تداعيات حرب غزة تمتد إلى الأمن البحري للشرق الأوسط…كيف نقرأ المشهد في البحر الأحمر؟

إعداد: شيماء عبد الحميد

يزداد المشهد في الشرق الأوسط تأزمًا وخطورة مع استمرار الحرب الغاشمة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث بدأت تتفاقم تبعات هذه الحرب مع امتدادها إلى الأراضي السورية والعراقية باستهداف القواعد الأمريكية المتواجدة فيها، وإلى جنوب لبنان حيث المناوشات الحدودية بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية، ومؤخرًا إلى البحر الأحمر مع إعلان جماعة الحوثي في منتصف نوفمبر الماضي، الدخول رسميًا في حرب غزة تحت شعار نصرة الفلسطينيين المستضعفين، من خلال استهداف السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل.

ويحمل هذا التطور الأخير تداعيات كارثية على الأمن البحري لمنطقة الشرق الأوسط، نظرًا لأهمية البحر الأحمر ومضيق باب المندب في حركة التجارة العالمية، حيث أن استهداف السفن التجارية من شأنه تعطيل حركة الملاحة وارتفاع أسعار السلع وموارد الطاقة، هذا إلى جانب ما تحمله هذه الاستهدافات من تحديات لقناة السويس المصرية.

الحوثي وسلاح البحر الأحمر:

في 14 نوفمبر الماضي، أعلنت جماعة الحوثي وزعيمها عبد الملك الحوثي مشاركتها في عملية طوفان الأقصى إلى جانب حركة حماس، حيث هددت الجماعة باستهداف جميع أنواع السفن التي تشغلها شركات إسرائيلية، أو تعود ملكيتها إلى شركات إسرائيلية، أو تلك التي تحمل العلم الإسرائيلي، أو التي تديرها شركات إسرائيلية أو تشحن من إسرائيل وإليها والعابرة في البحر الأحمر قبالة ساحل اليمن.

كما طالب الحوثيون، دول العالم بسحب مواطنيهم العاملين ضمن طواقم تلك السفن، وتجنب الشحن على متنها أو التعامل معها، وكذلك إبلاغ سفنها بالابتعاد عن هذه السفن، وعدم التعامل مع الموانيء الإسرائيلية، وقد أكدت الجماعة على استمرار هذه الاستهدافات ما لم يتم إدخال الأغذية والأدوية إلى غزة. وفي ضوء هذا الإعلان؛ شن الحوثي عدد من الهجمات على بعض السفن المارة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مبررين ذلك بارتباط هذه السفن بتل أبيب، ومن أبرز العمليات الحوثية في هذا الشأن:

  • في 19 نوفمبر، هبطت طائرة هليكوبتر حوثية على سفينة غالاكسي ليدر المملوكة لشركة راي كار كاريرز البريطانية، والتي تتبع شركة راي شيبنغ التي تتخذ من تل أبيب مركزًا لها ويملكها رجل الأعمال الإسرائيلي رامي إبراهام أنغر، وذلك أثناء إبحارها في البحر الأحمر قرب المياه اليمنية، وقد تم السيطرة على السفينة وطاقمها المكون من 25 فرد، واقتيادها إلى مرسى الصليف قرب ميناء الحديدة على الساحل اليمني، ويُذكر أن السفينة كانت ترفع علم جزر البهاما وقادمة من تركيا وفي طريقها إلى الهند.
  • في 26 نوفمبر؛ حاول مسلحون احتجاز ناقلة الكيماويات سنترال بارك التي تديرها شركة زودياك ماريتايم المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، خلال مرور الناقلة في خليج عدن، ولكنها أطلقت نداء استغاثة في البحر الأحمر، طالبة تدخل السفينة الأمريكية “يو إس إس ميسون”، وبالفعل أعلنت القيادة المركزية الأمريكية تلبيتها للنداء وإغاثة الناقلة وتحريرها.
  • في 3 ديسمبر؛ أعلنت جماعة الحوثي أن قواتها البحرية هاجمت سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمر بصاروخ بحري وطائرة مسيرة مسلحة، بعد أن رفضتا الرسائل التحذيرية من القوات البحرية اليمنية، والسفينتان هما يونيتي إكسبلورر التي كانت ترفع علم جزر البهاما، وسفينة نمبر 9 التي ترفع علم بنما. ومن جهته أعلن الجيش الأمريكي أن المدمرة الأمريكية كارني استجابت لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها السفينتين، ولكن بعد وقوع بعض الأضرار المادية الطفيفة بهما.
  • في 10 ديسمبر؛ أعلنت الفرقاطة الفرنسية متعددة المهام العاملة في البحر الأحمر لانغدوك، اعتراض مسيرتين كانتا متجهتين نحوها، أُطلقتا من منطقة يسيطر عليها الحوثيون في اليمن بالقرب من مدينة الحديدة الساحلية، ولكن تم التصدي للمسيرتين على بعد حوالي 110 كيلومترات من الساحل.
  • في 12 ديسمبر؛ أعلنت جماعة الحوثي مسؤوليتها عن استهداف ناقلة النفط ستريندا التابعة لشركة موينكل كيميكال تانكرز، والتي كانت ترفع علم النرويج، بصاروخ بحري تسبب في نشوب حريق على متنها، زاعمة أن الناقلة كانت في طريقها إلى إسرائيل. وقد وقع الهجوم على بعد حوالي 60 ميلًا بحريًا من شمال مضيق باب المندب، ولم تتمكن الجماعة من احتجاز الناقلة حيث أنها أطلقت نداء استغاثة استجابت له مدمرة أمريكية كانت قريبة من موقع الهجوم، وتم إنقاذ طاقمها المكون من 22 فرد يحملون الجنسية الهندية، وتوجيه السفينة نحو ميناء آمن.
  • في 15 ديسمبر؛ تعرضت السفينة إم إس سي بالاتيوم 3، التي ترفع العلم الليبيري، لهجوم حوثي بطائرة مسيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، وقد أدى الهجوم إلى نشوب حريق وتعرض السفينة لبعض الأضرار التي أخرجتها من الخدمة.
  • في 18 ديسمبر؛ تعرضت السفينة سوان أتلانتيك التي ترفع علم جزر كايمان، لهجوم بطائرة مسيرة وصاروخ تم إطلاقه من منطقة يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وفي الوقت نفسه، أبلغت سفينة الشحن إم في كلارا عن حدوث انفجار في المياه المجاورة لها، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات في الحادثين.

