إعداد: شيماء ماهر
ماذا وراء محاولة الانقلاب في النيجر؟
اعتقل عناصر من الحرس الرئاسي في النيجر الرئيس المنتخب ديمقراطيًّا، محمد بازوم، في 26 يوليو 2023م معلنين أنهم سيطروا على الحكومة، وعلقوا دستور هذا البلد، الذي يبلغ عدد سكانه 25 مليون نسمة، وقام المؤيدون للانقلاب بإضرام النار في مقر الحزب الحاكم، وشهدت شوارع نيامي فيما بعد عمليات نهب واسعة النطاق، وأضرمت النيران في مبان وسيارات أخرى.
وقد رفض الرئيس “بازوم” الاستقالة، ودعا النيجيريين إلى المقاومة وحماية المكاسب الديمقراطية “التي تحققت بشق الأنفس” في البلاد، وقد ردَّد وزير الخارجية النيجيري، حسومي مسعودو، ومسؤولون كبار آخرون، هذه الدعوة، وتم قمع الاحتجاجات ضد الاستيلاء غير الدستوري على السلطة بالعنف، وأعلن رئيس أركان النيجر، الجنرال عبده صديقو عيسى، دعم الجيش لمحاولة الانقلاب، في 27 يوليو، ظاهريًّا؛ من أجل تجنُّب إراقة الدماء.
تهدد محاولة الانقلاب العسكري في النيجر بتقويض التقدم النسبي الذي حققته البلاد، في ظل زعمائها الديمقراطيين المدنيين، وتضخيم مخاطر النيجر فيما يتعلق بانعدام الأمن والأزمات الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، وحتى الوقت الحالي، لم يتضح أن هناك سببًا منطقيًّا لمحاولة الانقلاب، ربما تكون مدفوعة برئيس الحرس الرئاسي المغادر، الذي كان ساخطًا لتهميشه.
أدانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وحكومات ديمقراطية أخرى، بشدة، محاولة الانقلاب، ودعت الجيش إلى العودة إلى ثكناته، وقد قامت فرنسا والاتحاد الأوروبي، بوقف جميع الإمدادات والمساعدات المالية التي تقدمها للنيجر، ورحَّب زعيم مجموعة فاجنر، يفغيني بريغوزين، الموجود حاليًّا في سان بطرسبرج؛ لحضور القمة الروسية الأفريقية، بالانقلاب في النيجر.
تمرد فاجنر بأثر رجعي. . ما التالي في روسيا وأفريقيا ؟
تختلف عمليات فاجنر في مالي عن جمهورية أفريقيا الوسطى من حيث المشاركة الاقتصادية والعلاقة مع الحكومة، فنجد في مالي فشلت فاجنر إلى حدٍّ كبيرٍ في تأمين مجموعة الأنشطة الاقتصادية التي وجدتها في جمهورية أفريقيا الوسطى؛ إذ أدت صناعة التعدين التنافسية في مالي بما في ذلك المجموعات الكندية والمحلية إلى حظر طريقة عمل المجموعة المفضلة؛ حيث يعتمد فاجنر على مدفوعات شهرية بمبلغ إجمالي قدره 10 ملايين دولار من الحكومة المالية.
وعندما ننظر إلى بوركينا فاسو والسودان نجد أن نشاط مجموعة فاجنر محدود جدًا على عكس نشاطها في جمهورية أفريقيا الوسطى أو مالي، ومن المحتمل أن تكون عملياتها مرتبطة بالدولة الروسية، فعلى الرغم من بعض المشاركة في تعدين الذهب ودعم إمدادات الأسلحة لقوات الدعم السريع في السودان، إلا أنها لم تتدخل في النزاع القائم بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وهناك ثلاثة خيارات لدى فلاديمير بوتين، فيما يتعلق بنشر مجموعة فاجنر في أفريقيا، تتمثل في سحب الدعم بالكامل أو متابعة استيلاء مدعوم من الدولة أو السماح للمجموعة بمواصلة العمل.
ففي البداية: يمكن للكرملين المضي قدمًا في عدد من الطرق هنا مع إظهار جميع المسارات بالمخاطر المطلوبة، ففي حالة مقتل “بريغوزين” أو فقدان السيطرة على شركته، من خلال عملية استحواذ معادية، فمن المؤكد أن مستقبل مجموعة فاجنر سيكون موضع شك.
