إعداد/ جميلة حسين محمد
فى إطار الحرب الشاملة التى أطلقها رئيس الصومال (حسن شيخ محمود) منذ العام الماضى لمكافحة الإرهاب ومداهمة حركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة بدعم من القوى الأقليمية والقوى الدولية وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لدحر الحركة وتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرتها، نشأت حالة من التصعيد المتبادل بين القوات الصومالية و مسلحى حركة الشباب التى شنت أخر عملياتها فى أواخر الشهر الماضى على قاعدة عسكرية تتبع قوات أوغندية من بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقى في منطقة “بولو مرير” الواقعة جنوب العاصمة مقديشو من خلال سيارة مفخخة ومهاجمين انتحاريين أسفر عن سقوط حوالى 54شخص، واندلاع مواجهات مسلحة بين مسلحى الحركة وقوة الاتحاد الإفريقى والقوات الصومالية. الأمر الذى يسلط الضوء على مرتكزات الجهود المحلية والخارجية لمكافحة الحركة، والنظر إلى محددات استراتيجية الحرب الشاملة التى تتبناها الحكومة الصومالية، والتحديات التى تواجهها، فضلاً عن مقومات صمود حركة الشباب ومستقبل تواجدها أمام تلك المداهمات.
المجهودات الداخلية لمكافحة الحركة
استندت الاستراتيجية الأمنية للحرب الشاملة على حركة الشباب الصومالية على عدة محاور طويلة الأجل باعتبار أن تلك الحرب مصيرية وفقا للرئيس الصومالى، فاشتملت بجانب الذراع العسكرى على أذرع اقتصادية واعلامية وفكرية واجتماعية وقانونية يمكن ايضاحها فيما يلى:
- الذراع الاقتصادى: تسعى الحكومة إلى تجفيف الموارد المالية للحركة ووضع معايير لمحاربة التحويلات الشائكة حيث قامت بإغلاق أكثر من 200 حساب مالى، فضلاً عن التهديدات اللاحقة بأصحاب الأعمال أو زعماء القبائل أو المزارعين بدفع الضرائب للحركة.
- الذراع الاجتماعى” ميليشيات العشائر”: والتى توترت العلاقة بينها وبين الحركة فى الأونة الأخيرة نظراً لتزايد كلا من الهجمات فى المدن الكبيرة وكذلك الضرائب المفروضة على المناطق الخاضعة لسيطرتها، مما تسبب فى انقلاب العشائر ضدها خاصة عشائر الوسط وتبدل طبيعة العلاقة بينهم، ومن أبرز تلك العشائر” أبكال/ سليبان/ حوادلى”. الأمر الذى استغلته الحكومة لتوطيد العلاقة مع العشائر واستخدامها ضد الحركة.
- الذراع الإعلامى: وجهت الحكومة وسائلها الإعلامية فى مواجهة الأفكار الدعائية لحركة الشباب والتى تطلقها من خلال الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، وكذلك تعمل الحكومة على حظر وسائل الإعلام المحسوبة على الحركة، وحجب حسابات على مواقع التواصل.
- الذراع القانونى: من خلال سن قوانين لمكافحة الإرهاب على سبيل المثال قانون مكافحة الإرهاب الذى أقره البرلمان الصومالى، واستند مفهوم الإرهاب وفقا لهذا القانون على “الأعمال العدائية التي تنفذها جماعات مسلحة أو خلق حالة من عدم الاستقرار “. ويعتبر البعض هذا القانون هو انتصار قانونى للحكومة الصومالية لتعزيز حربها على الحركة.
واستطاعت الاستراتيجية الأمنية للحكومة الصومالية بدعم القوات الاقليمية وقوات الولايات المتحدة الأمريكية تحرير أكثر من 40 منطقة واقعة تحت سيطرة الشباب،على سبيل المثال تحرير مناطق فى الوسط بأقليم هيران و اقليم شبيلى الوسطى كمنطقة “أدان يابال” أهم معقل للحركة فى هذا الاقليم، وكذلك مناطق استراتيجية فى أقليم جالجود كبلدتى ” سيل دهيري ” و “هرارديري ” حيث معقل الحركة على ساحل المحيط الهندى حيث تستقبل الأسلحة والمعدات، وفى طريقها لتحرير اقليم شبيلى السفلى.
