إعداد/ دينا لملوم
تشهد السودان حالة من التشرذم وتواجه معتركاً دامياً يعد الأخطر فى تاريخها السياسى الحديث، حيث اشتعال فتيل الأزمة بين قوات الدعم السريع والجيش، الأمر الذى قد يزج بالبلاد فى نفق مظلم من الانقسام بين قوتين متصارعتين عسكرياً، إذا لم يتم حسم الصراع لطرف واحد يتمكن من إحكام قبضته على السودان برمتها، هذا وقد انتقلت عدوى الصراع إلى دول الجوار، التى تشهد بطبيعة الحال، صراعات وتوترات سوف تزداد حدة جراء ذلك الوضع، وتكتم القارة السمراء أنفاسها فى ظل وضع مذرى قد يصل إلى حافة الهاوية إذا لم يتم وضع حد لهذه المعضلة.
شرارة الحرب الخامسة:
لم يكن الصراع الدائر فى السودان وليد اللحظة، بل هو امتداد لأربعة حروب سابقة، من بينها أحداث دارفور التى حدثت عام ٢٠٠٣، ومنها بدأت قوات الدعم السريع تكتسى بالشرعية التى منحها الرئيس السابق “عمر البشير” لحميدتى، وباتت الأوضاع فى السودان تزداد من سئ لأسوأ، حتى آن الأوان لتنفيذ الاتفاق الإطارى، تحت مظلة مجلس السيادة برئاسة البرهان، والذى يقضى بدمج قوات التدخل السريع فى قوام الجيش النظامى، فى ظل مرحلة انتقالية تنتظر إجراء الانتخابات وتسليم الحكم للمدنيين، إلا أن الخلافات وقعت بين حميدتى والبرهان، هذا الخلاف ظاهره طريقة الدمج، ولكن باطنه يكمن فى الخلاف على من سيمتلك النفوذ والسلطة؛ وذلك لأنه لا يمكن للسودان أن يكون لها رئيسين وتشكيلين مسلحين، ومن هنا فقد اشتعل فتيل الحرب، فالبرهان يرى أن قوات الدعم السريع تحد من قدرة الجيش على بسط نفوذه على البلاد، وأن التفاوض مع مثل هذه القوات ستكون مخرجاته تقاسم السلطة بين الطرفين، أما حميدتى الذى يحمل الرتبة الفخرية لا الميدانية، يرفض الدمج؛ لأنه سوف يؤدى إلى خروجه من السلطة، وقد كانت هذه القوات هى من أوصلته للسلطة؛ حيث أنه لم يمكن يمت للجيش بأى صلة؛ لذا فإنه لن يسمح بأى إجراء من شأنه إزاحة عرشه وتربعه على مقاليد الأمور فى السودان، وخسارة المكاسب التى حققها على مدار السنوات الماضية، ومن ثم فالوضع مفخخ ومتشابك، ينذر بتصعيد محتدم يتمسك فيه كل طرف بحقوقه التى تفجر الوضع بسببها، هذا وربما يلجأ الطرفان إلى طاولة المفاوضات لوقف المواجهة الحادة القائمة بشكل مؤقت، لحين إشعار آخر.
تأثير الدومينو الإقليمى:
فى ظل الأوضاع المضطربة التى يعيشها السودان، نجد أن حالة عدم الاستقرار فى البلاد تعنى انتقال عدوى الصراع، ونشوء حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة بأكملها؛ تأثراً بما يعرف بأثر الدومينو، وذلك فى ظل التحديات التى تعانى منها العديد من الدول الإفريقية، وبشكل خاص دول الجوار السودانى، والتى تواجه اضطرابات حادة داخل حدودها، كجنوب السودان وتشاد وإثيوبيا، علاوة على مصر وليبيا، وغيرهم من الدول؛ لذا فبقاء الأزمة دون حل سوف يؤدى إلى انعكاسات خطيرة ستمتد إلى الدول المجاورة للسودان، وسوف تدفع هذه الدول ثمن الصراع إذا لم يتم حل الأزمة بشكل عاجل وفورى، وسيتم الإشارة إلى أبرز الدول التى تأثرت بشكل كبير جراء هذا الصراع منها:
جنوب السودان:
تعمل حالة الهلع والقتل فى السودان على تعطيل صادرات النفط فى المنطقة، وهذه العملية من شأنها تسريع وتيرة التصدع الاقتصادى بالجنوب السودانى، حيث خيم الفقر المدقع على أغلبية الشعب؛ جراء التضخم المتفحل، ونهب الجنود والمسلحون الذين لم يتلقوا رواتبهم منذ فترة طويلة مستودعات المساعدات الإنسانية، وقتلوا العاملين فى المجال الإنسانى، أيضاً تعد الفيضانات التى ضربت البلاد مؤخراً، وتتابع عمليات القتال الداخلى وانتشار الفقر، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار والقتال الدائر حالياً على الحدود، دائرة مفرغة مفادها معاناة إنسانية تجعل أكثر من نصف سكان جنوب السودان فى حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية عاجلة؛ تجنباً لاحتمالية حدوث مجاعات فى هذه المجتمعات الهشة.
