إعداد : حسناء تمام
تعيش السودان في حال فراغ في منصب رئيس الوزراء، وذلك منذ استقالة رئيس الوزراء السوداني منذ أكثرمن عام ،والتي خلفت تظاهرات واسعة ،وحالة من الاتهامات المتبادلة ،وتطلعات للتسوية في وقت واحد حول الأزمات التي يشهدها السودان، ونجح الأطراف في بلورة اتفاق جديد بينهم الاتفاق الإطاري” الذي يتضمن تسمية رئيس وزراء وحكومة تقود المشهد لعامين كفترة انتقالية.
ومن المقرر أنّ تسمية رئيس الوزراء وتشكيل حكومة سيجريان خلال شهر وأن خلال أقل من ثلالثة أسابيع يمكن أن ينتهي تنفيذ الاتفاق الإطاري، ومن ثم سيُعلن رئيس الوزراء وتُشكل الحكومة، وبالتالي بداية الفترة الانتقالية، ولا شك أن منصب رئيس الوزراء أهم منصب في هذه المرحلة أهم منصب تنتظره السودان في الوقت الحالي.
أولًا: معايير الاختيار
مسؤولية الاختيار تقع بشكل رئيس على القوى الموقعة على الإعلان السياسي في السودان التى تلتزم بتكوين آلية للتواصل مع المكون العسكري ووضع معايير لاختيار رئيس الوزراء وبرنامج الحكومة، وذلك بالتنسيق مع ممثلو الآلية الثلاثية المؤلفة من بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد التي تُيسر محادثات بين الفرقاء السودانيين بناء على دستور انتقالي أعده محامون ديمقراطيون.
كما هناك حاجة للمفا ضلة بين الاتجاهات العامة لاختيار رئيس الوزراء ما الذي يجب إنجازه والمؤهلات اللازمة لذلك، وهل يعتمد ذلك علي الوازع الثوري أم الأخلاقي أم خبرته التنموية أم التنفيذية، وكذلك ما هي الغاية التي ستؤخذ في الاعتبارات هل اعتبارات المصلحة الوطنية، أم اعتبارات التيارات ومدى توافقه من مختلف التيارات، وفيما يلي أبرز الرؤى الخاصة بترشيحات التيارات المختلفة.
ثانيًا: عدد من المرشحين
لا شك أن الصفة الرئيسة التي لاغني عنها في رئيس الوزراء السوداني ،أنه يكون توافقي، يحظى على الأقل بقبول الأطراف الموقعة بصرف النظر عن انتمائه ثوري ووطني، حزبياً أم غير حزبي. وفي هذا الصدد تطرح العديد من الأسماء الترشيحات لهذا المنصب دون الاستقرار على إحداها فعليًا.
وزير المالية السابق في حكومة حمدوك د. إبراهيم البدوي : وكان تم ترشيحه من قوى الحرية والتغيير رسمياً لتولي منصب وزير المالية في الحكومة الانتقالية السابقة، وبعد استقالة حمدوك تردد أسمه من بين المرشحين لخلف حمدوك، وكان هناك ترحيب من المكون العسكري على طرح أسمه لكنه لم يتلق عرضاً رسميًا لتولي منصب رئيس الوزراء خلفاً عبد الله حمدوك، وبعد الاتفاق الإطاري تصاعد الحديث عن وجود أسمه من بين المرشحين لمنصب رئاسة الوزراء، وكونه من ترشيح قوى الحري والتغير بالأساس يرتضيه المكون العسكري فهو أحد الأسماء المطروحة بقوة.
وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري: وكان أسمه طرح كذلك خلفا لحمدوك بعد استقالته ، كما أعيد طرح أسمه بعد توقيع الاتفاق الإطاري فهو مقبول لدى دول الترويكا و الولايات المتحدة خاصةً ، كما أحدثت علاقة عبد الباري مع إسرائيل فارقًا كبيرًا بالنسبة له شخصيًا على جبهات متعددة، إذ التقى عبد الباري مع اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين خلال فترة توليه منصب وزير العدل ؛ وزير الشؤون الإقليمية الإسرائيلي عيساوي فريج ونائب وزير الخارجية عيدان رول. كما أنه ساهم في تشريع عدد من القوانين الهامة مثل قانون الأحوال الشخصية، ومع ذلك يري البعض أنه إذا تم اختياره سيخلق حالة من التوتر فمن غيرر المتوقع أن يقبل به الإسلاميين وغيرهم ممن يرفضون اتفاق الإطار.
رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك: برز حمدوك كمرشح قوي لمنصب رئيس الوزراء مجددا بعد توقيع الإتفاق الإطاري، وتتداول بعض الصحف حمدوك وافق على العودة لتشكيل مجتمع حكومي قادر على الدولة خلال الأيام المقبلة، وفق رغبات المكون العسكري، على أن يكون رئيس حزب التحرير والعدالة التيجاني السيسي هو نائب الرئيس، غير أن تصريحات رسمية لم ترد علي لسان أيًا من الجانبين.
رئيس الحركة الشعبية و التيار الثوري ياسر عرمان: طرح مرارا أسم ياسر عرمان لكن من متابعة ياسر عرمان نلاحظ أنه صرح مرارا بعدم رضاه عن الاتفاق الإطاري الذي وقع فيقول بأن الاتفاق الذي لا يحظي بتأييد شعبي ولن يكتب له النجاح ويقول ، وفي تعليقه على ورود اسمه ضمن المرشحين قال إن ما تناولته منصات،بانه مرشح لمنصب رئاسة الوزراء هو غير واردة في قاموس، وان هدفه هو الحفاظ على ثورة ديسمبر، ومن ثم فياسر عرمان ياتي خيار أقل ترجيحاً.
رئيس حزب المؤتمر السوداني “عمر الدقير”: وبالرغم من أن الدقير أسمه يأتي أقل تناولا من بين الأسماء الواردة لكن حزب المؤتمر وعلي لسان الدقير يشدّد على ضرورة انتماء رئيس الوزراء القادم للثورة كمعيار أساسي للاختيار بينما لا يُشترط فيه أن يكون حزبياً أو غير حزبي. وذكر رئيس حزب المؤتمر السوداني أنّ القائد الأعلي للقوات النظامية سيكون رأس الدولة موضحاً بأنّه لم يتم الاتفاق بعد على أن يكون المستوى السيادي فرداً أو مجلساً من عدة أشخاص.
رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الموحد والقيادي بالحرية والتغيير “محمد عصمت”: يعتبر محمد عصمت من ضمن الأسماء المرشيحة كذلك لتولي نصب رئاسة الوزراء، لكن هناك إشكالية عدم توافقه مع المكون العسكري إذ يري أن المكون العسكري اتجه في قيادته نحو القبائل لتجييشها، لاستمالتهم وبناء مليشيات بولايات السودان المختلفة تتم بموافقة “صريحة او ضمنية” من المكون العسكري ، لكنلا خلاف علي أنه واحد من القيادات الثورية البارزة ،وهذا هو دافع طرح أسمه.
في الأخير يمكن القول أن لا خلاف أن منصب رئيس الوزراء هو المنصب الأهم في السودان خلال الفترة القادمة ، وهو بدوره صياغة لرابط العلاقات بين المكونات المختلفة لذا فكونه توافقي لا غني عنه ، أو علي الأقل يتمتع بقدرة علي التفاهم مع المكونات المختلفة ، ويحظي بقبول بينهم ، كما أنه توكل إليه قياده هذه الفترة الانتقالية ، والمساهمة بشكل كبير في تشكيل ملامحها ، وهو ما يجعل اختياره أمر هام ، والأسماء المطروحة جميعها غير مستبعد، غير أن اقربها للترشيح يبقي وزيري المالية والعدل في حكومة حمدوك.