وتمكنت القوات الصومالية فى أخر عملياتها على حركة الشباب بمقتل 30 عنصر من الحركة وتدمير سيارة محملة بالمعدات العسكرية وذلك فى إطار عملية جوية وبرية استهدفت 4 مناطق فى إقليم شبيلي السفلى جنوب غربي البلاد، وعلى صعيد أخر قام الجيش الصومالى بالتعاون الدولى بتنفيذ عملية عسكرية فى منطقة جليب في إقليم جوبا الوسطى، مما أسفر عن سقوط عدد من عناصر الحركة.
وفى إطار جهود المكافحة صرح الرئيس (حسن شيخ محمود) خلال الدورة ال32 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقدة فى السعودية أن الصومال أحرزت تقدم ملحوظ فى ملف مكافحة الإرهاب، وأشار إلى أن الجيش الصومالى اتخذ خطوات فعلية للقضاء على محاولات تمدد الحركة فى الداخل الصومالى، مؤكدًا أن بحلول عام 2024 سيتمكن من دحر الحركة بالكامل من البلاد.
المجهودات الخارجية لمكافحة الحركة
- الولايات المتحدة الأمريكية:
بعدما أمر الرئيس الأمريكى السابق (دونالد ترامب) بسحب القوات الأمريكية ” أفريكوم” من الصومال فى أواخر 2020 قام الرئيس الحالى (جو بايدن) بإعادة نشر تلك القوات فى منتصف مايو العام الماضى من أجل دعم القتال ضد حركة الشباب من ناحية، ومن ناحية أخرى حماية مصالحها فى الصومال ذات الموقع الاستراتيجيى، ذلك القرار الذى لقى ترحيبًا واسعًا من جانب رئيس الصومال. وتعمل تلك القوات بمساندة القوات الصومالية فى استهداف الحركة ومناهضة وجودها فى عدة مناطق وتضييق الحدود عليها، وتتزايد الهجمات الجوية للقوات الأمريكية مؤخرا بالتزامن من الهجمات الشاملة ضد الحركة خاصة فى الجنوب، فتمكنت فى أواخر الشهر الماضى بشن غارتين جويتين أولهما فى يوم 20 مايو فى منطقة جلب فى أقليم جوب الوسطى جنوب الصومال مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من جانب الحركة وتدمير معدات عسكرية تابعة لهم، والأخرى فى 28 مايو كرد فعل على الهجوم التى شنته الحركة فى محيط قاعدة “بولو مرير” التابعة لقوات الاتحاد الافريقى لحفظ السلام.
وضمن الجهود الأمريكية لمناهضة الحركة وتعطيل عملياتها، قامت وزارة الخارجية الأمريكية فى الشهر المنصرم بإدارج 5 من قادة حركة الشباب على لائحة الإرهابيين الدوليين وفقا لقرار (رقم 13224)، وذلك لتورطهم في عدد من الهجمات التي استهدفت مدنيين، ويتضمن هؤلاء القادة كلاً من (ماكساميد سيدو ) و(كالي ياري) و(ماكساميد داوود جابان) و(سليمان كبدي داوود) و(محمد عمر محمد). مما يعنى تجميد ممتلكاتهم ومصالحهم ضمن المناطق الخاضعة للولاية القضائية الأميركية، كذلك يحظر على المواطنين الأميركيين الدخول في أي عمليات معهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
وفى إطار مواجهة التهديدات الإرهابية التى يتعرض اليها الشعب الصومالى وتقوية العلاقة بين الولايات المتحدة والحكومة الصومالية ودعم الأخيرة فى حربها على حركة الشباب تسلمت وزارة الدفاع الصومالية مؤخراً شحنة مساعدات عسكرية أمريكية، فضلاً عن مذكرة التفاهم التى تم توقيعها بين وزير الدفاع الصومالي (عبدالقادر محمد نور)، و السفير الأمريكي (لاري أندريه) من أجل تعزيز كفاءة القوات الخاصة من الجيش الوطنى لتنشيط العمليات العسكرية للقضاء على حركة الشباب.
