إعداد: شيماء عبد الحميد
عاد التوتر مجددًا فى منطقة القوقاز مع تجدد القتال فى إقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، حيث تجددت الاشتباكات فى الإقليم مع إعلان أذربيجان إطلاق عملية عسكرية يوم 19 سبتمبر 2023 تحت شعار مكافحة الإرهاب، وقد استهدفت العملية نزع السلاح وتأمين انسحاب تشكيلات القوات المسلحة الأرمينية من كاراباخ، إضافة إلى تحييد بنيتها التحتية العسكرية، الأمر الذى طرح كثيرًا من الإرهاصات بشأن الانعكاسات المحتملة لهذه العملية على التوازن الجيوسياسى فى هذه المنطقة.
حلقة جديدة من صراع ممتد لعقود:
لم تكن العملية العسكرية الأخيرة التى شنها الجيش الأذربيجانى ضد الانفصاليين الأرمن فى إقليم ناجورنو كاراباخ سوى حلقة فى سلسلة طويلة من الاشتباكات العسكرية الممتدة فى المنطقة منذ عقود؛ حيث:
- يخضع الإقليم لسيادة أذربيجان دوليًا، وتبلغ مساحته 4 آلاف و800 كيلومتر مربع، كما يبعد عن العاصمة باكو نحو 270 كيلومترًا إلى الغرب، ويقطنه نحو 150 ألف نسمة، يمثل الأرمن حاليًا نحو 95% من عددهم، أى ما يقرب من 120 ألف نسمة.
- تعود بداية الصراع على إقليم ناجورنو كاراباخ إلى الحقبة السوفيتية حيث حصل الإقليم على حكم ذاتى داخل جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية فى عام 1923، وفى عام 1988 بدأت حركة إعادة التوحيد مع أرمينيا فى الإقليم، حتى 2 سبتمبر 1991، إذ تم إعلان الاستقلال عن أذربيجان، وتغيير الاسم إلى جمهورية ناجورنو كاراباخ أو جمهورية أرتساخ، ولم يعترف بهذه الجمهورية إلا أرمينيا فقط.
- لم تقبل باكو قرار الاستقلال عنها، وخاضت حربًا خلال الفترة 1992-1994 من أجل استعادة السيطرة على الإقليم وإنهاء الحركة الانفصالية التى قادتها العرقية الأرمنية التى تقطنه، وقد تسببت هذه الحرب فى مقتل ما يقرب من 30 ألف شخص، وتوقفت الاشتباكات بعد توقيع الطرفين على اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية مجموعة مينسك التى ضمت كل من روسيا والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة.
- وفى سبتمبر 2020، قادت أذربيجان حرب كاراباخ الثانية من أجل إعادة الإقليم إلى سيادتها، وتجددت الاشتباكات بين الجيش الأذرى والقوات الأرمنية المسلحة الموجودة فى الإقليم واستمرت 44 يومًا، مما أسفر عن مقتل 6500 شخص، وقد انتهى القتال بعد تدخل روسيا التى توسطت بين الطرفين ووقعت اتفاقًا ثلاثيًا لوقف إطلاق النار بشكل كامل فى 10 نوفمبر 2020، كما نص الاتفاق على تمركز قوات حفظ سلام روسية فى المنطقة، وبالفعل نشرت موسكو ألفى جندى فى الإقليم، بما فى ذلك ممر لاتشين.
- لكن اتفاق وقف إطلاق النار الذى راعته روسيا لم ينه الصراع على الإقليم بين أذربيجان وأرمينيا، بل جمده فقط، وبالتالى ظلت الاشتباكات تتجدد بين الدولتين من حين لآخر؛ فمثلًا فى سبتمبر 2022، اندلع قتال بين القوات الأرمينية على طول الحدود بين أرمينيا وأذربيجان، مما أدى إلى مقتل نحو 100 جندى أرمينى و70 جنديًا أذربيجانيًا.
- كما أن العملية العسكرية الأخيرة لباكو، جاءت بعد مناوشات وتوترات متواصلة بين الطرفين؛ حيث أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية يوم 2 سبتمبر الماضى، أن مواقع حدودية تابعة لها تعرضت لقصف بمدافع هاون، نفذته وحدات تابعة لجيش أرمينيا متمركزة فى مدينة باصارجيجر، بل وفى نفس يوم العملية؛ تم مقتل ستة أشخاص، بينهم أربعة من رجال الشرطة واثنين مدنيين، فى انفجار لغمين أرضيين، وقد اتهمت باكو القوات الأرمينية بزراعة هذه الألغام.