ثانيًا: يمكن أن يحافظ الكرملين على مساره الحالي، ويدفع ببطء مجموعة فاجنر للتوافق مع وزارة الدفاع الروسية أثناء الحرب في أوكرانيا، مع الحفاظ على المجموعة مستقلة اسميًّا في أفريقيا، ومع ذلك من المحتمل أيضًا أن يكون قول هذا المسار أسهل من فعله.
أخيرًا: يمكن لروسيا أن تسحب دعمها من جانب واحد لمجموعة فاجنر في أفريقيا، وتقطع العلاقات مع المجموعة في كلتا القارتيْن، وقد يتسبب هذا النهج في رد فعل دبلوماسي كبير ضد الدولة الروسية من الشركاء السابقين، لا سيما وأن العديد من هذه البلدان تواجه حركات تمرُّد متصاعدة ولديها القليل من الخيارات الخارجية للدعم، فإذا كانت مجموعة فاجنر ستبقى على قيد الحياة في أي من هذه البلدان دون دعم الدولة الروسية، فإنها ستثبت صحة نموذج فاجنر مع إضعاف صورة الكرملين.
هؤلاء الأفارقة الذين تعتمد موسكو عليهم لبسط نفوذها
يوجد العديد من الشخصيات الذي تعتمد عليهم روسيا لبسط نفوذها في القارة الأفريقية، وهم إما عسكريون أو سياسيون أو صحفيون أو مؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعضهم أيديولوجيون، وآخرون انتهازيون، يشترك جميعهم في الدفاع عن مصالح روسيا والكرملين على وجه الخصوص.
- شوغويل مايغا
اشتهر بإعجابه بالنظام العسكري والديكتاتوري لموسى تراوري (1968-1991)، الذي لا يزال يدعي انتماءه السياسي، وتمكن من الوصول إلى مناصب عليا؛ بفضل الانقلاب الثاني الذي قام به الانقلابيون الماليون، في مايو 2021، ثم تعينه بالجيش في منصب رئيس الوزراء، وتمكن بالاستفادة من بلاغته الموالية لروسيا والمناهضة لفرنسا.
- Choguel Maïga
كان عضوًا فعَّالًا في التعبئة في باماكو ضد الوجود الفرنسي وساهمت خطاباته ولا سيما الخطابات التي ألقيت على منصة الأمم المتحدة، في سبتمبر 2021م، والتي اتهم فيها فرنسا بـ “التخلي في رحلة كاملة” في الحرب ضد الإرهاب، في جعْل مالي وشخصه رمزيْن للقومية الأفريقية الجامحة، ويعتبر من أشد المدافعين عن التواجد الروسي في أفريقيا.
- ساديو كامارا
يعمل العقيد ساديو كامارا للحفاظ على المصالح الأمنية الروسية في مالي وغرب أفريقيا، فمنذ توليه منصب وزير الدفاع في أعقاب انقلاب أغسطس 2020؛ زاد هذا الضابط المتدرب في روسيا من رحلاته إلى موسكو؛ لتعزيز التعاون العسكري بين البلديْن، وفقًا للعديد من المصادر الأمنية والدبلوماسية، ذهب ساديو كامارا بشكل خاص إلى روسيا؛ للتفاوض بشأن العقد الذي يحكم نشر مجموعة فاجنر في مالي، والذي يسري اعتبارًا من ديسمبر 2021م.
- كيمي سبا وناتالي يام
صنع كيمي سبا لنفسه اسمًا في فرنسا على رأس تريبو كا، وهي مجموعة صغيرة متعصبة للسود ومعادية للسامية، تم حلها من قِبَلِ المحاكم في عام 2006م، وقد ظهرت ناتالي يامب لأول مرة في المجال السياسي في كوت ديفوار كمستشار للخصم مامادو كوليبالي قبل طرده من أبيدجان.
أثارت ناتالي يامب ضجة كبيرة خلال القمة الروسية الأفريقية الأولى، من خلال إدانتها على وجه الخصوص لـ “الجيب الفرنسي في أفريقيا”، ومن خلال دعم تعزيز التعاون الروسي في القارة؛ ما دفع البعض إلى إلقاء لقب سيدة سوتشي عليها.
