الواقع والمستقبل: البعد العسكري والأمني في العلاقات التركية-الإسرائيلية

إعداد: أماني السروجي

باحثة في الشؤون التركية

المقدمة

بدأت العلاقات التركية-الإسرائيلية بشكل رسمي في مارس 1949، عندما اعترفت تركيا بدولة إسرائيل، ثم تطورت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب في مختلف المجالات. وكانت العلاقة بين الطرفين في المقام الأول اقتصادية، ثم تطورت إلى علاقات أمنية وعسكرية قوية، حيث أصبحت إسرائيل أكبر شريك عسكري ومورد أسلحة للدولة التركية. ويرجع البعض بداية التعاون العسكري والأمني بين البلدين إلى الاتفاق السري الذي وقعته رئيسة الوزراء التركية “تانسو تشيلر” عام 1994، والذي يتضمن تبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل.

ويُعد التعاون العسكري أحد أهم مجالات التعاون والتحالف التركي-الإسرائيلي، وقد أسفر هذا التعاون عن تحديث طائرات فانتوم F-4 وF-5، وتحديث 170 دبابة من دبابات M-60 التركية، بالإضافة إلى صفقة الصواريخ بوب إي 1 وبوب إي 2. كما تم عقد العديد من الاتفاقيات العسكرية بين البلدين، وأحد هذه الاتفاقيات نص على السماح للطيارين الإسرائيليين بممارسة التحليق بعيد المدى فوق الأراضي التركية بهدف التهديد والضغط على دول معينة في الشرق الأوسط مثل سوريا والعراق، نظراً لوجود مشكلات إقليمية مع تركيا. كما تم تبادل العديد من الزيارات بين القادة العسكريين، حتى توترت العلاقات بين البلدين بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في عام 2008-2009، فقامت تركيا بتعليق الاتفاقيات العسكرية بينها وبين إسرائيل، حيث قامت بتجميد 16 عقد دفاع بقيمة مليارات الدولارات منذ مارس 2010.

ونظراً لأهمية البعد العسكري والأمني في العلاقات التركية الإسرائيلية، سيناقش هذا التقرير واقع العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين، من خلال التطرق الى تاريخ ومراحل هذه العلاقات وصولاً الى وقتنا الحاضر، بالإضافة إلى محاولة التنبؤ بمستقبل العلاقات العسكرية والأمنية بينهما.

تاريخ العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين

بدأت العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين في وقت مبكر من تاريخ علاقاتهما، الذي يعود إلى عام 1949، حيث اعترفت تركيا بدولة إسرائيل. وقد شهدت هذه العلاقات منذ ذلك الحين وحتى الآن، مراحل عديدة من المد والجزر، متأثرة في ذلك بعوامل داخلية وخارجية، ويمكن القول إن القضية الفلسطينية كانت الأكثر تأثيرًا على علاقاتهما. وفي هذا السياق، يمكن تقسيم مراحل العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين إلى ما يلي:

المرحلة الأولى: منذ عام 1949 حتى 1994:

يمكن وصف تلك المرحلة بالتأسيسية، حيث اتسمت بشيء من المثالية في العلاقات التركية الإسرائيلية، فقد أظهرت تركيا في تلك الفترة موقفًا منحازًا بالكامل إلى إسرائيل، ابتداءً من اعتراف تركيا بدولة إسرائيل في 28 مارس 1949. وفي خلال مدة زمنية قصيرة، تم توقيع العديد من الاتفاقيات العسكرية بين البلدين، بالإضافة إلى تبادل الزيارات بين كبار القادة العسكريين. كما دخلت تركيا في مشاريع أحلاف متعددة كانت إسرائيل طرفًا فيها، لدعم مصالح الأمن القومي الإسرائيلي، بما في ذلك حلف بغداد عام 1955.