وفيما يخص السياق الذى تأتى فيه العملية العسكرية المفاجئة لباكو؛ لابد من إيضاح أن قرار أذربيجان بشن هذه الحملة العسكرية لم يكن اعتباطيًا بل جاء فى توقيت مناسب وبعد إجراءات وتطورات عدة، دفعت باكو لاتخاذ هذا القرار؛ من بينها:
- التصريحات المتواترة من جانب رئيس الوزراء الأرمينى نيكول باشينيان بصعوبة سيطرة أرمينيا على إقليم ناجورنو كاراباخ؛ فعلى سبيل المثال، صرح باشينيان فى 17 أبريل 2023 أمام البرلمان الأرميني، بأن يريفان لا يمكن أن تحقق السلام إلا باقتصار طموحاتها التوسعية على حدود جمهورية أرمينيا الاشتراكية السوفييتية السابقة، وهو ما يعد بمنزلة إشارة مباشرة إلى قبول أرمينيا التخلى عن طموحاتها التوسعية فى الإقليم، وعن رغبة حكومته فى إنهاء الاعتماد على الأداة العسكرية لإنهاء الصراع طويل الأمد مع أذربيجان حول المنطقة، وقد أعطت هذه التصريحات شرعية للعملية العسكرية الأذرية.
- استبعاد أذربيجان أن تحظى أرمينيا بدعم عسكرى روسى لصد هجماتها، وذلك لانشغالها فى الحرب الأوكرانية بالدرجة الأولى، وعدم رضاها عن تحركات أرمينيا الأخيرة والمتعلقة بالتقرب من الغرب نوعًا ما، وبالتالى قررت باكو الاستفادة من الانشغال الروسى للضغط على يريفان وإجبارها على القبول بشروطها فى تسوية النزاع.
- عدم تحرك قوات حفظ السلام الروسية، التى بدت أنها تحجم عن المخاطرة بتصعيد الموقف، للرد على بعض الخطوات التى اتخذتها أذربيجان خلال الأشهر الماضية بشأن ممر لاتشين الذى يُعد الممر الوحيد الذى يربط الإقليم بأرمينيا، ومنها قرار إغلاق الممر فى ديسمبر 2022، وإنشاء نقطة تفتيش أمنية جديدة على طول الطريق إلى الممر فى أبريل 2023، ومن هنا تأكدت باكو أن موسكو لن تتدخل عسكريًا لحماية الإقليم.
- إدانة الانتخابات التى أُجريت فى الإقليم يوم 9 سبتمبر المنصرم لاختيار رئيس لإقليم ناجورنو كاراباخ، من قبل العديد من الدول، ومنها الولايات المتحدة وأذربيجان وتركيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبى.
أما فيما يخص نتائج العملية العسكرية، فجدير بالذكر أنها استمرت يوم واحد فقط وأسفرت عن:
- استعادة أذربيجان سيطرتها الكاملة على إقليم ناجورنو كاراباخ، بعدما وافقت القوات الأرمينية فى الإقليم على الاستسلام الكامل لباكو.
- أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأذربيجانية أنار إيفازوف، أن الجيش الأذرى دمر العشرات من المركبات القتالية وأنظمة المدفعية الأرمينية فى الإقليم، حيث تم تدمير ما يصل إلى 20 مركبة قتالية، وما يصل إلى 40 نظام مدفعية، وحوالى 30 قذيفة هاون، ومنظومتين لإطلاق الصواريخ المتعددة، و6 أنظمة حرب إلكترونية من طراز مورتيرا للأرمينية، فيما تسببت العملية العسكرية فى مقتل 200 شخص على الأقل وإصابة 400 آخرين.
- أعلنت باكو يوم 20 سبتمبر، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى الإقليم بوساطة من قوات حفظ السلام الروسية، كما أكدت سلطات الإقليم الأرمينية أنها توافق على مقترح باتفاق الهدنة، والذى نص على موافقة قوات الأرمن على إلقاء أسلحتها والتخلى عن المواقع القتالية والمواقع العسكرية، فضلًا عن انسحاب الوحدات والعسكريين المتبقين من قوات أرمينيا المسلحة، وحل التشكيلات المسلحة لجيش الدفاع عن ناجورنو كاراباخ.
- أجرت أذربيجان مباحثات مع حكومة الإقليم فى 21 سبتمبر، بمنطقة يفلاخ الواقعة غرب العاصمة باكو، بيد أن هذه المشاورات لم تسفر عن أى اتفاقيات نهائية بين الطرفين.
- نزوح أغلبية الأرمن المقيمين فى الإقليم نحو أرمينيا خوفًا من تبعات سيطرة أذربيجان على الإقليم، حيث أعلنت يريفان أن أكثر من 70 ألف شخص توافدوا إليها من الإقليم حتى يوم 28 سبتمبر الماضى.
