إعداد: حسناء تمام
تأتي دراسة التحول الديمقراطي كرد فعلٍ، ونتيجة للاحتياجات العميقة للنظم السياسية في أفريقيا، التي تحتاج لقدْرٍ كبيرٍ من المرونة والتكيُّف مع التغيُّرات الاجتماعية السياسية والاقتصادية، وهذا التحول يتأثر بعوامل داخلية وخارجية، تؤثر عليه بدرجة كبيرة، تتطلب النظر في جودة الأنظمة الفرعية، التي تنتج عن المرحلة الانتقالية ومدى كفاءتها في معالجة المشاكل المختلفة.
وفي ظل أهمية تلك النظم الفرعية في عملية التحول الديمقراطي، تظهر أهمية النظم الحزبية، التي تقوم بلعب دور مهم؛ بسبب الوظائف التي تؤديها، مثل التثقيف السياسي، والتجمُّع والتعبير عن المصالح، وتنظيم المنافسة الانتخابية، ووضْع أجندة صنع القرار، وتشكيل حكومة فعَّالة، وإدماج الجماعات والأفراد في العملية الديمقراطية، وتمكين التعددية السياسية، إنها روح وصورة العقيدة التي هي أساس التعددية السياسية أساس الديمقراطية، إن إضفاء الطابع المؤسسي على نظام الحزب وتعزيزه لدعم الحكومة وإضفاء الشرعية عليها، والتوسط في المطالب والنزاعات، من خلال إجراءات ملموسة، هي مؤشرات يمكن الاعتماد عليها في مناقشات النفوذ.
وبالرغم من تلك الظاهرة الحزبية في البلدان الأفريقية من الظواهر السياسية حديثة العهد؛ حيث ارتبط وجودها في الأساس، بظهور حركات التحرر الوطني من الاحتلال الأجنبي، قبل وبعد الاستقلال بفترةٍ قصيرةٍ، والتي سرعان ما أخذت شكل الحزب الواحد المسيطر، الذي يخضع لسلطة الزعيم القومي، وهو ذاته رئيس الحزب ورئيس الدولة، وهذا يعني أن الحزب يرتبط ارتباطًا مباشرًا بسلطة وشخص الرئيس، وأداته في الحكم، بدلًا من أن يصبح وسيلةً لإيجاد مؤسسات سياسية قوية، تعكس إرادة المواطنين، كما أن قرارات الحزب هي ذاتها قرارات الرئيس، إلا أن معظم الدول التي كانت تخضع لسلطة الحزب الواحد سرعان ما تحولت إلى حكم العسكر، الذين تمكَّنوا من السيطرة على الحكم، من خلال الانقلابات العسكرية، التي عصفت بأغلب الدول المتخلفة، خلال فترة الستينيات وبداية سبعينيات القرن العشرين.
وتمثل الإشكالية الرئيسة لهذه الدراسة، أنه بالرغم من تبنِّي نُظُم التعددية الحزبية في أوغندا، إلا أن ذلك لم يساعد في إحداث تحول ديمقراطي حقيقي في أوغندا.
وفي هذا الإطار، تسعى هذه الدراسة للتحقق من فرضية أساسية، مفادها، ترتبط قدرة وفاعلية الأحزاب المتعددة في عملية التحول الديمقراطي، في قيامها بوظيفتها الأساسية، المتمثلة في تقديم المرشحين للانتخابات، بتوفر بيئة قانونية وبيئة سياسية وبيئة اقتصادية، تسمح للأحزاب بالقيام بوظيفتها الرئيسة، المتمثلة في تنظيم الانتخابات بحرية ونزاهة وتنافسية.
أولًا: القدرة على وصول الأحزاب للسلطة.. كمؤشر لكفاءة النظام الحزبي
وفي هذا المحور، نسلط الضوء على كفاءة النظام الحزبي، ومدى قدرة الأحزاب على المنافسة في الوصول إلى السلطة، بتسليط الضوء على الأداء الحزبي في الانتخابات الرئاسية وانتخابات الجمعية العامة، واختبار ما إذا كان إقرار التعددية الحزبية قادر على إنتاج تعددية حزبية حقيقة أم لا.
