إعداد: دينا لملوم
باحثة متخصصة فى الشؤون الأفريقية
تشهد الدولة التشادية حالة من الاحتقان السياسى وعدم الاستقرار الأمنى منذ وفاة الرئيس السابق “إدريس ديبى” عام 2021، ويلازم حالة التوتر هذه، هشاشة الوضع الداخلى وانتشار الجماعات المسلحة، خاصة فى ظل التحديات العديدة التى تضرب المنطقة، وحصار “نجامينا” بقوس من الأزمات، فذلك الشمال يوجد الصراع الليبى، وشرقًا تدار الحرب السودانية على صفيح ساخن، فضلًا عن عدوى الانقلابات التى شهدتها القارة الإفريقية مؤخرًا، كل هذه الأمور تساعد على تأجيج حدة التوترات وتفاقم الأوضاع الأمنية المضطربة، فى ظل كتلة من الشحنات المضادة لحكم “ديبى” الابن، والتكالب الغربى على المنطقة، لا سيما التواجد الفرنسى على الأراضى التشادية ودعم باريس المستمر لديبى، ومنذ أن تم الإعلان عن موعد الانتخابات المزمع عقدها فى 6 مايو المقبل، وازداد الوضع تعقيدًا، حيث حاول الحزب الاشتراكى بلا حدود اغتيال رئيس المحكمة العليا؛ مما أدى إلى تصاعد حدة الاشتباكات التى تمخض عنها مقتل زعيم المعارضة “يايا ديلو” واعتقال “صالح ديبى” عم الرئيس الانتقالى، وهو ما يطرح التساؤل حول مستقبل دورة حياة الحكم الانتقالى العسكرى فى خضم هذه التوترات.
تطور الوضع السياسى فى تشاد:
بعد مقتل الرئيس التشادى السابق “إدريس ديبى”، برزت التحالفات الإقليمية والدولية التى دعمت بقوة الصيغة الانتقالية التى تولى فيها المجلس العسكرى الانتقالى بقيادة “محمد ديبى” نجل الرئيس السابق مهام الحكم فى أبريل 2021، مع الوضع فى الاعتبار إجراء انتخابات رئاسية فى غضون 18 شهرًا على أقصى تقدير، وقد قامت فرنسا والاتحاد الإفريقى بدفع مسار الترتيبات الانتقالية، التى اصطدمت فى النهاية بقوانين المنظمة الإفريقية؛ بسبب عملية التغيير غير السلمى للسلطة، ولكن الحكومة الفرنسية بررت ذلك بعدم حدوث انقلاب عسكرى على النظام الحاكم، وبالتالى لا يمكن اعتبار سلطة المجلس العسكرى الجديد غير شرعية مسؤولة عن تحول غير دستورى على غرار الانقلابات العسكرية التى شهدتها أنظمة أخرى مثلما حدث فى مالى، أيضًا رفض رئيس البرلمان التشادى تولى مهام المرحلة الانتقالية خلّف فراغًا دستوريًا لم يكن له أن يُحل بالطرق القانونية المألوفة، كما أن التخوفات التى أُثيرت بشأن احتمالية انغماس البلاد فى نفق الحروب الأهلية والاقتتال الداخلى كان يوجب حتمًا منح المؤسسة العسكرية زمام الأمور فى البلاد وقيادة هذه المرحلة الانتقالية بالرغم من غياب التوافق السياسى الوطنى حول ذلك.
