بقلم سعادة السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الإفريقي العربي
تتواصل اجتماعات الجماعات السياسية العسكرية اتشادية في الدوحة عاصمة دولة قطر التي تشرف على حوار هذه الأطراف وقد طلبت الدوحة باعتبارها تلعب دور الوسيط من الأطراف تعيين عشرة مندوبين من بينهم لإجراء المفاوضات يمثلون 52 حركة حضرت افتتاح المفاوضات التي تتواصل مع أن توصلها إلى نتائج ملموسة ما زال بعيدا حسب المراقبين خاصة بعد انقسام الحاضرين إلى مجموعتين.
فهناك المجموعة التي تسمى “مجموعة روما” وتضم الحركات التي كانت قبل قدومها إلى الدوحة قد عقدت اجتماعا بإشراف هيئة “سانتى جيديو” الإيطالية وعدد هذه الحركات 22 حركة من بينها الحركات المتمردة التي توصف بالأكبر حجما.
وحسب المعلومات المتوفرة تستعد “مجموعة روما” لأن تقدم للوسيط القطري لائحة من 14 مندوبا سيختارون من بينهم رئيسا ويرشح المراقبون “آدوم يعقوب” قائد إحدى الجبهات اتشادية لرئاسة هذا الفريق.
ولكن هناك أيضا مجموعة أخرى تسمى “مجموعة الدوحة” تضم 30 حركة وقد أجرت نقاشات في ما بينها وتوصلت إلى تحديد لائحة من 16 ممثلا تستعد هي الأخرى لتقديمها للوسيط القطري وهكذا يصبح عدد المندوبين 30 بدل 10 ستكون لائحتهم بين يدي المسؤولين القطريين.
هذه الإجراءات جعلت الحوار يبقى في المراحل التحضيرية الأولى ولم يتطرق الحاضرون إلى صلب الموضوع. ولتجاوز هذا العثرات كانت السلطات القطرية قد قررت يوم 13 مارس تعليق الحوار لمدة 3 أيام ومددت هذا التعليق يوم 16 مارس بيومين إضافيين وكانت الجماعات السياسية العسكرية اتشادية الحاضرة في ذلك الوقت لم تتوصل إلى قائمة الـ 10 مندوبين المطلوبة لتسفر محادثاتها في النهاية إلى 3 أضعاف هذا العدد.
وتوجد عدة عوامل تعقد النقاش داخل الجماعات المسلحة فهناك أولا عدد الأطراف الحاضرة 52 جماعة من بين الذين تم تسجيلهم على اللائحة الموجودة لدى اللجان التحضيرية ويعترض الكثير من الحاضرين على هذا العدد الضخم باعتباره من عمل السلطات في انجامينا ولكن بدا للقطريين وللكثير من الأطراف ضرورة التعامل مع هذا الواقع المعقد بالإضافة إلى أن الجماعات ليست لها نفس الأجندة فبعضها ليست لديهم شروط مسبقة للمشاركة في الحوار المقرر في انجامينا ولا يريدون أن يلقي التوصل إلى اتفاق في الدوحة بظلاله على الحوار المرتقب في انجامينا عكسا لأطراف أخرى لديها الكثير من الشروط ولا تريد المخاطرة بالاندماج في اتفاق قد يكون شكليا وظاهريا فقط دون حقيقة ملموسة.
أدت هذه النقاشات التي تتطور في أغلب الأوقات إلى تعليق الجلسات عدة مرات من أجل التهدئة ومع ذلك تتواصل المحادثات في كل معسكر ويتم في كل مرة تأجيل الجلسة العامة التي سيتم فيها عرض النتائج المشتركة لكل مجموعة والتوصل إلى صيغة في هذا المجال.
السؤال المطروح لدى المراقبين هو عن طبيعة الإستراتيجية التي ستعتمدها قطر في التعامل مع هذه القضية فهل ستقبل السلطات القطرية لعب دور الوساطة مع هذا العدد الكبير من المندوبين بدل الـعدد 10 مندوبين الذي اشترطته في البداية؟ وهل ما زال من الممكن إيجاد حل وسط بين الأطراف لتجاوز عقبة العدد الضخم للمندوبين؟ ذلك هو مركز ثقل المفاوضات علما أن حركات متمردة عديدة قد لوحت بالانسحاب من العملية التحضيرية للحوار في الدوحة إذا كانت قطر ستكتفي فقط بالإشراف دون أن تلعب دور الوسيط الذي يلقي بثقله لتجاوز بعض العقبات والمحافظة على توازن المقترحات الأمر الذي يلقي بظلال الشك والغموض على مستقبل المفاوضات وليس من المستبعد أن يتم تمديد فترة التعليق لأيام أخرى لتفادي فشل المفاوضات.