطينيين وحقِّهم فى أرضهم ومقدساتهم فى فلسطين المحتلة.

القضية الفلسطينية فى القوانين الدولية:

العقوبات الجماعية التى تقوم بها دولة الاحتلال تشكل مخالفة صريحة للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرَّابعة والتى حظرت العقوبات الجماعية وجميع تدابير التهديد والإرهاب وتدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.

  • إن أعمال التدمير التى تمارسها إسرائيل على نطاق واسع، تخالف المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة والتى حظرت على دولة الاحتلال أن تدمر أى ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو بالسلطات العامة.
  • إن اسرائيل أيضًا خالفت القرارات 267 / 1969 و 271 / 1969 و 298 / 1971 والعديد من القرارات التى أكدت ضرورة امتثالها لاتفاقيات جنيف وعدم المساس بالوضع القانونى لمدينة القدس.
  • خالفت إسرائيل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة خاصة القرارات 106/60 لعام 2005 والذى أكدت خلاله الجمعية العامة على أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية وأن على إسرائيل الالتزام بالاتفاقيات الدولية والامتثال لها وضرورة المحافظة على الوضع القانونى للقدس الشريف وغيرها من العديد من القرارات بذات المضمون والصادرة عن الجمعية العامة.
  • قرار محكمة العدل الدولية لعام 2004 والمعروفة بفتوى لاهاى بشأن الجدار الذى أقامته إسرائيل؛ والذى يعد من أهم القرارات الدولية لصدوره عن أعلى هيئة قضائية دولية، أقر بمخالفة دولة الاحتلال لاتفاقيات جنيف، وخاصة الاتفاقية الرابعة والبرتوكول الأول الملحق بهذه الاتفاقيات ومخالفته لاتفاقيات حقوق الإنسان لا سيما العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلًا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.[1]

ثانيًا- ملف سد النهضة:

فى مارس 2015 وقعت كل من مصر والسودان وإثيوبيا اتفاق حول إعلان المبادئ المنظمة لعمل سد النهضة فى الخرطوم، واشتمل هذا الإعلان على عشرة مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة فى مبادئ القانون الدولى، يمكن إجمالها على النحو التالى:

1-مبدأ التعاون:

– التعاون على أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولى.

– التعاون فى تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.

2- مبدأ التنمية والتكامل الإقليمى والاستدامة:

– الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة فى التنمية الاقتصادية، الترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمى من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها.

3- مبدأ عدم التسبب فى ضرر ذى شأن:

– مراعاة الدول الثلاث كافة الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب فى ضرر ذى شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيسى.

– على الرغم من ذلك، ففى حالة حدوث ضرر ذى شأن لإحدى الدول، فإن الدولة المتسببة فى إحداث هذا الضرر عليها، فى غياب اتفاق حول هذا الفعل، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسبًا.

4- مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب:

– استخدام الدول الثلاث مواردها المائية المشتركة فى أقاليمها بأسلوب منصف ومناسب.

5-مبدأ التعاون فى الملء الأول وإدارة السد:

– تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامى للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصى بها فى التقرير النهائى للجنة الخبراء الدولية خلال المراحل المختلفة للمشروع.

– استخدام الدول الثلاث، بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصى بها فى تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض:

  • الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتى ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازى مع عملية بناء السد.
  • الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوى لسد النهضة، والتى يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر.
  • إخطار دولتى المصب بأى ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعى إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.
  • لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتى المصب، سوف تنشئ الدول الثلاث، من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم.
  • الإطار الزمنى لتنفيذ العملية المشار إليها أعلاه سوف يستغرق خمسة عشر شهرًا منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية.

6- مبدأ بناء الثقة:

– إعطاء دول المصب الأولوية فى شراء الطاقة المولدة من سد النهضة.

7- مبدأ تبادل المعلومات والبيانات:

– كل من مصر وإثيوبيا والسودان بتوفير البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفى التوقيت الملائم.

8- مبدأ أمان السد:

– تقدر الدول الثلاث الجهود التى بذلتها إثيوبيا حتى الآن لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية المتعلقة بأمان السد.

