جولة أفريقية للرئيس المصري لثلاث من دول القارة… السياق والدلالات

إعداد: شيماء عبد الحميد

في إطار حرص مصر على تعزيز علاقاتها مع دول القارة الأفريقية، واستكمالًا لمساعيها الحثيثة لتقوية نفوذها في القارة السمراء، بدأ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يوم 6 يونيو الجاري، جولة خارجية أفريقية، تشمل زيارة 3 دول من الجنوب الأفريقي، هي “أنجولا، وزامبيا، وموزمبيق”، وقد عقد خلالها الرئيس المصري، سلسلة من المباحثات الثنائية مع زعماء الدول الأفريقية؛ بهدف بحث آليات تعزيز أوجه التعاون الثنائي مع مصر، وكيفية التعامل مع مشاغل القارة الأفريقية، وتعزيز الاندماج الاقتصادي في القارة، وكذلك شهدت الجولة مشاركة الرئيس “السيسي” في أعمال القمة الـ22 لتجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “الكوميسا”، والتي خلالها تم تسليم رئاسة التجمع الدورية من مصر إلى زامبيا.

أبرز فعاليات الجولة:

أنجولا؛ وصل الرئيس “السيسي” إلى العاصمة لواندا، كأول رئيس مصري يزور أنجولا، في المحطة الأولى لجولته؛ حيث عقد ونظيره الأنجولي، جواو لورينسو، يوم الأربعاء الماضي، جلسة مباحثات ثنائية، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة، بحضور وفديْ البلديْن.

تطرقت المباحثات إلى عددٍ من الملفات والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها؛ مجمل تطورات بؤر النزاعات المختلفة بالقارة خاصةً السودان، وكذلك سبل تضافر الجهود بين البلديْن لمكافحة ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف في القارة الأفريقية، خاصةً من خلال تعزيز التعاون الأمني بين الأجهزة المعنيّة بالبلديْن؛ لمواجهة تلك الآفة العابرة للحدود، كما تناولت المباحثات قضية سد النهضة الإثيوبي؛ حيث تم تأكيد أهمية التوصل لاتفاق قانوني مُلْزِم، بشأن ملء وتشغيل السد؛ اتساقًا مع قواعد القانون الدولي، وبما يراعي شواغل الأطراف المعنية، وقد شهد الرئيسان في ختام المباحثات، التوقيع على مذكرتيْ تفاهم للتعاون في مجاليْ “التعاون الأمني، والاستفادة من المياه الجوفية”.

زامبيا؛ وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى العاصمة الزامبية لوساكا؛ حيث شارك في أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “الكوميسا”، وقد شهدت القمة قيام الرئيس المصري، بتسليم الرئاسة الدورية لتجمع الكوميسا إلى الرئيس الزامبي، هاكيندي هيتشيليما.

ويُشار إلى أن مصر حرصت خلال رئاستها للتجمع على تعميق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، بما يتماشى مع اتفاقية منظمة التجارة الحرة الأفريقية؛ الأمر الذي يُسْهِم في تعظيم قيمة الموارد الطبيعية والبشرية الأفريقية، بما يجعلها قادرة على خلْق بيئة جاذبة للاستثمار والتنافس، من خلال إطلاق عددٍ من المبادرات النوعية؛ الرامية للمساهمة في تعميق التكامل في عددٍ من القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية بين دول الكوميسا؛ منها: إطلاق خطة عمل متوسطة المدى للفترة من “2021 – 2025″، فضلًا عن إطلاق مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط؛ للربط بين عشر دول أفريقية، وتسهيل التبادل التجاري بينها، وكذلك مبادرة جسور لتقديم منظومة متكاملة من خدمات النقل واللوجستيات للمصدرين والمستوردين، كما قامت مصر بإعداد مبادرة التكامل الصناعي الإقليمي، والتي تضمنت 7 محاور أساسية وهي: “تكامل سلاسل القيمة الإقليمية، إدراج الشمول المالي، تنمية التجارة البينية الأفريقية، زيادة الاستثمار الصناعي، تقديم الحلول الابتكارية، التحول الرقمي، وتنمية الاقتصاد الأزرق المستدام”.

