بقلم د. أيمن سلامة
بَعد أربعة أسابيع من القتال الدامي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقّع طرفا الصراع “إعلان اتفاق جدّة “، على أن يكون مبدئياً يتبعه جولات أخرى من النقاشات، بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ونصّ الإعلان على سبعة بنود، أهمها الالتزام بحماية المدنيين كشرط أساسي .
يُعد اتفاق جدة اتفاقاً خاصاً إنسانياً ، هدف لتخفيف معاناة المدنيين السودانيين و حمايتهم ، والصورة الأكثر وضوحًا للاتفاقات الخاصة التي تشير إليها المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جينيف عام 1949، والتي تحث أطراف النزاع المسلح غير الدولي مثل الحالة السودانية علي توقيع مثل هذه الاتفاقيات الخاصة التي تهدف لتقليل معاناة المدنيين أثناء النزاع المسلح غير الدولي وحمايتهم .
من الأمثلة على هذه الاتفاقات الخاصة ، الاتفاقات التي جرى إبرامها بين أطراف النزاعات المسلحة في يوغوسلافيا السابقة خلال تسعينيات القرن العشرين بغية إدخال الكثير من أحكام اتفاقيات جنيف وبعض أحكام البروتوكولين الإضافيين حيز النفاذ.
وتنطوي الأمثلة الأخرى على اتفاقات من هذا القبيل على اتفاق التبادل الإنساني بين القوات المسلحة الثورية الكولومبية وحكومة كولومبيا المبرم عام 2001؛ واتفاق دارفور لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية المبرم عام 2004؛ ومدونة قواعد السلوك المتعلقة بوقف إطلاق النار بين حكومة نيبال والحزب الشيوعي النيبالي المبرمة عام 2006؛ والاتفاق الشامل بشأن احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الفلبين المبرم عام 1998،ومذكرة تفاهم بشأن تطبيق القانون الدولي الإنساني بين كرواتيا وجمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية (1991)؛ وقد أبرمت تلك الاتفاقات في سياق نزاعات مسلحة دائرة لأغراض من بينها تنظيم الأعمال العدائية، أو السماح بوصول المساعدات الإنسانية، أو تقليل الآثار السلبية للنزاع على السكان.
قد تشكل اتفاقات السلام أو اتفاقات وقف إطلاق النار أو غيرها اتفاقات خاصة لأغراض المادة 3 المشتركة أو أداة لتنفيذ المادة 3 المشتركة إذا اشتملت على بنود تأتي بالتزامات إضافية مستقاة من اتفاقيات جنيف أو من البروتوكولين الإضافيين أو من كليهما.
وعلى نفس المنوال، يجوز أن تشتمل الاتفاقات على التزامات مستقاة من قانون حقوق الإنسان وأن تساعد على تطبيق القانون الإنساني؛ فعلى سبيل المثال، قد تهدف إلى أن تحدد بمزيد من الدقة الالتزام بإجراء محاكمات عادلة أو أن تعتمد بصورة أخرى على قانون حقوق الإنسان.
وفي بعض الحالات قد تتطابق القواعد الواردة في قانون حقوق الإنسان مع تلك التي يشملها القانون الإنساني بحيث تنتفي أهمية إشارة أطراف الاتفاق إلى مصدر تلك القواعد، أي إلى أي القانونين تستند .
ختامًا:
يجب ألا يفهم أن الاتفاق الخاص المُبرم في جدة هو علي سبيل الاتفاقيات العسكرية المَحضة ” اتفاق وقف اطلاق النار الدائم “، ولا علي سبيل الاتفاقيات السياسية العسكرية ” اتفاق هدنة ” مثل اتفاق هدنة عام 1953 بين الكوريتين بين انتهاء الحرب الكورية تدليلاً .