وفي الوقت الذي اتجهت فيه تركيا لإعادة النظر في سياستها تجاه القضايا والأزمات العربية، لم تؤثر ذلك على وتيرة العلاقات المتطورة مع إسرائيل. وفي أواخر عام 1989، وقعت كل من تركيا وإسرائيل على اتفاقية عسكرية محدودة بين سلاحي الجو التركي والإسرائيلي بهدف التعاون في مجال التدريب وتبادل المعلومات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، أقامت إسرائيل ثلاث محطات تجسس داخل الأراضي التركية لمراقبة التحركات الصادرة عن الدول المجاورة، تحديدًا إيران وسوريا والعراق.

المرحلة الثانية: منذ 1994 حتى 2009:

تُعد تلك الفترة بمثابة قفزة هائلة في العلاقات بين البلدين، فمنذ مطلع عام 1994 دخلت العلاقات التركية الإسرائيلية مرحلة لم تشهدها منذ اعتراف تركيا بإسرائيل، لتبرز العلاقات العسكرية والأمنية في قلب العلاقات التركية الإسرائيلية. فقد أدت زيارة “تانسو تشيلر” إلى إسرائيل في عام 1994 إلى توقيع اتفاق أمني، كانت كالبداية الرسمية للتعاون بين البلدين، وتُوجت تلك العلاقات في عام 1996 بتوقيع اتفاقية عسكرية، أقامت بموجبها إسرائيل أول اتفاق عسكري لها مع دولة ذات أغلبية مسلمة. وتُعد تلك الاتفاقية بمثابة تحالف استراتيجي يتضمن دلالات استراتيجية؛ وتتمثل أبرز بنود ذلك التحالف في الآتي:

  • تبادل الخبرة في مجال تدريب الطيارين المقاتلين، فضلاً عن استخدام الطائرات الإسرائيلية قاعدتي انجرليك وقونيا التركيتين.
  • خطة لتجديد وتطوير 54 طائرة F-4 بتكلفة 600 مليون دولار.
  • تجهيز وتحديث 56 طائرة .F-5
  • صناعة 600 دبابة .M-60
  • خطة لإنتاج 800 دبابة إسرائيلية من طراز “ميركافا”.
  • إقامة مناورات مشتركة برية، بحرية، وجوية.
  • تبادل الاستخبارات فيما يتعلق بالمشاكل التركية مع دول الجوار.
  • السماح لإسرائيل بالقيام برحلات تدريبية لطائراتها في الأجواء التركية.
  • إنشاء ما يُعرف بالمنتدى الأمني للحوار الاستراتيجي بين تركيا وإسرائيل بهدف رصد الأخطار المشتركة التي تهدد أمن البلدين.

وفي هذا السياق، يمكن القول إن تلك الاتفاقية لا تتشابه مع اتفاقيات التدريب والتعاون العسكري التي وقعتها تركيا مع العديد من الدول، حيث سمحت الاتفاقية للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في الأجواء التركية، وهو ما لا يُسمح به في الاتفاقيات التي وقعتها تركيا مع دول أخرى. بالتالي، مثلت هذه الاتفاقية مكسبًا كبيرًا بالنسبة لإسرائيل، حيث وسعت مدي العمق الاستراتيجي لها، وذلك لأن المجال الحيوي لإسرائيل صغير للغاية مقارنة بنظيره التركي. هذا بالإضافة إلى أثر هذا الاتفاق في اكتساب الطيارين الإسرائيليين خبرة كبيرة على مر السنوات، حيث مكّنهم من التحليق فوق المناطق الجبلية الضرورية للمهمات فوق إيران.

المرحلة الثالثة: ما بعد صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة:

برزت مخاوف من جانب المؤسسة العسكرية التركية وكذلك القادة العسكريين الإسرائيليين حول مصير العلاقات العسكرية بين البلدين مع وصول حزب العدالة والتنمية – ذو الاتجاهات الإسلامية – للسلطة في عام 2002، إلا أن الحكومة الجديدة عملت على توثيق علاقاتها مع إسرائيل، خاصة في الجانب الأمني والعسكري، من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات والصفقات العسكرية، في محاولة منها لإظهار الطابع غير المتشدد وكسب التأييد الغربي لها.