التحديات التى تعترى القيادة العسكرية التشادية الحاكمة:
1- فقدان القدرة على عقد حوار وطنى جامع:
لم تتمكن حكومة “البير باهامى باداكى” آخر رئيس وزراء فى عهد إدريس ديبى 2016-2018 من بدء حوار وطنى جامع، فمع أن “باداكى” عيَّن فى حكومته بعض الشخصيات القريبة من المعارضة وخصص حقيبة وزارية سيادية للمصالحة الوطنية، بجانب صدور مرسوم إنشاء اللجنة التنظيمية للحوار الوطنى فى يوليو 2021، والعزم على ضم 70 عضوًا يمثلون أطياف المجتمع السياسى كافة، إلا أن تكتل القوى المعارضة المعروف بـ “وقيت تاما” قاطع هذا المشروع؛ رافضًا صيغة الانتقال عبر المجلس العسكرى، ويشمل هذا التحالف أهم القوى الحزبية والنقابية والمدنية التى كانت تعارض الرئيس السابق “ديبى”، بل وتبنت إستراتجية النزول للشارع؛ احتجاجًا على سياسة الحوار الوطنى التى بلورها المجلس العسكرى، كما أن الأخير رفض قطعيًا الحوار مع المعارضة العسكرية بمختلف أطيافها، وقد يكون لفشل الحوار الوطنى الشامل أثرًا سيئًا على مسار العملية الانتقالية فى تشاد، خاصة بعد قيام “ديبى الابن” فى أكتوبر 2022، بتمديد فترة حكمه الانتقالية لمدة عامين آخرين؛ وهو ما أدى إلى قيام مجموعات المعارضة بالدعوة إلى تظاهرات فى العاصمة “نجامينا” ومدن أخرى، وقد تم قمع هذه الاحتجاجات بشكل دموى، مما أسفر عن سقوط قرابة 128 قتيلًا وأسر مئات آخرين.
2- استمرار مسلسل الفوضى والاضطراب:
فى ظل حالة الفوضى التى تعانى منها البلاد، ثمة تخوفات من احتمالية اتساع حلقة التدهور الأمنى على خلفية عمليات الاقتتال التى تقوم بها قوى المعارضة ضد السلطة الانتقالية، كما أن فشل الحوار الوطنى يعد مقدمة لأزمة تشادية ممتدة وعدم استقرار سياسى، بيد أن القمع العنيف لمظاهرة 20 أكتوبر للمطالبة بنتيجة الانتقال دفع إلى تأجيج التوترات، والتى قد تنذر بمزيد من الاحتجاجات ضد الحكومة، وهناك مخاوف من تصاعد التوترات الإثنية، كما أن بعض الجماعات المتمردة التشادية المختلفة تتمركز فى ليبيا وبعض قادتها هم جزء من عائلة ديبى، التى تشكل تهديدًا أخطر لحكم ديبى من خصومه المدنيين، ولا تملك تشاد فرصة كبيرة لتحقيق الاستقرار فى الفترة المقبلة، حيث لا تزال مهددة على حدودها، ففى مايو 2022 هاجمت قوات من جمهورية إفريقيا الوسطى برفقة مرتزقة روس موقعًا للجيش التشادى فى أثناء مطاردتهم للمتمردين فى إفريقيا الوسطى الذين عبروا الحدود، ما أثار التوتر مجددًا بين البلدين، وفى منطقة بحيرة تشاد قتل متمردو “بوكو حرام” فى أغسطس 2022 حوالى 26 جنديًّا تشاديًّا، وأصدر محمد ديبى أمرًا بسحب نصف القوات التشادية التابعة لقوات الساحل البالغ عددها 1200 رجل من منطقة الحدود بين مالى والنيجر وبوركينا فاسو فى إطار انسحاب تكتيكى، وما زال المتمردون المتواجدون فى ليبيا نشطين ويمكنهم إعادة دخول البلاد وشن هجوم جديد، بالإضافة إلى أن السودان المجاور يمر بمرحلة انتقالية، ما يعنى أن استمرار الحركات المسلحة فى مناوئة ديبى الابن سيناريو قائم، حيث تتوافر لها إمكانية التمويل والتسليح عبر علاقات وميادين مفتوحة فى كل من السودان وليبيا وإفريقيا الوسطى، فضلًا عما قد يُشكّله أى دعم روسى من إمكانية تحقيق هذه الحركات لهدفها الرئيسى وهو إزاحة ديبى الابن.
