ملخص البحوث والدراسات الصادرة عن أفريقيا العدد “22”

إعداد: ميار هانى 

خريطة مهددات الأمن البحرى فى أفريقيا جنوب الصحراء:

يعد المجال البحري بمثابة شريان الحياة للاقتصادات الأفريقية، إذ تعتمد القارة السمراء في أكثر من 90 % من تجارتها مع العالم الخارجي على البحر، إلا ان الأمن البحري الأفريقي يواجه خلال السنوات الأخيرة مجموعة من التهديدات الأمنية على نطاق واسع، والتي كان لها تأثير بالغ على الاستقرار الأمنى فى الدول الأفريقية، وإن كانت تشير بعض التقارير الغربية إلى وجود تحسن تدريجي خلال السنوات الأخيرة في مواجهة هذه التهديدات ببعض المناطق الأفريقية.

ويعد من أبرز مهددات الأمن البحري في أفريقيا جنوب الصحراء كالأتى: ( القرصنة البحرية – تهديدات التنظيمات الإرهابية – الصيد غير القانونى – سرقة النفط – الاتجار بالمخدرات – التنافس الدولي على الموانئ البحرية)، وتتعدد عوامل تصاعد التهديدات البحرية في أفريقيا، ويتمثل أبرزها فى (ضعف سيطرة بعض الحكومات الأفريقية – تدهور الأوضاع الأمنية – ضعف الأوضاع الاقتصادية والمعيشية – الصراعات الإثنية فى أفريقيا – ضعف الوعي بالمجال البحري)، وهو الأمر الذى يؤدى إلى جملة من التداعيات المحتملة على الصعيد الأفريقي، فقد تفقد بعض الدول الأفريقية القدرة على مواجهة التحديات الأمنية البحرية، إلى جانب نشاط الجماعات المسلحة في البر والبحر نتيجة غياب الأمن، فضلاً عن تنامي المخاطر الاقتصادية و زيادة التدخل الأجنبي في أفريقيا تحت ذريعة حماية السفن الأجنبية والرعايا الأجانب، والترويج لتقديم مساعدات للدول الأفريقية في مواجهة التحديات الأمنية في المجال البحري، مما قد يفتح الطريق أمام استغلال القوى الدولية للموارد والثروات الأفريقية وبسط نفوذها في الموانئ البحرية، وأخيراً تهديد مجال الأتصالات الدولية وذلك من خلال التورط في تعطيل الكابلات البحرية تحت قاع البحر، وهي التي تنقل نحو 95 % من بيانات الاتصالات بواقع تكلفة قدرها 10 تريليون دولار يوميًّا، ما يعني أن قطع مجموعة واحدة من تلك الكابلات قد يؤدي إلى حجب 33 % من شبكة الإنترنت في العالم، وهو ما يهدد الاقتصاد العالمي.

وعليه، في ضوء التنبؤ بمضاعفة حجم اقتصاد البحار والمحيطات خلال السنوات السبع المقبلة ليصل إلى نحو 3 تريليونات دولار، يستوجب ذلك اهتمامًا أفريقيًّا جادًّا وتحركاً سريعاً لتشكيل نهج شامل تجاه الأمن البحري، وتعزيز لقدرات الأمنية فى مواجهة تهديدات الأمن البحري الأفريقي، مع الاستعانة ببعض الخبرات الدولية في مجال تعزيز السلامة البحرية.[1]

الهجوم على المدرسة الأوغندية .. وتمدد ولاية وسط أفريقيا:

شنت القوات الديمقراطية المتحالفة أو ما تطلق على نفسها “ولاية وسط أفريقيا الإسلامية” إحدى الولايات التابعة لداعش، فى  16 يونيو 2023 ،هجوماً على إحدى المدارس الثانوية فى غرب أوغندا أسفر عن مقتل 42 فرداً أغلبهم من الطلاب.

ويمكننا القول أن قد عبرت العملية الأخيرة عن التحول الذى شهدته الجماعة ومحاولتها أن تصبح نموذجاً يشبه تنظيم داعش واعتماد الممارسات والأعمال الوحشية ذاتها التى يتبعها الأخير، وهو الأمر الذى بات واضحاً خلال الثلاث سنوات الأخيرة، بما يشير إلى سعى التنظيم للتمدد بصورة أكبر فى الأقاليم الأفريقية.