مصر:
يربط مصر بالسودان تاريخ مشترك فى السياسة والتجارة والثقافة، وقضية مياه النيل والتهديدات الإثيوبية لحصتهما من هذه المياه جراء مشروع سد النهضة، فهناك حلقة وصل مشتركة تدفع العلاقات المصرية السودانية إلى التعاضد والتعاون من أجل الحفاظ على حق تاريخى، والاستماتة فى مواجهة التعنت الإثيوبى، فكيف إذا تدهورت العلاقات بين هاتين الطرفين، فربما تتعقد جهودهما للتوصل إلى اتفاق بشأن السد، وقد تنتهج إثيوبيا دبلوماسية المياه العكرة، ومحاولة جذب الجانب السودانى لصالحها والتحالف سوياً ضد مصر، ومن ثم تعطيل المصالح المشتركة بين القاهرة والخرطوم، أيضاً تخشى مصر من الاضطرابات السياسية التى تشهدها السودان الواقعة على حدودها الجنوبية، التى قد تهدد أمن واستقرار البلاد، وماذا عن شأن الجالية السودانية فى مصر، والتى تعد أكبر جالية أجنبية على الأراضى المصرية، وقد تزداد وتيرة التدفقات من قبل السودانيين الفارين من الأوضاع المتدينة فى السودان، أيضاً فقد تضررت مصر من هذه الحرب، حيث قامت قوات الدعم السريع بأسر بعض الجنود المصريين الذين كانوا يشاركون فى تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين، حتى انتهى الأمر باستشهاد عضو من أعضاء البعثة الدبلوماسية، وربما التعدى على حرمتها التى نص عليها القانون الدولى، وصار المشهد السياسى متأزم، فى ظل صراع تشهده جارة مصر الجنوبية، قد تتحمل القاهرة فاتورة هذا الصراع أكثر من غيرها.
تشاد:
إن محاولة قوات غير نظامية مثل قوات الدعم السريع للوصول إلى السلطة فى الخرطوم من شأنه أن يشكل تهديداً وجودياً للنخبة الحاكمة فى تشاد، وتثار المخاوف داخل السلطات التشادية من أن انتصار حميدتى قد يعزز الطموحات داخل الفصائل المختلفة، خاصة قبيلة الرزيقات التى ينتمى إليها دقلو، وذلك على حساب قبائل أخرى، وتسعى إنجامينا للحفاظ على توازن ظاهرى ودعوة المتحاربين للحوار وإجراء محادثات بين الطرفين، وقد استقبل شرق تشاد أكثر من ٤٠٠ ألف لاجئ سودانى، وقد أدى الصراع الدائر فى السودان إلى لجوء ما بين ١٠ و ٢٠ ألف شخص فارين من المعارك، وهذا سوف يشكل عبئاً إضافياً على كاهل الخدمات العامة واستنزاف الموارد فى البلاد، وعلى خلفية الصراع الحالى، فقد قام العديد من العسكريين السودانيين بالدخول إلى الأراضى التشادية، هذا وقد قامت الحكومة بإغلاق الحدود مع السودان، وناشدت المجتمع الدولى والإقليمى بمنح الأولوية لإعادة السلام والاستقرار إلى البلاد.