- جاستن طاغوح
أسس الصحفي الكاميروني جاستن تاغوه قناة Afrique Média التليفزيونية في عام ٢٠٠٨م، والتي تصف نفسها بأنها حامل شعلة أفريقيا الصاعدة، فعند توقيع شراكة مع قناة RT الروسية، في ديسمبر 2022م، كانت عناوينها واضحة “أفريقيا وروسيا لديهما أعداء مشتركون”، “قريبًا نهاية الدعاية الكاذبة الغربية”، افتتاحية الصحفيين على الهواء، وكان Evgueni Prigojine ضيفًا في 25 يوليو.
- أهوا دون ميلو
أعلن أهوا دون ميلو عن نفسه للجمهور، من خلال كونه المتحدث الأخير باسم الرئيس لوران غباغبو (2000-2011) قبل سقوطه، ثم ذهب المهندس الإيفواري الذي تدرب في المدرسة الوطنية المرموقة للجسور والطرق في باريس للعمل مع عضو آخر في الاشتراكية الدولية: ألفا كوندي الغيني (2010-2021)، والذي أصبح في عام 2017 رجل الأعمال العظيمة بعد ستة أعوام.
تم تعيينه من قبل الروس كمستشار خاص مسؤول عن الاستثمارات في أفريقيا، ومنذ ذلك الحين، قام بتوسيع شبكة أعماله، وإضافة خط إلى بطاقة عمله وبدعم من نظام فلاديمير بوتين، تم تعيينه في مايو 2022م لتمثيل دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لغرب أفريقيا ووسطها.
الحرب الأهلية في السودان: تحديات الوساطة ودور الولايات المتحدة
اتسم الصراع الحالي في السودان بتدمير كامل للبنية التحتية وحرب متعمدة ضد المدنيين، يُقتل سكان الحي، وتُنهب المنازل، ويتم محو التاريخ بشكل مطرد من الخرطوم، في واحدة من أكبر عمليات النزوح الديموغرافي في التاريخ المعاصر؛ إذ تلُوح المجاعة في الأفق؛ بسبب تعطل الحصاد ومحدودية الوصول إلى الأسمدة والبذور، في حين أن عددًا قليلًا فقط من وكالات الإغاثة الدولية تعمل حاليًا في الخرطوم.
فشلت جهود الوساطة في حل الأزمة حتى الآن، فعلى سبيل المثال؛ أوقفت محادثات جدة التي رعتها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية القتال مؤقتًا، لكن وقف إطلاق النار تم كسره في النهاية، وعُلِّقت المفاوضات لأسابيع، واستغلت قوات الدعم السريع الوضع وقت الهدنة، وقامت بالاستيلاء على الممتلكات واستهداف المدنيين.
تركز سياسة الولايات المتحدة على وقف الأعمال العدائية والعودة إلى خطة إطار العمل لاستئناف الانتقال المدني، الذي كان قيد التقدم قبل اندلاع الصراع في أبريل، وهذه الخطة غير قابلة للتحقيق في الوقت الحالي؛ بسبب التشرذم الاجتماعي والسياسي للسكان والاشتباكات المسلحة المستمرة.
لم تنجح العقوبات الأمريكية ضد قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية؛ لأنها بحاجة إلى أن تقترن بدبلوماسية قوية ومشاركة متزايدة من قِبَلِ شركاء إقليميين مسؤولين، والذين تعد مشاركتهم أمرًا ضروريًّا؛ لمنع الصراع من التدهور إلى حرب بالوكالة بين الجهات الفاعلة الخارجية.
هل يمكن أن تصبح ليبيا أفغانستان أفريقيا؟
مع تنافس الشخصيات السياسية على النفوذ في ليبيا، تم تمكين الجماعات الإسلامية من قمع الحريات الدينية والنساء والأقليات في جميع أنحاء البلاد، ففي السنوات الأخيرة، تدهورت البيئة الاجتماعية والدينية في ليبيا بشكل كبير، مع اضطهاد النساء لأسباب دينية، واعتقال الملحدين المتزايد؛ حيث استهدف الإسلاميون في طرابلس وبنغازي بشكل منهجي، العديد من الجماعات الأخرى، بما في ذلك النساء والمجتمع الأمازيغي والعلمانيين ونشطاء المجتمع المدني.