ويجدر الإِشارة، أنه وفقًا لما جا ء في دستور أوغندا، فإن رئيس جمهورية أوغندا هو رئيس الدولة، ورئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، كما يجب أن يكون المرشحون للرئاسة مواطنين من أوغندا، بين 35 و75 عامًا، ومؤهلين ليكونوا أعضاء في البرلمان، ولكي يتم ترشيح المرشح الرئاسي، يجب أن يدعمه 100 ناخبٍ في ثلثيْ جميع الدوائر الأوغندية على الأقل، وينتخب بالاقتراع العام للبالغين لمدة 5 سنوات.
أما البرلمان المؤلف من غرفة واحدة، وهو هيئة تضم أعضاء منتخبين بشكلٍ مباشرٍ؛ لتمثيل الدوائر الانتخابية، سلطة إصدار القوانين حول أي مسألة “من أجل السلام والنظام والتنمية والحكم الرشيد في أوغندا”، كما أن أعضاء البرلمان يخدمون لمدة 5 سنوات، ووفقًا للمادة 80، يجب أن يكونوا مواطنين أوغنديين، ناخبين مسجلين، ويحصلون على “الحد الأدنى من التعليم الرسمي لمستوى متقدم أو ما يعادله”، ثم يسرد القسم الفرعي 2 من المادة 80 الأسباب التي تجعل الشخص غير مؤهل للانتخابات البرلمانية، مثل عدم العقل، أو إقامة مكتب له مسؤوليات انتخابية، أو إعلان إفلاسه، أو كونه “زعيمًا تقليديًّا أو ثقافيًّا” كما هو محدد في المادة 246 من الدستور، كما نصت المادة 78 على أن يشمل البرلمان، ممثلًا واحدًا لكل دائرة، وعدد معين من ممثلي “الجيش والشباب والعمال والأشخاص ذوي الإعاقة” وبعض المجموعات الأخرى التي يحددها البرلمان، ويصبح نائب الرئيس ووزراء الحكومة أعضاء في البرلمان بحكم مناصبهم، دون أن يكون لهم حق التصويت بشكلٍ عامٍ، ويتم تمرير مشاريع القوانين بأغلبية الحاضرين والمُصوِّتين، ويجب تقديمها إلى الرئيس للموافقة عليها.
وقبل التطرُّق إلى شكل الأداء الحزبي، يجدر الإِشار، إلى أسماء الأحزاب الرئيسية، التي كانت متمثلةً في 8 أحزاب رئيسية، هي «حزب المحافظين، الحزب الديموقراطي، ومنتدى التغيير الديموقراطي، وتحالف قوى المعارضة، ومنتدى العدالة، وحركة المقاومة الوطنية حزب الشعب التقدمي».
1- الإنتخابات الرئاسية
انتخابات عام 2001: أُجريت هذه الانتخابات، بموجب نظام الحركة، الذي كان يطبق في أوغندا؛ حيث لا يسمح هذا النظام للأحزاب السياسية بالمنافسة في الانتخابات، بل يتطلب من المرشحين، أن يتقدموا لخوْض الانتخابات أفرادًا، كُلٌّ حسب مزاياه، وقد تنافس في هذه الانتخابات إلى جانب “موسيفينى” 5 مرشحين آخرين، أبرزهم زعيم المعارضة “كيزا بيسيجي”، وهو عضو سابق في حركة المقاومة الوطنية، ولكنه انشقَّ عن الحركة، وأخذ “بيسيجي” يدعو إلى تبنِّي نظامٍ ديمقراطيٍ كاملٍ، يقوم على التعددية الحزبية، بجانب دعوته لنهج إصلاحي، وكان معدل الإقبال على التصويت في هذه الانتخابات منخفضًا جدًّا، وتمكَّن “موسيفيني” من أن يحْسِمَ الانتخابات لصالحه، بفارقٍ كبيرٍ؛ حيث حصل على 33.69 من الأصوات، مقارنةً بزعيم المعارضة “كيزا بيسيجي”، الذي حصل فقط على ما نسبته 27% من أصوات الناخبين.[1]
الانتخابات الرئاسية في عام 2006: وهذه الانتخابات أُجريت بعد أن أُقِرَّ دستوريًّا التعدد الحزبي، والتي تمكَّن فيها “موسيفيني” من الفوْز، بنسبة أصوات ٥٩,٢٦%، كما ترشح مجددًا، زعيم منتدى التغير الديمقراطي المعارض “كيزا بسيجي”، لكن المنافسة حسمت مجددًا لصالح “موسيفيني”؛ إذ لم يتحصل إلا على نسبة 37:39% من الأصوات، فيما حصل باقي المرشحين على 3% من الأصوات، وعلى غرار الانتخابات التي سبقتها، وُجِّهَتْ أيضًا لـ”موسيفيني” اتهامات بإنفاقه أموالًا طائلًة من المال العام على حملته الانتخابية، وتجاهل دعوات المعارضة إلى إعادة تشكيل اللجنة الانتخابية المتهمة بالانحياز لـ”موسيفيني”.
