سباق مع الزمن: «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا.. يوافق على التعديل الدستوري الـ 13

إعداد: رضوى الشريف

وافق «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، الخميس الماضي، بغالبية الأعضاء الحاضرين، بعد اكتمال النصاب، على التعديل الدستوري الـ 13، الذي سبق وأقرَّه «مجلس النواب»، بينما أعلن رئيس الحكومة المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، رفضه للتعديل الدستوري، وأشار إلى استعداده للتنحِّي عن منصبه، في حال إتمام الاتفاق على قوانين الانتخابات، وعلى قاعدة دستورية يُصوِّت عليها الليبيون، مؤكدًا إلى أن القاعدة الدستورية للانتخابات يجب أن تُطرح للاستفتاء الشعبي أولًا.

وفي جلسةٍ طارئةٍ بمقرِّه في العاصمة «طرابلس»، وافق «المجلس الأعلى» على هذا التعديل الدستوري، معلنًا الاتفاق على الشروع في تشكيل لجنةٍ لوضْع القوانين الانتخابية، يتم اعتمادها خلال الجلسة القادمة، لكن أثارت موافقة «المجلس الأعلى للدولة»؛ لتمرير التعديل الدستوري تساؤلات، بشأن علاقتها بمساعي المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي؛ لتجاوز المجلسيْن، في إطار مبادرته الأخيرة؛ لإنتاج أساسٍ دستوري للانتخابات، ورغم إعلان تمرير التعديل من قِبَلِ رئاسة “الأعلى للدولة”، الخميس، والإعلان عن تشكيل لجنةٍ لوضْع القوانين الانتخابية، خلال جلسة «الإثنين» المُقبل، إلا أن المجلس شهد معارضة شديدة من قِبَلِ بعض أعضائه، الذين طعن عددٌ منهم في صحة جلسة «الخميس»، من الناحية القانونية، وفْق بيانٍ أصدروه عقب الجلسة.

انقسام داخل «مجلس الأعلى للدولة»

ردًّا على الجدل المُثَار حول جلسة التصويت، أصدر المكتب الإعلامي لرئاسة «المجلس الأعلى للدولة» بيانًا لاحقًا، مساء الخميس، يؤكد أن جلسته “قانونية ومكتملة النصاب”، وأن نتيجة التصويت على التعديل الدستوري انتهت بـ”نعم” من قِبَلِ أصوات أغلبية الحاضرين.

وأردف البيان، أن من حقِّ المعترض على قانونية الجلسة، اللجوء إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا؛ للفصل في النزاع، مضيفًا أنه “من ناحيةٍ سياسيةٍ؛ فموقف المجلس هو القبول بالتعديل، والمُضي في تشكيل لجنة إعداد القوانين”.

ويعكس الخلاف بين أعضاء المجلس، حالة الانقسام التي بدأت في الظهور للعلن في فترات سابقة، وتعمَّقت أكثر بعد إقرار مجلس النواب (بنغازي) التعديل الدستوري 13، وإحالته لـ«المجلس الأعلى للدولة» بـ(طرابلس)؛ للموافقة عليه، منتصف الشهر الماضي.

وتتراوح الحجج التي يطرحها أعضاء «المجلس الأعلى للدولة» المعارضين؛ لتمرير التعديل 13، بين عدم اكتمال النصاب القانوني لجلسات “الأعلى للدولة” من جهة، وخلوّ التعديل المذكور من النصِّ صراحةً على شروط الترشُّح لمنصب الرئاسة في ليبيا.

سباق مع الزمن

تكْمُن حساسية تمرير التعديل 13 في هذا الوقت بالذات، في تزامنها مع إطلاق «باتيلي» لمبادرته «الإثنين» الماضي، والتي تقضي بتشكيل “لجنة توجيهية رفيعة المستوى تتكون من ممثلي المؤسسات «السياسة، والأمنية»، وقادة قبليِّين، ومنظمات المجتمع المدني، وفئات النساء والشباب.