3- تدنى الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية:
تواجه مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية العديد من التحديات المتنوعة، ما بين تحديات أمنية وتحديات سياسية، ولكن أصبح سوء الحكم وعدم المساواة الاجتماعية أمرًا لا يُطاق بالنسبة للعديد من التشاديين، ويعد سوء الإدارة والتفاوتات الاجتماعية إرثًا منذ 30 عامًا من نظام ديبى، فضلًا عن الفساد الذى تورطت فيه النخبة الحاكمة ونقص فرص الشباب، وانقطاع التيار الكهربائى المتكرر والفيضانات بالعاصمة، وبلغت هذه التوترات السياسية والاجتماعية ذروتها فى 20 أكتوبر، وفى 19 أكتوبر دعت منظمات المجتمع المدنى إلى تعبئة دائمة ضد الحكومة الانتقالية، ورغم تنديد الحكومة بمحاولة التمرد المسلح وحظر المظاهرات، إلا أنه فى اليوم التالى نزل آلاف التشاديين إلى الشوارع، وما زال الوضع متوترًا للغاية فى جميع أنحاء البلاد، ناهيك عن أن عامل الفقر يشكل محركًا رئيسيًّا للاحتجاجات، ووقودًا لا ينضب للحركات المسلحة، حيث تتمتع تشاد بثروات نفطية كبيرة، غير أن الأوضاع المعيشية تعانى تدهورًا حادًّا، بما يعزز من معتقدات الشباب التشادى بأن فقر الشعب هو بسبب استغلال فرنسا لثرواتهم.
4- انقسام النخبة الحاكمة:
يلعب انقسام النخبة الحاكمة بين كل من باريس وموسكو دورًا فى عدم الاستقرار التشادى؛ حيث تواجه فرنسا موقفًا صعبًا فى تشاد، ذلك أن تيمان إرديمى، أحد أقارب رئيس المجلس العسكرى الحاكم، طلب دعمًا مباشرًا من قِبَل عناصر شركة فاجنر الروسية فى فبراير 2022، وذلك للتخلص من نظام ديبى الابن حليف فرنسا.
اضطرابات ما بعد تحديد موعد الانتخابات الرئاسية:
أعلنت هيئة الانتخابات فى تشاد يوم 27 فبراير 2024 أنه سيتم إجراء الانتخابات الرئاسية فى السادس من مايو المقبل، بما ينهى حكم المجلس العسكرى الذى استمر فى السلطة لمدة 3 سنوات عندما تولى “محمد إدريس ديبى” مقاليد الحكم بعد مقتل والده، وعلى الرغم من وعود “ديبى الابن” بتسليم السلطة وتنظيم الانتخابات فى غضون 18 شهرًا، إلا أنه أضاف عامين آخرين على هذه الفترة الانتقالية، بعدما تم إعداد دستور جديد فى ديسمبر الماضى بحيث يسمح له بذلك، وبالتالى إذا لم تعقد الانتخابات فى موعدها، فإن البلاد ربما تقع فى منحدر من التوترات التى لن يكون محمودًا عقباها، تاركة وراءها فراغًا قانونيًا يعد مرادفًا لفوضى قد لا يمكن التكهن بها، ووفقًا لجدول الوكالة الوطنية لإدارة الانتخابات فى تشاد فإنه فى الفترة من 6 إلى 15 مارس سيتم تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية، وفى 24 مارس سيتم نشر قوائم المرشحين الذين اختارهم المجلس الدستورى؛ ومن 14 أبريل إلى 4 مايو ستبدأ الحملة الانتخابية للدور الأول من الانتخابات، وفى 6 مايو 2024 سيتم إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، على أن تُعلن النتائج المؤقتة للجولة الأولى يوم 21 مايو؛ و5 يونيو سيعلن المجلس الدستورى النتائج النهائية، وتبدأ 6 وحتى 20 يونيو الحملة الانتخابية للدور الثانى من الانتخابات الرئاسية؛ وستجرى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية فى 22 يونيو، وسيتم إعلان النتائج المؤقتة فى 7 يوليو؛ على أن تعلن النتائج النهائية للدورة الثانية من قبل المجلس الدستورى فى 20 يوليو.