إثيوبيا:
قد يرتد صراع النفوذ فى السودان عكسياً على دولة كإثيوبيا خاضت حرباً ضارية مع إقليم التجراى؛ نجم عنها توافد عشرات الآلاف من النازحين الإثيوبيين إلى الحدود السودانية الإثيوبية، وثارت توترات بشأن منطقة الفشقة الخصبة المتنازع عليها على الحدود، وذلك فى الوقت الذى تعد فيه الحدود السودانية من أكبر الملاذات للهاربين من حروب المنطقة، ونشوب الحرب الحالية من شأنه استمرار مسلسل المعاناة الإنسانية، حيث تهديد عمليات تدفق المساعدات الإغاثية إليهم، ومن ثم زيادة حدة الأزمة الإنسانية فى القرن الإفريقى، أيضاً بالرجوع إلى المناوشات الدائمة التى تشهدها المناطق الحدودية المتنازع عليها بين السودان وإثيوبيا، نجد أنه ربما يلجأ أى طرف من الطرفين لاستغلال الاضطرابات فى السودان للضغط من أجل تحقيق أهدافه، علاوة على ذلك قضية سد النهضة التى مازالت عالقة على مسرح الدبلوماسية الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، ومآلات الحرب فى السودان وتأثيرها على هذه القضية، ومحاولة آبى أحمد اغتنام هذه الفرصة لمواصلة تعنته ومحاولاته أحادية الجانب بشأن السد.
ليبيا:
قد تنعكس الأزمة فى السودان على الأوضاع فى ليبيا؛ نظراً لوجود حدود مشتركة هشة أمنياً بين طرابلس والخرطوم، وبالتالى فقد تكون الأراضى الليبية مرتعاً لقوات الدعم السريع حال إلحاق الجيش السودانى الهزيمة بهم، خاصة فى ظل العلاقة التى ربما تربط حميدتى بحفتر قائد قوات الجيش الوطنى الليبى، وكذا سوف يؤثر ما يجرى فى الخرطوم على ملف المرتزقة السودانيين الذين تسعى الأمم المتحدة لإخراجهم من البلاد، فتلك الجماعات قد تتخذ من الجنوب الليبى قاعدة عسكرية لإدارة عملياتها وتأمين قواتها حال هزيمتها فى الداخل السودانى، كل هذه الأمور من شأنها تهديد أمن واستقرار ليبيا، كما أنها تعد بمثابة جرس إنذار يشير إلى ضرورة التخلص من الميليشيات وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، حتى لا تنال مصير السودان، أيضاً يعد الاستقرار السياسى حالياً فى ليبيا مطلب هام ومحورى؛ نظراً لقرب موعد الانتخابات والتسوية السياسية التى ترعاها البعثة الأممية، ومن ثم فإطالة أمد الصراع فى السودان من شأنه تهديد هذه التسوية.
إريتريا:
يتواجد على الأراضى السودانية أكثر من ١٣٤ ألف لاجئ وطالب لجوء من إريتريا، حيث الهروب من نظام التجنيد الإجبارى الذى يفرضه نظام الحكم فى أسمرة، هذا بالإضافة إلى فرار الكثير من اللاجئين الاريتريين فى شمال إثيوبيا من مخيماتهم على خلفية القتال الذى دار فى إقليم التجراى، وقد يواجه اللاجئون الاريتريون فى السودان نفس المصير فى حال تفاقمت الأوضاع وخرج الصراع عن محيط الخرطوم، هذا وقد يعمل طوفان اللاجئين المتدفق إلى إريتريا إلى تفاقم الصراعات الداخلية وزعزعة استقرار وأمن البلاد.
السعودية والإمارات:
لعب كلاً من السعودية والإمارات دوراً مهماً فى الشأن السودانى، حيث قيام السعودية بتقديم المساعدات المالية والعسكرية للسودان؛ كنوعاً من رد الجميل على الوقوف بجانبها فى نضالها ضد الحوثيين فى اليمن، فضلاً عن محاولة خلق دور عربى للتوفيق بين الأطراف المتصارعة، أيضاً اهتمام الإمارات بالذهب الذى يملك حميدتى قائد قوات الدعم السريع حق التنقيب عنه، وربما شكلت محاولات السعودية والإمارات للتدخل فى الوضع السودانى مسعى يهدف إلى مجابهة النفوذ الإيرانى فى المنطقة، وفى نفس الوقت ترسيخ وجودهما العسكرى فى القرن الأفريقى.
