غاز موريتانيا والفرصة المفتوحة بسبب حرب أوكرانيا

غاز موريتانيا والفرصة المفتوحة بسبب حرب أوكرانيا

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

تنظر موريتانيا إلى النزاع في أوكرانيا باعتباره مصدر فرصة يجب اغتنامها ولذلك تعمل السلطات على تسريع عمليات تطوير مشاريعها الطاقوية وفي مقدمتها حقل السلحفاة الكبرى آحميم للغاز الذي تم اكتشافه سنة 2015 والواقع على الحدود بين موريتانيا والسنغال.

 فالنزاع في أوكرانيا أدخل الأوربيين في دوامة بحث محموم من أجل تقليص الاعتماد على الغاز القادم من روسيا والبحث عن مصادر بديلة خاصة في القارة الإفريقية فعلى سبيل المثال وفرت الجزائر منذ بداية السنة الحالية لإيطاليا أكثر من نسبة 113% من الأحجام المبرمجة من الطاقة.

 و يشكل هذا السياق ،حسب وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني، فرصة تعمل موريتانيا على اغتنامها ومن المنتظر حسب نفس الوزير أن تبدأ في السنة القادمة عمليات إنتاج الغاز.

وعن حجم وبداية نشاط حقل السلحفاة آحميم يقول الوزير الموريتاني للبترول والمعادن والطاقة إن الإنتاج سيبدأ في نهاية السنة القادمة على يد شركة ابريتش بتروليوم بواقع 2,5 مليون طن في السنة من الغاز في مرحلة الإنتاج الأولى ليرتفع إلى 10 ملايين طن في السنة بعد ذلك ويتعلق الأمر بالغاز المسال المخصص للتصدير كما سيتم استهلاك جزء من هذا الإنتاج على المستوى المحلي لتغطية الحاجات من الكهرباء ولأغراض الصناعة. يتعلق الأمر إذن حسب الوزير بمشروع سينطلق في القريب العاجل وسيساهم في تخفيف الضغط على بعض الأسواق الأوربية في مجال الطاقة حسب تعبير الوزير الموريتاني.

 ومن المعلوم أن الدول المعتمدة على الغاز القادم من روسيا تفكر منذ بعض الوقت في إيجاد بدائل من مصادر أخرى للطاقة وفي مقدمتها المصادر النباتية التي تعتمد في الأساس على جذور النبات المعروف بنبات الهندباء ولكن إنتاج الطاقة من نبات الهندباء يتطلب حفظ جذور هذا النبات في وسط بارد طيلة عدة شهور وهو ما جعل المنتجين اليوم يقعون تحت صعقة ارتفاع تكاليف الكهرباء التي تطل بوجهها الكريه حسب تعبيرهم في هذا الموسم.

 وستزيد  حسب تصريحاتهم بل ستتضاعف تكاليف التخزين في المبردات وقد أدخلت هذه الوضعية المنتجين للطاقة من جذور الهندباء في مرحلة من الاضطراب ولا يعرفون كيف ستنتهي فسيبدأ حصاد جذور نبات الهندباء في شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين ويتم بعد ذلك تخزينها في درجة حرارة تتراوح بين الصفر وثلاث درجات لعدة أسابيع وأحيانا لعدة شهور قبل تحضيرها لعملية إنتاج الطاقة ولكن ارتفاع فواتير الإنتاج يشكل هاجسا مخيفا للمنتجين.

 فالمنتج الذي يناقش عقد الكهرباء في يناير المقبل سيطلب منه مورد الطاقة  دفع 700.000 أورو بالنسبة للسنة المقبلة أي ضعف ما دفعه في السنة  الحالية وأربعة أضعاف ونصف ما دفعه في سنة 2021 وهي تكاليف لا يمكن تحملها بالنسبة لمن ينتج 3000 طن من نبات الهندباء في السنة كحجم متوسط لمنتجي هذا النبات.

 الأمر الذي أدى بمنتجين عديدين في فرنسا بأن أعلنوا منتصف سبتمبر المنصرف التوقف عن الإنتاج ويخشى رئيس الاتحاد الأوربي لإنتاج نبات الهندباء أن تكون هذه بداية سلسلة من التراجعات عن إنتاج هذا النبات.

 هذه المعلومات مرت على مسامع الوزير الموريتاني للبترول والمعادن والطاقة أثناء مشاركته في مؤتمر حول الموضوع في باريس حيث قدم عرضا عن مستقبل الإنتاج في موريتانيا وقد أبدت جهات عديدة اهتماما كبيرا بمشروع موريتانيا في فترة يتصاعد فيها الطلب على الغاز.

يقول الوزير الموريتاني إن موريتانيا تعتمد الآن على المستثمرين في حقول الغاز وأن وتيرة الاستثمارات وعمليات التطوير هي التي ستحدد القرار النهائي ويؤكد أنهم يدفعون بقوة من أجل تسريع الإنتاج للاستفادة من السياق المواتي بالنسبة للغاز والطاقات المتجددة وقد صرح الوزير الموريتاني بذلك أثناء توقيع مشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين الأخضر بين شركتي شاريو وتوتال إرين سيتم تنفيذه في موريتانيا، التي تعلق إذن، حسب المراقبين والخبراء الاقتصاديين، آمالا كبيرة على تحول جذري في اقتصادها وإنتاجها من الطاقة خلال السنة المقبلة والسنوات الموالية.

كلمات مفتاحية