انتخابات عام 2011 في أوغندا: وهذه الانتخابات الرئاسية الثانية، بعد نظام التعددية الحزبية، وشارك فيها 8 مرشحين عن أحزاب مختلفة، وهم الرئيس الحالي “يوري موسيفيني” عن (حركة المقاومة الوطنية)، “كيزا بسيجي” عن (منتدى التغيير الديموقراطي)، و “أولارا أوتونو” عن (مجلس الشعب الأوغندي)، نوربرت ماو (الحزب الديمقراطي)، وعدد آخر من المرشحين عن الأحزاب، لم تَخْلُ هذه الانتتخابات من مواجهةٍ بين الحركة الوطنية والتيار المعارض؛ إذ رفع منتدى التغيير الديمقراطى للمحكمة العليا، دعوى تسعى للحصول على إعلان، أن لجنة الانتخابات مضطرة لإصدار بطاقات، لأكثر من 4 ملايين ناخبٍ مُسَجَّلٍ حديثًا، وحدثت تظاهرات وقتال بين القوات الأوغندية وعدد من المواطنين أثناء الاقتراع، وأعلنت النتيجة النهائية، بفوْز رئيس حزب الحركة الوطنية بنسبة 69%، ومرشح منتدي التغير الوطني بنسبة 26%، فيما حصل باقي المرشحين على نسبة 5%.[2]
انتخابات الرئاسية لعام 2016: وفي هذه الانتخابات، تنافس 8 مرشحين أيضًا، وظلت المنافسة قائمة بين “موسيفيني” كمرشح الحركة الوطنية الديمقراطية، حصل فيها “موسيفيني” على 61 %، وهو معدل متراجع نسبيًّا، مقارنةً بالانتخابات الرئاسية التي سبقتها، فيما حصل “بيسيجني” على 36%، فيما حصل ممثلوا باقي الأحزاب على 3%. [3]
انتخابات عام 2021: أما انتخابات عام 2021 فقد شهدت تغيُّرا في عدد المرشحين، وأشخاص المرشحين المنافسين لـ”موسيفيني”؛ إذ ترشح “بوب واين” بشكلٍ مستقلٍ، بجانب ترشح “باتريك أوبو/ وانا” من حيث التمثيل، تعكس سيطرةحزبٍ واحدٍ، وأن الممارسة تعكسه كنظام حزبيْن، أغلبية تحكمه أقلية تعارض، انتهت بفوْز “موسيفيني” بنسبة 58%، و”بوب واين” حصل على نسبة 35% من الأصوات، في حين حصل “باتريك أوبو” على 3.25.
2- انتخابات الجمعية العامة
انتخابات عام 2011: في هذه الانتخابات كانت الجمعية الوطنية، التي تتألف من 375 مقعدًا، ينتخب منهم 238 عضوًا في انتخابات شعبية و112 امرأةً، يتم انتخابه بانتخابات مباشرة، و25 عضوًا يتم تعيينهم قانونيًّا من مجموعات ذات أهمية خاصة (10 للجيش و5 للمعوقين و5 للشباب و5 للنقابات العمال)؛ وبقية الأعضاء قد يُعيِّنُهم رئيس الجمهورية من بين أعضاء الجمعية السابقين، ومدة خدمة جميع الأعضاء 5 سنوات.