- أصدر الزعيم الانفصالى للإقليم سامفيل شهرمانيان، يوم 28 سبتمبر، مرسومًا يأمر بحل جميع الهياكل المؤسسية بالإقليم اعتبارًا من 1 يناير 2024، وجاء فى المرسوم أن على السكان أن يتعرفوا على شروط إعادة الاندماج التى طرحتها أذربيجان، واتخاذ قرار فردى ومستقل بشأن إن كانوا سيبقون أم لا.
مواقف تحكمها المصالح:
نظرًا لوقوع إقليم كاراباخ فى منطقة جنوب القوقاز التى تشهد تنافسًا إقليميًا ودوليًا محتدمًا بين أطراف وقوى عدة، فقد أثار الصراع بين باكو ويريفان بشكل عام والعملية العسكرية الأخيرة لأذربيجان بشكل خاص، ردود أفعال عدة، والتى تنوعت واختلفت وفقًا لمصالح وأهداف كل طرف فى المنطقة؛ حيث:
- أرمينيا؛ لم تدخل يريفان لمساعدة الإقليم ضد ضربات باكو، بل اكتفت بإدانة العملية، فيما انتقد رئيس الوزراء الأرمينى نيكول باشينيان قوات حفظ السلام الروسية فى كاراباخ بسبب عدم تدخلها خلال هجوم باكو الخاطف، كما اتهمت أرمينيا، أذربيجان بارتكاب تطهير عرقى وجرائم ضد الإنسانية فى الإقليم، وطالبت المجتمع الدولى بالتعامل مع عملية أذربيجان بوصفها كذلك.
ويأتى رد الفعل الأرمينى على عكس دعوات السياسيين المعارضين الذين طالبوا باشينيان بالتدخل، فيما أكد الأخير أن بلاده بحاجة إلى أن تكون خالية من الصراع من أجل استقلالها، وبناءًا على هذا الموقف؛ خرجت العديد من المظاهرات فى العاصمة الأرمينية يريفان، للاحتجاج على الأوضاع فى إقليم ناجورنو كاراباخ، والتى سريعًا ما تحولت إلى اشتباكات مع قوات الأمن حول مبنى مجلس الوزراء الأرمينى.
- روسيا؛ اكتفت موسكو بالتعبير عن قلقها من التصعيد فى الإقليم، داعية إلى ضبط النفس ووقف إراقة الدماء والعودة إلى طاولة المفاوضات، فيما رفض الكرملين على لسان الناطق باسمه دميترى بيسكوف، تصريحات باشينيان، مؤكدًا أن روسيا ترفض بشكل قاطع كل المحاولات لتحميل المسؤولية للجانب الروسى وقوات حفظ السلام الروسية، رافضًا أى مآخذ عليها أو اتهامها بالتقصير.
ولكن رغم الدعوات لضبط النفس، يبدو أن الموقف الروسى قد تغير مقارنةً بمواقف موسكو السابقة، وكأن روسيا قررت التخلى عن حليفتها أرمينيا وتجنب التورط فى الاشتباكات، وهذا يعود إلى عدة أسباب؛ منها:
- منذ تفكك الاتحاد السوفيتى، كانت أرمينيا شريكًا أمنيًا مهمًا لروسيا، وتستضيف واحدة من القواعد العسكرية الروسية القليلة على أراضٍ أجنبية، لكن فى السنوات الأخيرة وخاصةً منذ ثورة 2018 ومجيء باشينيان إلى السلطة فى يريفان، بدأت العلاقات بين الدولتين تتدهور حيث قاد رئيس الوزراء الأرمينى تحولًا كبيرًا فى سياسة بلاده الخارجية يتمثل فى الاقتراب أكثر من الغرب.
- من ضمن خطوات أرمينيا للتقارب مع الغرب؛ الحديث عن تصديق البلاد على نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية التى تطالب باعتقال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى دعم أوكرانيا، وقيام أرمينيا بمناورات “إيجل بارتنر 2023” المشتركة مع الولايات المتحدة خلال الفترة 11-20 سبتمبر المنصرم، هذا إلى جانب حديث رئيس لجنة التنمية الأوروبية فى حلف شمال الأطلسى غونتر فيلينغر، عن ضرورة انضمام أرمينيا إلى حلف الناتو. ولذلك جاء الرد الروسى الفاتر على عملية أذربيجان فى الإقليم، وكأنه رسالة من روسيا مفادها أن التوجه غربًا له فاتورة كبيرة ستدفعها أرمينيا لكى تفكر أكثر فى المرات القادمة بأى خطوة تريد أن تخطوها ضد مصالح روسيا.
