هل تصنف الولايات المتحدة الأمريكية روسيا دولة راعية للإرهاب؟

Play Video about هل تصنف الولايات المتحدة الأمريكية روسيا دولة راعية للإرهاب؟

في نهاية يونيو/حزيران، طالب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بتصنيف روسيا «دولة راعية للإرهاب»، وذلك في أعقاب غارةٍ روسيةٍ، استهدفت مركز تسوُّق، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 18 شخصًا، إلا أن المطالبة الأوكرانية هذه، سُرْعان ما انتقلت إلى دول أُخرى؛ حيث طالب برلمانيون أمريكيون، وفي مقدمتهم، رئيسة مجلس النواب الأمريكية، الديمقراطية «نانسي بيلوسي»، إدارة «بايدن»، بالمُضيِّ قُدُمًا في تصنيف روسيا «دولة راعية للإرهاب»؛ من أجل زيادة الضغط عليها؛ ما يجعلنا نتساءل حول مدى إمكانية إقدام الولايات المتحدة الأمريكية على اتخاذ هذه الخطوة.

من مجرد مطالبة إلى مشروع قانون

بدا خلال الأيام الماضية، أن الأمر لا يتوقف فقط عند مجرد مطالبات ينادي بها أعضاء داخل «الكونجرس الأمريكي»، ولا يتوزاى معها الشروع  في إجراءات، من شأنها أن تحوِّل هذه المطالبات إلى قرارات فعلية؛ حيث بدأت تحرُّكات جِدِّيَّةٍ داخل «الكونجرس»؛ لتصعيد العقوبات ضد روسيا، من خلال وضعها كـ«دولة راعية للإرهاب»؛ حيث تمثل ذلك في تقدُّم أعضاء من «مجلس الشيوخ»، «كالسيناتور الديمقراطي»، عن ولاية كونيتيكت، «ريتشارد بلومنثال»، والسيناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا «ليندسي جراهام» بمشروع قانون لتصنيف روسيا «دولة راعية للإرهاب»، في تصعيدٍ خطيرٍ للعقوبات الموقعة ضد روسيا، وهو ما يُقابَل برفضٍ من «البيت الأبيض»، وتحذير من التداعيات؛ الناجمة عن هذا القرار إذا تم اتخاذه، ولا شك أن ظهور أصوات داخل «الكونجرس» داعية إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة، هي نتيجة مباشرة لعدم فاعلية العقوبات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، على الرغم من كثرتها، تجاه روسيا منذ اندلاع الحرب، والتي لم تنجح في وقْف تلك الحرب الدائرة.

تَبِعَات تصنيف الولات المتحدة الأمريكية لأي دولة كـ«راعية للإرهاب»

جديرٌ بالذكر، أنه في حال إلحاق الإدارة الأمريكية أيَّ دولة بقائمة «الدول الراعية للإرهاب»، تلك القائمة التي تضم كلًّا من «كوبا، وإيران، وسوريا، وكوريا الشمالية»، فإنه يترتب على ذلك، تنفيذ ما يصل إلى قمة العقوبات، التي من الممكن اتخاذها تجاه دولة، وهذه العقوبات تنظمها نصوص قانونية، كقانون المساعدات الخارجية، لعام 1961، وقانون وزارة الدفاع لمراقبة تصدير الأسلحة، لعام 1976، وقانون السيناتور «جون ماكين» للدفاع الوطني، للسنة المالية 2019، ومن أمثلة هذه العقوبات، أن تُحرم شركات «الدولة الراعية للإرهاب» من الإعفاءات «الضريبة، والجمركية»، إضافةً إلى فرْض قيودٍ ماليةٍ على تلك الدولة في المؤسسات «المالية، والدولية»، وحظْر المساعدات الاقتصادية، وحظر تصدير المعدات العسكرية إلى تلك الدولة، وكذلك رفع الحصانة الدبلوماسية عن بعض الشخصيات، أيْ تحويل الدولة المضمومة إلى هذه القائمة إلى دولة معزولة بشكلٍ كبيرٍ عن المجتمع الدولي.