حصلت حركة المقاومة الوطنية على 263 مقعدًا، ومنتدى التغيير الديمقراطي على 34 مقعدًا، والحزب الديمقراطي على 12 مقعدًا، ومجلس الشعب الأوغندي على 10 مقاعد، وقوة الدفاع الشعبي الأوغندي على 10 مقاعد، وحزب المحافظين على مقعدٍ واحدٍ، وحزب منتدى العدالة على مقعدٍ واحدٍ، وحصل المستقلون على 43 مقعدًا.
في انتخابات 2016: كانت الجمعية العامة تتشكل من انتخاب 281 عضوًا بشكلٍ مباشرٍ، عن طريق تصويت الأغلبية البسيطة في دوائر انتخابية ذات مقعدٍ واحدٍ، لمدة 5 سنوات، ويخصص 112 مقعدًا إضافيًّا للنساء، ويتم انتخابهن في دوائر انتخابية ذات مقعدٍ واحدٍ بأغلبيةٍ بسيطةٍ للعمل لمدة 5 سنوات، بجانب 25 مقعدًا آخر لممثلي مجموعات المصالح الخاصة؛ للعمل لمدة 5 سنوات، بجانب عمل 13 برلمانيًّا كأعضاء بحكم مناصبهم.
جاء توزيع المقاعد في الجمعية العامة بين 6 أحزاب، وهم حركة المقاومة الوطنية، بموجب 293، ومنتدى التغيير الديمقراطي؛ إذ حصلت على 36، وحصل الحزب الديمقراطي على 15، فيما حصل مؤتمر الشعب الأوغندي، وفاز عدد 66 من المستقلين، وحصلت قوة الدفاع الشعبية الأوغندية على 10، وكان عدد الأصوات المُدْلى بها: 10ملايين و329 ألفًا و131 صوتًا صحيحًا: “10،329،131″، ومن الأصوات غير الصالحة: لا شيء، الناخبون المسجلون: 15.277.198.[4]
في انتخابات 2021: وفي هذه الانتخابات، ينتخب 353 عضوًا في البرلمان، يتم انتخابهم مباشرةً لتمثيل 353 دائرةً انتخابيةً في أوغندا، و 146 من نائبات المقاطعات، ستنتخب مجموعات المصالح المختلفة أيضًا، ممثلين في البرلمان، من خلال هيئة انتخابية: 5 نواب يمثلون الشباب، و5 للعمال، و5 للأشخاص ذوي الإعاقة، و10 لقوات الدفاع الشعبية الأوغندية، و5 لكبار السن (تمت الإضافة في أغسطس 2020 في المجموع، سيتم انتخاب 529 نائبًا.
عدد الأصوات المُدْلى بها: “9،998،554″، عدد الأصوات الصحيحة: لا يوجد، عدد الأصوات غير الصالحة: لا يوجد، عدد الناخبين المسجلين: 17،658،527، حصلت حركة المقاومة الوطنية 336، وحصلت منصة الوحدة الوطنية 57، منتدى التغيير الديمقراطي 32، الحزب الديمقراطي 9، مجلس الشعب الأوغندي 9، ومنتدى العدالة 1، وحزب الشعب التقدمي 9، والمستقلون 74.
وفي كافة الانتخابات اسالفة الذكر كانت تشهد الأجواء ممارسات عنيفة تجاه مرشحي الأحزاب الامختلفين بِأشكال عدة كان من بين الممارسات العنيفة التي شهدتها الانتخابات الأوغندية على اختلاف توقيتاتها ما يلي:
- استغلال مواقع التواصل الإجتماعي وانتحال شخصيات مسؤولين سياسيين، والترويج للشائعات، وهو ما دفع شركة فيسبوك لإغلاق حساباتعدد كبير من الشخصيات السياسية.
- التضييق على زعماء المعارضة وانتهاكات حقوق الإنسان خلال الحملات الانتخابية، مع الجهات الفاعلة فى المجتمع المدنى ووسائل الإعلام، وهو ما دفع الامم المتحدة للمطالبة بفتح تحقيق في هذه الانتهاكات.