ففي عام 2002، وقعت تركيا عقدًا عسكريًا جديدًا بهدف تطوير دبابات تركية ليصل عددها إلى 170 دبابة من طراز M-60. وفي عام 2005، اشترت تركيا نظم محطات أرضية من شركات الصناعات الجوية الإسرائيلية، وفي نفس العام تم توقيع صفقة عسكرية بقيمة نصف مليار دولار. كما أبرمت السلطات العسكرية التركية في عام 2006 صفقتين دفاعيتين مع إسرائيل. واستمر التعاون العسكري بين البلدين، وتعددت زيارات المسؤولين العسكريين المتبادلة، كما جرت مناورات عسكرية جوية وبحرية مشتركة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

المرحلة الرابعة: العدوان الإسرائيلي على غزة (2008-2009):

عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في حرب عام 2008-2009 والتي أطلقت عليها إسرائيل عملية “الرصاص المصبوب”، وفي ظل التصعيد في العلاقات التركية – الإسرائيلية بسبب توالي ردود الأفعال بين الجانبين، أعلنت تركيا إلغاء مشاركة إسرائيل في مناورات نسر الأناضول في ٨ أكتوبر 2009، كما ألغت عددًا من خطط التسليح التي كانت تتعاون فيها مع إسرائيل.

وبعد اعتداء إسرائيل على أسطول الحرية في مايو 2010، والذي كان متجهاً إلى قطاع غزة، لفك الحصار الإسرائيلي عنها، تدهورت العلاقات بين تركيا وإسرائيل ودخلت في طور جديد من التوتر السياسي الشديد. فأغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الطيران العسكري الإسرائيلي، كما علقت عددًا من الاتفاقيات العسكرية معها. وفي نفس العام، أعلنت المخابرات التركية وقف تعاونها مع الموساد الإسرائيلي، ورفضت تزويده بمعلومات عن قدرات إيران الصاروخية. وطالبت تركيا بمطالب محددة من إسرائيل بعد هذا الاعتداء، وهي تقديم اعتذار رسمي إلى تركيا ودفع تعويضات لعائلات الضحايا الأتراك، ورفع الحصار عن قطاع غزة. وربطت تركيا بين استجابة إسرائيل لهذه المطالب ومستقبل العلاقات بين الدولتين. وعلى الرغم من انقطاع العلاقات الأمنية والعسكرية خلال تلك الفترة، إلا أن في عام 2013، أعلنت الإذاعة الإسرائيلية أن تل أبيب قدمت منظومة إلكترونية مطورة لأنقرة.

واقع العلاقات الأمنية والعسكرية

شهد عام 2022 تحسنًا ملحوظًا في العلاقات التركية الإسرائيلية، حيث وصلت إلى ذروتها بعودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الدولتين وتبادل السفراء في أغسطس من العام نفسه. وجاءت مبادرة إعادة العلاقات من جانب تركيا لتحقيق مصالح استراتيجية واقتصادية كجزء من توجهها نحو صياغة رؤية جديدة تعتمد على إنهاء حالة الصراع والتوتر مع دول الشرق الأوسط.

وانعكس تحسن العلاقات بين البلدين بدايةً على العلاقات التجارية بينهما خلال العام نفسه، حيث وصل التبادل التجاري بينهما إلى ٨ مليارات دولار. وفي الجانب الأمني، شهدت الفترة بين عامي 2021 و2022 تعاونًا أمنيًا واستخباراتيًا بين البلدين نجح في إحباط محاولة إيرانية لاغتيال رجل أعمال تركي – إسرائيلي، الذي كان له صلة بقطاع الصناعات الدفاعية، وكانت هذه المحاولة ردًا على عمليات الاغتيال التي نُفذتها الموساد الإسرائيلي في الداخل الإيراني. كذلك، وبالتعاون الأمني مع إسرائيل، تمكنت تركيا أيضًا من إحباط مخطط إيراني لاغتيال شخصيات إسرائيلية. وفي 27 أكتوبر 2022، زار وزير الدفاع الإسرائيلي “بيني غانتس” أنقرة والتقى نظيره التركي السابق “خلوصي آكار”، وهو اللقاء الذي نُظر اليه بأنه إشارة إلى عودة التواصل الأمني والعسكري بين الطرفين.