ما يحدث الآن في ليبيا هو تراجع اجتماعي وثقافي وديني لم تشهده البلاد من قبل، فإن الطبقة السياسية الحاكمة في كل من شرق وغرب ليبيا راضية عن استمرار القمع، طالما أنها تدعم قبضتها على السلطة، وتشتت انتباهها عن مناوراتها السياسية.
يبدو أن الليبيين الآن يعيشون التجربة الأفغانية في مواجهة دولة دينية مماثلة لتلك التي شكلتها طالبان في التسعينيات، في ضوء الحرب الأهلية الليبية التي امتدت لعقْد من الزمن والحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المجزأة، جادل العديد من المحللين، بأنه ليس من الممكن حاليًّا المضي قدمًا في الحديث عن الحريات الدينية الليبية؛ فمعظمهم يعتبرون هذه قضية نخبوية مستوردة من الخارج، وبالتالي فإن تحقيق الحريات الدينية في ليبيا سيعتمد على التوصل إلى تسوية سياسية فعَّالة بين الفصائل المتحاربة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، يمكن أن تؤسس نظامًا ديمقراطيًّا حقيقيًّا يحترم مبادئ المواطنة والمساواة.
هل أنقذ الاتحاد الأوروبي رئيس تونس قيس سعيد؟
وقَّع الاتحاد الأوروبي في 16 يوليو ٢٠٢٣م مذكرة تفاهم مع تونس، يتعهد فيها بشكل أساسي بالدعم الاقتصادي، مقابل الحد من الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط، وبغض النظر عن الفوائد المحتملة لكلا الجانبيْن، فإن الصفقة توفر أيضًا اعترافًا فعليًّا بقيادة الرئيس التونسي، قيس سعيد، المناهضة للديمقراطية، وتضفي الشرعية على جهوده المستمرة لتوطيد سلطته.
تتناول مذكرة التفاهم الجديدة مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك العلاقات بين الناس، وانتقال الطاقة الخضراء، والتجارة، ودعم الاقتصاد الكلي، والأهم من منظور أوروبا، الهجرة.
أشار القادة الأوروبيون أيضًا إلى أنهم على استعداد للتغاضي عن تصريحات “سعيد” العنصرية، وسوء معاملة الأفارقة من جنوب الصحراء الذين يعيشون في تونس، أو يمرون عبرها، فعلى سبيل المثال؛ قبل أسبوعين من توقيع مذكرة التفاهم، اعتقلت قوات الأمن التونسية مئات المهاجرين الأفارقة في صفاقس، ونقلتهم إلى مناطق حدودية صحراوية مع ليبيا والجزائر بدون إمدادات.
تعهد الاتحاد الأوروبي في مذكرة التفاهم الجديدة، بتقديم 105 مليون يورو كجزء من ركيزة الهجرة، ما يقرب من ثلاثة أضعاف دعم الاتحاد الأوروبي لهذه القضية، وتهدف الأموال إلى المساعدة في إدارة الحدود بشكل أساسي، اقتناء المعدات والتدريب والدعم الفني، بالإضافة إلى مبادرة “شراكة المواهب” الجديدة؛ لتعزيز الهجرة القانونية، تذكر مذكرة التفاهم صراحةً الجهود التعاونية لضمان إعادة المواطنين التونسيين الذين سعوا إلى الهجرة غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي إلى أوطانهم.
تشير مذكرة التفاهم الجديدة بين تونس وأوروبا إلى احترام حقوق الإنسان، فيما يتعلق بالمهاجرين، ومع ذلك لا يوجد ما يشير إلى أن الظروف الفعلية للمهاجرين ستتحسن نتيجة للاتفاق، فعلى الرغم من تعهد الاتحاد الأوروبي بدعم الضوابط الحدودية التونسية، فإن قدرة الحكومة محدودة على إدارة الهجرة غير الشرعية، وركزت المساعدات الأمريكية الحدودية منذ فترة طويلة على قضايا مكافحة الإرهاب، وليس الهجرة.
في الجزائر بعد الحرائق القاتلة لا يزال الجميع في حالة صدمة
اندلع ١٤٠ حريقًا في سبع عشر ولاية في الفترة من ٢٣: ٢٥ يوليو، في شمال شرق البلاد؛ ما أسفر عن مقتل أربعة وثلاثين شخصًا، من بينهم عشرة جنود، وإصابة 325، وقد أدت الحرائق إلى إخلاء 1500 نسمة، وتدمير المنازل، وإحراق هكتارات من الغابات والمحاصيل، على الرغم من عدم إمكانية تحديد مقدار هذا الضرر.