- تركيا:
تمثل الدعم التركى للعمليات العسكرية للقوات الصومالية ضد وجود حركة الشباب فى الصومال بالأساس من خلال الطائرات بدون طيار مثال مسيرات(بيرقدار التركية) والتى كانت فعالة فى مسار المراقبة والتعقب وجمع البيانات والمعلومات عن الحركة واستهداف معاقل الحركة، واستطاعت تلك الطائرات لعب دور هام فى تحقيق انتصارات عسكرية ضد مسلحى الحركة، وكذلك القضاء على جزء من نفوذها فى وسط البلاد خاصة مع عدم توافر تلك التكنولوجيا المتطورة لدى الحركة مما يغير موازين الصراع العسكرى ضدها.
- القوى الإقليمية:
ساعدت الدول المجاورة للصومال حربها على حركة الشباب، والبحث عن آليات للقضاء عليها وعلى وهجماتها المستمرة وما تسببه من خسارة العناصر المادية والبشرية، وهو ما ظهر من خلال قوات بعثة الاتحاد الأفريقى لحفظ السلام المعروفة باسم ” اتميس” والتى تقوم بإجراء عمليات مشتركة مع القوات الصومالية لتقويض الحركة، ولكن مع الانسحاب التدريجى لتلك القوات وفقا لقرار مجلس الأمن الذى يفوض بسحب 2000جندى بحلول 30 يونيو القادم وتسليم الأمن للقوات الصومالية، تقوم إثيوبيا وكينيا وجيبوتى بإرسال قوات منفصلة خارج قوات بعثة الاتحاد الأفريقى من أجل دعم الصومال فى مكافحة الحركة. يستدل على ذلك القوات الإثيوبية التى تم رصدها فى أواخر مارس المنصرم فى إطار مساندة أثيوبيا للقوات الصومالية وتركزها فى منطقة هيران الواقعة فى الوسط. وكذلك كينيا التى تلعب دور بارز فى مكافحة العناصر الإرهابية، وتحث بصورة مستمرة على التعاون المشترك فى مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب بينها وبين الصومال لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، وعليه أقامت 14 قاعدة عسكرية على طول الحدود الكينية الصومالية لتعزيز الأمن بين البلدين.
وعلى صعيد أخر عقد كلا من رؤساء الصومال وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا قمة رباعية أمنية فى فبراير الماضى لبحث العمليات العسكرية ضد حركة الشباب، وتم الخروج من تلك القمة بعدد من البنود الرئيسية يتمثل أهمها فى التأكيد على سيادة الصومال ووحدته، والإشادة بالجهود الصومالية فى مكافحة الإرهاب مع التأكيد على ضرورة التعاون لتشكيل آلية مشتركة لمنع التهديدات الأمنية للحركة، ومضاعفة الجهود العسكرية ضد حركة الشباب لتحرير الصومال خاصة فى الجنوب، فضلاً عن التعاون لتأمين المناطق الحدودية لمنع عبور العناصر الإرهابية إلى دول الجوار.
تحديات مكافحة حركة الشباب
مع قيام القوات الصومالية بمكافحة الحركة وشن هجمات عسكرية لتضييق حدودها والقضاء عليها فى المناطق الخاضعة تحت سيطرتها، تنشأ حالة من المواجهة المسلحة بين الطرفين تؤدى إلى تكثيف الحركة من هجماتها الدفاعية، فعلى سبيل المثال أشار تقرير تابع للصليب الأحمر إلى ارتفاع الأحداث الأمنية بنحو 30% فى عام 2022 مقارنة بعام 2021 ، ممما يشير إلى تراجع المستوى الأمنى فى الصومال الذى يواجه عدة تحديات يمكن حصرها فيما يلى:
- التهديدات الاقتصادية: وتتمثل فى عدم توافر ميزانية محددة والدعم اللوجيستى اللازم للقوات لمواصلة الحرب ضد حركة الشباب، الأمر الذى ينذر باحتمالية توقف العمليات ضد الحركة، هذا بالإضافة إلى تراجع نمو الاقتصاد المحلى مما يؤثر على ميزانية الدولة التى يدعمها المجتمع الدولى بنحو 60%، بينما لا توفر إيرادات الدولة سوى 40% فقط.