وعلى هامش القمة؛ عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مباحثات ثنائية مع نظرائه، الكيني ويليام روتو، والمالاوي لازاروس تشاكويرا، والزامبي هاكيندي هيتشيليما، والتي شملت سبل دفع العلاقات الثنائية، استعراض آخر التطورات الخاصة بالأوضاع في القارة الأفريقية، فضلًا عن تطورات قضية سد النهضة وسبل تعزيز التعاون بين دول حوض النيل.

موزمبيق؛ وصل الرئيس المصري إلى العاصمة مابوتو في مُستهلِّ زيارته لموزمبيق؛ حيث أجرى مباحثات مع الرئيس الموزمبيقي، فيليب نيوسي، بمقر القصر الجمهوري بمابوتو، والتي هي أول زيارة على الإطلاق لرئيسٍ مصريٍّ إلى البلاد.

وشهدت المباحثات بين الرئيسيْن اتساقًا في وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً الأزمة السودانية، وقد تم التوافق في هذا الصدد حول تكثيف التشاور السياسي والتنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة بخصوص الملفات الملحة على الساحة الأفريقية، ومن بينها تطورات الأوضاع في بؤر النزاعات المختلفة بالقارة، وكذلك التداعيات السلبية لمختلف الأزمات العالمية، القائمة على جهود دفع عملية التنمية في الدول الأفريقية، لا سيما في ظل انتخاب موزمبيق لعضوية مجلس الأمن الدولي للفترة “٢٠٢٣ – ٢٠٢٤”.

دلالات الجولة وأهميتها:

تأتي الجولة المصرية في سياقٍ أفريقيٍّ هام؛ حيث تتزامن مع بروز تهديدات عدة، تتصدرها الأزمة السودانية، خاصةً وأن للسودان حدودًا مع 7 دول، على رأسها؛ مصر، فضلًا عن احتدام التنافس الدولي والإقليمي في القارة؛ ما يستدعي إستراتيجية مصرية تواكب التطورات المتلاحقة في هذه المنطقة ذات الأهمية الجيوسياسية بالنسبة للقاهرة، وهذا السياق المتوتر للجولة يعطيها أهمية ودلالات عدة؛ منها:

تتعلق الجولة بأبعاد عديدة؛ سواءً فيما يتعلق بزيادة التعاون المشترك بين القاهرة والعواصم الأفريقية، بما يعزز من الأمن القومي المصري والتواجد في القارة، فضلًا عن السعي لحل الأزمات المشتعلة في عدد من الدول الأفريقية، هذا إلى جانب وجود ملف سد النهضة على طاولة المباحثات التي شملتها الجولة؛ حيث تمَّ شرح وتوضيح الرؤية المصرية بشأن أزمة السد وتداعياته على حياة المصريين، مع التأكيد على ضرورة التوصل لاتفاقٍ قانونيٍّ مُلْزِمٍ لضمان حقوق كل الأطراف.

الدول الثلاث التي شملتها الجولة تقع في جنوب القارة، وهي منطقة كانت تحظى بأولوية أقل في السياسة الخارجية المصرية، مقارنةً بمناطق مثل دول حوض النيل والشمال الأفريقي التي كانت تحظى بتركيز أكبر بالنظر إلى المصالح الإستراتيجية لمصر في تلك المناطق؛ ما يجعل هذه الجولة ذات أهمية بالغة؛ حيث إنها تفتح أفقًا جديدةً أمام تحرُّك الدبلوماسية المصرية في الجنوب الأفريقي.

تأتي الجولة استكمالًا لإستراتيجية الدولة المصرية لتعميق علاقاتها الأفريقية؛ نظرًا لوجود مصالح جامعة مشتركة بين مصر ودول القارة؛ منها ما يتعلق بمستقبل القارة وسط تحديات كبيرة في النظام الدولي، أمن البحر الأحمر الذي يرتبط بأمن أفريقيا، كما أنه مهم بالنسبة لمصر من زاوية تأمين قناة السويس، وغير ذلك من القضايا الأفريقية التي تؤثر على مصر.