تمت السيطرة على الحرائق، من خلال حشْد 8000 عنصر وضابط حماية مدنية، وأكثر من 530 عربة إطفاء وطائرة مروحية، بالإضافة إلى حشْد الموارد من مختلف الدولة والجيش الوطني الشعبي والمؤسسات الخاصة والأفراد، حسب وزارة الداخلية، التي حدَّدت تشكيل لجنة للإسراع في تعويض الضحايا.
عكست صور الحرائق التي تمت مشاركتها في الوقت الفعلي على الشبكات الاجتماعية حجم الكارثة في الفيديوهات القادمة من بجاية، نرى مواطنين يفرون من القرى المحاطة بالحرائق؛ للاحتماء بالشواطئ، فيما يملأ الدخان الهواء ويبتلع احمرار ألسنة اللهب اخضرار التلال، ثم يبدأ سباق مع الزمن لأهالي القرية؛ من أجل إيواء الفئات الأكثر ضعفًا، بمن فيهم الأطفال وكبار السن وحفظ المتعلقات، التي يمكن إنقاذها.
إسرائيل والجزائر: الاحتجاجات السياسية والاستعمار
قد تبدو إسرائيل والجزائر مختلفتيْن للوهلة الأولى، إن لم يكونا على خلاف تام، ففي سياق الدور التقليدي للجزائر بالمعسكر العربي الراديكالي، ودعمه الحركة الوطنية الفلسطينية في سنواتها التكوينية، إلى جانب التحالف الجيوسياسي الأخير لإسرائيل مع المغرب، ومع ذلك، فإن التاريخ والخبرات الخاصة بالبلديْن تستحق الدراسة جنبًا إلى جنب في الواقع، قد يوفر فهْم الاختلافات والتشابهات المشتركة بين إسرائيل والجزائر بعض الأفكار، فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه إسرائيل اليوم.
فنجد في إسرائيل، أظهرت الاحتجاجات المدنية الجماهيرية ضد خطة الإصلاح القضائي التي اقترحها ائتلاف بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف، قوة باقية لم يكن حتى أكثر مؤيديها المتحمسين يحلمون بها إلا في فبراير 2023م، بعد ذلك، نزل 40 ألف شخص إلى الشوارع؛ للاحتجاج على الحملة التشريعية التي أطلقتها حكومة “نتنياهو” ضد الرقابة الإسرائيلية الفعَّالة الوحيدة على السلطة التنفيذية.
حشدت حركة مدنية غير عنيفة في الجزائر في عام 2019م، تُعرف باسم الحراك، ما يصل إلى مليون شخص في مظاهرات أسبوعية ضد نظامهم الاستبدادي الراسخ، استمر الحراك في نهاية المطاف لمدة عام، التصميم الذي أظهره المتظاهرون الجزائريون للتخلص من النظام الحاكم الفاسد بأكمله واستبداله بشيء أكثر ديمقراطية لم يكن أقل إثارة للإعجاب وإعجابًا من حركة الاحتجاج الإسرائيلية.
مع ذلك، هناك فرق واحد يميز الحركة الديمقراطية الإسرائيلية عن الحراك الجزائري، وتأتي هذه الأخيرة من قطاعات المجتمع التي لم يكن لها تأثير كبير داخل النخبة العسكرية والبيروقراطية والاقتصادية الحاكمة في البلاد، ونتيجة لذلك كان النظام الجزائري قادرًا على التضحية ببعض الرموز الواضحة للحكم في البلاد، وإلقاء القليل منهم في السجن، وفي الوقت نفسه، قمْع المتظاهرين واستعادة الهدوء الكئيب.
على النقيض من ذلك، يقود الاحتجاج الإسرائيلي قطاعًا عريضًا من القطاعات الأكثر أهمية وإنتاجية في البلاد، متمثلين في نخبة من جنود الاحتياط، واللاعبين في مجال التكنولوجيا الفائقة ومجتمعات الأعمال والمستثمرين، والأكاديميين والثقافة والقانونية والمتخصصين في مجال الصحة العامة.
