سباق مع الزمن في السنغال وأحداث متلاحقة بعد إلغاء المحكمة الدستورية لتأجيل الانتخابات الرئاسية

بقلم السفير محمد الصوفي 

مستشار الشؤون الأفريقية

أصدر مكتب الرئيس السنغالي ماكي صال بيانا بتاريخ اليوم الجمعة 16 فبراير قال فيه إن الرئيس يتعهَّد  بإجراء الانتخابات الرئاسية “في أقرب وقت” و “يعتزم تنفيذ قرار المحكمة الدستورية “بشكل كامل” و”سيُجري من دون تأخير المشاورات الضرورية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت”.

و كانت المحكمة الدستورية قد فاجأت الساحة السياسية في السنغال يوم الخميس 15 فبراير بإعلان قرارها بإلغاء المرسوم الذي ألغى بموجبه الرئيس السنغالي ماكي صال مرسوما آخر كان قد استدعى هيئة الناخبين للاقتراع الرئاسي يوم 25 فبراير الجاري كما أعلنت المحكمة الدستورية في قرارها أن القانون الذي صادق عليه البرلمان للتمديد لرئيس الجمهورية لمدة 10 أشهر بعد انتهاء مدة مأموريته رسميا في 2 ابريل المقبل يخالف الدستور ويصطدم بالمادة 103 من دستور البلاد التي تنص على أنه لا يحق لأحد تعديل عدد أو مدة مأمورية الرئيس وبالتالي فإن القانون الذي صادق عليه البرلمان لإجازة التأجيل والتمديد للرئيس يخرق بشكل صارخ المادة 103 من دستور البلاد التي هي مادة تحصينية لمدة المأمورية الرئاسية في البلد.

المحكمة الدستورية أشارت في قرارها إلى أن تنظيم الانتخابات في 25 من فبراير ،الذي بقي دونه أقل من 10 أيام ،أصبح مستحيلا وبالتالي يكون على الجهات المختصة النظر في جدولة زمنية جديدة تضمن تنظيم الاقتراع الرئاسي بحيث يغادر الرئيس منصبه في 2 ابريل المقبل طبقا لأحكام دستور البلاد.

بذلك  تكون المحكمة الدستورية قد أعادت الكرة إلى مرمى الرئيس ماكي صال ليتخذ قراره بدعوة هيئة الناخبين من جديد في جدولة زمنية أخرى لإجراء الاقتراع في حيز زمني يضمن تنظيم الانتخابات وتنصيب سلفه ومغادرته هو كرسي الرئاسية في 2 من ابريل المقبل كما ينص على ذلك الدستور وكما بيَّته المحكمة الدستورية في قرارها.

قرار المحكمة الدستورية يضيف دفعا جديدا إلى السباق مع الزمن الذي كان يخوضه الرئيس ماكي صال الذي كان -استشعارا منه لهذا القرار – قد بدأ منذ أيام وراء الكواليس في تحريك وساطة مباشرة مع المعارضة وخاصة مع المعارض الرئيسي السجين عثمان سونكو مقدما العديد من التنازلات وقد قادت الوساطة شخصيتان هما علي تين، الناشط في مجال حقوق الإنسان ورجل الأعمال المعروف المهندس المعماري ابيير كوديابي وقد حملا مقترحات من بينها إطلاق سراح المعتقلين بمن فيه عثمان سونكو نفسه لتتاح له فرصة المشاركة في الحوار السياسي الذي أعلن عنه مكي صال في قرار التأجيل وبالتالي تُتاح له المشاركة في الانتخابات المقبلة.

وبالفعل قبل ساعات من إعلان المحكمة الدستورية كانت أبواب السجون قد بدأت تُفتح أمام العشرات من المساجين الذين خرجوا في حرية مؤقتة حسب تعبير المصادر المعنية وقد علق عثمان سونكو على المقترحات والتنازلات التي جاء بها الوسطاء بالقول إنه ينتظر التشاور مع قاعدة السياسية للرد مع أنه يريد أولا إطلاق سراح مئات المساجين المسجونين من حزبه على خلفية أحداث الأشهر الماضية.

لكن قرار المحكمة الدستورية جاء ليقطع الطريق أمام الحوار وأمام هذه العملية ويعود بالأمور إلى المربع الأول و إلى إطار تنظيم الانتخابات في أقرب وقت.

يقول فقهاء القانون الدستوري، إن على الرئيس ماكي صال – إذا أراد الالتزام بما ينص عليه الدستور السنغالي والأخذ في الاعتبار للمواعيد النهائية (30 يومًا على أبعد تقدير قبل نهاية ولايته في 2 أبريل) – أن ينظِّم الجولة الأولى من الاقتراع الرئاسي  يوم الأحد 3 مارس المقبل كتاريخٍ وحيدٍ مُمكنٍ لذلك.

كلمات مفتاحية