تدل الجولة على أن مصر تعطي أولوية خاصة للبعد الأفريقي كإحدى أهم دوائر السياسة الخارجية المصرية، بما يدفع جهود التنمية الوطنية والإقليمية الأفريقية، وفقًا لأجندة أفريقيا 2063، ويرسخ دور مصر المحوري في دعم مسار البناء والإعمار وتوحيد الجهود من أجل مستقبل أفضل.

تحمل الجولة أهمية اقتصادية كبيرة؛ حيث إنها تهدف في الأساس إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، الذي يُعدُّ الأداة الرئيسية التي تعول عليها مصر في تعظيم نفوذها بالقارة، والدليل على ذلك أن الدول التي شملتها الجولة المصرية هي دول غنية وبها إمكانيات وموارد، خاصةً فيما يخص القطاع الزراعي؛ ما قد يفيد مصر في ملف الأمن الغذائي، كما أنها تمثل أسواقًا وفرصًا واعدة للشركات المصرية من ناحية الاستثمار والتجارة.

تؤكد مشاركة الرئيس “السيسي” خلال زيارته العاصمة الزامبية لوساكا، في أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “الكوميسا”، رؤية الدولة المصرية في حرصها الدائم على تسخير إمكاناتها وخبراتها؛ لدفع عجلة العمل الأفريقي المشترك لآفاق أرحب، كما تؤكد على أهمية دفع التكامل الاقتصادي الإقليمي بين دول القارة، في ظل ما فرضته الأزمة الاقتصادية العالمية من تحديات تستلزم تنمية التجارة والاستثمارات البينية.

مساعٍ مصرية لتعزيز التواجد الأفريقي:

تُعدُّ زيارة الرئيس “السيسي” إلى الجنوب الأفريقي امتدادًا للمساعي المصرية المستمرة؛ لتعزيز وجودها في المشهد الأفريقي، وقد شملت تلك المساعي مجموعة من الأدوات التي عبَّرت في مجملها عن تطور في الرؤية المصرية حول علاقاتها مع نظيراتها الأفريقية، ومنها:

1. على المستوى الاقتصادي؛ حرصت مصر على تعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق التكامل بين الدول الأفريقية، ومن أجل هذا الهدف، اتخذت القاهرة مجموعة من الخطوات؛ منها تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية، إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في أفريقيا؛ بهدف تشجيع المستثمرين المصريين والأجانب على الاستثمار بالقارة، هذا بالإضافة إلى توفير ضمانات للمستثمرين، بشأن المخاطر السياسية والاقتصادية، والتي تُعدُّ أكبر عائق للاستثمار بالدول الأفريقية.

وفي فبراير 2022، أعلن الرئيس “السيسي” عن إنشاء أول منطقة تجارة لوجستية مصرية حرة في جيبوتي، أثناء استقباله نظيره الجيبوتي، عمر جيلي، في القاهرة، كما أعلن وزير الاقتصاد الكاميروني، عثمان ماي، خلال الاجتماع الثالث لمجلس إدارة برنامج جسور التجارة “العربية – الأفريقية”، في مارس 2022، أن بلاده مهتمة بإنشاء مجلس أعمال “مصري – كاميروني”؛ لبحث آفاق التعاون الاقتصادي والتكنولوجي بين البلديْن، فضلًا عن استضافة مصر أول منتدى اقتصادي للاستثمار بين “مصر، وموريشيوس”، في نوفمبر 2022، بمشاركة أكثر من 25 شركة في 6 قطاعات اقتصادية مختلفة؛ بهدف رفع معدلات التبادل التجاري بين البلديْن، وقد افتتحت مصر مؤخرًا مشروع سد جوليوس نيريري، في تنزانيا؛ بهدف إنتاج الطاقة الكهرومائية، وهو المشروع الذي تولَّت تنفيذه مصر، بموجب عقد بقيمة 2.9 مليار دولار.