وبغض النظر عن عدد وحجم الاستهدافات الحوثية للسفن في البحر الأحمر، فإن التساؤل الأهم هو لماذا تم اتخاذ قرار اللعب بورقة البحر الأحمر والملاحة في مضيق باب المندب في وجه إسرائيل، حيث لا شك أن هذا القرار لم يأتي اعتباطيًا، بل جاء استنادًا على مجموعة من المعطيات؛ أهمها:

  • يُعَدّ مضيق باب المندب الذي يسيطر عليه الحوثيون، والواقع جنوب غرب الجزيرة العربية، الخيار المفضل لحركة التجارة بين دول آسيا من جهة، وإفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية من جهة أخرى، إذ يمر عبره 10% من التجارة البحرية الدولية سنويًا، من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة، و6 ملايين برميل من النفط يوميًا، وبالتالي هو ورقة ضغط رابحة ضد الدول الغربية التي تمادت في دعم المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين المدنيين العزل.
  • تعتمد إسرائيل على الشحن البحري في معظم تبادلاتها التجارية، حيث تمثل الواردات والصادرات من وإلى آسيا نحو ربع إجمالي حجم التجارة الخارجية لإسرائيل، ومعظم السفن الإسرائيلية التي تلعب دورًا في هذه التجارة تمر عبر ممرات البحر الأحمر، الأمر الذي يجعل من تأمين هذه المنطقة مسألة أمن قومي بالنسبة لإسرائيل التي أخذت تضغط على حلفائها الدوليين لحماية مضيق باب المندب.
  • تهديد الحوثيين للسفن المتعاملة مع إسرائيل من شأنه دفع تل أبيب إلى اتخاذ تدابير استثنائية لتأمين سفنها إما لمخاطر عمليات احتجازها وإما ارتفاع رسوم التأمين عليها، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة عمل هذه السفن ورفع الأجور التي تحصل عليها سواء من الشركات الإسرائيلية أو من الشركات الأخرى، ومن ثم زيادة تكاليف الشحن الإسرائيلية التي ستنعكس بالتبعية على تكلفة وارداتها وصادراتها، التي من شأنها أن تؤثر على أسعار المنتجات في إسرائيل ومواعيد تسليمها، وبالتالي إرهاق إسرائيل اقتصاديًا.
  • تتجاوز التهديدات البحرية قدرات إسرائيل البحرية المستقلة، لذلك قررت تل أبيب تكثيف تعاونها مع الأسطول الخامس الأمريكي والقيادة المركزية، واتجهت إلى تعزيز علاقاتها مع الجيش الأمريكي في يناير 2021، بعدما قررت الإدارة الأمريكية نقل إسرائيل من القيادة الأوروبية (EUCOM) إلى القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، والتي من الناحية الجغرافية ستجعل المصالح الإسرائيلية في الشرق الأوسط ومناطقها البحرية أكثر ارتباطًا بالاستراتيجية العسكرية الأمريكية.