- ومن ضمن دوافع الموقف الروسى أيضًا؛ انشغال موسكو بحربها مع أوكرانيا، وعدم رغبة روسيا فى معاداة تركيا الحليف الاستراتيجى لأذربيجان حاليًا؛ لأنها أكبر منفذ دولى تجارى لها بعد رفض أنقرة فرض عقوبات دولية اقتصادية على روسيا، هذا فضلًا عن تنوع وتعدد الملفات الثنائية التى تتقاطع فيها المصالح الروسية التركية، ومنها تهجير اللاجئين السوريين، والوضع فى ليبيا، والتوتر فى كوسوفو وصربيا، والدعم العسكرى التركى لأوكرانيا.
- تركيا؛ كان لأنقرة موقف حاسم تجاه الصراع على إقليم كاراباخ، حيث أيدت بشدة حليفتها أذربيجان فى حرب 2020، وفيما يخص موقفها من العملية العسكرية الأخيرة لباكو؛ فقد أجرى وزير الدفاع التركى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الأذربيجانى لتهنئته على نجاح العملية العسكرية واستكمال إجراءات مكافحة الإرهاب بنجاح، مشيرًا إلى أن تركيا، كما هو الحال دائمًا، قريبة من أذربيجان، كما أنه وبعد أيام قليلة من استعادة باكو لسيطرتها على الإقليم، أجرى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، زيارة إلى أذربيجان حيث التقى نظيره الأذرى إلهام علييف فى ناخيتشيفان، وقد أكد الرئيس التركى أن انتصار أذربيجان يفتح الباب أمام فرص جديدة للتطبيع فى المنطقة.
ويرجع موقف أنقرة من هذا الصراع ودعمها لأذربيجان، إلى مجموعة من الدوافع التركية فى المنطقة؛ منها:
- مشروع ممر زانجيزور؛ وزانجيزور هى منطقة أذرية يسكنها مسلمون أتراك، ولكن الاتحاد السوفيتى قرر أن يضمها إلى أرمينيا فى عشرينيات القرن الماضي، الأمر الذى تسبب فى فقدان أذربيجان اتصالها مع مقاطعة نخجوان الأذرية التى تتمتع بالحكم الذاتي، وكذلك مع تركيا، ولذلك يمثل مشروع الممر وفق المقترح التركى الأذربيجانى، مشروعًا للربط البرى بين مقاطعة نخجوان الأذرية وبين بقية أراضى أذربيجان عبر المرور بجنوب أرمينيا ومنه إلى تركيا.
- يمنح الممر أنقرة وصولًا مباشرًا إلى باكو ومن ثم إلى عمق تركيا التاريخى والجيوسياسى فى آسيا الوسطى، وبالتالى إن تحقق هذا الممر؛ سيفتح الباب أمام الطموحات التركية للربط الجغرافى بين دول آسيا الوسطى والقوقاز التى تعتبرها ضمن إرثها القومى، إذ يمكن لتركيا إقامة طريق برى مباشر نحو بحر قزوين، يكون بمثابة ممر إستراتيجى لنقل التجارة والطاقة، مما يجعل تركيا البوابة الأولى لخروج النفط والغاز من منطقة القوقاز وآسيا الوسطى.
- مصالح اقتصادية عدة؛ تسعى أنقرة إلى الحفاظ على مصالحها الحيوية فى أذربيجان المتمثلة فى تأمين خطوط الغاز الأذرية المارة عبر أراضيها إلى أوروبا، كخط أنابيب الغاز باكو – تبيليسى – أرضروم، وخط أنابيب غاز تاناب، اللذين بدآ بضخ الغاز فى 2007 و2018 على التوالى، فضلًا عن أنه فى 14 ديسمبر 2022، عُقدت قمة ثلاثية ضمت رؤساء تركيا وأذربيجان وتركمانستان لبحث نقل الغاز التركمانى إلى الدول الأوروبية عبر تركيا من الممر الأوسط وخط الأناضول، هذا إلى جانب ارتفاع حجم التبادل التجارى بين البلدين.
- إرث العداء التاريخى مع أرمينيا؛ يقوم التحالف بين تركيا وأذربيجان على أساس انعدام الثقة المتبادل مع أرمينيا، واتهام يريفان لأنقرة بارتكاب إبادة جماعية ضد 1.5 أرمينى خلال آخر أيام السلطنة العثمانية، وهو الأمر الذى ترفضه أنقرة بشدة.