إلى جانب ذلك؛ تشارك مصر في مجموعة من المشروعات القارية الكبرى، وبخاصة في مجال النقل والربط الكهربائي، وعلى رأسها؛ الطريق البري “القاهرة – كيب تاون”، الذي يستهدف الربط بين 9 دول أفريقية، من خلال إنشاء طرق برية عابرة لدول القارة؛ لتسهيل حركة الاستثمار والتجارة؛ حيث سيمر الطريق البري عبر دول “مصر، والسودان، وكينيا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي، والجابون”، وحتى “كيب تاون” عاصمة جنوب أفريقيا، ومشروع الربط الكهربائي بين “أفريقيا، وأوروبا”، يستهدف ربط مصر بدول القارتيْن “الأفريقية، والأوروبية”، عن طريق إمداد دول القارتيْن بالكهرباء، عن طريق الأبراج المعدنية العابرة للحدود، ومن المتوقع أن يحول مصر إلى نقطة مهمة في نقل الكهرباء للقارتيْن، بحلول عام 2035.

وفي ضوء المعطيات سالفة الذكر؛ ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى دول الكوميسا من 2342 مليون دولار عام 2020 إلى 3.1 مليار دولار عام 2021، بنسبة ارتفاع قدرها 30.9%، كما ارتفعت مرةً أُخرى عام 2022 لتسجل 3.4 مليار دولار، بنسبة ارتفاع قدرها 10.9% عن 2021، فيما بلغت قيمة الواردات المصرية من دول الكوميسا 1.9 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 1.3 مليار دولار عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 42.4%.

فيما ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين “مصر، ودول الكوميسا” لتصل إلى 5.3 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 4.4 خلال عام 2021، بينما ارتفع حجم التبادل التجاري بين “مصر، والدول الأفريقية” كافة إلى نحو 6.3 مليار خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2022 مقابل 5.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها لعام 2021، محققة زيادة بنسبة 14.5%، كما نمت الصادرات المصرية لدول أفريقيا بنسبة 3.3%، لتصل إلى حدود 483.9 مليون دولار مطلع عام 2023، مقابل 468.3 مليون دولار مطلع العام 2022، بزيادة بلغت قيمتها 15.5 مليون دولار، فيما تستهدف الإستراتيجية المصرية زيادة صادراتها إلى أفريقيا إلى نحو 10 مليارات دولار، بحلول عام 2025.

2. على المستوى السياسي؛ كانت أداة الزيارات والاجتماعات المشتركة من أهم أدوات التفاعل بين الجانبيْن “المصري، والأفريقي”؛ حيث كثَّفت مصر من نشاطها الدبلوماسي في القارة الأفريقية، إذ احتلت الزيارات لدول القارة أكثر من 30% من مجمل الزيارات الرئاسية خلال السنوات الأخيرة؛ حيث:

– عقد الرئيس المصري لقاءات مشتركة مع كل من رئيس الكونغو الديمقراطية، ورئيس وزراء موريشيوس على هامش أعمال قمة “بريطانيا – أفريقيا” للاستثمار 2020؛ حيث تم التباحث خلالها حول سبل تعزيز التعاون البيني في المجالات المختلفة.

– زيارة “السيسي” إلى “جوبا”، في نوفمبر 2020؛ حيث تناولت الزيارة مختلف الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف السياسية بين البلديْن.

– استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، لنظيره الإريتري، في يوليو 2020، والرئيس الكيني، في أكتوبر 2020، والبوروندي، في مارس 2021، وكانت آخر الزيارات الثنائية التي أجراها “السيسي” لدولة أفريقية، في مايو 2021؛ إذ زار جيبوتي، وهي الزيارة الأولى لرئيس مصري.

– أجرى العديد من رؤساء الدول الأفريقية زيارات رسمية إلى مصر، مثل: “السودان، جنوب السودان، غينيا الاستوائية، تشاد، أفريقيا الوسطى، إريتريا، جنوب أفريقيا، بوروندي، الصومال، كونغو الديمقراطية، وتونس”، فضلًا عن زيارات العديد من الوزراء والمسؤولين الأفارقة لمصر.

3. على مستوى المنظمات والتجمعات الأفريقية؛ توجت جهود مصر لتعزيز دورها في أفريقيا؛ باختيارها لتولِّي رئاسة الاتحاد الأفريقي، خلال عام 2019، وهو القرار الذي تم اعتماده بقمة الاتحاد، في يناير 2018، وقد كانت هذه هي المرة الأولى التي تنتقل فيها الرئاسة إلى مصر، منذ أن تأسس الاتحاد في 2002.