محاولة انقلابية:
فى الثامن والعشرين من شهر فبراير الماضى، بعد الإعلان عن موعد الانتخابات جرى الحديث عن محاولة انقلابية فى تشاد، بعدما توجه مجموعة من الجنود نحو القصر الرئاسى فى العاصمة نجامينا؛ لمحاولة السيطرة عليه، وهو ما أسفر عن وقوع اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة الموالية للرئيس الانتقالى “ديبى” وعناصر المعارضة بقيادة “يايا ديلو”، رئيس الحزب الاشتراكى بلا حدود، والتى أدت فى النهاية إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى، وفى غضون هذه الأحداث المتواترة، ثمة محاولة لاغتيال رئيس المحكمة العليا تمت بتحريض من السكرتير المالى للحزب الاشتراكى، وعلى الفور تم اعتقاله، ولقد أخذ الوضع منعطفًا دراماتيكيًا فى ظل الهجوم المتعمد على مقر وكالة الأمن الوطنى للدولة من قبل المتواطئين مع هذا الشخص، فى مقدمتهم عناصر من الحزب بقيادة ديلو، ولكن سرعان ما أُحبط هذا الهجوم.
صراع قبيلة الزغاوة الحاكمة:
لقد أُسدل الستار على أحد أكثر المشاهد دموية، حيث صراع عائلى داخل قبيلة الزغاوة الحاكمة، فعلى مدار يومين من اندلاع هذه الاضطرابات تم الإعلان عن مقتل “يايا ديلو” ابن عمة الرئيس الانتقالى فى 28 فبراير عبر مواجهات مع قوات الأمن ومحاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا، كما تم إلقاء القبض على “صالح ديبى” عم الرئيس ذاته، والذى انضم إلى الحزب الاشتراكى المعارض مؤخرًا، عقب تخليه عن حزب جبهة الإنقاذ الحاكم فى إطار الصراع داخل القبيلة المنحدر منها، وذلك وسط اتهامات له بالفساد، ووفق ما نقلته مصادر تشادية، فإن صالح كان “يقود عصابات تقوم بالفوضى ضد أبناء أخيه لتصفية حسابات شخصية، وهو معروف بسوابق إجرامية فى البلاد، آخرها عندما كان مديرًا للجمارك واختلس مبلغًا كبيرًا”، وعلى إثر ذلك، تم القبض عليه، لكنه فر إلى المغرب ليعيش لاجئًا هناك عدة سنوات، وبعد مقتل أخيه فى أبريل 2021 عاد إلى تشاد، وتم تسريب تسجيلات صوتية له يريد الانتقام من أبناء أخيه لأسباب مختلفة، بحسب المصادر ذاتها، وتعد خطوة انضمامه لحزب معارض، ضمن هذه الخصومات، إضافة إلى أنه يتزعم منظمة قبلية سياسية تدعى (إم 29) وهى منظمة تتسم بالعنصرية وساهمت فى تعميق الخلافات بين المجتمعات المحلية فى تشاد.
تأزم الأوضاع الاقتصادية ينذر بنهاية ديبى:
تعانى البلاد من أزمة حقيقية على مختلف الأصعدة، حيث رفعت الحكومة التشادية، قبل أسبوع من اندلاع هذه التوترات أسعار الوقود لأكثر من 40%، وشكلت هذه الزيادات ضربة كبيرة للشعب التشادى الذى يستعد لاستقبال شهر رمضان، لأن الحكومة أضافت بذلك عبئًا ثقيلًا على كاهل الشعب الذى يعانى، كما أن ما يقارب من 75% من الشعب التشادى تحت خط الفقر، وحينما أرادت منظمات المجتمع المدنى أن تقوم بمسيرة احتجاج سلمى ضد رفع الأسعار أصدر وزير الأمن بيانًا رفض فيه أى تمرد بجميع أنحاء تشاد على الإطلاق، وقد اضطرت المنظمات للدخول فى إضراب، بالإضافة إلى قطع المرتبات لأكثر من شهرين لجميع الوظائف، حتى لأعضاء البرلمان المحسوب على النظام، الذى سعى لتفكيك أى حزب معارض حقيقى فى خضم هذه الأوضاع، بما أدى فى النهاية إلى اغتيال “يايا ديلو”.