- إيران؛ تُعتبر طهران من اللاعبين الجيوسياسيين الرئيسيين فى المنطقة، وكان لها موقف واضح من الصراع على إقليم كاراباخ حيث دعمت وأيدت موقف يريفان، وبعد عملية أذربيجان الأخيرة، أكدت القيادة الإيرانية أن تغيير الحدود التاريخية فى المنطقة خط أحمر، كما أعلن المرشد الإيرانى على خامنئى معارضته لأى تغييرات جيوسياسية فى القوقاز، ويرجع الموقف الإيرانى من هذا الملف إلى توتر علاقاتها مع أذربيجان لعدة أسباب؛ من بينها:
- ملفات التوتر بالوضع الداخلى فى إيران؛ حيث يوجد أقلية قومية أذرية وازنة فى إيران، يصل حجمها وفقًا لتقديرات مختلفة بين 25 – 35 مليون أذربيجانى، وهى أكبر أقلية قومية فى البلاد، وقد شكلت أوضاع هذه الأقلية محور نقاشات وسجالات دائمة، كانت تبرز إلى السطح عند كل منعطف أو توتر بين البلدين، لجهة اتهامات بانتهاك حقوق هذه الأقلية ووضعهم الاجتماعى والسياسى، لذا تتخوف طهران من حدوث أى تواصل من باكو معهم؛ ما سيؤدى إلى الإضرار بالأمن والاستقرار الداخلى بإيران، لا سيما بعد تصريح الرئيس علييف، بأن “الأذربيجانيين الإيرانيين هم جزء من الأمة الأذرية”.
- العلاقات المتنامية بين إسرائيل وأذربيجان؛ تتمتع باكو بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، وافتتحت بها سفارتها مؤخرًا؛ فضلًا عن أنه فى غضون 10 أشهر فقط من عام 2022، بلغ حجم التبادل التجارى بين الطرفين 1.2 مليار دولار؛ حيث تزود باكو تل أبيب بالنفط والمنتجات المكررة، وتشترى أسلحة عالية التقنية، بما فيها الإلكترونيات ذات الاستخدام المزدوج، والطائرات المسيرة المخصصة لأغراض الهجوم والاستطلاع، وأنظمة الملاحة والبصريات والذخائر الموجهة بدقة، وكل ذلك يضع إيران بين خصمين إقليميين تتصاعد قوتهما.
- مشروع ممر زانجيزور؛ كما تم إيضاحه مسبقًا؛ تعمل أذربيجان على مد طريق مباشرة من ناخيتشيفان إلى تركيا، عبر منطقة سيونيك فى أرمينيا، ويمكن أن يؤدى تنفيذ المشروع إلى فصل إيران نهائيًا عن أرمينيا التى تُعتبر بوابة طهران التجارية إلى القوقاز، كما أن الممر يهدف إلى نقل الطاقة من أوراسيا وآسيا الوسطى إلى أوروبا، مما يعنى أنه سيضع حدًا نهائيًا للحاجة الأوروبية إلى الطاقة الإيرانية، هذا إلى جانب أن تنفيذ المشروع سيعزز النفوذ التركى فى المنطقة.
- رد الفعل الأوروبى؛ صرح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل -فى بيان عقب بدء باكو عمليتها العسكرية فى الإقليم- بأن الاتحاد يدين التصعيد العسكرى الأخير فى منطقة ناجورنو كاراباخ، وأشار إلى أن الاتحاد يطالب أذربيجان بالوقف الفورى للأعمال العدائية، فيما أشار رئيس البرلمان الأوروبى شارل ميشال إلى ضرورة إجراء حوار حقيقى بين باكو والأرمن فى الإقليم.
من جانبها؛ أجرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا زيارة إلى يريفان يوم 3 أكتوبر الجارى، حيث أكدت دعم بلادها لأرمينيا، وجاهزية فرنسا لتعزيز مساعداتها الطارئة والإنسانية لأرمينيا لاستقبال اللاجئين، مشددة على أنه لا يوجد مبرر للعملية العسكرية التى شنتها أذربيجان، فيما زادت باريس مساعداتها المقدمة هذا العام إلى يريفان إلى 12.5 مليون يورو.
وجاء رد الفعل الأوروبى أقل بكثير من توقعات أرمينيا التى طالبت الاتحاد بفرض عقوبات على باكو ووضع حد أقصى لأسعار نفط وغاز أذربيجان ووقف محادثات التكتل لتعزيز العلاقات معها، نظرًا لاعتماد أذربيجان بشدة على الدول الأوروبية كعملاء.
ويرجع هذا الموقف إلى عدم وجود توافق بين دول الاتحاد الأوروبى فيما يخص فرض عقوبات على أذربيجان، فبينما توافق بعض الدول، مثل فرنسا وهولندا، على اتخاذ تدابير صارمة، دولًا أخرى مثل المجر ورومانيا مترددة فى اتخاذ هذا القرار، وهذه الانقسامات فى التعامل مع الوضع الجديد بإقليم ناجورنو كاراباخ جاءت بفعل رهانات عدة؛ أهمها وضع الاتحاد الأوروبى إستراتيجية لتكثيف وجوده فى القوقاز، لعدة أسباب منها تنويع إمدادات الغاز، فبحلول عام 2027، التزمت أوروبا بمضاعفة وارداتها من أذربيجان لتغطية ما يزيد على 5% من احتياجاتها، كما أن أوروبا تمول العديد من مشاريع النقل فى جميع أنحاء المنطقة لتطوير طريق بديل نحو آسيا.