وقد أطلقت مصر خلال رئاستها للاتحاد مجموعة من مبادرات التعاون مع دول القارة، منها مبادرة إسكات البنادق؛ للحد من النزاعات المسلحة في أفريقيا، كما دشنت منتدى أسوان للسلام والتنـمية؛ ليكون منصة أفريقية لمناقشة مختلف التهديدات والتحديات التي تواجه القارة، كما سعت للإسراع لدخول اتفاقية التجارة الحرة القارية حيِّزَ التنفيذ، في 30 مايو 2019، بعد قيام 22 دولة بالتصديق عليها، كما نجحت مصر في استضافة مقر مركز الاتحاد الأفريقي؛ لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، في نوفمبر 2019، كما نجحت في الفوز باستضافة وكالة الفضاء الأفريقية.

وإلى جانب رئاسة الاتحاد الأفريقي، فقد تسلمت مصر رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في أكتوبر 2020، وهو الجهاز الأفريقي الرئيسي المعنيّ بموضوعات السلم والأمن في القارة، كما تولَّت رئاسة تجمع الكوميسا عام 2021، وذلك للمرة الأولى بعد مرور 20 عامًا على تولِّيها الرئاسة في 2001، بالإضافة لرئاسة مصر الوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي، في مارس 2023، وقد عكست رئاسة مصر لتلك المؤسسات ثقة الدول الأفريقية في دورها وقيادتها.

4. على المستوى العسكري؛ حرصت مصر على نقل خبراتها وإمكاناتها العسكرية إلى الدول الأفريقية، خاصةً في ظل التهديدات الأمنية المحيطة بالقارة، وقد اتخذت القاهرة عدة خطوات في هذا الشأن؛ منها:

– توقيع 5 اتفاقيات عسكرية في 2021؛ وهي: اتفاقية تعاون عسكري مع الكونغو الديمقراطية، وكذلك اتفاقية تبادل المعلومات العسكرية مع أوغندا، في أبريل 2021، وتوقيع اتفاق للتعاون الدفاعي مع كينيا، في مايو 2021، فضلًا عن الاتفاقية الدفاعية مع السودان وأخرى مع رواندا.

– عقدت مصر خلال عام 2022، مجموعة من الاتفاقيات العسكرية مع بعض دول القارة، من بينها اتفاق التعاون العسكري بين “مصر، وبوروندي”، في ديسمبر 2022، خلال اجتماع اللجنة العسكرية “المصرية – البوروندية”، فضلًا عن توقيع مذكرة تفاهم عسكري مع جزر القمر، في أغسطس 2022.

– اهتمت مصر بتعميق العلاقات الأمنية “المصرية – الأفريقية”؛ وذلك عبر إطلاق سلسلة من المناورات العسكرية، منها التمرين العسكري المشترك حراس الجنوب 2 بين “مصر، والسودان”، والذي نُفِّذَ للمرة الثانية في ديسمبر 2022.

إجمالًا:

 واجهت الدولة المصرية عدة تحديات، قد تكون أثَّرت سلبًا على وجودها ومكانتها في القارة الأفريقية؛ لذلك تسعى مصر جاهدةً على تعزيز العلاقات “المصرية – الأفريقية”؛ لتعود إلى تلك الهيمنة، التي سبق وأن تمتعت بها في المشهد الأفريقي، وتؤطر سياستها الخارجية تجاه دول القارة، وفقًا لمجموعة من المحددات؛ منها التنسيق والتعاون المشترك، فضلًا عن توحيد الجهود المبذولة في مواجهة أزمات ومشكلات القارة، ويتوقف مدى وصول مصر إلى أهدافها الإستراتيجية في القارة على قدرتها مع التعامل والتكيُّف مع التحديات الراهنة، ذلك في ظل الإمكانات المتاحة، كما أن هناك ضرورةً للانخراط في بناء شراكات اقتصادية وعسكرية مع الدول المنافسة، وكذلك تنشيط الدبلوماسية المصرية.

كلمات مفتاحية