ومن المرجح استمرار ولاية وسط أفريقيا الإسلامية فى تشكيل تهديد مستمر للمدنيين وقوات الأمن في أوغندا، وذلك على الرغم من الأزمات الداخلية التى يعانى منها التنظيم كالانقسامات الداخلية، واعتقال مؤسس التنظيم، إلى جانب العمليات العسكرية التي تقوم بشنها القوات الحكومية.[2]

هل يؤثر تمرد “فاجنر” على تراجع دورها فى مناطق الصراعات بأفريقيا؟

يظل احتمال انسحاب مجموعة “فاجنر” الروسية من أفريقيا عقب اعلانها التمرد على القيادة العسكرية الروسية قراراً غير مطروح بالنسبة لموسكو.

ويبرر ذلك رغبة موسكو فى الحفاظ على نفوذها المتنامى وعدم خسارة أداة جيوسياسية مهمة توظفها بامتياز لتنفيذ سياساتها وتحقيق مصالحها الحيوية في أنحاء أفريقيا التي أضحت ساحة استراتيجية للمواجهة مع الغرب، مع عدم ترك مساحة للغرب يستغلها في تعزيز نفوذه والضغط على موسكو والذي قد يفقدها الدعم الأفريقي في المحافل الدولية، لا سيما أن أفريقيا تسهم بشكل كبير في كسر العزلة الدولية المفروضة على موسكو من الغرب وواشنطن بسبب الحرب الأوكرانية، لذلك، فهي لا تريد خسارة بوابتها الاستراتيجية للعالم الخارجي في هذا التوقيت الحرج لها.[3]

هل يقترب العنف في السودان من الحرب الأهلية؟

مع دخول الحرب فى السودان شهرها الثالث، بدا واضحاً أن عجز الجيش عن مقاومة ضغط “الدعم السريع” هو سر الدعوة الرسمية التي أطلقها قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان للشباب بحمل السلاح والقتال بجانب الجيش، وذلك عبر خطاب متلفز في القناة الرسمية لتلفزيون البلاد الأسبوع الماضى.

تعد هذة الدعوة بمثابة نقطة البداية لتحول الحرب من عنف سياسي، حتى الآن في الخرطوم، إلى الانتقال نحو فصل جديد لا نستبعد معه الدخول فى مناخ الحرب الأهلية، لأن ما كنا نشاهده من حشود قبلية مناصرة في نفرات كانت تنفذها القبائل في عديد من مناطق السودان هو فعل معروف كانت تنظمه آليات إدارة الحشود في حزب المؤتمر الوطني إبان مرحلة النظام السابق، كما كنا نشهد طرفاً منه إبان حراك الثورة المضادة طوال فترة الحكومة الانتقالية إبان رئاسة عبدالله حمدوك لحكومة الثورة.

وأخيراً ربما لا يستجيب كثيرون للدعوة التي أطلقها البرهان بسبب طبيعة أداء الجيش الضعيفة فى مجريات الحرب.[4]

هل تراجع المجتمع الدولي عن الحل السلمي لحرب الخرطوم؟

على رغم كل الدعوات الإقليمية والدولية لا يبدو أن هناك حلاً يلوح في الأفق يمكنه إيقاف الصراع فى السودان، وهو ما يتطلب إعادة النظر في مدى التأثير الدولي في السودان، ونظراً إلى موقع السودان والتشابكات الإقليمية، فإن الحاجة إلى ذلك تبدو أكثر إلحاحاً، إذ إن الأزمة لم تعد شأناً يتعلق بصراع بين أطراف سودانية فقط، بل يمكن أن يمتد ليتحول إلى صراع يشمل الإقليم كله، مما يعني أن مصالح دولية ستكون معرضة للخطر، ومع غياب الأفق لحل سياسي فإن الخيار البديل كان بذل مزيد من الجهد لوقف شامل لإطلاق النار، ولكن أيضاً ليست هناك رؤية واضحة حول كيفية القضاء على مصادر تسليح الطرفين، أو معرفة إلى أي مدى زمني يمكنهما مواصلة العنف.