- الولايات المتحدة؛ اكتفى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، بإصدار بيان عبر فيه عن قلق بلاده إزاء الأعمال العسكرية التى تقوم بها أذربيجان فى إقليم ناجورنو كاراباخ، مؤكدًا أن هذه التصرفات تؤدى إلى تفاقم الوضع الإنسانى المتردى بالفعل فى الإقليم وتقوض احتمالات السلام، كما وجدت واشنطن فيما حدث فرصة لمهاجمة روسيا؛ إذ أكد الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر أن روسيا أظهرت أنها شريك أمنى لا يمكن الاعتماد عليه.
ويحكم الموقف الأمريكى من هذا النزاع، عدة عوامل، من بينها: الرغبة الأمريكية فى الضغط على روسيا على خلفية نزاعها فى أوكرانيا، ومحاولة خلق بؤرة توتر تقلق روسيا فى حديقتها الخلفية، سعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على الاستقرار فى منطقة جنوب القوقاز، والحفاظ على علاقاتها المستقرة مع كلا من أذربيجان وأرمينيا.
تبعات جيوسياسية عدة:
ما حدث من تغير للمشهد فى كاراباخ سينعكس على طبيعة الصراع والتنافس بين القوى الإقليمية والدولية فى منطقة القوقاز، حيث قد يكرس واقع جيوسياسى جديد بالمنطقة، من خلال إعادة تشكيل الأدوار الدولية والإقليمية بالمنطقة، فى ظل الجدل حول تراجع النفوذ الروسى والإيرانى مقابل تصاعد الدور الأمريكى والتركى والأذرى بها، ومن التبعات المحتملة للتطورات الأخيرة، ما يلى:
- تدهور العلاقات الروسية الأرمينية؛ بعد الموقف الروسى من عملية باكو، باتت يريفان أكثر اقتناعًا بأنه لم يعد من الممكن المراهنة على دور موسكو بشكل حصرى؛ ولذلك صرح رئيس وزرائها بأن أرمينيا تعيد تقييم التحالفات السابقة مع روسيا وعضوياتها فى كل المنظمات والهياكل الأمنية التى ترى أنها لم تقم بدورها فى الدفاع عنها، لتكون المحصلة أن تتحول أرمينيا بالكامل نحو الغرب، وهو ما ظهر من خلال خطوات تقارب يريفان مع واشنطن سالفة الذكر.
وبالتالى؛ قد يُفهم من تلميحات أرمينيا بأنها قد تتخلى عن الشراكة الأمنية المهمة مع موسكو، وربما يكون وجود قاعدتها العسكرية هناك مهدد بالانتهاء، بل قد تذهب يريفان إلى حد الخروج من معاهدة الأمن الجماعي؛ وهو تحالف عسكرى ترأسه روسيا، تأسس عام 2002 ويضم جمهوريات سوفييتية سابقة، وهى أرمينيا وبيلاروسيا وروسيا، بالإضافة إلى دول فى آسيا الوسطى وهى كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.
- تآكل النفوذ الروسى فى القوقاز لصالح واشنطن؛ لطالما كانت هذه المنطقة عمقًا حيويًا لموسكو، حيث عملت روسيا بشكل حثيث على الحفاظ على ما تبقى من نفوذها فى مناطق عمقها الحيوى، أى فى جمهورياتها السابقة فى أوروبا الشرقية والقوقاز، وراهنت فى ذلك على التزام الولايات المتحدة بتعهداتها بعدم الاقتراب نحو الحديقة الروسية الخلفية؛ أوروبا الشرقية والقوقاز، والحفاظ عليها كمنطقة تمثل العمق الاستراتيجى لروسيا الاتحادية.
ولكن واشنطن لم تلتزم بذلك؛ بل فرضت معادلات أكثر عدائية فى شرقى أوروبا والقوقاز، ظهرت فى قيام دول عدة كفنلندا وليتوانيا ولاتفيا والسويد وجورجيا وبولندا، وغيرها من الدول المجاورة لروسيا والقريبة منها، بالدفع قدمًا بمسارات الانضمام إلى حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبى أو عمليات التسلح الواسعة، فضلًا عن انقلاب أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا إلى خصوم لروسيا، وكل ذلك بالتأكيد يمثل ضربة للنفوذ الروسى فى هذه المنطقة.
