انسحاب مالي يفتح المجال أمام احتمال تفكُّك مجموعة دول الساحل الخمس

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

أصدرت السلطات المالية على لسان قائد أركان قواتها المسلحة أمرا  يوم الثلاثاء 14 يونيو الجاري ببدء سحب جنودها المشاركين في القوة العسكرية المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس. ويبلغ عدد الجنود الماليين في هذه القوة 1400 عسكري موزعين على قواعد عسكرية داخل أراضي موريتانيا و النيجر ومالي.

من وجهة نظر المراقبين ،يُعتبر قرار باماكو سحب جنودها المشاركين في القوة العسكرية المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس تجسيدا  لقرارها السابق  في مايو الماضي بالانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس احتجاجا على رفض توليها الرئاسة الدورية لهذه المنظمة الإقليمية التي تضم موريتانيا وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر.وقد تشكّلت مجموعة دول الساحل الخمس في العام 2014 و بعد ذلك أطلقت في العام 2017 قوّتها العسكرية المشتركة لمكافحة الحركات المسلحة.

بيان حكومة مالي أشار إلى أن سلطات باماكو“قرّرت الانسحاب من كل أجهزة مجموعة دول الساحل الخمس وهيئاتها بما فيها القوة المشتركة” لمكافحة الإرهاب على أن تبدأ إجراءات إعادة الجنود إلى المناطق العسكرية التابعة للجيش المالي في غضون أسبوعين اعتبارا من تاريخ صدور البيان. .

قرار سلطات باماكو بالانسحاب من كل أجهزة وهيئات مجموعة دول الساحل الخمس يدخل حسب المحلِّلين في سياق سياسة الإنكفاء على الذات التي أصبح المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي ينتهجها منذ بعض الوقت  و تجسد ذلك في جملة من المواقف و القرارات منها رفض وساطة اتشاد و موريتانيا لإقناعه بالتراجع عن قرار الخروج من مجموعة دول الساحل الخمس و منها إرجاء العودة إلى الحكم المدني حتى مارس 2024.

فرغم المفاوضات الجارية مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا حول مدة الفترة الانتقالية ، أصدر العقيد أسيمي غويتا رئيس المجلس العسكري قرارا بتحديد «الفترة الانتقالية ب24 شهرا اعتبارا من 26 مارس 2022».و اتبع ذلك على الفور بقرار تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد.

هذه القطيعة التي أحدثتها السلطات الحاكمة في مالي في البداية مع فرنسا شريكها الأول في مواجهة الجماعات المسلحة ثم مع دول أخرى  باستثناء روسيا ومجموعة “فاغنر”المثيرة للجدل و في النهاية مع محيطها القريب :”مجموعة دول الساحل الخمس” و الإقليمي:” المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” ،تفتح المجال برأي المراقبين في ما يخصُّ مستقبل :”مجموعة دول الساحل الخمس” ،التي أُنشِئت أصلا لمعالجة الأزمة المالية و امتداداتها إلى البلدان الأخرى في شبه المنطقة،أمام احتمالين أحلاهما مرّ:

أول الاحتمالين هو دخول المجموعة في مسار التفكك خلال الأشهر المقبلة مع إمكانية قيام كيان أخر على أنقاضها ما زال الوقت مبكرا لرسم ملامحه و ثاني الاحتمالين هو إصابتها،طيلة السنوات الثلاث المقبلة على الأقل ، بالشلل التام أو الموت ألسريري في انتظار ما ستؤول إليه الأمور في مالي.

ومن المفارقة أن اقصر طريق، في ظل الوضعية الراهنة، لإنقاذ   مجموعة دول الساحل الخمس هو حصول انقلاب في مالي يتراجع منفِّذوه عن قرارات المجلس العسكري الحالي و هو احتمال لا يُعوِّل عليه بعض المراقبين مع أنه ليس مستبعدا لدى البعض الآخر.

 

 

 

 

 

كلمات مفتاحية