وجهة نظر البيت الأبيض

 على خلاف «الكونجرس»، فإنه يتضح من موقف «البيت الأبيض» حذرٌ واضحٌ، وعدم وجود رغبة حقيقية في اتخاذ أمريكا قرارًا كهذا، من شأنه، أن يأتي بنتائج عكسية، فالبنظر إلى العواقب التي سوف تنْجُم عن مثل تلك الخطوة، سوف نفهم أسباب حذر «البيت الأبيض»؛ حيث من شأن هذا القرار أن يُفاقِم من حالة جفاف العلاقة بين «روسيا، والولايات المتحدة»، وصولًا إلى حالة  قطيعةٍ  شاملةٍ، ومن ثمَّ إماتة أيِّ فرصةٍ تفاوضيةٍ مستقبليةٍ تهدف إلى إيجاد مخْرَجٍ للحرب في أوكرانيا؛ ما يعني انخراط الولايات المتحدة الأمريكية في الصراع المباشر ضد روسيا.

وفي سياقٍ متصلٍ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تجمعها مصالح اقتصادية مشتركة مع روسيا، تمنعها من إلحاقها بقائمة «الدول الراعية للإرهاب»، فبالنظر إلى ما تعانيه «واشنطن، وأوروبا»؛ جرَّاء تلك العقوبات الموقعة على روسيا، والتي تجعل من الحصول على الموارد الروسية أمرًا بالغ الصعوبة، ندرك أن «واشنطن» ليست  مستعدةً لحدوث قطيعةٍ شاملةٍ مع روسيا، من شأنها، أن تُفاقِم من حجم المعاناة، كما يرى «البيت الأبيض» أيضًا أن من شأن خطوة كهذه، أن تُؤثِّر بشكلٍ كبيرٍ على وقْف المساعدات «المالية، والإنسانية» الموجهة لأوكرانيا ، والشيء الأهم، أنه لا يُوجد دليلٌ على أنه في حال إقدام «واشنطن» على إلحاق روسيا بقائمة «الدول الراعية للإرهاب»، فإن هذا من شأنه، اتخاذ الجانب الروسي قرارًا، بإنهاء كافة العمليات الروسية على الأراضي الأوكرانية؛ حيث أبلغت روسيا في هذا السياق «واشنطن»: «أن إجراءً كهذا، من شأنه، أن يُحْدِث ضررًا بالغًا بالعلاقات الدبلوماسية بين البلديْن، بل يمكن قطعها تمامًا، إذا ما أُدرجت روسيا في هذه القائمة»، وهو ما يدل على أن الحل في إنهاء العمليات العسكرية في أوكرانيا، لا يتمثل في إدراج روسيا في هذه القائمة.

خطوات مماثلة

تجدُر الإشارة إلى أن التلويح داخل «الكونجرس الأمريكي»؛ الهادف إلى تصنيف روسيا «دولة راعية للإرهاب»، لم يكن الأول من نوعه، بل تكرَّر هذا الأمرر في برلمانات أُخرى؛ حيث قام البرلمان اللاتفي، بتصنيف روسيا «دولة راعية للإرهاب»، مناشدًا الدول الغربية إلى المُضيِّ قُدُما في توقيع أقصى العقوبات على روسيا؛ من أجل إنهاء الحرب؛ الأمر الذي قُوبل بتنديدٍ روسيٍّ ضد قرار البرلمان اللاتفي.

 

وفي الختام: فإنه على الرغم من تصنيف لاتفيا لـ«روسيا»، بأنها «دولة راعية للإرهاب»، فإن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تمضي في الطريق نفسه، وتتخذ قرارًا كهذا، سيترتب عليه تداعيات  كثيرة،  تدركها الإدارة الأمريكية جيدًا، وتعمل على تلافِيها في الوقت الحالي؛ لذا من هذا المنطلق، يمكن القول: إن موقف الإدارة الأمريكية يتسم بالحكمة، وهو ما يحُول دون اتخاذ هذا القرار، وذلك رغم تصاعُد الدعوات البرلمانية الداعية لذلك.

كلمات مفتاحية