وفى مقابل تراجع النفوذ الروسى، عملت الولايات المتحدة على فرض نفسها كلاعب أساسى فى القوقاز، واقتطاع جزء من الحصة السياسية فى المنطقة لصالحها، وذلك لخدمة عدة أهداف إستراتيجية لواشنطن؛ أبرزها: احتواء النفوذ الروسى والتضييق على تحالفاتها وعلاقاتها مع محيطها، مواجهة التمدد الصينى فى آسيا الوسطى وتطور العلاقات الصينية الروسية عبر السيطرة على الممرات القارية بين أوروبا وآسيا، ومحاصرة وتطويق إيران وإشعال الوضع الداخلى فيها، حيث إن حدود إيران المشتركة مع أرمينيا وأذربيجان تجعل من التوتر بابًا جيدًا للاختراق الأمريكى عبر تصدير العنف للداخل الإيرانى، ناهيك عن أزمة اللجوء التى ستتعرض إليها البلاد.
- التأثير على صادرات النفط وإمدادات الطاقة العالمية؛ حيث تشكل المنطقة ممرًا لخطوط رئيسية لنقل الطاقة إلى الأسواق العالمية والأوروبية، إذ يوجد بها العديد من خطوط أنابيب النفط والغاز التى تربط منتجى آسيا الوسطى بالأسواق العالمية.
وتستمد أذربيجان أهميتها فى تلك المنطقة، كونها يمر من خلالها خطوط رئيسية لنقل النفط وهي: خط باكو- نوفوروسيسك الذى يمتد من موانئ النفط خارج ميناء باكو فى أذربيجان إلى نوفوروسيسك عبر جنوب روسيا، وتبلغ طاقته الإنتاجية 180 ألف برميل يوميًا، خط باكو- سوبسا، والذى يمتد من باكو إلى ميناء سوبسا الجورجى عبر البحر الأسود، وخط أنابيب باكو- تبيميسي- جيهان، والذى يمتد من أذربيجان عبر العاصمة الجورجية تبليسى، وتركيا إلى ميناء جيهان عبر البحر المتوسط.
- تقوية النفوذ التركى والأذرى فى المنطقة؛ عزز انتصار باكو فى استرداد سيادتها على الإقليم، موقعها كقوة إقليمية صاعدة، بل قد تتحول بفضل سيطرتها الجغرافية على كاراباخ إلى عقدة ربط أساسية لطرق التجارة والعبور ونقل المواد الخام، كما ستكون لها مكانة أساسية فى كل الترتيبات الإقليمية اللاحقة.
كما أن تركيا، حليف أذربيجان المنتصرة، بالتأكيد خرجت رابحة من هذه المعركة التى ضمنت لها توسيع نفوذها السياسى فى الإقليم، فضلًا عن المصالح التجارية التى ستضمنها باكو لأنقرة خلال الفترة المقبلة ومنها زيادة الأهمية الجيوستراتيجية لتركيا فى ملف الطاقة.
- زيادة الضغوط على حكومة باشينيان؛ زادت التطورات الأخيرة التى طرأت على إقليم ناجورنو كاراباخ من حالة الاستياء فى الداخل الأرمينى إزاء حكومة رئيس الوزراء نيكول باشينيان، وهو ما انعكس فى التظاهرات المتزايدة التى تطالب بإقالة الحكومة، فضلًا عن احتمالية تأجيج الأوضاع فى يريفان والانزلاق نحو مزيد من عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى.
- مخاوف من نزاع عرقى بعد تهجير الأرمن؛ أدى الانتصار العسكرى الذى حققته أذربيجان على الانفصاليين من القومية الأرمينية فى كاراباخ، إلى واحدة من أكبر حركات النزوح فى جنوب القوقاز منذ سقوط الاتحاد السوفيتى فى تسعينات القرن الماضى، وقد أدى هذا النزوح الكثيف إلى تفاقم الأزمة الإنسانية على الحدود الأرمينية التى تستقبل المهاجرين، وسط مخاوف من أعمال انتقامية من قبل أذربيجان ضد الأرمن، مثل الاعتقالات والاضطهاد ورفض توصيل المساعدات الإنسانية لهم.
تساؤلات حول مستقبل الصراع فى القوقاز:
لقد اختلفت الآراء حول عودة السيطرة الكاملة لأذربيجان على إقليم ناجورنو كاراباخ فى عملية عسكرية مفاجئة؛ فقد اعتبرها البعض تسوية لهذا الصراع المجمد منذ عقود وبداية لمرحلة جديدة من السلام فى المنطقة، بينما اعتبرها البعض الآخر بأنها قد تكون بداية لحرب شاملة تنجر لها قوى إقليمية ودولية عدة، وهو ما يمكن إيضاحه على النحو التالى:
– الرأى الأول وهو الأقل ترجيحًا؛ يقوم على مجموعة من الافتراضات منها أن الدول الأطراف فى هذا الصراع لن يكون لديها الرغبة فى التصعيد وخاصةً موسكو التى لن تجازف بالدخول فى صدام ومواجهة مع تركيا التى أيدت باكو بشكل مباشر منذ بداية النزاع على الإقليم، فضلًا عن أن روسيا ليس فى وضع يسمح لها أن تفتح جبهة جديدة للقتال نظرًا لمأزق الحرب الروسية الأوكرانية.
