مقتل ثلاثة رهبان مصريين في دير بجنوب أفريقيا.. ما دلالات هذا الهجوم المسلح؟

إعداد: منة صلاح

باحثة متخصصة في الشؤون الأفريقية

شهدت دولة جنوب أفريقيا جريمةً مُروِّعةً، في 12 مارس الجاري؛ إذ أصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيانًا، بشأن تعرُّض ثلاثةٍ من الرهبان إلى اعتداءٍ إجراميٍّ بالدير القبطي “دير القديس مارمرقس الرسول، والقديس الأنبا صموئيل المعترف”، والذي يقع مقرُّه في مدينة چوهانسبرج بجنوب أفريقيا؛ ما أسفر عن مقتل الرهبان الثلاثة على يد مُسلحين؛ وهو ما يخالف كافَّة المبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان، والتي أبرزها: الحق في الحياة، ولا تزال أسباب وأهداف الهجوم غير واضحة، وتعمل الأجهزة المعنيّة على التحقيق في الحادث.

نشأة وأهمية دير القديسين مارمرقس والأنبا صموئيل

يُعدُّ هذا الدير من أبرز أديرة المهجر بالكنيسة الأرثوذكسية؛ إذ تم تأسيسه على يد الأنبا أنطونيوس مرقس، عام 2007م، وتدبير الأب الراهب القس تكلا الصمونيلي، ويتسم بتكوين عمراني كنائسي متميز؛ إذ به بيت خلوة ومركز مؤتمرات وكنيستان، الأولى: هي كاتدرائية باسم القديس مارمرقس الرسول، والمذبحان الجانبيان: أحدهما باسم الأنبا أنطونيوس أبو الرهبان، والآخر: باسم الأنبا صموئيل المعترف، أمَّا الكنيسة الثانية: هي الكنيسة الصغيرة المُقَامَة على الطراز الأفريقي باسم السيدة العذراء مريم، وبها مذبح أسَّسه البابا شنودة الثالث، والجدير بالذكر، أنه تمَّ الاعتراف بالدير رسميًّا بقرار من المجمع المقدس، في 14 نوفمبر 2013م، وتمَّ تدشينه في 10 مايو 2014م، بمناسبة عيد القديس مارمرقس الرسول.

نتائج الهجوم المسلح على الدير القبطي بجنوب أفريقيا

نتج عن هذا الهجوم، استشهاد الرهبان الثلاثة طعنًا، والذين ينتمون إلى الكنيسة المصرية، ويخدمون في جنوب أفريقيا، بينما نجا فردٌ رابعٌ، تمَّ ضربه بقضيبٍ معدنيٍّ، ولكنه فرَّ واختبأ، وسوف نعرض نبذةً عن الرهبان الثلاثة على النحو الآتي:

الراهب القمص تكلا الصموئيلي: هو وكيل مطرانية جنوب أفريقيا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما أنه سكرتير نيافة الأنبا أنطونيوس، وأمين دير القدس، والأنبا صموئيل المعترف، ويتميز بنشاط كبيرٍ به، وصرَّح من قبْل، بأن الدير تعرَّض لهجومٍ مُسلَّحٍ قبْل عدة أعوامٍ؛ بهدف السرقة دون ارتكاب أيِّ جرائم.

الراهب مينا آڤاماركوس: هو من مواليد قرية دير النغاميش بـ «سوهاج»، ويُعرف بالاسم الميلادي بـ «شوكت نصري».

الراهب يسطس آڤاماركوس: هو من مواليد قرية «الحواتكة» بمنفلوط، وترهْبَنَ مع الراهب “مينا”، في ديسمبر 2019م.

دور الجهات المعنية في جنوب أفريقيا

تسعى الجهات المعنيّة للكشف عن خلفيات الهجوم وتحديد المسؤوليات؛ إذ انتقلت الأجهزة المعنيّة إلى الدير، وبدأت عملها بشأن الكشف عن ملابسات الحادث، وسوف نتطرق إلى دور أبرز الجهات على النحو الآتي:

السفارة المصرية في عاصمة جنوب أفريقيا “بريتوريا”: تتابع السفارة المصرية في جنوب أفريقيا تفاصيل وتطورات الواقعة، وتوجَّهَ السفير المصري في بريتوريا “أحمد الفاضلي” إلى الدير؛ لمتابعة الموقف.