- إطلاق العنان لقوات الأمن على المدنيين. كما طفت للسطح موجات من الفضائح التي تتمثل في اختلاس المسؤولين ملايين الدولارات من الأموال الحكومية، إلى جانب تقارير عن تحويل مساعدات التنمية إلى الجيش
- حظر الصحافيين والمراقبين المستقلين من مراقبة الإجراءات عن كثب، ورفضت الحكومة اعتماد معظم المراقبين الذين كانت البعثة الأميركية في أوغندا تنوي نشرهم. وأدى قطع الإنترنت على الصعيد الوطني إلى تقييد تدفق المعلومات.
- وفي بعض الأحيان كانت تصل الإنتهاكات إلى قتل المدنيين، او تعذيبهم، وقمع المتظاهرين منهم.
- إطلاق الغاز المسيل للدموع في كصير من المسيرات التي تندد بالوضع.
ثانيًا: مدي مساهمة النظام الحزبي في أوغندا في عمليية التحل الديموقراطي
تظل الأحزاب السياسية تلعب دورًا مهمًا؛ نظرًا للوظائف التي تقوم بها، وتتمثل في التنشئة السياسية، وتجميع المصالح والتعبير عنها، وتنظيم المنافسة الانتخابية، ووضع أجندة صنع السياسة، وتشكيل الحكومات الفعَّالة، واستيعاب الجماعات والأفراد في العملية الديمقراطية، وإضفاء روحٍ وصورةٍ للتعددية السياسية، التي تُعدُّ المُقوِّمَ الأساسي للديمقراطية، إن إضفاء الطابع المؤسسي على النظام الحزبي، وتقويته يدعم الحكومة، ويضفي الشرعية عليها، وينظم المطالب والصراعات، من خلال إجراءات محددة، وهذه هي المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها في المناقشة.
ملاحظة:
النظام الحزبي في أوغندا، يمكن تقديم العديد من الملاحظات حول الأداء الحزبي للأحزاب في الانتخابات الرئاسية؛ إذ يؤكد الكثير من المراقبين، أن حركة المقاومة الوطنية استخدمت جميع وسائل القهر والإكراه ضد المعارضين في الانتخابات الرئاسية لعام٢٠٠1، حتى إنه تعرَّض زعيم المعارضة “كيزا بيجي” مع بعض أنصاره للاعتقال والتعذيب.
ومن اللافت للانتباه، أن “موسيفيني” يتولى شخصيًّا تعيين أعضاء المفوضية العليا، التي تتولى تسيير العملية الانتخابية والإشراف عليها، وفي كثيرٍ من الأحيان، تطويع القوانين والمواد الدستورية، بالشكل الذي يخدم استمرار بقائه في السلطة، خلال الفترة 2005-2011، ومع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس “موسيفيني” الرئاسية الثانية، وبما أن الدستور كان يحدد الحد الأقصى للرئاسة بفترتيْن رئاسيتيْن، يسعى لإلغاء تحديد فترات الرئاسة، وبذلك كان لِزَامًا عليه، أن يساوم المعارضة في الداخل، والدول المانحة والمنظمات الدولية، بأن فتْح الفضاء السياسي للتعددية الحزبية، يجب أن يرتبط بإلغاء القيود على فترات الرئاسة.
كما كانت إشكالية رئيسة تدور بين الأحزاب في هذه الانتخابات متعلقة بسن الرئاسية، ففي عام ٢٠١٨، أثار حكم المحكمة الدستورية، الذي وافق على رفْع الحد الأدنى لسن الرئاسة في أوغندا، احتجاجات ضد خطط “يوري موسيفيني” للترشح لولاية 6، وهو ما حصل عليه لاحقًا من خلال العنف ضد المعارضة، وفرز الأصوات المثيرة للجدل.
وهو منافس “موسيفيني” مستقل له عدة دلالات، أولها: ربما تراجع في حال أحزاب المعارضة، فلم يرشح منتدى التغيير منافسًا له، كما داوم الحزب على ذلك، خلال المدد الـ3 الماضية، وربما يدل على تراجعٍ قويٍ للمعارضة في حد ذاتها؛ قناعتها بعدم قدرتها على كسْر دائرة التمديد، التي يحظي بها “موسيفيني”، من ناحيةٍ أُخرى، يدل كذلك عدد المرشحين على المنصب إلى البعد ذاته، فخلال الدورات الرئاسية الأخيرة، كان عدد المرشحين يصل إلى 8 مرشحين، فيما ترشح في الدورة الأخيرة 3 مرشحين، منهم 2 حزبيان.
