إعداد: هنا أشرف الحصي
المقدمة:
تُعدُّ القمة العالمية للذكاء الاصطناعي واحدةً من أهم القمم التي تُعقدُ سنويًّا، وتجمع قادة الفكر وصُنَّاع القرار من جميع أنحاء العالم؛ لمناقشة مستقبل الذكاء الاصطناعي، كانت تهدف هذه القمة إلى بناء حوارات ذات أهمية، مثل التحديات التي تواجه مجال الذكاء الاصطناعي، وأبرز التحديات التقنية التي يواجهها المجتمع العالمي – اليوم – في مجال الذكاء الاصطناعي، وكيفية استخدام التقنيات لتشكيل واقعٍ جديدٍ، بالإضافة إلى توفير الفرصة للحضور والمشاركين بالقمة للاستماع إلى آراء وأفكار الرُّوَّاد والمبتكرين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي من أجل بناء مستقبل أفضل.
فيما أشارت سارة بوتر، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة “ Inspired Minds” المنظمة للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي، أن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي هي قمةٌ عالميةٌ مرموقةٌ ومهمةٌ، تعمل على تيسير الوصول إلى الذكاء الاصطناعي للجميع، عبْر توسيع نطاق التعاون، والحصول على وجهات نظرٍ شاملةٍ، وإنشاء مِنَصَّةٍ شاملةٍ ومِنَصَّةِ لتبادل المعرفة والخبرات على مستوى العالم.
القمة العالمية للذكاء الاصطناعي:
عقدت النسخة الأولى من القمة برعاية المملكة العربية السعودية، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وتحت قيادة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، يوم “21 و 22” أكتوبر لعام 2020، عقدت القمة بطريقةٍ افتراضيةٍ لتتماشى مع الإجراءات الاحترازية، التي أعلنت عنها حكومة المملكة العربية السعودية؛ لحماية المشاركين من “جائحة كورونا” ومخاطرها، في هذا الوقت، غطَّت هذه القمة مجموعةً كبيرةً من المواضيع والقضايا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي خلال جلسات نقاشية أو أنشطة تفاعلية، شملت هذه القمة عددًا من المحاور، وهي “رسْم عصرٍ جديدٍ، حوْكمة الذكاء الاصطناعي، الذكاء الاصطناعي، القيادة ومستقبل الذكاء الاصطناعي”، وكانت القمة بمثابة فرصةٍ لاستكشاف ما هو الذكاء الاصطناعي وإمكانيات الذكاء الاصطناعي لخلْق مستقبلٍ أفضل للجميع.
وعقدت النسخة الثانية للقمة بالعاصمة السعودية الرياض، خلال الفترة 13 إلى 15 سبتمبر لعام 2022، تحت رعاية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وَحَظِيَتْ النسخة الثانية بزَخَمٍ كبيرٍ، ومشاركةٍ واسعةٍ من القطاعيْن “العام، والخاص” ومشاركة عددٍ كبيرٍ من صُنَّاع السياسات والمختصين والمهتمين بالذكاء الاصطناعي حول العالم، وناقشوا عددًا من الموضوعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل “المدن الذكية، والاقتصاد الرقمي، والطاقة وبناء القدرات”،
وقد كانت القمة في نسختها الثانية أيضًا بمثابة فرصةٍ قويةٍ للمهتمين والمختصين في هذا المجال؛ للاستفادة من هذا التجمُّع، الذي يحتوي على أكثر من 200 متحدثٍ، يُمثِّلُون 90 دولةً في العالم، تحت سقفٍ واحدٍ في الرياض؛ لتبادل الخبرات معهم، واستغلال أيِّ فُرَصٍ استثماريةٍ مرتبطةٍ بالذكاء الاصطناعي وأدواته وللاستماع إلى رُؤْيتهم ونقاشاتهم حول الذكاء الاصطناعي، ومن أهم مُخْرَجَات هذه القمة، التعاون الذي حدث بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” وشركة “جوجل كلاود”؛ من أجل تمكين المرأة في العالم من ممارسة وظائف جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتدريب أكثر من 25 ألف امرأة على مدار السنوات المقبلة.
القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في قطر 2024
وفي مجال الذكاء الاصطناعي، احتلت دولة قطر المركز الثالث عربيًّا في مؤشر الذكاء الاصطناعي، الذي أصدرته شركة تورتواز ميديا العالمية، وتلعب قطر دورًا مهمًا وقويًّا في المنطقة؛ حيث اجتازت مراحل استثنائية في هذا المجال، وخلقت فرصًا جديدةً لا حصر ولا مثيل لها، ومن أهم الدلائل على ذلك، إطلاق الاستراتيجية الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، في 2019، والتي شكَّلت خارطة طريق واضحة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطوير تطبيقاته، ومواجهة أيِّ تحدياتٍ تعوق هذا الطريق؛ لتأمين مستقبل قطر، وإعداد كوادر قادرة على توظيف هذه التقنية بفاعلية؛ تماشيًا مع أهداف رُؤْية قطر الوطنية 2030، وهذا ما تسعى إليه وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من خلال جهودها المستمرة؛ لخلْق بيئةٍ للابتكار في هذا المجال؛ لذلك اجتهدوا من أجل استضافة القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، لعام 2024؛ لتكون في قطر، فمن المتوقع من خلال الأبحاث والدراسات، أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي في قطر، بنسبةٍ تصل إلى 17.4 % سنويًّا؛ ليصل إلى حواليْ 58.8 مليون دولار أمريكي، بحلول عام 2026.
أعلنت دولة قطر، ممثلةً بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن استضافتها لنسخة قمة الذكاء الاصطناعي، الخاصَّة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي ستُقام من 26 فبراير إلى 29 فبراير لعام 2024، ويأتي نجاح دولة قطر في حصولها على حقِّ الاستضافة الحصرية للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ انطلاقًا من تطوُّر بِنْيَتها التحتيّة التكنولوجية، فضلًا عن التشجيع الحكومي للابتكار واستثماره في التقنيات الناشئة، ودعْم الشركات الناشئة، وتعمل القمة على استقطاب وبناء منظومة داعمة للذكاء الاصطناعي، وتوفير فُرَص تنمية قطاع التكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط.
أكَّد رئيس لجنة الذكاء الاصطناعي في وزارة الاتصالات، أن القمة ستكون مِنَصَّةً رائعةً لتبادل الخبرات والأفكار المبتكرة وجلبها لدولة قطر؛ لكي تصبح مركزًا إقليميًّا للابتكار والذكاء الاصطناعي، ويتضمن جدول فعاليات القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، مناقشة وتسليط الضوء على عِدَّة مواضيع مهمة، منها على سبيل المثال، استضافة عددٍ كبيرٍ من المتحدثين والخبراء في هذا المجال؛ ليشاركوا تجاربهم في مجال الذكاء الاصطناعي أثناء القمة، وعلى الصعيد الآخر، يساعد ذلك في توفير الفُرَص للمشاركين للتواصُل مع المتخصصين والخبراء؛ لخلْق فرصٍ للشراكات والتعاون بينهم في هذا المجال، وتوفير الفرص للمشاركين لدخولهم مسابقات، مثل “الهاكاثون” التي تتيح للمشاركين فرصة اختبار مهاراتهم في الذكاء الاصطناعي، وسيعرض أثناء الجلسات بالقمة أيضًا أبحاثًا متطورةً ودراسات خاصَّة بالمشاركين، حول الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تنظيم معرض لشركات التكنولوجيا الناشئة؛ لكي تعرض أهم منتجاتها وخدماتها في هذا المجال؛ ما يتيح للمشاركين أيضًا فُرَصًا عمليةً مع الشركات التقنية التي تتعامل مع هذه التقنية بشكلٍ كبيرٍ.
ومن المتوقع، أن يتم الإعلان خلال القمة، عن العديد من المبادرات الجديدة، التي تهدف إلى خلْق بيئةٍ مناسبةٍ لتطوير مجال الذكاء الاصطناعي بشكلٍ أكبر داخل قطر، وتهدف تلك المبادرات إلى تطوير بيئة الأعمال التكنولوجية في دولة قطر، وفتْح الآفاق؛ من أجل استقطاب الشركات القوية، الراغبة أيضًا بالتوسُّع في المنطقة في هذا المجال، وتطوير تطبيقاته.
