عرض نقدى لمقالة بعنوان: IRGC’s attack on Kurds is revenge for mass protests in Iran -analysis

إعداد: ميار هاني

المقدمة:

يشهد إقليم كردستان، المتمتع بالحكم الذاتى شمال العراق، العديد من الهجمات الإيرانية فى الفترة الأخيرة، استهدفت مواقع تنظيمات “أكراد – إيران” المعارضين لنظام طهران الحالى، والتى تتخذ من الإقليم مقرًّا لها، بالتزامن مع اشتعال المظاهرات داخل المدن الإيرانية، فى أعقاب مقتل الفتاة الكردية “مهسا أمينى”.

وتجْدُرُ الإشارة، أن تلك الهجمات ليست جديدةً من نوْعها، فقد شهد الإقليم على مدار أعوامٍ هجماتٍ صاروخيةً متتاليةً، ونظرًا لتواصل انتهاكات إيران لوحدة أراضى العراق، والتى كان آخرها فى الفترة من 20 إلى 22 نوفمبر، أردتُ تناول مقالٍ أجنبىٍّ بشكلٍ نقدىٍّ؛ لزيادة الثراء المعرفى، فضلًا عن الانفتاح على آراء وأفكار المحللين السياسيين المختلفة، فيما يتعلق بتلك القضية، وإبراز نقاط القوة والضعف لديهم، بناءً على وجهة نظرى.

تأتى المقالة بعنوان “هجوم الحرس الثورى الإيرانى على الأكراد انتقامًا للاحتجاجات الجماهيرية فى إيران” على موقع  The Jerusalem Post بتاريخ ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٢.[1]

التعريف بالكاتب:

الكاتب عرض نقدى لمقالة بعنوان: IRGC's attack on Kurds is revenge for mass protests in Iran -analysis

سيث فرانتزمان: هو مراسل ومحلل شؤون الشرق الأوسط فى The Jerusalem Post، وُلد فى ولاية ماين بألمانيا، وحصل على الدكتوراه، من الجامعة العبرية، فى القدس، عام 2010، وهو محاضرٌ فى الدراسات الأمريكية، بجامعة القدس، يشْغَلُ حاليًّا منصب المدير التنفيذى لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل، وزميل “جينسبيرغ – ميلشتاين” للكتابة فى منتدى الشرق الأوسط.

تشمل اهتماماته الحالية: “الأمن الإقليمى – القضايا الكردية – اللاجئين – تاريخ الأرض المقدسة – البدو – قوانين الأراضى”، ومن مؤلفاته: كتاب “بعد داعش: أمريكا وإيران والصراع على الشرق الأوسط”.

أهم أفكار المقالة:

يستعرض الكاتب نبذةً عن الاحتجاجات المتأججة فى إيران حاليًّا، والتى أشعلها مقتل “مهسا أمينى”، الفتاة الكردية من غرب إيران، البالغة من العمر 22 عامًا، مشيرًا أن الاحتجاجات كانت انطلاقتها الأولى من المنطقة الكردية، وأصبح شعارها “المرأة، الحياة، الحرية” كصرخة استنفارٍ على أوضاع النساء هناك، لكن سرعان ما تحوَّلت إلى أحد أخطر التهديدات للجمهورية الإسلامية، منذ سنوات الفوضى التى أعقبت تأسيسها.

ثم يطرح تساؤلًا، ألا وهو، لماذا تفعل إيران هذا؟ وكانت إجابته، أن قرار إيران لمهاجمة الأكراد، عبر الحدود فى العراق، ما هو إلا محاولة لصرف الانتباه عن مقتل “مهسا أمينى؛ لذا قررت طهران – التى تعلم أنها لا تستطيع مهاجمة القوى الغربية، التى أعربت عن دعمها للاحتجاجات الأخيرة- مهاجمة الأقلية الكردية فى بلادها؛ ردًّا على ذلك، إلَّا أنها تخشى إذا شنَّت إجراءات صارمة للغاية، قد يؤدى ذلك إلى إثارة تمرُّدٍ أكثر انتشارًا.

فضلًا أن النظام الإيرانى معروف بأنه مكروه من قِبَلِ الأقليات، فى جميع أنحاء إيران، من الأقلية “الكردية، والأذرية، والبلوشية” وغيرها من الجماعات، فلا يمكن مقاتلة كل المعارضة دفعةً واحدةً؛ حيث ينجو النظام بقتال مجموعة واحدة فى كل مرةٍ، هذه هى الطريقة التى ينجو بها المركز، مع إبقاء الأطراف على حافة الهاوية، وهذا هو السبب الآخر، فى أن إيران تقصف إقليم كردستان.