استجابة دولية سريعة تشمل تشكيل قوة بحرية جديدة:

نظرًا للأهمية الاستراتيجية التي يتمتع بها البحر الأحمر ومضيق باب المندب في حركة التجارة العالمية، جاءت ردود الفعل الدولية على الهجمات الحوثية متسارعة ومتنوعة بشكل ملحوظ؛ حيث تحركت الولايات المتحدة وإسرائيل سريعًا لتعزيز وجودهما العسكري في مياه البحر الأحمر، إلى جانب الإعلان عن قوة بحرية دولية جديدة للتصدي إلى تحركات جماعة الحوثي، فيما عادت إلى الواجهة عدة مشاريع لإيجاد طرق بديلة للتجارة الإسرائيلية لتجنب المرور في مضيق باب المندب وقناة السويس المصرية، ويمكن رصد أبرز ردود الفعل على النحو التالي:

  1. إدانات دولية واسعة:
  • اعتبرت القيادة العسكرية الإسرائيلية هذا التطور حدثًا خطيرًا للغاية، فيما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إيران بالوقوف وراء هذه العمليات التي تهدد الملاحة الدولية. وقد ردت طهران على هذا الاتهام بنفيه حيث صرح المتحدث باسم وزارة خارجيتها ناصر كنعاني، بأن قوات المقاومة في المنطقة تمثل دولها وشعوبها وتقرر بناءً على مصالح دولها وشعوبها، مؤكدًا أن إطلاق مثل هذه المزاعم يأتي في سياق رفض تل أبيب قبول فشلها الاستراتيجي والذريع والمتعدد الجوانب من قبل المقاومة في فلسطين.
  • أكد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، في مطلع ديسمبر الجاري، أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأنه إذا لم يتحرك العالم لقمع هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، فإنها ستتحرك عسكريًا إزاء ذلك من أجل رفع هذا الحصار البحري المفروض عليها.
  • من جانبه؛ صرح المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، بأن الولايات المتحدة تراجع التصنيفات الإرهابية المحتملة لجماعة الحوثي، ويأتي هذا التصريح بعد القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس جو بايدن بعد توليه منصبه في يناير 2021، بإلغاء التصنيف الإرهابي للحوثيين بسبب مخاوف من أن العقوبات المفروضة على الجماعة قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
  • في نهاية نوفمبر الماضي، دعا وزراء خارجية دول مجموعة السبع، الحوثيين إلى التوقف فورًا عن تهديد النقل البحري والإفراج عن طاقم السفينة غالاكسي ليدر المحتجزة.
  • ندد مجلس الأمن الدولي في بداية ديسمبر، بالهجمات الأخيرة التي شنتها الجماعة، وطالب بوقفها والإفراج الفوري عن السفينة غالاكسي ليدر وطاقمها، كما شدد أعضاء المجلس على أهمية الحقوق والحريات الملاحية لجميع السفن في خليج عدن والبحر الأحمر بموجب القانون الدولي، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن في المنطقة.
  1. تحركات دبلوماسية أمريكية:
  • قاد المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، عدة مباحثات مع المسؤولين اليمنيين وبعض الفاعلين في المنطقة، لمناقشة آليات مواجهة التصعيد الحوثي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وأولى تلك التحركات؛ كانت اجتماعه مع نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي، لمناقشة آليات مواجهة التصعيد الحوثي، وسبل توسيع التعاون والتنسيق لتعزيز الأمن البحري وحماية خطوط الملاحة في البحر الأحمر.
  • أجرى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، زيارة إلى المنطقة تشمل كلا من إسرائيل والبحرين وقطر، وتأتي على رأس الملفات التي تحملها هذه الزيارة؛ تحديد الرد المناسب على هجمات الحوثيين، ويتضح ذلك من توجه أوستن إلى البحرين حيث موطن الأسطول الخامس الأمريكي.
  1. تعزيز الوجود العسكري الدولي في مياه البحر الأحمر:

أ. الولايات المتحدة؛ أعلن البنتاجون مع بداية حرب غزة، إرسال قوة ضاربة تضم مجموعتين من حاملات الطائرات تحمل كل منهما حوالي 7500 فرد، وسفينتان برمائيتان تابعتان للبحرية، ومجهزتان بآلاف من مشاة البحرية، وقد عبرتا إلى البحر الأحمر في 4 نوفمبر الماضي، فضلًا عن إرسال غواصة ذات قدرة نووية من طراز أوهايو، وطائرات مقاتلة، وطائرات الدعم الجوي القريب مثل إف- 16، وإف- 15، وإف- 35، وإي- 10، وأكثر من 1200 جندي أمريكي إضافي.

وفي 21 أكتوبر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة خطوات إضافية لتحسين وضع القوة الأمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما ذلك؛ توجيه حاملات الطائرات يو إس إس دوايت ايزنهاور إلى منطقة القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، والتي تشمل المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية، ونشر أصول الدفاع الجوي الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة لحماية القوات الأمريكية.

وفي الرابع من نوفمبر؛ حركت البحرية الأمريكية مجموعة قتالية من قطعها البحرية إلى شمال البحر الأحمر قادمة من البحر المتوسط، وانضمت إليها غواصة الصواريخ الموجهة يو إس إس فلوريدا، لتنتقل لاحقًا إلى خليج عدن، لتنفيذ عمليات مراقبة في نطاق الخليج العربي وخليج عدن والبحر الأحمر.