وستكون اللجنة مسؤولة عن تسهيل اعتماد إطارٍ قانونيٍّ وخارطة طريق مرتبطة بجدولٍ زمنيٍّ؛ لإجراء الانتخابات في العام الجاري، في حال تعذّر التوافق بين مجلسيْ «النواب، والأعلى للدولة» على قاعدة دستورية، تكون أساسًا لإجراء الانتخابات «البرلمانية، والرئاسية» في ليبيا.  

وبناءً على ذلك، يبدو أن خطوة إسراع “الأعلى للدولة” في الموافقة على التعديل 13، رغم انقسام أعضائه الحاد حوله، أنه في حال تمكن «باتيلي» بالفعل من تشكيل اللجنة المذكورة بدعم دولي، فإن البساط قد يُسحب حينها من تحت مجلسيْ «النواب، والأعلى للدولة».

وتشكل موافقة “الأعلى للدولة” على التعديل 13؛ إيذانًا ببدْء دقات عقارب الساعة نحو إجراء الانتخابات في ليبيا ؛ ما يعني – بحسب البعض- أن مبادرة «باتيلي» قد لا تشهد النور إذا ما مرت الأمور كما يريدها المجلسان.

وبموجب التعديل الـ 13 للإعلان الدستوري المذكور في الجريدة الرسمية لـ«مجلس النواب»، فإن الخطوة التالية هي تشكيل لجنة من 12 عضوًا، بواقع 6 أعضاء من «مجلس النواب»، ومثلهم من «مجلس الدولة»؛ لإعداد قوانين الاستفتاء والانتخابات، والموافقة عليها “بأغلبية الثلثيْن”.

وتنص المادة (31) من التعديل 13 على إجراء انتخابات «برلمانية، ورئاسية» في ليبيا، خلال مدةٍ أقصاها 240 يومًا من دخول قوانين الانتخابات المزمعة حيِّز التنفيذ.

وفي هذا الصدد، فإن توافق «النواب، والأعلى للدولة» على التعديل الدستوري، يفتح الطريق لـ”مرحلة جديدة نحو الانتخابات «الرئاسية، والبرلمانية»”.

فمن المتوقع، أن إصدار القوانين الانتخابية يتم في مدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع، وأن يتوافق المجلسان على تشكيل “حكومة مصغرة” تقود البلاد إلى الانتخابات خلال العام الحالي 2023.

مبادرة «باتيلي» أم التعديل 13؟

لا يزال باكرًا الاحتفاء بتخطِّي مجلسيْ «النواب، والأعلى الدولة» عقبة التصويت على التعديل 13، الذي من المفترض أن يحل معضلة الأساس القانوني للانتخابات في ليبيا، وذلك في إشارة إلى أن المحطة المقبلة، والمتمثلة في عمل لجنة الـ(12) لوضع قوانين الانتخابات، ستكون اختبارًا حقيقيًّا لكشف “نوايا” المجلسيْن؛ حيث يرى بعض المراقبين، أن التعديل الدستوري من شأنه، تحصين المجلسيْن من أيِّ “آليات بديلة” لهما (حلهما)، سواء من «المجلس الرئاسي» أو من المجتمع الدولي والأمم المتحدة.

بينما يستبعد آخرون، أن إقرار التعديل الدستوري قد يكون مَخْرجًا للمجلسيْن؛ لأن «باتيلي» ومن ورائه الدول الداعمة للانتخابات، يريدون توافقًا تامًا بين كُلِّ القوى السياسية على بقية مستلزمات العملية الانتخابية، خاصةً في ظل وجود معارضة شديدة للتعديل الدستوري من بعض الأطراف السياسية، فضلًا عن المعارضة الشعبية في غرب البلاد، والتي لا تصب في مصلحة المجلسيْن؛ ولكن في أسوأ الظروف بالنسبة للمجلسيْن، فيمكن ترجيح أن تتشكل لجنة «باتيلي» ثم تنطلق من آخر ما توصَّل إليه المجلسان، وتمضي حتى آخر الشوْط في الإعداد لعملية انتخابية متكاملة.

كلمات مفتاحية