حراك دبلوماسي بين مالي والجزائر وهجوم إعلامي من باريس على سلطات باماكو

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

 

قام وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامره بزيارة لمالي من الخميس فاتح سبتمبر إلى الجمعة يوم 2 من نفس الشهر شارك خلالها في اجتماع لجنة متابعة اتفاق السلام الموقع في الجزائر بين أطراف الأزمة المالية سنة 2015 .

و قد عقد رئيس الدبلوماسية الجزائرية فور وصوله العاصمة باماكو ، اجتماعا مطولا مع نظيره المالي عبد الله جوب في إطار الدورة الثامنة عشرة للجنة الإستراتيجية الثنائية بين مالي والجزائر.

وبخروج رئيسي دبلوماسيتي البلدين من الاجتماع أعلن كل منهما عن إرادة مالي والجزائر في تنشيط ما يعرف باللجنة المشتركة لقيادة الأركان العملياتية التي تضم مالي والجزائر وموريتانيا والنيجر وقد تم إنشاؤها سنة 2010 بمبادرة من الجزائر ويوجد مقرها في مدينة تمانراست ولكنها بقيت دون نشاط لفترة طويلة لأسباب تتعلق بالسياق المحلي في مالي والجزائر. ولكنها عقدت اجتماعا بالعاصمة المالية باماكو في فبراير من هذه السنة لم يصدر عنه أي قرار.

إلا أنه منذ ثلاثة شهور وبالتحديد في مايو 2022 خرجت مالي من تحالف عسكري آخر مشابه هو مجموعة دول الساحل الخمس التي لا تنتمي لها الجزائر. وقد أشار رئيس الدبلوماسية المالية عبدو الله جوب في تصريح إعلامي إلى جانب نظيره الجزائري بعد اجتماعهما الحالي،أنهم اليوم يسعون بجد إلى تنشيط وتعزيز لجنة قيادة الأركان العملياتية المشتركة من أجل محاربة الجماعات الإرهابية حسب تعبيره مشيرا إلى أن الخبراء عاكفون على ما يمكن أن يعمله البلدان معا من أجل إعادة السلم والأمن إلى المنطقة وهي طريقة حسب تعبير وزير الخارجية المالي لإيجاد حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية دون سد الباب أمام أصدقائنا من غير الأفارقة.

ويرى المراقبون أن هذه فرصة سانحة للجزائر من أجل تعزيز نفوذها في الساحل ولكن المشاكل التي طرحت على مجموعة دول الساحل الخمس وأدت إلى تفككها ستكون مطروحة أيضا للجنة قيادة الأركان العملياتية المشتركة لأن النيجر الذي هو عضو في هذه اللجنة قد استقبل القوات الفرنسية المنسحبة من مالي في الوقت الذي تعول فيه مالي على حليفها الجديد روسيا.

أما موقف الجزائر من هذا الموضوع فقد بقي غامضا حسب المراقبين الذين يعتبرون أن روسيا شريك تاريخي للجزائر خاصة على الصعيد العسكري. ولكن هؤلاء المراقبين يلاحظون في نفس الوقت في سياق متناقضات الحراك الدبلوماسي الدائر حاليا حول مالي ، أن الرئيس الفرنسي أثناء زيارته للجزائر الأسبوع الماضي قد عقد اجتماعا هو الأول من نوعه بين القيادات في الجزائر وفرنسا حيث ضم الرئيس الفرنسي والرئيس الجزائري إلى جانب قائدي جيوشهما وقائدي جهاز المخابرات في البلدين دون أن ترشح معلومات عما دار في هذا الاجتماع ولكن المراقبين لا يشكون في أن الملف المالي والحضور الروسي في المنطقة قد جرى تناولهما أثناء هذا الاجتماع.

لقد صرح رئيس الدبلوماسية الجزائرية في مالي بأن الجزائر قد انتصرت على الإرهاب وأنه لا مستقبل للإرهاب في مالي ولكن المراقبين يتساءلون عن طبيعة ما ستقوم به الجزائر للقضاء على الإرهاب في مالي. وهم على كل حال يستبعدون أي تدخل عسكري جزائري في الأراضي المالية .

ويمكن للجزائر التي لديها، حسب هؤلاء الخبراء،  معرفة معمقة بملفات المنطقة ونظرا لعلاقاتها الجيدة مع روسيا ذات الحضور القوي في مالي ليس فقط أن تلعب دور الوسيط ولكن يمكن أن تعمل على تقدم الملف المالي وبصفة عامة ملفات منطقة الساحل.

مثلا يمكن أن تعمل الجزائر من خلال لجنة قيادات الأركان العملياتية المشتركة التي تتزعمها ومجموعة دول الساحل الخمس التي يجري العمل على عودة مالي إليها لتكون العلاقات بين الكيانين إطارا لعمل الجزائر من أجل حلحلة الوضع في مالي وغير هذا لا ينتظر المراقبون حدوث أشياء أخرى مع أن الجزائر تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة ولكنها في ما يبدو لا تريد عملا ثنائيا وإنما من خلال لجنة قيادات الأركان العملياتية المشتركة ومجموعة دول الساحل الخمس رغم ما بينهما من تناقضات معروفة .

كلمات مفتاحية