كما أن حالة العزوف عن المشاركة، أعاد إنتاج النخب الحزبية ذاتها، فعلى سبيل المثال، في انتخابات الرئاسية عام 2001، كان معدل المشاركة ضئيلًا جدًّا، ساهم هذا العزوف في حسْم مؤيدي “موسيفيني” للانتخابات، ولعل أحد أهم العقبات التي تواجه النظم التي تحولت للديمقراطية، ويحول بينها وبين ترسيخ ديمقراطيتها، هو ضعف المؤسسات الحزبية، وذلك على العكس مما كان سائدًا خلال معظم سنوات القرن العشرين؛ حيث كانت الأبنية الحزبية تمثل أحد أسس النظم الديمقراطية.[5]
يمكن كذلك قياس حالة التراجع في كفاءة النظام بالنظر لدرجات الشرعية التي تحظى بها؛ لإعطاء نظرةٍ أوسع لحالة التفاعل بين الأحزاب والمواطنين ورأس السلطة، فوفقًا لمؤشر شرعية الدولة، والذي يُعرِّف الشرعية، بأنها تمثيل الحكومة وانفتاحها وعلاقتها بالمواطنين، ينظر المؤشر إلى مستوى ثقة السكان في مؤسسات الدولة وعملياتها، ويُقيِّم التأثيرات في حالة غياب تلك الثقة، والتي تتجلى من خلال المظاهرات العامة الجماهيرية، أو العصيان المدني المستمر، أو ظهور حركات التمرد المسلحة، فكلما ارتفعت قيمة المؤشر، انخفضت شرعية البلاد.
بالنسبة لهذا المؤشر، نُوفِّر بيانات لأوغندا من 2007 إلى 2022، كان متوسط قيمة أوغندا خلال تلك الفترة 8.21 نقطة مؤشر بحد أدنى 7.7 نقاط مؤشر في عام 2011، وبحد أقصى 8.6 نقاط مؤشر في عام 2017، أحدث قيمة من 2022 8.5 نقطة، للمقارنة ، المتوسط العالمي في عام 2022 على أساس 176 دولة هو 5.72 نقطة، اطلع على التصنيفات العالمية لهذا المؤشر أو استخدم المقارنة بين الدول لمقارنة الاتجاهات بمرور الوقت.[6]
بالأخير، وبالنظر لأداء النظام الحزبي في أوغندا نجد أن التحول الديموقراطي تحولاً شكليًا ، في ضوء إجراء الانتخابات علي أساس تعددي طبقاً للإطار القانوني والدستوري لكن هناك حزب حاكم يحتفظ بالسلطة منذ عقود.
والأزمة في حقيقتها تكمن في عدم وجود نظام حزبي فاعل قادر على وضع أجندة صنع السياسة، وتشكيل الحكومات الفعالة واستيعاب الجماعات والأفراد في العملية الديمقراطية، وإضفاء روح وصورة للتعددية السياسية التي تعد المقوم الأساسي لليمقراطية. وتعد الممارسات في هذه الحالة أقرب لنظام الحزب الواحد الذي يخدم الحفاظ على بقاء رئيسه علي سدة السلطة التنفيذية.
المراجع:
[1] International Foundation for Electoral Systems, Election Guide: DEMOCRACY ASSISTANCE AND https://www.electionguide.org/elections/id/3613/
[2] مرجع سابق
[3] ELECTION NEWS, Republic of Uganda, Feb 2016. Can be accessed through: https://is.gd/6UXlYj
[4]ELECTION NEWS, Republic of Uganda, Feb 2016. Can be accessed through: https://www.electionguide.org/elections/id/2755/
[5]Joseph Siegle and Candace Cook, Presidential Term Limits Key to Democratic Progress and Security in Africa, Orbis, Vol.65, Issue.3, 2021, pp. 467-482. https://is.gd/tvi9UW