ب. إسرائيل؛ مع اشتداد خطورة التهديدات الحوثية باستهداف السفن الإسرائيلية، ورفع منسوب المخاوف الأمنية لتل أبيب حول خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، أعلنت إسرائيل يوم 31 أكتوبر الماضي، نشر منظومة دفاع بحرية تشمل زوارق وسفن حربية وصاروخية في مياه البحر الأحمر، فضلًا عن تعزيز الدفاعات العسكرية قبالة ميناء إيلات.

وفي 3 ديسمبر الجاري؛ أرسلت تل أبيب عددًا من القطع البحرية وغواصة متطورة إلى البحر الأحمر وباب المندب لرصد تحركات إيران، وفي 12 ديسمبر، عززت هذا الوجود بإرسال سفينة الصواريخ “ساعر 6” التي أبحرت لأول مرة إلى منطقة البحر الأحمر.

وفي الإطار ذاته؛ توجهت إسرائيل بشكل رسمي إلى عدة دول بينها بريطانيا واليابان، بدعوة تشكيل قوة عمليات مخصصة للعمل في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، من أجل ضمان حرية الممرات الملاحية.

ج. الإعلان عن المبادرة الأمنية “حارس الازدهار”؛ خلال زيارته إلى البحرين السابق الإشارة إليها؛ أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، يوم 18 ديسمبر، عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات تحت مسمى “عملية حارس الازدهار”، موضحًا أن الدول المشاركة في القوة ستنفذ دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن تهدف إلى ضمان حرية الملاحة وتعزيز الأمن الإقليمي.

وتضم هذه القوة 10 دول؛ هي: المملكة المتحدة، والبحرين، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وسيشيل، وإسبانيا، إلى جانب الولايات المتحدة.

وجدير بالذكر أن هذه التحركات العسكرية ليست الأولى من نوعها في منطقة البحر الأحمر، بل كانت الجاهزية العسكرية الأمريكية والدولية حاضرة منذ وقت استشعارًا بخطر الوجود الإيراني والحوثي، ويُذكر في هذا الشأن:

  • إنشاء مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن في يناير 2020، والذي يضم 8 دول عربية وإفريقية، هي: السعودية، مصر، الأردن، السودان، اليمن، إرتيريا، الصومال، جيبوتي، ويهدف المجلس إلى الحفاظ على الأمن في البحر الأحمر، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المجلس لتحقيق التكامل والربط بين خطوط النقل والموانئ البحرية، وزيادة حجم التبادل التجاري.
  • إنشاء فرقة العمل المشتركة “CTF153″، للتركيز على الأمن البحري وجهود بناء القدرات في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وهي جزء من “القوات البحرية المشتركة CMF”، وهي قوة متعددة الجنسيات تضم 38 دولة ومقرها الرئيسي في العاصمة البحرينية المنامة، وتضم بجانب القوة CTF153، ثلاث قوى أخرى وهي: CTF150 المعنية بالأمن البحري ومحاربة الإرهاب، وCTF151 المعنية بمكافحة القرصنة، وCTF152 المعنية بالتعاون الأمني في الخليج العربي. ويمكن إيجاز أهداف هذه القوة في تأمين ممرات الملاحة الدولية، ومواجهة التهديدات البحرية المتعلقة بنشاط التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة والقرصنة، والاستعداد لأي تحولات جيوسياسية في المنطقة.
  • تشكيل تحالف عسكري بحري بقيادة الولايات المتحدة بالبحرين في نوفمبر 2022، لحماية الملاحة في منطقة الخليج وصولًا إلى باب المندب والبحر الأحمر، بمشاركة السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا، وأُطلق على المهمة اسم “سنتينال”.
  1. مقترحات لمشاريع توفر طرق بديلة عن البحر الأحمر:
  • كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، يوم 5 ديسمبر، عن توقيع اتفاقية بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، تقضي بتشغيل جسر بري بين مدينتي دبي وحيفا الساحليتين، يمر عبر الأردن والسعودية، حيث وقعت شركة تراكنت الإسرائيلية، اتفاقية مع شركة الخدمات اللوجستية “Puretrans FZCO” في الإمارات، من أجل إتمام المشروع.
  • يعتمد هذا الطريق بشكل كبير على خط سكة الحجاز القديم، باستثناء سوريا، حيث يمتد من حيفا إلى الأردن، مرورًا بنهر الأردن، وصولًا إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر، ثم السعودية وصولًا إلى الإمارات. ويوفر هذا المعبر البري في حال حدوثه، 80% من الوقت على الطريق البحري، ويوفر بديلًا أسرع من المرور عبر قناة السويس، ويحقق حلًا للمشاكل الأمنية عن طريق تجاوز تهديد الحوثي في البحر الأحمر.
  • من جانب آخر؛ تم إحياء الحديث عن مشروع قناة بن غوريون، والمخطط لها ربط ميناء إيلات على البحر الأحمر بميناء عسقلان على البحر المتوسط والمتاخم للحدود الشمالية لقطاع غزة، والتي من المتوقع أن تكون منافسًا لقناة السويس.
  • هذا بالإضافة إلى مشروع رد ميد (Red Med) الذي يندرج ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية لربط ميناء إيلات بمرفأ أشدود عبر القطار و63 جسرًا ونفقًا بتكلفة تتراوح من 6.5 إلى 13 مليار دولار، وممر الهند التجاري (IMEC) الذي أُعلن عنه خلال قمة دول العشرين الأخيرة، التي عُقدت في نيودلهي سبتمبر الماضي، وهو ممر بحري وبري للشحن يبدأ بالهند ويربط كلًا من آسيا والشرق الأوسط بأوروبا عبر ميناء حيفا وصولًا إلى ميناء بيرايوس في اليونان والذي تديره حاليًا الصين.