– استكمال إثيوبيا بحسن نية، التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة فى تقرير لجنة الخبراء الدولية.

9-مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة:

  • تعاون الدول الثلاث على أساس السيادة المتساوية، وحدة إقليم الدولة، المنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر.

10-مبدأ التسوية السلمية للمنازعات:

  • تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقًا لمبدأ حسن النوايا، وإذا لم تنجح الأطراف فى حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة.[2]

وهكذا نجد أن تقريبًا جُل هذه القوانين والمبادئ سواء الحاكمة للتعامل مع الفلسطينيين أو الأخرى المتعلقة بسد النهضة ضربت بها إسرائيل وإثيوبيا عرض الحائط، فلم نجد على أرض الواقع تطبيق لهذه القوانين، بل على النقيض من ذلك كان يتم تطبيق نقائضها، حيث انتهاك حقوق الشعب الفلسطينى بطريقة سافرة، وأيضًا تجاهل أديس أبابا للمبادئ العامة التى سبق الاتفاق عليها مع دولتى المصب، واتخاذها خطوات أحادية فى عمليات ملء السد؛ ليضرب لنا مثالًا بأن القوانين الدولية أصبحت فى الوقت الحالى مجرد حبر على ورق لم يلتزم بها الكثير، بل يتم تطويعها وتحريفها لتحقيق رغبات دنيئة على حساب حقوق ومصالح وآلام الشعوب؛ بسردية مفادها أن البقاء لن يكون سوى للأقوى، أما من يحاول الالتزام بالقوانين واللوائح فهو من تُسلب وتُغتصب حقوقه.

مراوغات إسرائيلية وإثيوبية:

إن سياسة المراوغات التى اتبعتها إثيوبيا طيلة العشر سنوات الماضية؛ واستكمال عمليات ملء سد النهضة حتى أكملت الملء الرابع، يتخللها مفاوضات مع دولتى المصب مصر والسودان، دون الخروج بأى نتيجة تذكر، وكأن الجانب الإثيوبى يماطل من أجل كسب المزيد من الوقت؛ لاستكمال مخططه والتنصل من الالتزام بحقوق القاهرة والخرطوم المشروعة فى مياه النيل، كل هذه الأمور تضاف إلى عدم التزام الحكومة الإثيوبية بالاتفاقيات التى وقعتها فى هذا الصدد، بل وضربت بما اتفقت عليه عرض الحائط، وكأنها تسير على خطى الصهيونية الإسرائيلية، فهذه الأفعال تعيد إلى الأذهان كيف تعاملت دولة الكيان مع قضية الشعب الفلسطينى، حيث لم تراعِ أى قوانين حاكمة، حتى قوانين الإنسانية تخطتها، فسلبت الفلسطينيين حقوقهم، ونهبت أراضيهم وديارهم، وكسرت كافة قرارات الشرعية الدولية، وبالتالى فإن مواقف إسرائيل مع مواطنى فلسطين وغطرستها وعدم موضوعيتها فى التعامل مع القضية الفلسطينية يماثل مواقف إثيوبيا مع مصر فى أزمة سد النهضة، فكلاهما تعامل بنفس المنطق، فالتقارب الإسرائيلى الإثيوبى خلال السنوات الماضية جعلهما وجهين لعملة واحدة، استقت أديس أبابا تعنتها ومواقفها الاستفزازية وكذبها ومماطلتها من هذا الكيان المحتل.

الخيانة مقابل المصلحة:

ليس بالغريب على شخص مارس كافة أنواع الاضطهاد والظلم ضد أهله والقبيلة المنحدر منها، أن يجور على حقوق غيره، فهناك عرقية الأورومو التى ينحدر منها آبى أحمد والتى يبلغ عددها أكثر من 40 مليون نسمة، اعتادت على معاناة الظلم والاضطهاد والتهميش من قبل الحكومة منذ عقود، حتى بعد تولى أحمد مقاليد الحكم عام 2018 لم يستطع انصافهم، حتى عاودت الاحتجاجات المناهضة للحكومة؛ بسبب نزاع حول ملكية بعض الأراضى، واتسعت رقعة المظاهرات لتشمل المطالبة بالحقوق السياسية وحقوق الإنسان، وأدت لمقتل المئات واعتقال الآلاف، كما قامت حكومة إثيوبيا بالقتل والتنكيل والاعتقال العشوائى تجاه أبناء عرق الأورومو، فضلًا عن الاستعباد، واغتصاب النساء، والتهجير القسرى، والإبادة الجماعية، إلى جانب منعها من حقوقها الأساسية كحرية التعبير، والحركة والتجارة، وحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات، وهو ما تمتهنه إسرائيل، حيث ارتكاب فظائع جمة، من اغتصاب وتحرش جنسى واعتقال وإبادة جماعية فى حق الفلسطينيين.