سيناريوهات محتملة:
السيناريو الأول:
عقد الانتخابات فى موعدها: يشير هذا السيناريو إلى احتمالية العودة إلى مربع الدستورية وإجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها المحدد لها، وإعطاء الفرصة للانتقال الديمقراطى فى البلاد واختيار رئيس آخر من خارج عائلة “ديبى”، وامتصاص حالة الغضب والامتعاض فى نفوس الشعب التشادى، وقد يقوم “ديبى” بإرجاء الانتخابات مثلما فعل قبل ذلك عندما وعد بـ18 شهرًا ثم مد الفترة لعامين، ففرضية تنظيم الماراثون الانتخابى فى الموعد المحدد مستبعد بشكل نسبى؛ خاصة وأن الدستور الجديد خفَّض سن الترشح للرئاسة من 40 عامًا إلى 35؛ وهو ما اعتبره معارضون تأسيسًا لاستمرار حكم “ديبى الابن”؛ حيث يبلغ الآن 39 عامًا.
السيناريو الثانى:
استمرار التوترات وتمسك ديبى بالحكم: قد تؤول الأحداث فى تشاد إلى استمرار “ديبى الابن” فى الحكم دون العبء بما يحدث فى البلاد، مستمدًا قوته من الدعم الخارجى له، مع احتمالات تدخل فرنسا لمساندته، وهو ما سيفاقم من حدة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدنية وزيادة معدلات الفقر فى البلاد، يتخلل ذلك انتفاضات ووقوع اشتباكات من حين لآخر؛ يعقبها محاولات اعتقال أو تصفية لعناصر المعارضة، خاصة تلك الشخصيات التى كانت مقربة من “يايا ديلو”؛ للسيطرة على الوضع، إذن فهذا السيناريو مرجح بشكل كبير بناءً على الشواهد التى أثبتت أن الرئيس الانتقالى استطاع أن يطوع الدستور لصالحه.
السيناريو الثالث:
حدوث انقلاب: قد يحدث انشقاق فى القوات المسلحة التشادية مع حالة من التمرد والعصيان داخل الأجهزة الأمنية، بين مؤيد لاستمرار حكم “ديبى” ومعارض له، وبالتالى إمكانية وقوع انقلاب قد تنجح هذه المرة، وقد تتكرر هذه المحاولة الانقلابية وتفشل أو تنجح، حتى يتم الإطاحة بإرث عائلة “ديبى” إلى الأبد.
ختامًا:
بالنظر إلى حالة الازدراء والسخط إزاء الوضع العام فى تشاد، حيث تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فى ظل نخبة حاكمة لم تتخلَ عن جذورها العرقية تفتقر للإرادة الصادقة فى الوصول إلى حلول جذرية وشاملة لهذه الأوضاع المتدنية وحمامات الدماء التى فُتحت على مصراعيها على خلفية حالة الاقتتال المستمر التى لم تتوقف بشكل جدى، فإن تلك المؤشرات تنذر بنهاية ديبى المحتملة، إلا إذا عدل عن سياسته التخاذلية، وتمكن من اتخاذ خطى واسعة تحفظ ماء وجهه، عبر توسيع قاعدة المشاركة فى العملية الانتقالية بأكبر صورة ممكنة، والإعلان عن خارطة طريق تنتهى بعقد انتخابات حرة نزيهة ذات حضور ديمقراطى لشخصيات أخرى خارج عائلة ديبى، علاوة على الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية بعيدًا عن الانشقاقات السياسية والإثنية.