تبعات خطيرة على كافة الأصعدة:

ما يشهده البحر الأحمر الآن يحمل في طياته تبعات كارثية على كافة الأصعدة والمستويات؛ سواء كانت سياسية أو أمنية أو اقتصادية، منها الاضطراب الاقتصادي الإقليمي والدولي، وتزايد نقاط الضعف العسكرية، واحتدام مستوى التوتر الأمني في الشرق الأوسط مع دخول الفاعلين من غير الدول في المشهد، وهذه التبعات قد يكون من الصعب التصدي لها بتعزيز الحشد العسكري أو تشكيل قوة بحرية جديدة في المنطقة، بل أن هذا الحشد قد يتحول لعبء أمني جديد تتحمله دول المنطقة إلى جانب الولايات المتحدة:

  1. التداعيات السياسية:

أ. تحدي جديد للاستراتيجية الإقليمية السعودية؛ لقد أصبح أمن البحر الأحمر ركيزة أساسية من ركائز السياسات الداخلية والخارجية للمملكة العربية السعودية، نظرًا لأن الاستقرار في منطقة البحر الأحمر أمرًا بالغ الأهمية لعدد كبير من مشاريع رؤية 2030، بما في ذلك المنطقة الحضرية الجديدة نيوم شمال غرب منطقة تبوك، بالإضافة إلى المشروع الإنمائي السياحي المسمى “البحر الأحمر الدولية”، ولذلك عمدت المملكة إلى تعزيز علاقاتها الأمنية في المنطقة، ونزع فتيل التصعيد في النزاعات مع إيران والحوثيين المدعومين منها في اليمن.

ولكن في ضوء الهجمات الحوثية التي تهدد أمن البحر الأحمر، إلى جانب الحرب في غزة والسودان، والخلل الأمني الذي بات يلوح في الأفق بمنطقة البحر الأحمر، بات هناك تحديات جديدة أمام المملكة قد تقوض الأهداف الجيوستراتيجية للسعودية في مياهها الغربية.

ب. تأزم محتمل للملف اليمني من جديد؛ تأتي عودة القرصنة الحوثية إلى المشهد في ظل معطيات مهمة في ملف الأزمة اليمنية؛ منها عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران تحت رعاية صينية، تبعها مؤشرات إيجابية تتضح في اجتماعات تباحثية جمعت بين الحوثي والمملكة.

ورغم هذه المعطيات، اختارت جماعة الحوثي توظيف حرب غزة سياسيًا من أجل توسيع قاعدتها الشعبية ومحاولة الحصول على مشروعية للبقاء في السلطة خاصةً مع افتقار الجماعة للمشروعية الدولية، إلى جانب الظهور بمظهر اللاعب الإقليمي القادر على التأثير في أمن المنطقة، وهذا بغرض الضغط للحصول على أي امتيازات في أي مفاوضات سلام محتملة. ولكن هذا الرهان قد ينقلب على الجماعة ويفسد أي فرص للسلام في اليمن، خاصةً مع الحديث عن إعادة النظر في القرار الأمريكي بإلغاء تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وكل ذلك قد يحمل في طياته مخاوف من عودة اشتعال الحرب اليمنية من جديد.

  1. التداعيات الاقتصادية:

أ. بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي؛ بعد أن أصبحت السفن التجارية الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل أهدافًا لهجمات الحوثيين، بدأت شركات التأمين البحري العالمية تتخذ تدابير تتدرج من رفع الأسعار وصولًا إلى إلغاء التأمين، وهذا يصيب الاقتصاد الإسرائيلي بأضرار بالغة، حيث وفقًا لتقارير إسرائيلية؛ شهدت أسعار شحن البضائع القادمة إلى المواني الإسرائيلية من آسيا وخاصةً الصين، أو العكس زيادة ملحوظة بعد اندلاع الحرب في غزة، فمثلًا ارتفع سعر شحن الحاويات من بكين إلى ميناء أشدود بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من أكتوبر الماضي، وهو رقم رفع كلفة الشحن بنحو 5%.