ويضيف تصريح لوكالة فارس الإخبارية، التابعة للحرس الثورى الإيرانى، أن الهجمات على مناطق المعارضة “الكردية – الإيرانية”؛ جاءت ردًّا على إثارتهم الفوضى والاضطرابات داخل البلاد، تزعم إيران، أنها استخدمت المدفعية والطائرات المسيرة؛ لتنفيذ تلك الهجمات، ويرى الكاتب، أن إيران تستخدم بشكلٍ متزايدٍ الطائرات بدون طيار فى عملياتها، وتُصدِّرُ المسيرات إلى روسيا.

يؤكد الكاتب، أن تلك الضربات ليست جديدةً من نوْعها؛ حيث استهدفت إيران هذه الجماعات عدة مرات فى الماضى، ويستشهد بعام 1989، حينما أرسل النظام الإيرانى عملاء إلى أوروبا؛ لقتل الزعيم الكردى “عبد الرحمن قاسملو”، وبعام 2018، حينما استخدمت إيران صواريخ فاتح 110؛ لاستهداف المعارضين الأكراد بالعراق، فى محاولةٍ للقضاء على قيادة “الحزب الديمقراطى الكردستانى”.

كما يلقى الضوء على محاولات الجماعات المعارضة الكردية مثل: “الحزب الديمقراطى الكردستانى – حزب الحياة الحرة الكردستانى– كومالا” زيادة عملياتها فى إيران على مدى السنوات العديدة الماضية، مستشهدًا بشهر أغسطس المُنصرم؛ حيث أشار تقريرٌ، أن “مجموعةً من أربعة أعضاء من ’حزب كوملة الكردستانى الإيرانى’، تم إرسالهم إلى أورومية، محافظة أذربيجان الغربية؛ للقيام بمهمة تنظيمية، تم اعتقالهم من قِبَلِ المخابرات ووحدة حمزة سيد الشهداء”.

ويختتم المقالة مُطْلِقًا على تلك الهجمات فى إقليم كردستان مسمى “حرب الظل”؛ نظرًا لارتباطها الواضح بالاحتجاجات الآن.

تحليل المقالة :  

الإيجابيات: أتفقُ بشكلٍ نسبىٍّ مع تناول الكاتب أحد أسباب تجديد الهجمات الإيرانية على الإقليم، ألا وهى محاولة صرْف الانتباه عن أحداث الداخل الإيرانى، المُشتعلة يومًا بعد يوم، وذلك عبْر اختلاق معارك خارجية.

السلبيات: إلا أن هناك جُملةً من الدوافع، بخلاف السبب الذى تم ذكره أعلاه، تفسر تجدُّد الاستهداف الإيرانى لإقليم كردستان، وذلك على النحو التالى:

يرتبط القصف الإيرانى بشكلٍ أساسىٍّ باستقلال الإقليم فى عام ٢٠١٧، وما شكَّله من تهديدٍ إستراتيجىٍّ لإيران؛ من منطلق تهديده لنفوذ طهران فى العراق، فى ضوْء تبنِّيها مبدأً إستراتيجيًّا قائمًا على “وحدة العراق”، فضلًا عن تداعيات هذا الاستقلال، المتمثل فى إحيائه للنزعة القومية للطائفة الكردية فى الداخل الإيرانى، وعلى هذا الأساس، تبنَّت طهران العديد من التحرُّكات على المستوى الأمنى والسياسى؛ بهدف محاصرة الإقليم؛ لتقليل المخاطر التى يمثلها على مصالحها الإستراتيجية.

فى أواخر شهر أغسطس الماضى،أعلن كُلٌّ من “الحزب الديمقراطى الكردستانى” و”الحزب الديمقراطى الكردستانى الإيرانى”، وهما حزبان “كرديان – إيرانيان” معارضان، يتخذان من إقليم كردستان العراق مقرًّا لهما، تمَّ اندماجهما من جديدٍ، بعد انفصالهما لمدة 16 عامًا، تحت مُسمَّى “الحزب الديمقراطى الكردستانى الإيرانى”، وأعلنا أن “هذا الإعلان يعبر عن رحلةٍ جديدةٍ فى نضالٍ ضد نظام جمهورية إيران، وضد أية عقلية وسطية تنكر التعددية القومية الإيرانية والحقوق الوطنية للمجتمعات المختلفة”.