- التهديدات الأمنية: يتمثل فى تصاعد زعزعة الأمن والاستقرار فى الداخل الصومالى، والتأثير على أمان المواطنين من ناحية، ومن ناحية أخرى التأثير على دول الجوار خاصة فى أثيوبيا وكينيا، والتى تشهد عدد من الهجمات الإرهابية من جانب الحركة نظرا للدعم التى تقدمه تلك الدول للصومال فى حربها الشاملة.
- التهديدات الإنسانية: حيث تفاقم الأوضاع الإنسانية وتصاعد عمليات النزوح خاصة وسط البلاد للهروب من ويلات الحرب والصراع الدامى، الأمر الذى أدى إلى نزوح حوالى ألف أسرة من مناطقهم إلى مناطق أخرى، وفى هذا الإطار صرحت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين قائلة “إن أكثر من مليون صومالي نزحوا داخل بلدهم خلال أكثر من أربعة أشهر بسبب مزيج سام من الصراع والجفاف والفيضان”.
- تباين الولايات الصومالية: بالنظر إلى النظام الفيدرالى للصومال الذى يتضمن عدد من الولايات التى تتباين فيما بينها وفقا لأولوياتها غير مكافحة الإرهاب وهو ما يؤثر بدوره على إضعاف جهود المكافحة، فنجد على سبيل المثال يرفض رئيس ولاية بونتلاند إرسال قواته لمكافحة الحركة نظراً لتركيزه على التحضير للانتخابات البرلمانية المحلية التى تمثل خطوة هامة لإعادة انتخابه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة فى يناير 2024، كذلك ولاية جنوب غرب الصومال نجد رئيسها يشعر بالقلق من التهديد المحتمل لوجود مزيد من القوات الفيدرالية فى الولاية.
- الخلافات القبلية: تشكل النزاعات القبلية عائق أمام الحكومة الصومالية نظراً لانشغال العشائر بحلحلة الصراعات والاشتباكات القائمة فيما بينهم فى المقام الأول قبل التركيز على محاربة حركة الشباب.
مقومات صمود حركة الشباب
على الرغم من الضغط العسكرى الذى تواجه حركة الشباب فى الوقت الحالى من جانب القوات الصومالية بمساندة ميليشيات العشائر من ناحية وبمساندة القوات الخارجية من ناحية أخرى، فإنها تحاول إثبات تواجدها وتعزيز مكانتها عن طريق شن هجمات قوية ومحاولة التقدم بخطوة على العمليات العسكرية والأمنية الموجهة إليها. وعليه تعتمد الحركة فى استمراريتها وصمودها على عدة مقومات رئيسية يمكن حصرها فيما يلى:
أولًا: الجانب الإعلامى والالكترونى:
تعتمد الحركة على أحدث الوسائل الدعائية وكذلك التقنيات الإلكترونية التى يتم استغلالها فى توثيق العمليات العسكرية التى تنفذها الحركة فى الصومال، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى لجذب انتباه المواطنين وعكس قدرات الحركة المتنوعة وقوتها العسكرية، واستخدامها على صعيد أخر من أجل جذب مقاتلين وعناصر جديدة إلى صفوفها.
ثانيًا: الجانب الاجتماعى:
تحظى الحركة بتأييد فى بعض المناطق الريفية والقرى فى الصومال، ومع غالبية القبائل التى تمثل لها حصن البقاء حيث ينحدر غالبية المواطنين الصوماليين من تلك المناطق خاصة فى الوسط والجنوب الصومالى. وعلى الرغم من تعارض مصالح العشائر والقبائل فى الوسط مؤخراً وتحالفهم مع الحكومة الصومالية فى حربها ضد الحركة، إلا أن عشائر الجنوب لا زالت تحتفظ بعلاقة وثيقة مع الحركة بحيث لا تستطيع الوقوف أمامها ومواجهتها الأمر الذى يدعم تواجد الحركة خاصة مع سيطرتها بالكامل على اقليم جوبا الوسطى وأكثر من نصف اقليم جوبا السفلى الواقع فى الجنوب، والذى يمثل ملاذ آمن لحركة الشباب ضد هجمات القوات الصومالية والغارات الجوية. ومن ناحية أخرى تتجنب الحركات والجماعات الإسلامية فى الصومال معاداة حركة الشباب، ولكن تنشأ علاقة جيدة بينها وبين الحركة، وكذلك حالة من التعاون الغير المباشر بينهما.