وبعد فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية جديدة في مايو 2023، سُلطَت الأضواء من جديد على مسألة مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية، خاصة بعد قيام كل من الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوغ ورئيس وزرائه نتنياهو بالتواصل مع الرئيس أردوغان لتأكيد رغبة الحكومة الإسرائيلية في تطوير العلاقات بين البلدين. وكذلك بعد اللقاء الذي جمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فى نيويورك في العشرين من سبتمبر الماضي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ولكن، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتطوير العلاقات المشتركة خلال العامين 2021 و2022، إلا أن تلك الجهود لم تستمر في المسار المخطط له، فبينما كانت تل أبيب تستعد لاستقبال أردوغان، جاءت عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023 لتلقي بظلالها على مسار التطبيع بين البلدين.

ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، اتبعت تركيا في بداية الأمر سياسة متوازنة نسبياً من خلال الإدلاء بتصريحات تدعو فيها الأطراف المتصارعة إلى الاعتدال ووقف إطلاق النار. كما سعى أردوغان إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة والاجتماع مع قادة دول العالم للتوصل إلى موقف مشترك إزاء هذه القضية حتى لا يتفاقم الصراع، كما عبرت من خلال تصريحاتها عن حقيقة مفادها بأن إقامة الدولة الفلسطينية هي أحد أهم الأسُس لضمان الاستقرار الإقليمي.

ومع تزايد الاعتداءات الإسرائيلية وارتكابها للعديد من المذابح الجماعية وجرائم الحرب بحق الفلسطينيين المدنيين في قطاع غزة، شددت تركيا موقفها، فبعد أن كانت تستخدم تركيا العبارات الدبلوماسية، اتجهت لاستخدام لهجة متشددة تتضمن انتقادات لإسرائيل وبالأخص حكومة بنيامين نتنياهو، في المقابل أكدت على أن حماس حركة مقاومة وليست جماعة إرهابية. كما اتخذت تركيا بعض الإجراءات ضد إسرائيل في أعقاب الهجمات الأخيرة، حيث أنهت عملية التطبيع معها بشكل كامل، كما ألغت المشروعات الدولية التي كان من المقرر تطويرها بين البلدين، واستدعت سفيرها لدى إسرائيل.

وفي مارس 2024، نفت الصناعات الدفاعية التابعة للرئاسة التركية ارتباط تركيا بعلاقات عسكرية مع إسرائيل، وذلك بعد ما تداولته وسائل الإعلام من معطيات حول تصدير تركيا للسلاح والذخيرة إلى إسرائيل، وأعلنت بشكل قاطع أنه لا يمكن السماح بأي شكل من الأشكال بتصدير الأسلحة أو الذخيرة إلى إسرائيل، ولا يوجد أي أنشطة عسكرية بين البلدين بما في ذلك التدريب والتمارين العسكرية أو التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وهو ما يدل على انقطاع التعاون العسكري والأمني بين البلدين في الوقت الحالي.

مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية

في ضوء ما سبق، يتوقع عودة العلاقات التركية-الإسرائيلية تدريجيًا بعد انتهاء الحرب على غزة سقوط حكومة نتنياهو، حيث أن التصريحات التي أطلقها الرئيس التركي أردوغان تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارته الذي وصفه بـ«نازي العصر» وأنه شخص لم يعد يمكن التحدث معه؛ تتيح لتركيا مجالاً للمناورة مع الجانب الإسرائيلي في مرحلة ما بعد حكومة نتنياهو.