طموح أربيل فى تصدير الغاز لكُلٍّ من تركيا والاتحاد الأوروبى، برعايةٍ إسرائيليةٍ؛ حيث يمتلك الإقليم احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعى، تُقدَّرُ بحوالى ٢٥ تريليون قدمٍ مكعب، ومن شأن ذلك، أن يهدد مكانة إيران فى سوق الطاقة العالمى؛ حيث سيسمح لكردستان بأن تتحول إلى منافسٍ مستقبلىٍّ لها، وخاصةً فى ملف تصدير الغاز إلى تركيا، ناهيك عن أن الإقليم يمكن أن يلعب دورًا محوريًّا، فى تخفيف الضغط على الحكومة العراقية؛ بفعل اعتمادها على استيراد الغاز الطبيعى من إيران بشكلٍ كبيرٍ؛ لتجهيز محطات الطاقة الكهربائية؛ ما يُمثِّلُ تهديدًا سافرًا لإيران، باعتبارها المورد الرئيسى للطاقة فى العراق وتركيا، ولعل الهجمات التى شنَّتها إيران على الإقليم، فى 13 مارس، تؤكد مقاومتها لتوريد أربيل الغاز؛ فوفقًا للحرس الثورى الإيرانى، أنه استهدف مراكز “إستراتيجية – إسرائيلية” في أربيل؛ ردًّا على غارةٍ جويةٍ إسرائيليةٍ، قتلت اثنين من أعضائه فى سوريا، إلا أن معظم الصواريخ التى تمَّ إطلاقها، أصابت “فيلا” رجل أعمال كردى، كان يعمل على تطوير خط أنابيب لتصدير الغاز .

طرْح أربيل نفسها كحليفٍ لدولٍ، تعتبرها طهران إما من الخصوم أو المنافسين لها، وخاصةً الولايات الأمريكية وإسرائيل وتركيا، حتى إن برَّرت إيران الهجمات التى شنَّتها فى الأشهر الأخيرة بأنها “جاءت کردٍّ على تحركات الموساد الإسرائيلى فى الإقليم”؛ لذا ترى طهران أن قد أسهم ذلك فى إنتاج معادلات مهددة لمصالحها.

الإيجابيات: يأتى أحد مزايا التقرير، إشارة الكاتب لعداء الأقليات المختلفة، كالأقلية “الأذرية، والبلوشية، والكردية” وغيرها، للنظام الإيرانى؛ ارتباطًا باضطهادهم وممارسة التمييز بأشكاله المختلفة اتجاههم؛ ما نتج عنه حركات تنادى بالحكم الذاتى، أو بالانفصال التام عن الدولة.

فضلًا عن استشهاده بالأحداث التاريخية؛ للتأكيد على تعرُّض الإقليم لهجمات صاروخية منذ أعوام، من قِبَلِ إيران.

السلبيات: إلا أنه يُؤخذ عليه، عدم ذكر أمثلةٍ كافيةٍ بهذا الصدد، واكتفائه بذكر مثاليْن، بجانب رصْدِه لعمليةٍ واحدةٍ، فى ضوْء محاولات الجماعات المعارضة الكردية لزيادة عملياتها فى إيران، على مدى السنوات السابقة.

ويُضاف إلى نقاط ضعف الكاتب، عدم إلقائه الضوْء على ردود الفعل من الجانب العراقى – سواء كانت مؤثرةً أم سلبيةً- التى تقتصر على الإدانة، هذا إلى جانب افتقار المقالة للاستشرافبمستقبل العلاقات الإيرانية بإقليم كردستان العراق.

ختامًا:

 يقع إقليم كردستان ضمن المجال الحيوى الإيرانى، مُشكِّلًا أحد أهم الركائز لأمنها القومى، فمع استمرار تلك التهديدات من أربيل للجانب الإيرانى، تزداد المخاوف بشأن تصعيد عسكرى إيرانى، مع احتمالية حدوث توغُّلٍ عسكرىٍّ فى الإقليم.

المصدر

[1] Frantzman, Seth. “IRGC’s Attack on Kurds Is Revenge for Mass Protests in Iran – Analysis.” JPost.com, September 27, 2022. https://m.jpost.com/middle-east/article-718239 .

كلمات مفتاحية