ومن الافتراضات التى ينطلق منها هذا الرأى أيضًا؛ أن نصر أذربيجان الذى أجبر الانفصاليين على الدخول فى مفاوضات معها لتسليم أسلحتهم وإعادة دمج الإقليم كجزء من أذربيجان، يقضى فعليًا على حلم الانفصال، وإذا ما أحسنت باكو استغلال هذا النصر، وتصرفت بطريقة تطمئن السكان الأرمن بأنهم لن يتعرضوا للاضطهاد وسيعاملون كمواطنين أذربيجانيين، وإذا ما تعامل الانفصاليون ويريفان بواقعية وتحرروا من قيود الماضى ومنحوا أولوية لمزايا الانخراط فى سلام شامل، يمكن تحويل جنوب القوقاز إلى منطقة سلام ويمكن وقتها التوصل إلى تسوية للصراع.
– الرأى الثانى، وهو أكثر ترجيحًا من الرأى الأول؛ يرى أن التوتر فى منطقة جنوب القوقاز سيستمر بل إنه قد يشتد فى الآونة القادمة، ويقوم هذا الرأى على مجموعة من المعطيات؛ منها تشابك التحركات الإقليمية والدولية وارتباط التوتر فى هذه المنطقة بالصراع والتنافس الروسى الغربى، مما قد يقوى فرص أن تكون هناك حالة توتر وحرب بالوكالة طويلة الأمد.
فضلًا عن الرغبة الأمريكية والغربية بتحجيم نفوذ روسيا، وشعور أذربيجان بأنها قادرة على حسم المعركة، هذا إلى جانب مخاوف إيران من التقارب بين أذربيجان وإسرائيل وانقطاع حدودها مع أرمينيا، وهو ما يهدد بعرقلة الصادرات الإيرانية إلى روسيا وأوروبا، لذلك من المتوقع أن تزيد إيران من تدخلها بالحرب وذلك عبر دعم أرمينيا بالأسلحة والطائرات المسيرة.
وفى حال وقع هجوم من هذا النوع على الأراضى الأرمينية، يمكن أن يتحول إلى حرب إقليمية موسعة؛ حيث قد تدخل تركيا حليفة أذربيجان على الخط مقابل إيران الخصم التاريخى لأذربيجان والتى تراقب توسع النفوذ التركى فى منطقة القوقاز، ولا يُغفل مع هذه العوامل؛ أن المنطقة مهمة للغاية فى ملف الطاقة مما قد يزيد من التنافس الإقليمى والدولى عليها.
كما أن فرص تحقيق سلام شامل فى جنوب القوقاز تتطلب قبل كل شيء التوصل إلى سلام بين أذربيجان وأرمينيا، يقوم على الاعتراف المتبادل بالسلامة الإقليمية والحدود وفق القانون الدولى، وهذا لا يتوفر فى الوقت الحالى؛ فبعيدًا عن إقليم ناجورنو كاراباخ، هناك جدل حول وضع منطقة ناختشيفان الأذربيجانية، وهى جمهورية غير ساحلية تتمتع بالحكم الذاتى، ورغم إنها لا تشترك فى حدود مع أذربيجان، لكنها مرتبطة بباكو منذ عشرينات القرن الماضى، وتقع بين أرمينيا وتركيا وإيران.
وإجمالًا:
ما قامت به أذربيجان يوم 19 سبتمبر الماضى، هو تطور لافت سينعكس على الترتيبات الجيوسياسية فى منطقة القوقاز، خاصةً مع تغير حسابات الدول الأطراف فى النزاع على خلفية مجموعة من المتغيرات الدولية التى حدثت فى الآونة الأخيرة وعلى رأسها الحرب (الروسية – الأوكرانية)، الأمر الذى من شأنه أن يدفع المنطقة إلى حالة توتر محتدم، وتحول جنوب القوقاز إلى بؤرة جديدة للتنافس الأمريكى الروسى، ولا شك أنه نظرًا لرمزية المنطقة التاريخية بالنسبة لموسكو، فقد تكون هناك تحركات روسية جديدة للرد على دخول الولايات المتحدة بالمشهد فى هذه المنطقة التى كانت سابقًا منطقة نفوذ روسى دون منازع.