وعلى الرغم من أن تركيا طوت صفحة نتنياهو، إلا أنه من الممكن أن تفتح صفحة جديدة مع الحكومة القادمة، ولكن لن تكون هذه المرة كسابقتها. حيث أن هذه المرة، في حال عودة العلاقات التركية الإسرائيلية، لن تشمل تعاونًا في كافة المجالات، بل ستولي تركيا أهمية أكبر للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون في مجال الطاقة والدفاع.

فخلال السنوات الأخيرة، ورغم الأزمات والخلافات بين البلدين، إلا أنهم نجحوا في تجزئة علاقاتهما واستمر حجم التجارة الثنائية في النمو، حيث زادت معدلات التجارة بين إسرائيل وتركيا، حيث ضاعفت تركيا صادراتها إلى إسرائيل ثلاث مرات من 2.3 مليار دولا في 2011 إلى 7.03 مليار دولار في 2022 مما يشير إلى اهتمام تركيا بالحفاظ على مصالحها الاقتصادية وتعزيز التبادل التجاري مع إسرائيل.

كما يُعد التعاون في مجال الطاقة أحد أبرز محركات ودوافع عودة العلاقات بين البلدين، فقد حرص أردوغان في الفترة الأخيرة على إقامة علاقات إيجابية مع دول المنطقة، ولا سيما إسرائيل، لأهداف اقتصادية، وتحديداً منطقة البحر المتوسط، لما تحظى به من أهمية كبيرة في ربط خطوط الطاقة العالمية. فقبل عملية “طوفان الأقصى”، كانت تركيا تعتزم مناقشة خطط للتعاون مع إسرائيل للتنقيب المشترك عن الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، بعد أن تم استبعادها من المنتدى الإقليمي للطاقة “منتدى غاز شرق المتوسط”. بالإضافة إلى إمكانية وضع خطط لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا. وفي هذا السياق، ستكون مسألة الطاقة من الأولويات لتركيا في حال عودة العلاقات مع إسرائيل.

وبالنسبة للمجال العسكري، لا يُتوقع عودة العلاقات العسكرية كركن أساسي في العلاقة بين البلدين كما كان في السابق، وسيمرّ وقت حتى تتحسن العلاقات العسكرية بينهما. فتركيا الآن ليست كتركيا أمس، حيث أصبحت من الدول المهمة في تصدير السلاح، لاسيما الطائرات المسيرة. وقد وصل حجم الصادرات التركية من السلاح في عام 2022 إلى 4.4 مليار دولار، مما يعني أن تركيا ليست بحاجة إلى السلاح والتكنولوجيا العسكرية من إسرائيل.

ختامًا:

بالرغم من التأثير البارز للقضية الفلسطينية وتطوراتها، بالأخص تداعيات العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة، على العلاقات التركية الإسرائيلية بشكل عام والعلاقات العسكرية والأمنية بشكل خاص، إلا أن هناك ركيزة أساسية تبرز لفهم مستقبل هذه العلاقات بينهما.

فبينما كانت العلاقات العسكرية في الماضي تلعب دورًا هامًا في تعزيز التعاون والأمن بين البلدين، يظهر الآن أن التغيرات والتطور الهائل في الصناعات العسكرية التركية قد أثرت بشكل كبير على ديناميكية هذه العلاقة. فتركيا، التي كانت سابقًا تعتمد بشكل كبير على توريد السلاح من إسرائيل، أصبحت الآن قوة عسكرية مستقلة، تصدّر السلاح بشكل كبير وتحظى بتكنولوجيا عسكرية متطورة.

هذا التحول في الوضع يعني أن العلاقات العسكرية بين البلدين قد فقدت الأولوية التي كانت تتمتع بها سابقًا. ومع ذلك، يبقى الجانب الأمني مهمًا في العلاقات بين تركيا وإسرائيل، حيث يمكن أن يكون التعاون في مجالات مثل مشاركة المعلومات الاستخباراتية مفيدًا لكلا البلدين خاصة في ظل التطورات الإقليمية الحالية في المنطقتين العربية وجنوب القوقاز. وذلك على الرغم من إعلان السلطات التركية في عدة مرات من اعتقالها لشبكات تجسس إسرائيلية على أراضيها.