ثالثًا: الجانب الاقتصادى:
يمثل عنصر التمويل أهم مقومات صمود حركة الشباب فى الصومال، ويعتمد تمويلها على مصدرين، الأول مصدر التمويل الذاتى من خلال فرض الضرائب والاتاوات، وترهيب وابتزاز المدنيين، فضلاً عن عمليات الاختطاف، وغسيل الأموال، وتجارة السلاح، بالإضافة إلى الأعمال التجارية المتمثلة فى الفحم والذهب والأحجار الكريمة. وتم تقدير الايرادات التى تكتسبها حركة الشباب من خلال الضرائب من قبل الأمم المتحدة وقد بلغت 10 مليون دولار شهرياً وتعتبر ميزانية ضخمة تساهم فى تعزيز هجمات الحركة الإرهابية فى الصومال. بينما يتمثل المصدر الثانى فى التمويل الخارجى من خلال المساهمات المالية التى يتم منحها من قبل جهات متنوعة وشركات داعمة للحركة ومرتبطة بها.
مستقبل حركة الشباب فى ضوء المتغيرات الحالية
فى ظل الضربات العسكرية المتواصلة على حركة الشباب تحول نمط قتالهم من النمط الهجومى إلى الدفاعى
فى سبيل إلحاق الضرر بالقوات الصومالية والقوات الداعمة لها وممارسة الضغط عليهم فى عدة مدن خاصة فى المدن التى استولت عليها الحكومة من الحركة، وانحدار الحركة فى الجنوب بعد فقدانهم جزء من معاقلهم فى الوسط، مع فرار أغلب القادة الميدانين من مواقع العمليات العسكرية إلى المناطق الجنوبية كاقليم جوبا الوسطى على سبيل المثال القائد(حسن أفغوى) و(نور طيرى) و (إسماعيل عسبلى) و (موسى مهاجر). ولكن على الرغم من هذا الأمر تستطيع الحركة التكييف والمرونة مع الحرب الشاملة والضغط العسكرى والضربات الموجهة إليها للقضاء عليها، مما يشير إلى عدم توقف أنشطتها أو إضعاف مكوناتها وإنما تتعرض الحركة لاهتزاز مؤقت فى أنشطتها ربما يساعدها الوقت فى لملمة صفوفها مرة أخرى والتعافى من جديد لمسايرة الهجمات العسكرية، أو لجوء الحكومة إلى إنشاء قنوات اتصال معها ومن ثم الجلوس على طاولة المفاوضات وعقد تسوية سياسية لإنهاء القتال بشروط مقبولة لدى الحكومة الصومالية.
مما سبق؛ مع اتباع الحكومة الصومالية نهج أكثر حزماً مع حركة الشباب فى إطار الحرب الشاملة لتحجيم نفوذها فى الصومال، استطاعت القوات الصومالية فى المقام الأول بمساعدة ميليشيات العشائر الصومالية والقوى الاقليمية وقوات الولايات المتحدة الامريكية استعادة عدة مناطق من قبضة حركة الشباب خاصة فى مناطق الوسط وإلحاق عدة خسائر بالحركة. مما خلق حالة من التصعيد المتبادل بين الطرفين فى ظل تحديات مقابلة أمامهم، ويظل التحدى الأكبر أمام الحكومة الصومالية تعزيز الاستقرار فى المناطق التى استعادتها من الحركة، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين فى تلك المناطق، فضلا عن الالتزام بتنفيذ كافة التعهدات مع ميليشيات العشائر التى ساعدتها فى حربها ضد الحركة. فى حين يمثل صمود حركة الشباب والحفاظ على قاعدتها أمام هذا الضغط الشامل والهجمات العسكرية الموجهة ضدها خاصة فى ظل إطلاق الرئيس الصومالى المرحلة الثانية للحرب على الإرهاب فى الصومال تحدى حقيقى ومؤشر لاحتمالية الهبوط فى الأنشطة، مما يلزم الحركة بمزيد من استعادة قدراتها وصفوفها وتنامى مصادر تمويلها، ودفع ثقلها للتأثير على الداخل الصومالى والدول المجاورة له ككينيا واثيوبيا وغيرها.