ليبيا: تأرجح المسار السياسي بين مجلسيْ «النواب والأعلى للدولة»

إعداد : رضوى الشريف

في خطوةٍ من شأنها تأجيج الخلافات من جديدٍ بين «مجلس النواب الليبي، والمجلس الأعلى للدولة»، بعد الحديث عن لقاءٍ قريبٍ بين رئيسيْه، «عقيلة صالح، وخالد المشري»، صوّت البرلمان الليبي، الثلاثاء، 7 ديسمبر، على إحداث محكمة دستورية عليا في مدينة بنغازي، تكون بديلةً عن الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، ومقرها طرابلس.
وينص مشروع قرار استحداث المحكمة الدستورية، على إلغاء المحكمة العليا في العاصمة طرابلس، وتغيير اسمها إلى محكمة النقض، كما وافق البرلمان، على نقل تبعية الجريدة الرسمية من «وزارة العدل» إلى «البرلمان».

كما ينص مشروع القرار، على إنشاء محكمة دستورية، تتكون من 13 عضوًا، يعينهم «البرلمان» في أول تشكيل للمحكمة، ومقرها مدينة بنغازي، وعلى أن تُحال كل الطعون المرفوعة أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا إلى المحكمة الدستورية الجديدة، بمجرد صدور قانون تشكيلها.

وبحسب القانون ذاته، لا يجوز الطعن بعدم دستورية القوانين، إلا من «رئيس البرلمان، أو رئيس الحكومة، أو 10 نواب، أو 10 وزراء».

وفي ليبيا، تختص الدائرة الدستورية، بالفصل في القضايا والطعون، ذات الجانب الدستوري والقانوني، والقضايا والخلافات حول القوانين والتشريعات والقرارات، التي تصدر عن السلطتيْن، «التنفيذية، والتشريعية»، وأيضًا أي مخالفة أو طعن في الإعلان الدستوري.

مزيد من الجمود السياسي

واجه قرار «البرلمان» رفضًا واسعًا من الأطراف السياسية والقضائية، في غرب ليبيا، التي تعارض إلغاء الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، بالعاصمة طرابلس، التي تم تفعيلها منذ أشهر، بعد 5 سنوات من التعطيل، أو سلبها اختصاصاتها، وأهمّها، النظر في كافة الطعون الدستورية والبتّ فيها.

وأصدر «المجلس الأعلى للدولة» بيانًا، عبر عن رفضه لقانون المحكمة الدستورية، مؤكدًا ضرورة “احترام مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية السلطة القضائية”، وقال: إن ما صدر عن مجلس النواب “هو مساس بالأساس الدستوري لهذه السلطة المعتمدة من دستور سنة 1951، الذي ينص على أن السلطة القضائية تتولاها المحكمة العليا والمحاكم الأخرى، التي تصدر في حدود الدستور وفق القانون”.

تعليق التواصل

في رسالةٍ موجهةٍ إلى عقيلة صالح، نشرها المكتب الإعلامي لـ«مجلس الأعلى للدولة»، عبر صفحته الرسمية، على فيسبوك، أعلن خالد المشري، تعليق التواصل مع «مجلس النواب» إلى حين إلغاء قانون إنشاء محكمة دستورية.

وفي السياق، دعا «المشري» رئيس المحكمة العليا ومستشاريها ورئيس وأعضاء «المجلس الأعلى للقضاء» وأعضاء الهيئات القضائية، إلى عدم العمل بقرار إنشاء المحكمة الدستورية في مدينة بنغازي.

وحذَّر «المشري» من خطورة إقدام أي جهة قضائية، بتسمية أيٍّ من رجال القضاء لعضوية المحكمة المستحدثة، ووصف خطوة «مجلس النواب»، بأنها التفاف عمّا تم التوافق عليه؛ “لإخضاع المحكمة الدستورية لرغبات خاصةٍ لا تخدم الوطن، وتعطيل الدائرة الدستورية؛ حتى لا تنظر في الطعون المقدمة أمامها”.

مبادرة المجلس الرئاسي  

كشف «المجلس الرئاسي الليبي»، الخميس، 8 ديسمبر، عن مبادرةٍ لحل الأزمة السياسية في البلاد، عقب تعطّل المباحثات المرتقبة، بين «عقيلة صالح، وخالد المشري».

وعشية إعلان «المجلس الأعلى للدولة»، تعليق مباحثاته مع «مجلس النواب»، على مستوى الرئيسيْن، ووقف أعمال اللجنة المشتركة، المعنية ببحث المسار الدستوري، أعلن «الرئاسي»، عن مبادرة تستهدف عقد لقاءٍ تشاوري بين المجالس الثلاثة، بالتنسيق مع المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي.

وأوضح «المجلس الرئاسي»، أن مبادرته التي جاءت تحت مسمى “مقاربة المجلس الرئاسي لتجاوز الانسداد السياسي، وتحقيق التوافق الوطني، تهيئ لحوارٍ دستوريٍّ كأولوية؛ لإنهاء المراحل الانتقالية، تُضمّن فيه المبادرات والأفكار والرؤى، التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على «المجلس الرئاسي».

وأكد «المجلس» حرصه، بشأن إنجاز التوافق بين مجلسيْ «النواب، والأعلى للدول»؛ لإصدار قاعدة دستورية، تؤسس لانتخابات «برلمانية، ورئاسية»، وتعالج النقاط الخلافية العالقة، في ظل استمرار تعثُّر إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، بموجب التعديل العاشر لـ«لإعلان الدستوري» واتفاق الغردقة، الذي جرى بين المجلسيْن «النواب، والأعلى للدولة»، برعاية الأمم المتحدة، واستضافة مصر.

إجمالًا:

بالرغم من أن «مجلس النواب الليبي»؛ يهدف بذلك القرار، تحييد القضاء عن الأزمة السياسية الحالية في البلاد؛ حيث المحكمة الدستورية ستكون بديلًا عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بطرابلس؛ كوْن العاصمة تخضع لسيطرة الميليشيات المسلحة، التي يتوقع أن يكون لها تأثير على أحكام الدائرة الدستورية هناك، إلَّا أن تلك الخطوة، تأتي في توقيتٍ غير مناسبٍ تمامًا، وستزعزع – بلا شك- الثقة التي يتم محاولة إرسائها بين مجلسيْ «الدولة، والنواب»، وتهدم كل جهود الوصول إلى توافقٍ، حول المسار الدستوري، ويُعمِّق الانقسام المؤسسي في البلاد، ومن المحتمل، أن تقود هذه الخلافات البلاد إلى انقساماتٍ جديدةٍ، قد تمس جسم المؤسسة القضائية، التي ظلَّت طوال السنوات الماضية متماسكة، مع سعي كل طرف وإقليم لتشكيل سلطة قضائية، والسيطرة على العدالة؛ ما يفاقم الأزمات.

الرَّهان الحالي لحل الخلاف بين المجلسيْن، يقع على عاتق مبادرة «المجلس الرئاسي الليبي»، والتي بنجاحها ستساهم في حل أزمة الحكومتيْن.

كلمات مفتاحية