المراجع

  1. صايل فلاح السرحان، خالد سلمان خالد، “المتغيرات السياسية والأمنية للعلاقات التركية-الإسرائيلية وانعكاساتها على العلاقات التركية-العربية: 2002-2014″، العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 45، العدد4، 2018.
  2. د. سعيد الحاج، “عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل ما الجديد هذه المرة؟”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، نوفمبر 2022.
  3. سامح عباس – أحمد الغريب، “العلاقات التركية-الإسرائيلية الواقع ومسارات المستقبل”، رؤية تركية، اكتوبر 2014.
  4. إسماعيل نعمان تلجي، “البعدان السياسي والعسكري في سياسة تركية في الشرق الأوسط”، رؤية تركية، العدد 12، شتاء2023.
  5. محيي الدين أتامان، “التأثيرات الدولية لتطورات المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية الأخيرة والسياسة التركية”، رؤية تركية، العدد13، خريف 2023.
  6. أسماء رفاعي الشحري، “حرب غزة وغياب فرص الوساطة التركية”، آفاق استراتيجية، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مجلس الوزراء، العدد 8، ديسمبر 2023.
  7. صالح حسن، “العلاقات التركية الإسرائيلية.. عقود من التعاون العسكري”، العين الإخبارية، 17/8/2022. متاح على: https://2u.pw/rfZBH3Z.
  8. أيمن سمير، “تركيا وإسرائيل.. سجال كلامي ومصالح لا تتزعزع”، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 5/11/2023. متاح على: https://2u.pw/Ty4WH2oH.
  9. نزار عبد القادر، “العلاقات التركية – الإسرائيلية: بين التحالف الاستراتيجي والقطيعة تركيا تتوسع شرقًا على حساب إسرائيل والغرب”، الدفاع الوطني اللبناني، العدد 74، اكتوبر2010. متاح على: https://2u.pw/XAmGbdED.
  10. تورغت اوغلو، “العلاقات التركية – الإسرائيلية ومواقف أردوغان البراغماتية”، اندبندنت عربية، 27/1/2022. متاح على: https://2u.pw/abGRDKT2.
  11. امين حبلا، “تركيا وإسرائيل.. صداقة بطعم العداوة وعلاقات دبلوماسية لا تموت ولا تحيا”، الجزيرة، 9/11/2023. متاح على: https://2u.pw/3hb89WWr.
  12. مهند مصطفى، “من المواجهة إلى المصالحة: العلاقات التركية-الإسرائيلية بعد فوز أردوغان بولاية ثالثة”، مركز الإمارات للسياسات، 22 يونيو 2023. متاح علي: https://2u.pw/PhsdlOfh.
  13. “ما الذي يدفع تركيا إلى إصلاح العلاقات مع إسرائيل؟”، احوال تركية، 25/8/2022. متاح علي: https://2u.pw/vxBdzMuK.
  14. بوراك أنفيرين، “صداقة بنكهة العداوة.. العلاقات التركية الإسرائيلية”، DW، ٤ نوفمبر2023. متاح على: https://2u.pw/6QwS0pXW.
  15. “من الشبح إلى عملية إسطنبول.. تاريخ التعاون الإسرائيلي التركي”، سكاي نيوز عربية – أبو ظبي، 23/6/2022. متاح على: https://2u.pw/lAwNycFT.
  16. “اتفاق جديد يعيد الطائرات الإسرائيلية إلى تركيا”، سكاي نيوز عربية – أبوظبي، 7/7/2022. متاح على: https://2u.pw/Bx93SVck.
  17. “إردوغان يفتتح التعاون العسكري مع إسرائيل”، الشرق الاوسط، 27/10/2022. متاح على: https://2u.pw/sKa7LxEi.

كلمات مفتاحية