مُخْرَجَات القمة:
شهدت فعاليات النسخة الأولى من القمة قطر 2024، أضْخم حدثٍ تكنولوجيٍّ، تشهده المنطقة، بتوقيع 24 مذكرة تفاهُم بين المؤسسات القطرية، وأبرز شركات التكنولوجيا العالمية؛ بهدف تعزيز الابتكار، وريادة الأعمال في قطر، ومن مذكرات التفاهم التي أُبرمت، مذكرة تفاهم بين بنك قطر الوطني وقمة الويب؛ للإعلان عن رعاية البنك للقمة على مدى السنوات الأربع المقبلة، وأُخرى بين بنك قطر للتنمية وشركة أريد، بالإضافة إلى مذكرة تفاهُم بين شركة معلوماتية وشركة “جاغير”.
تأتي استضافة القمة ضِمْن جهود دولة قطر، الرامية لتحقيق استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة “2024 – 2030” المرحلة الأخيرة، نحو تحقيق رُؤْية قطر الوطنية 2030، وتهدف إلى إطلاق مبادراتٍ لتعزيز البيئة التكنولوجية في الدولة، وتحفيز الابتكار، وبناء الكفاءات في هذا القطاع؛ من أجل دعْم التنويع الاقتصادي في البلاد.
أكد سعادة السيد محمد بن على المناعي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن الأجندة الرقمية 2030، تدعم التحوُّل الرقمي في مختلف القطاعات، مشيرًا إلى أنها ترسم خُطَّة التحوُّل الرقمي الشامل لدولة قطر، التي تحظى بإمكاناتٍ كبيرةٍ وخُطَطٍ لتبنِّي التكنولوجيا الخضراء والنظيفة، مُنوِّهًا بأهمية دورها في تعزيز الاقتصاد الرقمي القائم على المعرفة، ودعْم التحوُّل الرقمي في مختلف القطاعات، وشدَّد على أهمية دور الأجندة الرقمية 2030، في دفْع دولة قطر نحو أن تكون مركزًا تكنولوجيًّا عالميًّا، يتبنَّى أحدث التقنيات الرقمية، بما في ذلك شبكات الجيل الخامس، والذكاء الصناعي، والتَّوْأمة الرقمية، والحوْسبة السحابية، والبيانات الضخمة؛ من أجل تحقيق أهداف رُؤْيتها الوطنية 2030، واستراتيجيتها للتنمية الوطنية لتطوير اقتصادٍ رقميٍّ قائمٍ على المعرفة، يتَّسِمُ بالتنوُّع والتنافسية.
شهد اليوم الختامي للقمة، الإعلان عن الفائز بجائزة أفضل شركة ناشئة مشاركة في قمة قطر 2024، وهي أكبر جائزة من نوْعها في القطاع التكنولوجي في العالم، وقد فازت بها شركة بريشنا، التي تهدف إلى تمكين المستخدمين من إنشاء ألعاب الفيديو الخاصة بهم ومشاركتها وتحقيق الدخل منها، دون الحاجة إلى معرفةٍ مُسْبَقَةٍ بالبرمجة.
الخاتمة:
وفي وسط السِّباق العالمي حول الذكاء الاصطناعي المتسارع، تظهر المحاولات العربية المتنوعة رغبةً في اللحاق بمكانةٍ متميزةٍ، ضمن تلك المنافسات، وهذا ما توافق مع قمة قطر حول الذكاء الاصطناعي لعام 2024، التي استمرت لمُدَّةِ أربعة أيام، وما حققته من نتائج جيدة، وصدى مهم وواسع، وسط إقبالٍ واسعٍ من كُبْرى الشركات العالمية، والمئات من الشركات الناشئة، والخبراء والمختصين والمهتمين بقطاع التكنولوجيا من أنحاء العالم، بحضور 15453 مشاركًا من 118 دولةً، و 1043 شركةً ناشئةً، من 81 دولةً، نصفها من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و10 % من قطر، إضافةً إلى 401 مستثمر، و148 من الشركاء، و380 متحدثًا، من بينهم نسبة 30 % سيدات، كما بلغت نسبة الحضور من السيدات 37 %، علاوةً على أن 31 % من الشركات الناشئة المشاركة أسَّستْها سيدات، كما حَظِيَتْ فعاليات القمة بتغطيةٍ نحو 900 من ممثلي وسائل الإعلام من أنحاء العالم.