لاعبون دوليون:
روسيا:
تتدخل روسيا فى الشأن السودانى بشكل محدود يتمثل فى تقديم المساعدة العسكرية وتدريب الجيش السودانى، ويأتى هذا الدعم فى إطار استراتيجية روسيا الموسعة التى تهدف إلى زيادة نفوذها فى إفريقيا، وتأمين الوصول إلى الموارد الطبيعية، وقد تكون السودان أول دولة تنضوى تحت مظلة النفوذ الروسى، منذ أن سُمح لقوات فاغنر سيئة السمعة بالتغلغل فى الداخل السودانى، ووجود علاقة وطيدة بينها وبين قوات الدعم السريع فى مجال التسليح والتدريب والحراسة، ناهيك عن تعزيز الحضور الروسى فى السودان من خلال هذه القوات، والتى عملت على تغذية النزاعات القائمة، ودعم الأنظمة الاستبدادية، ومن ثم عرقلة مسيرة الديمقراطية، والجهود الرامية إليها، كل هذا من أجل بسط سياسة الأيدى الطويلة، ونهب ثروات وخيرات البلاد، لعل أبرزها استغلال مناجم الذهب وتهريب كميات هائلة منه خارج البلاد، خاصة فى ظل الحرب الروسية على أوكرانيا وتسارع وتيرة العقوبات المفروضة على روسيا، ومن ثم انهاكها اقتصادياً؛ لذا فقد تمثلت ثروات السودان مورداً لتمويل حرب موسكو على كييف، ومن هنا فقد تهيأت الأوضاع وسنحت الفرصة لتوغل مثل هذه القوات فى السودان ونهب ثرواتها، وكلما زادت الأوضاع سوءاً كلما جعلت البلاد مرتعاً لتكالب القوى الغربية على السودان، واتخاذها كمفتاح وبوابة للقارة الإفريقية، خاصة فى ظل التوجهات الأجنبية الأخيرة نحوها، والمساعى نحو إعادة التموضع واستغلال ثروات وموارد القارة.
الولايات المتحدة الأمريكية:
سعت واشنطن فى خضم هذه الحرب إلى تجنب إخفاقات متكررة، خاصة بعد فشلها دبلوماسياً فى ليبيا، عندما تعرضت قنصليتها فى بنغازى للحصار والاقتحام عام ٢٠١٢، والتى أسفرت عن مقتل أربعة دبلوماسيين أمريكيين، ومن ثم فقد مثل ذلك إخفاقاً دبلوماسياً وأمنياً للولايات المتحدة الأمريكية؛ لذا فقد سعت إدارة بايدن لسحب دبلوماسييها؛ تجنباً لتكرار نفس المشهد، خاصة فى ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع عقدها نوفمبر ٢٠٢٤، إلا أن أذرع واشنطن لم تنقطع من أفريقيا، بل قد تكون قاعدتها العسكرية فى جيبوتى “ليمونييه”، نقطة الانطلاق الأساسية التى تتمكن من خلالها من توجيه رسائل مباشرة توحى بوجودها فى المنطقة، وتعلن عن جاهزيتها للتعامل مع ارتدادات أى أزمة محتملة، كما أن واشنطن ترغب فى تعزيز استقرار السودان، لما فى ذلك من خدمة أهدافها الاستراتيجية المتوسعة فى المنطقة، من بينها مكافحة الإرهاب، وقطع أذرع النفوذ الصينى الروسى فى القارة الأفريقية.
الصين:
كطبيعة السياسة الصينية التى تتبع الحياد دائماً وتحفظ نفسها بمنأى عن أية صراعات، فقد اتبعت نهجاً أكثر حذراً تجاه الأزمة فى السودان، فى محاولة لتحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية وحفظ ماء وجهها بعدم التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد، واستمرت فى عمليات الاستثمار فى النفط السودانى وفى قطاع المبانى والمنشآت، كما دعت إلى ضرورة الحل السلمى للصراع، وعرضت التوسط بين الجيش وقوات الدعم السريع، وينبع اهتمام الصين باستقرار البلاد من رغبتها فى تأمين الوصول للموارد الطبيعية وتوسيع نفوذها فى المنطقة، فدائماً ما تحكم المصلحة المشتركة قواعد اللعبة السياسية فى إفريقيا التى حاول المثلث الأمريكى- الروسى- الصينى امتلاك مفاتيحها، بشكل فردى، وإحكام السيطرة عليها.