ب. بالنسبة للاقتصاد الدولي؛ إذا تصاعدت هجمات الحوثيين وأدت إلى تعطيل شديد في حركة الملاحة في البحر الأحمر، سيتعرض الاقتصاد العالمي لعدد من الأزمات؛ أهمها:

  • التأثير على أمن الطاقة العالمي وزيادة أسعار النفط حال استمرار هذه الهجمات، حيث ستعرقل التوترات في مياه البحر الأحمر عبور الناقلات النفطية إلى مختلف دول العالم وهو ما سيؤثر على الإمدادات في موسم الشتاء الذي يُعتبر الأكثر استهلاكًا وحاجة للطاقة.
  • حدوث أزمة في تأمين خط الشحن البحري الدولي، إضافة إلى رفع أسعار الشحن البحري والتأمين عليه، إلى جانب حدوث خلل في سلاسل التوريد العالمية.
  • زيادة مسافة الطرق البحرية البديلة يعني استهلاك أكثر للوقود وزيادة مدة وتكاليف الشحن، وهو ما سينعكس مباشرةً على زيادة أسعار السلع وبالتالي رفع معدلات التضخم عالميًا، وستكون الدول النامية والإفريقية هي أكثر الدول تأثرًا من هذا التضخم.

ج. بالنسبة لقناة السويس المصرية؛ في ضوء ارتباط مرور السفن في قناة السويس بمرورها أولًا في مياه البحر الأحمر؛ أُثيرت تقديرات مختلفة بشأن تأثير ما يحدث الآن في منطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب على القناة المصرية وإيراداتها، ويمكن تقسيم هذه التقديرات إلى اتجاهين؛ هما:

– الاتجاه الأول؛ يرى أن إيرادات قناة السويس المصرية ستتعرض لتأثير سلبي جراء الأحداث الحالية، ويرتهن هذا الاتجاه على مجموعة من الشواهد؛ أهمها:

  • تحويل بعض شركات الشحن، مساراتها بعيدًا عن البحر الأحمر وبالتالي قناة السويس، تجنبًا لعمليات القرصنة الحوثية، فمثلًا في 16 نوفمبر الماضي، ناقلة المركبات التي ترفع علم جزر البهاما “غارديان ليدر”، والتي غادرت ميناء لايم شابانغ في تايلاند متجهة إلى إسبانيا، غيرت مسارها في منتصف الرحلة وسلكت الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح بدلًا من الإبحار إلى أوروبا عبر قناة السويس.
  • كما قامت سفينة أخرى ترفع علم جزر البهاما، وهي حاملة المركبات “غلوفيس سيغما”، بتغيير وجهتها بعد مغادرتها ألمانيا حيث شوهدت وهي تبحر قبالة سواحل إسبانيا بينما كانت تشير إلى أنها تتجه نحو قناة السويس. وفي 4 ديسمبر الجاري، سلكت سفينة الحاويات التي ترفع علم ليبيريا “زيم باسيفيك”، طريق رأس الرجاء الصالح بدلًا من البحر الأحمر وهي في طريقها من ماليزيا إلى ميناء مرسين التركي.
  • في 21 نوفمبر الماضي؛ قررت شركة الشحن البحري الإسرائيلية “زيم”، تحويل مسار سفنها عن قناة السويس المصرية، وذلك كإجراء احترازي نتيجة الأوضاع في بحر العرب والبحر الأحمر.
  • وردًا على تزايد الهجمات، أعلنت شركة إيه بي مولر – ميرسك الدنماركية، يوم 15 ديسمبر، وقف جميع شحنات الحاويات عبر باب المندب حتى إشعار آخر، وفي اليوم التالي؛ أعلنت مجموعة الشحن الفرنسية “سي إم إيه سي جي إم” وقف عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر، وتوجيه بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي لإفريقيا.
  • يُضاف إلى ذلك؛ إحياء عدد من المشاريع الإسرائيلية الهادفة إلى إيجاد طرق أخرى للتجارة الإسرائيلية بدلًا من البحر الأحمر وقناة السويس، والتي قد سبق الإشارة إلى بعضها.

– الاتجاه الثاني؛ يرى أن تأثير الاستهدافات الحوثية للسفن الإسرائيلية على القناة سيبقى محدود ولن يؤثر على إيراداتها، ويرتهن هذا الاتجاه على مجموعة من المعطيات؛ منها:

  • موقع قناة السويس الاستراتيجي على البحرين الأحمر والمتوسط؛ حيث تعتبر المحطة الرئيسية والممر البحري الرئيسي للطريق البحري لمبادرة الحزام والطريق التي تركز على ربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى الربط البري بين الصين وأوروبا.
  • الزيادة المحتملة في أسعار النفط قد تعزز عوائد قناة السويس؛ لأنه كلما ارتفعت أسعار النفط زادت تكاليف الطرق البديلة والمنافسة للقناة خاصةً طريق رأس الرجاء الصالح، مما سيدفع السفن إلى اختيار الطرق الأقصر مسافة والأقل تكلفة وأقل استهلاكًا للوقود وعلى رأسها القناة، لأن موقعها الجغرافي يجعلها أقصر طريق بين الشرق والغرب بالمقارنة مع المسارات الأخرى.
  • وجود عدد كبير من العقبات التي لا تزال تقف عائقًا أمام المشاريع الإسرائيلية البديلة للقناة، سواء كانت اقتصادية حيث التكلفة الباهظة في وقت يتعرض فيه الاقتصاد الإسرائيلي لخسائر كبيرة ومتلاحقة، أو كانت أمنية وسياسية حيث باتت تل أبيب الآن منبوذة، وخاصةً على المستوى الشعبي، في محيطها الإقليمي بسبب جرائم الحرب التي ترتكبها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
  • رغم التحذيرات بتضرر عوائد القناة جراء الأحداث في البحر الأحمر، إلا أن الأرقام جاءت على العكس تمامًا؛ فوفقًا لبيانات صادرة عن الهيئة العامة لقناة السويس؛ سجلت القناة عبور 2264 سفينة من الاتجاهين في نوفمبر الماضي، مقابل عبور 2171 سفينة خلال ذات الشهر من العام 2022، بنسبة زيادة 4.3%.
  • كما بلغ إجمالي الحمولات الصافية 135.5 مليون طن مقابل 125.2 مليون طن خلال نوفمبر 2022، بفارق 10.3 مليون طن بنسبة زيادة قدرها 8.2%، فيما نمت عائدات قناة السويس خلال نوفمبر الماضي، بنسبة 20.3%، إلى 854.7 مليون دولار مقابل 710.3 ملايين دولار خلال نوفمبر 2022.
  1. التداعيات الأمنية:

إن الحشد العسكري الدولي وخاصةً الأمريكي والإسرائيلي في مياه البحر الأحمر، فضلًا عن تشكيل قوة عسكرية جديدة تُضاف إلى القوى المتواجدة فعلًا في المنطقة، ينذر بصراع بحري في الشرق الأوسط لن تُحمد عواقبه؛ حيث:

  • في حال قررت إسرائيل أن تحمي سفنها التي تعبر البحر الأحمر، فهذا يتطلب منها إرسال قوة بحرية إلى جوار الساحل اليمني والاشتباك مع الزوارق اليمنية، مما يثير تخوفًا أن يتطور الأمر إلى اشتباك يمني إسرائيلي في البحر الأحمر بالمرحلة المقبلة، كما أنوجود إسرائيل وإيران في البحر الأحمر، يجعل احتمال الصراع البحري غير مستبعد.
  • تبدو استراتيجية الردع الأمريكية في المنطقة غير متزنة؛ حيث أن تعزيز وجود العسكري في المنطقة ما هو إلا استعراض للقوة لن يجدي بشيء، بل إنه يزيد التوتر في المنطقة نظرًا لأن كل القوات الأمريكية قد تكون أهدافًا لأي هجمات محتملة.
  • عسكرة مياه البحر الأحمر بهذا الشكل، تغامر بدخول فاعلين إقليميين دوليين آخرين في البحر الأحمر من خارجه؛ كما يزيد من العمليات البحرية العسكرية للدول التي تملك قواعد عسكرية ويحوله إلى نقطة احتكاك قد توصل إلى شكل من أشكال حرب الناقلات، بل والوصول إلى مرحلة المواجهة العسكرية واسعة النطاق.
  • ولا يُغفل في هذا الوضع، الموقف الإيراني الرافض للوجود العسكري الأمريكي والإسرائيلي في هذه المنطقة، وهذا يتضح من تعليق طهران على إعلان واشنطن تشكيل القوة البحرية الجديدة، حيث صرح وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني، بأن حضور الولايات المتحدة في البحر الأحمر سيزيد من تعقيد الوضع، مؤكدًا أنه لم يعد في المنطقة مجال ليتحرك فيه أحد أكثر من هذا، أو أن يكون هناك تضارب في القوى، منوهًا بأنه لا يمكن لأحد المناورة في منطقة تهيمن عليها إيران.

قراءة ختامية للمشهد:

وتلخيصًا للمعطيات سالفة الذكر؛ هناك مجموعة من الملاحظات الختامية التي ينبغي الإشارة إليها؛ أهمها:

– فعالية السلاح البحري في حرب غزة؛ فنظرًا لأهمية ممر البحر الأحمر ومضيق باب المندب للاقتصاد العالمي والإسرائيلي على النحو السابق ذكره؛ فقد أدى استخدام سلاح الأمن البحري إلى الضغط على الولايات المتحدة وتل أبيب، مما دفع إلى فتح ملف استئناف تبادل الأسرى مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار تحت رعاية مصرية وقطرية مرة أخرى وهو ما أكدته الدوحة وإسرائيل التي أعلنت استعدادها لعقد صفقة تبادلية كبرى مع حماس، إلى جانب الحديث عن زيارة محتملة لوفد من حماس إلى القاهرة لبحث الملف.