ينبع تردد المجتمع الدولي إزاء التدخل الفاعل وتبني الحل السلمي في الأزمة السودانية من عوامل عدة، أولها مشاركة آلاف المنتمين إلى جهاز الأمن والاستخبارات الوطني السوداني في عهد الرئيس السابق عمر البشير، وذلك لأن أي جهود ستكون معرضة للفشل لدخول عامل آخر في الصراع، وهو العامل الأيديولوجي، مما يعقد في المحصلة النهائية إمكانية وصول البلاد، حتى لو انتهت الحرب، إلى حكم مدني، كما ستكون ظلال الإسلام السياسي حاضرة على نظام الحكم المقبل. والعامل الثاني هو استمرار طرفي النزاع في إدارة الحرب من دون الالتزام بأخلاقيات المواجهة مثل اتخاذ المواطنين دروعاً بشرية، وذلك يجعل من الصعب نجاح الحل السلمي الدولي بغرض فض النزاع، بل سيضاعف من حجم الخسائر البشرية والدمار.أما العامل الثالث فلا يبدو أن المجتمع الدولي على دراية كاملة بتفاصيل أسباب اندلاع الأزمة السودانية، إذ إن ما يظهر هو رأس جبل الجليد المتمثل في الاتفاق الإطاري والبند الذي يشار إليه بدمج قوات “الدعم السريع” في الجيش السوداني، إذ تعد البيئة السودانية من أكثر البيئات تشبعاً بأجواء الخلاف والقابلية للانفجار، وتلعب في ذلك ترسبات سياسية واجتماعية وتعقيدات اقتصادية.[5]

ما آثار ترفيع العلاقات الدبلوماسية المصرية – التركية على السودان؟

من المرجح أن تؤدي العلاقة المتجددة بين مصر وتركيا أكبر قوتين عسكريتين في شرق البحر المتوسط إلى تغيير الديناميات الجيوسياسية في المنطقة ويمكن أن تحل المشكلات الرئيسة المتعثرة أو تعقدها، وعلى ذلك، قد يكون في هذا التقارب مفتاحاً لحل الأزمة السودانية، ولكن يعتمد على من يحكم الدولة السودانية وستعمل كل منهما على منع توغل الأخرى في السودان، إذ إن لكل منهما مشاريعها المهمة التي حتى لو تعطلت إلى حين، فإن إحياءها سيكون حاضراً، ولكن في الوقت الحالي سيكون اهتمامهما بما يجري في السودان مشوباً بالحذر والترقب، وبالنسبة إلى تركيا فقد يكون أمراً حاسماً لها السعي إلى خفض توسع قوات الدعم السريع وخلفها قوات “فاغنر” غرب البلاد بما يمكن أن يزيد التهديدات بالتحامها مع الصراع الليبي.[6]

مُعضلة بعثات حفظ السلام الأممية في أفريقيا: انسحاب “مينوسما” من مالي نموذجًا

تهدد مستجدات المشهد المالى، بإعلان مجلس الأمن إنهاء بعثة حفظ السلام فى مالى “ميونسما” على خلفية طلب وزير الخارجية “عبدالله ديوب”،  بتفجير الوضع الأمني المتأزم أصلا، والذى يشهد تجدد أعمال العنف، وتصاعد الاشتباكات القبلية والهجمات الإرهابية الأخيرة، مما يزيد من ضبابية المشهد بشأن آفاق السلام والأمن في البلاد ومنطقة غرب أفريقيا ككل.

فضلاً عن وجود مخاوف من أن يتم إعلان إنهاء اتفاق السلام والمصالحة لعام 2015 الموقع بين الحكومة المالية وحركات إقليم أزواد، ويرجع ذلك إلى أن مهمة البعثة الرئيسة كانت مراقبة اتفاق السلام، مما يهدد باحتمال استئناف الأعمال العدائية بين الحكومة والجماعات المشاركة في عملية السلام.[7]

المصادر:

[1] https://acpss.ahram.org.eg/News/20933.aspx

[2]https://acpss.ahram.org.eg/News/20938.aspx#:~:text=%D8%AA%D8%B7%D9%84%D9%82%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%87%D8%A7%20%22-,%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%B3%D8%B7%20%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9,-%22%20%D9%81%D9%89%2016%20%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%88

[3] https://acpss.ahram.org.eg/News/20937.aspx

[4]https://www.independentarabia.com/node/471191/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A%D8%A9%D8%9F

[5]https://www.independentarabia.com/node/469276/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%B7%D9%88%D9%85%D8%9F

[6] https://www.independentarabia.com/node/471041/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84/%D9%85%D8%A7-%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D8%9F

[7] https://marsad.ecss.com.eg/78349/

كلمات مفتاحية