مرحلة جديدة من الحملة الدبلوماسية الروسية على القارة الإفريقية

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

 استقبل “دنيس ساسونغيسو”، رئيس الكونغو ابرازافيل، صباح الاثنين 25 يوليو الجاري، رئيس الدبلوماسية الروسية “سيرغي لافروف” الذي يزور الكونغو ابرازافيل في جولة دبلوماسية شملت جمهورية مصرا لعربية التي زارها رئيس الدبلوماسية الروسية يوم الأحد حيث أجرى محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومع نظيره رئيس الدبلوماسية المصرية سامح شكري .

ورغم أن المحادثات تناولت الحرب الروسية الأوكرانية إلا أن مسألة القمح الروسي استحوذت على جزء كبير من وقت المحادثات المصرية الروسية وقد حاول رئيس الدبلوماسية الروسية الإلقاء بالمسؤولية عن ما يوصف بأزمة الغذاء على الغربيين الذين قال إنهم عرقلوا صادرات القمح بسبب العقوبات التي فرضوها على روسيا.

أما لقاء الرئيس الكونغولي”دنيس ساسونغيسو”،  ورئيس الدبلوماسية الروسية “سيرغي لافروف” ،فقد جرى في بلدة “أويو” شمال البلاد وقد دام اللقاء الذي جرى على انفراد بين الرجلين ساعتين وربع الساعة وتناول حسب ما رشح من معلومات عن اللقاء مواضيع عديدة منها التعاون بين ابرازافيل وموسكو والغزو الروسي لأوكرانيا والأزمة الليبية التي كان الرئيس الكونغولي “دنيس ساسونغيسو”، يرأس لجنة إفريقية للتوسط لحلها في مرحلة سابقة.

وقد استعرض الطرفان حسب نفس المعلومات جوانب التعاون بين البلدين الذي يعود تاريخه إلى سنة 1964، وفي مؤتمر صحفي مشترك بين رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف ونظيره الكونغولي جان كلود كاكوسو ،أكد رئيس الدبلوماسية الروسية أن الطرفين كانا حريصين على تعزيز التعاون العسكري والفني بينهما وقد برر سرغي لافروف عمليات القصف الجوي الأخيرة التي قام بها الجيش الروسي لميناء أوديسا في أوكرانيا معتبرا أنه لا يوجد بند في الاتفاق الموقع في 22 يوليو الجاري في تركيا بين ممثلي كييف وممثلي موسكو يمنع تدمير البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا وفي ما يخص شحنات القمح أكد وزير الشؤون الخارجية الروسي أنه لا توجد عراقيل أمام تصدير المنتجات من الحبوب ومن القمح خاصة إلى الخارج دون إعطاء تفاصيل أكثر حول ما يقصده من تصريحه. أما نظيره الكونغولي جان اكلوك كاكوسو فقد أكد من جديد موقف الحياد الذي تلتزم به جمهورية الكونغو ابرازافيل اتجاه النزاع .

و في كل المرات،طمأن رئيس الدبلوماسية الروسية شركاء بلاده بعد الاتفاق الأخير حول تحديد ممرات لتصدير الحبوب من روسيا ومن أوكرانيا إلى الخارج قائلا إنهم تعهدوا بتسهيل تصدير الحبوب الروسية وإنهم ملتزمون بالوفاء بذلك التعهد حسب تعبيره. ذلك في إشارة إلى الاتفاق الموقع يوم الجمعة 22 يوليو الجاري في اسطنبول بين أوكرانيا وروسيا حيث تم توقيع اتفاقيتين منفصلتين واحدة مع تركيا والأخرى مع الأمم المتحدة حول تصدير الحبوب والمنتجات الزراعية عبر البحر الأسود ووقع الطرفان على نسختين من نفس النص بصفة منفصلة بعد أن رفضت أوكرانيا التوقيع على أي وثيقة تحمل توقيع السلطات الروسية ومع ذلك وصف الأمين العام للأمم المتحدة الاتفاق بأنه نجاح غير مسبوق تم التوصل إليه بين البلدين.

ويقضي هذا الاتفاق بفتح ما يوصف بممرات آمنة تسمح بمرور البواخر التجارية من البحر الأسود وذلك بناء على تعهد الطرفين بعدم مهاجمة هذه البواخر وتعني الممرات الآمنة بالنسبة لكييف تأمين سفنها التجارية من الهجمات الروسية حسب ما صرح به الصحفيون في محيط قاعة الاجتماع في اسطنبول على أن تتم مرافقة الشحنات ببواخر أوكرانية في المياه الإقليمية ولن تكون البواخر المرافقة من آليات الحرب إلا أنه يجب الانتظار عدة أسابيع قبل أن تصل أولى شحنات الحبوب إلى وجهتها النهائية. أما بالنسبة لروسيا فإن الممرات الآمنة تعني ضمان أن البواخر التي تدخل الموانئ الأوكرانية لا تحمل أسلحة فالاتفاق ينص إذن لصالح الجانب الروسي على آلية تفتيش السفن في أحد الموانئ التركية من طرف خبراء روس وأوكرانيين وأتراك ومن الأمم المتحدة بالإضافة إلى إنشاء مركز للرقابة والتنسيق يكون مقره في اسطنبول والهدف من كل ذلك هو تأمين وصول الحبوب إلى الجهات المتضررة من العالم وخاصة إفريقيا بناء على طلب الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي الرئيس السنغالي ماكي صال أثناء زيارة قام بها لروسيا قبل أسابيع قابل فيها الرئيس الروسي “افلاديمير بوتين. ”

و تسعى روسيا حسب المراقبين من وراء هذه الخطوات إلى كسب ودِّ البلدان الإفريقية  قصد توسيع رقعة نفوذها  في القارة طبقا للإستراتيجية التي اعتمدتها منذ بعض الوقت.

 

كلمات مفتاحية