سيناريوهات ومآلات الوضع الحالى فى السودان:
السيناريو الأول:
تطلعات نحو وقف إطلاق النار: ففى ظل تصاعد وتيرة حرب المدن أو ما يعرف بحرب الشوارع، بالرغم من الضغوط الدولية والإقليمية التى تُمارس على الفواعل السودانية، نجد أن المشهد مازال ملتهب، إلا أنه من المرجح أن يتم وقف إطلاق النار بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، مع وجود محاولات قتال متقطعة فى المناطق الحضرية.
السيناريو الثانى:
زيادة حدة الصراع: ربما يؤدى التكافؤ النسبى فى قدرات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى مواصلة عمليات الاقتتال فى المدن دون وقف إطلاق النار، مع إثارة المخاوف بشأن قيام بعض الدول فى المنطقة بدعم الطرف الحليف لها مادياً وعسكرياً، الأمر الذى سيعمل على زيادة حدة الحرب وإطالة أمد الصراع، إشارة إلى تحليلات ورد بها تلقى قوات الدعم السريع المساعدة من قوات فاغنر الروسية.
السيناريو الثالث:
تغليب طرفى الحرب على حساب الطرف الآخر: تأتى الحرب لتحط بأوزارها، وتلحق الهزيمة بطرف على حساب الطرف الآخر، ومن ثم تغليب موازين الحرب لصالح جانب واحد من الجوانب المتصارعة، وإجبار الجانب الآخر على اللجوء إلى مناطق نائية من البلاد، وذلك الاحتمال ربما يكون هشاً؛ نظراً لتشابك الأوضاع الحالية فى الخرطوم، وتنامى شوكة حميدتى وقواته.
السيناريو الرابع:
تشكيل تحالف ثلاثى بين الجيش وقوات الدعم السريع وممثلين عن الشعب السودانى: تأتى هذه المحاولة الجادة لدعم تكوين تحالف بين القوى الثلاثة الممثلة فى الجيش وقوات الدعم السريع وممثلين عن الشعب السودانى، بما ينعكس إيجاباً على مصلحة الشعب السودانى ومراعاة حقه فى العيش بسلام واستقرار، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الخاصة، والعمل على تصفية الحسابات وإيجاد مخرج لهذه المعضلة، مع التأكيد على منع تمدد الأذرع الأجنبية فى هذه الحلقة الثلاثية، وأن يكون الحل داخلياً ذاتياً دون الانصياع لرغبات الغرب، التى دائماً ما تسعى لتعزيز مصالحها على حساب آلام ومعاناة الشعوب، وبصفة خاصة الشعب الإفريقى المُستنزف.
ختامًا:
بالنظر إلى تعقد المشهد فى السودان، نجد أنه لابد من التكاتف والتعاضد بين عناصر الأمة السودانية المتصارعة مع الأخذ فى الاعتبار معاناة الشعب، والكف عن المظالم، وتدمير البنى التحتية فى البلاد، فتلك الحرب كانت حرباً نفسية للمواطنين، وحلقة مفرغة من التوترات والاضطرابات التى تزداد وتيرتها يوماً تلو الآخر، دون العبء بالشعب ولا آلامه، بالرغم من كونه الخاسر الأكبر فى هذه اللعبة السياسية، كما أن هذه الأوضاع تعطى الفرصة للقوى الدولية بالتدخل فى الأزمة، ومن ثم إطالة عمر الصراع، وتشبيك وتعقيد الأوضاع التى قد تؤدى بالبلاد فى نفق مظلم، لن يتأذى منه سوى السودانيين، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، وانحدار العلاقات مع الخرطوم وغيرها من العديد من الدول التى بدأت بالفعل فى إجلاء مواطنيها وبعثاتها من البلاد، ومن ثم فقد تدخل السودان فى طور جديد من تهشم علاقاتى بينها وبين العديد من الدول، قد يصل إلى حد القطيعة مثلما حدث فى سوريا.