النيابة العامة في جنوب أفريقيا: تقوم النيابة العامة في جنوب أفريقيا بتحقيقاتٍ داخل الدير القبطي، وتعمل على استجواب كُلِّ فردٍ له صلة بالدير.

شرطة جنوب أفريقيا: صرَّح المتحدث باسم الشرطة الجنوب أفريقية “الكولونيل ديماكاتسو نفهوهولي، “بأن السلطات تقوم حاليًا بالتحقيق في مقتل الرهبان الثلاثة في كنيسةٍ ببلدة كالينان، قُرْب بريتوريا، ولكنها لم تتوصل إلى تحديد هوية الجناة أو أهداف هذا الهجوم.

موقف الجهات المعنيّة في مصر

وزارة الخارجية المصرية: تتابع وزارة الخارجية المصرية التحقيقات الخاصة بمقتل الرهبان الثلاثة بشكلٍ حثيثٍ، وأوضحت أن السفير المصري في بريتوريا “أحمد الفاضلي” وباقي أعضاء السفارة انتقلوا إلى موقع الحادث بشكلٍ فوريٍّ، كما أن السفير المصري على تواصُلٍ مع شعب الكنيسة؛ للتأكيد على متابعة السفارة للتحقيقات؛ بهدف الكشف عن الجناة ومحاسبتهم، وبالإضافة إلى ذلك، قدَّمت وزارة الخارجية خالص التَّعَازِي لأُسَرِ الضحايا.

البابا تواضروس الثاني “بابا الأقباط”: يتابع قداسة البابا تواضروس الثاني “بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية” مع المسؤولين كُلَّ التفاصيل الخاصة بالهجوم؛ انتظارًا لمعرفة أسبابه.

الأزهر الشريف: أدان شيخ الأزهر الشريف أ.د “أحمد الطيب” الهجوم الإرهابي الذي استهدف دير “القديس مارمرقس الرسول، والقديس الأنبا صموئيل”، وأكَّد على أن الاعتداء على النفس الآمنة في دور العبادة هو عمل إرهابي، وأن الشرائع الداعية للسلام لا يمكن أن تكون مُبرِّرًا للقتل والإرهاب.

حزب “المصريين الأحرار”: أدان رئيس الحزب “حسين أبو العطا” هذا الاعتداء الإجرامي، وذلك على اعتبار أن سفك الدماء، وانتهاك حرمة بيت الله وترويع المصلين هو من الإفساد في الأرض؛ ما يستوجب القضاء على تلك العصابات الإرهابية ومصادر تمويلها وتسليحها، وصرَّح أيضًا بأن الهجومَ المُسلَّح على أحد بيوت العبادة والصلاة مُخالفٌ للمبادئ الإنسانية، لا سيما أنه جاء بالتزامن مع أصوامٍ مباركةٍ، سواءالصوم الذي يسبق عيد القيامة أو صوم شهر رمضان، وطالب السلطات المختصة في جنوب أفريقيا، بالكشف عن ملابسات الحادث، وضبط الجناة وتقديمهم للعدالة.

ختامًا:

تشهد دولة جنوب أفريقيا أحد أعلى مُعدَّلات القتل على الصعيد العالمي، فضلًا عن شيوع عمليات السطو المُسلَّح، ويُعدُّ مقتل الرهبان الثلاثة في الدير القبطي بجنوب أفريقيا على يد مسلحين أبرز دليلٍ على انتشار الإرهاب وجرائمه، ولم توضح التحقيقات أبعاد وأهداف مرتكبي هذا الهجوم المسلح؛ لذا هناك ضرورة بالغة على دول القارة الأفريقية بشكلٍ عامٍ، ودولة جنوب أفريقيا بشكلٍ خاصٍّ، لا سيما بعد هذه الواقعة أن تُعزِّز سُبُل القضاء على الإرهاب ومصادر تمويله وتسليحه.

كلمات مفتاحية