وما يعزز من خطورة هذا السلاح بالنسبة لإسرائيل ويضع عليها مزيد من الضغوط، هو وجود احتمال لاستخدام الحصار البحري لإجبار تل أبيب على وقف إطلاق النار في غزة، وينعكس هذا الاحتمال في قرار رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، يوم 20 ديسمبر الجاري، بمنع سفن شركة الشحن الإسرائيلية “زيم” من الرسو في المواني الماليزية، ردًا على تصرفات إسرائيل التي تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية والقوانين الدولية.

– فيما يخص الحديث عن مواجهة بحرية بين الحوثي وتل أبيب؛ فإن هذا التحرك قد يكون مستبعد حاليًا؛ نظرًا للرغبة الأمريكية والإسرائيلية في عدم فتح جبهات أخرى من شأنها أن تتسبب في تشتيت مساعي حسم الحرب في القطاع، فيما قد تتبنى تل أبيب في أعقاب الحرب، استراتيجيتها لتأمين البحر الأحمر وعضمان عدم تكرار استغلال هذه الورقة مرة أخرى من قبل إيران أو الحوثي.

ومن جانبها؛ من غير المتوقع أن يوسع الحوثيون هجماتهم بشكل يحدث تهديد فعلي للقوات الأمريكية أو الدولية المنتشرة في البحر الأحمر، نظرًا لإدراك الجماعة مدى خطورة ارتدادات هذا التحرك عليها.

– بالنسبة للقوة البحرية الجديدة المُعلنة؛ فإنها لا تختلف في مهامها عن القوات السابقة الموجودة بالفعل في منطقة البحر الأحمر وعلى رأسها القوة CTF153، بل هي مجرد تعزيز للوجود الأمريكي والدولي في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، والذي لن يكون له تأثير على إطلاق الصواريخ من الموانيء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، والتي أعلنت أنها ستستمر في عملياتها، فيما قد يفيد هذا التعزيز العسكري فقط في تقليل عمليات الاعتراض والاحتجاز سواء بالقوارب السريعة أو الطائرات المسيرة.

ولكن الذي يجب أن تدركه الولايات المتحدة أن الحشد العسكري الأمريكي بالسلوك الحالي لا يخدم استقرار البحر الأحمر والمنطقة؛ لأن هذا العدد الكبير من القوات الدولية سيزيد من تأجيج الموقف، ويزيد من احتمال حدوث أي احتكاك بحري في المنطقة خاصةً في ظل الوجود الإيراني والحوثي، فالأزمة الحالية تُظهر أن احتفاظ واشنطن بعشرات الآلاف من الجنود في الشرق الأوسط، يعزز خطر جرها إلى صراع إقليمي طويل ومكلف، وهذا يتضح من الهجمات التي تتعرض لها القواعد الأمريكية في الأراضي السورية والعراقية.

ومن أجل تجنب هذه النتيجة، تحتاج الولايات المتحدة إلى تقليص وجودها العسكري وإعادة تنظيمه، على أن تستعيض عن هذا الوجود ببذل مزيد من الجهد في سبيل تقليل اعتماد الحلفاء والشركاء الإقليميين عليها، وأن تمكن الجهات الإقليمية الفاعلة وخاصةً المطلة على البحر الأحمر مثل مصر والسعودية، من إنشاء تحالفات تعالج الحاجات الأمنية الإقليمية ذات الأولوية القصوى، وإدارة التوترات الإقليمية بمشاركة أمريكية، وهذا النهج سيكون أكثر فعالية من الوجود العسكري المبالغ فيه في المنطقة، والذي لن يجدي نفعًا في استقرار الشرق الأوسط، بل يحمل في طياته مزيد من بؤر التوتر الأمنية بالمنطقة.

– بالنسبة لحديث إسرائيل عن تشكيل تحالف بحري تكون مشتركة فيه؛ فإنه ما هو إلا محاولة إسرائيلية لاستغلال تصرفات الحوثيين كذريعة لشرعنة وجودها في البحر الأحمر دون قيد، تحت مظلة مبدأ الدفاع عن النفس، وحشد سفنها وغواصاتها الحربية في مياهه تحت غطاء قوة مشتركة.

وهذا سيسمح لتل أبيب كسر عزلتها والحصول على اعتراف بوضعها في البحر الأحمر، وهو ما تعمل عليه إسرائيل منذ وقت من خلال عدة خطوات مثل اتفاق السلام مع السودان والذي هو دولة مشاطئة على البحر الأحمر، وهذا مسعى أمني شديد الحساسية للأمن القومي الإسرائيلي خاصةً أنها ليست عضو في للقوات البحرية المشتركة (The Combined Maritime Forces).

كلمات مفتاحية