في القمة الروسية الأفريقية يكرم فلاديمير بوتين الانقلابيين لكنه يتجنب المواضيع
كان ذلك في سانت بطرسبرغ يومي 27: 28 يوليو، ظل يلقي بظلاله على يومين من الاجتماعات الروسية الأفريقية بعد أكثر من شهر بقليل من فشل مسيرة رئيس مجموعة فاجنر المتمردة الغامضة نحو موسكو في 23 :24 يونيو، وقد ظهر وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أنه يطمئن البلدان الأفريقية التي تعتمد على أنشطة القوات شبه العسكرية التابعة لفاجنر، وأصر رئيس الدبلوماسية الروسية على أن فلاديمير بوتين أرسل في ثلاث رحلات طويلة إلى القارة للتحضير للاجتماع في سانت بطرسبرغ “عملهم سيستمر بالطبع”.
وصرح “بوتين” بأن تمرد “يفغيني بريغوين” المجهض “لن يؤثر على العلاقات مع شركائنا وأصدقائنا الأفارقة”، ولم يتوقف عن التكرار منذ ذلك الحين.
ظهرت القضايا الأمنية ومشاريع المجمع الصناعي العسكري علنًا، في قلب إحياء العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين موسكو والشركاء الأفارقة السابقين في الحقبة السوفيتية، في خلفية خطابات رئيس الكرملين، بعد شحنات الحبوب الروسية المجانية؛ للتعويض عن تعليق اتفاقية الحبوب الأوكرانية لست دول أفريقية، وبعد قائمة طويلة من الوعود الأخرى، تتمثل في إرسال التقنيات لمساعدة الزراعة المحلية على التطور، ودعوة الشباب الأفارقة للحضور والمشاركة في مهرجان الشباب في سوتشي، في مارس المقبل، والترحيب بأكثر من 35000 طالب في روسيا، وافتتاح في أفريقيا فروعًا للجامعات الروسية.
نيجيريا: بعد نهب جماعي للطعام تم فرض حظر تجول في ولاية أداماوا
اتخذ الرئيس الجديد بولا تينوبو، سلسلة من الإجراءات الاقتصادية، التي تهدف إلى إحياء الاستثمارات طويلة الأجل، وقد وضع رئيس الدولة بشكل ملحوظ حدًّا لدعم الوقود، ورفع أسعار البنزين أربع مرات، وبشكل غير مباشر، فإن الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية.
ففي منتصف يوليو ٢٠٢٣م، أعلن الرئيس عن حالة الطوارئ على الأمن الغذائي، ووعد باستثمارات ضخمة في الزراعة وتحويل الأموال إلى الفئات الأشد فقرًا، وقد قام بتنفيذ بعض المبادرات، من بينها؛ استخدام الأموال التي تم توفيرها من خلال إلغاء دعم الوقود مؤخرًا؛ لتوفير الأسمدة والحبوب للمزارعين.
وقالت السلطات: إنه تم فرض حظر كامل للتجوال يوم الأحد 30 يوليو، في ولاية بشرق نيجيريا؛ حيث نهب مئات السكان مخازن ضخمة ومستودعات عامة، بدأ المراهقون الذين يعيشون في الشارع في أعمال النهب، ولكن سرعان ما انضم إليهم مئات السكان الذين دخلوا هذه الأماكن؛ حيث تم تخزين المواد الغذائية، خاصة الحبوب، قبل أخذها بعيدًا.
في الواقع، سيجد الرئيس الجديد نفسه في مواجهة تحديات أكثر تعقيدًا، إذا كان مصممًا بالقضاء على انعدام الأمن المستشري، وتحفيز النمو في بلد يعيش فيه 40٪ من السكان في فقر مدقع، فعندما أدى اليمين، تعهد بزيادة النشاط بمعدل 6٪ سنويًّا، مقارنة بمتوسط 1.4٪ خلال السنوات الثماني الماضية، ومضاعفة إنتاج الكهرباء، ولكن في المستقبل القريب من المرجح، أن تؤدي قراراتها الأولى قبل كل شيء، إلى زيادة التضخم الذي يتجاوز بالفعل 22٪، من خلال الارتفاع الحاد، جلبت أسعار البنزين بالفعل أسعار النقل والكهرباء والمواد الغذائية.