الجوع واللجوء بين التجراى والشعب الفلسطينى:

هناك روابط مشتركة بين إقليم التجراى والشعب الفلسطينى، فكلاهما قبعا تحت سلطات لا تعبأ سوى لمصالحها، فقد أودت حرب التجراى التى اندلعت عام 2020 مع الحكومة الإثيوبية واستمرت لمدة عامين بحياة آلاف القتلى ونزوح أكثر من مليونى شخص، إضافة إلى معاناة الجوع، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، إضافة إلى عمليات القتل الجماعى، وتعثر وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، وهو ما يحدث الآن فى حق مواطنى غزة، الذين يعانون الفقر والجوع فى ظل الضربات الإسرائيلية المتكررة عليهم، واستهداف المساعدات الإغاثية الموجهة إليهم، وكذا هناك نسب كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين حول العالم، منعتهم إسرائيل لعقود طويلة من العودة إلى وطنهم فى انتهاك صارخ للقانون الدولى، وقبل ذلك قوانين الإنسانية.

المستوطنات الإسرائيلية والاتفاق الإثيوبى مع أرض الصومال:

مثلما تعدت إسرائيل على حق دولة فلسطين وسيادتها على أراضيها عبر بناء المستوطنات الإسرائيلية والبؤر الاستيطانية فى الضفة الغربية، بما شكل تهديدًا واضحًا للسيادة الفلسطينية، وأضعف من أمن فلسطين، قامت إثيوبيا بعقد مذكرة تفاهم مع صومالى لاند لبناء قاعدة عسكرية على سواحل البحر الأحمر فى منطقة أرض الصومال المنشقة عن الدولة الصومالية، وهو ما يعد أيضًا من باب الافتئات على سيادة مقديشو وتهديد لأمنها واستقرارها، وكأن التاريخ يعيد ذاته.

ختامًا:

إن ما تقوم به إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى الأعزل إن لم يكن له قانون حاكم ينصاع له هذا الكيان، فإن ثمة قانون آخر، قانون الإرادة والانتفاضة، فلكل بداية نهاية، ونهاية تل أبيب آتية لا محالة، أما عن إثيوبيا فالإدارة المصرية تعلم جيدًا كيف تتعامل مع هذا الملف، ولن يكون هناك مجال للحكومة الإثيوبية أن تمس حقوق مصر التاريخية من مياه النيل، على النقيض الآخر لابد من أن يترفع المجتمع الدولى عن الشعارات الرنانة التى يطلقها فى المحافل والفعاليات المختلفة حول العالم، فنحن أصبحنا أمام قوانين صماء لا مكان لتطبيقها على دول مثل إسرائيل أو إثيوبيا، وغيرهما فهاتان الدولتان على سبيل المثال للحصر؛ وذلك لأن الواقع المعاصر به من المتناقضات ما لا يتسع حصره، ودائمًا ما تتردد عبارات جوفاء أساسها الينبغيات والتنديدات، دون تحقيق أى واقع ملموس، فأين القوانين الدولية ونصوصها؟، الغريب أن نجد نصوص هذه القوانين تطبق بطريقة عكسية، وعليه إذا لم تُفَعَّل مثل هذه التشريعات سنصبح أمام قانون آخر، ألا وهو قانون الغابة، حيث “البقاء للأقوى”.

المصادر:

[1] https://petra.gov.jo/Include/InnerPage.jsp?lang=ar&ID=178794&name=news

[2] https://2u.pw/2WAbfhh

كلمات مفتاحية