صواريخ الباتريوت في مشهد الأزمة الأوكرانية

إعداد: جميلة حسين محمد

وسط أجواء الحرب الروسية/ الأوكرانية وقيام القوات الروسية بتوجيه ضربات مكثفة تجاه البنية التحتية الأوكرانية وقطاع الطاقة مما يؤثر على الكهرباء والماء للشعب الأوكرانى، لجأت أوكرانيا إلى المساعدة الدفاعية من الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز الدفاع المضاد للصواريخ الروسية.

وفى إطار هذا الأمر كشف بيان صدر عن البيت الأبيض فى منتصف هذا الشهر الجاري عن استعداد واشنطن لإمداد أوكرانيا بمنظومة صورايخ باتريوت “باك-3” للدفاع عن الشعب الأوكراني والتصدي للهجمات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيرة.

ماهية منظومة باتريوت؟

تعتبر تلك المنظومة واحدة من أكثر أنظمة الدفاع الجوية بعيدة المدى المتطورة فى الترسانة الأمريكية، تبنت تطويرها شركة (Raytheon Technologies) الأمريكية من أجل الحماية من الصواريخ المهاجمة والطائرات وحماية المنشآت العسكرية والقواعد الجوية، ووفقا لها استطاعت صورايخ الباتريوت اعتراض أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا منذ عام 2015، وتعتبر تلك الصواريخ عنصرًا أساسيًا في دفاعات حلف الناتو على جناحه الشرقي.

خصائص المنظومة:

  • تتكون من 4 أجزاء: مركبة الرادار، وغرفة التحكم، ومنصة الصواريخ، والصواريخ نفسها.
  • تستطيع رصد 50 هدفًا فى وقت واحد، وإطلاق أول صاروخ فى غضون 9 ثوان من اكتشاف التهديد.
  • مدى الاستهداف: بالنسبة للأهداف الجوية تصيبها على مدى 160كم، والصواريخ الباليستية 75كم.
  • تعمل على نطاق ارتفاع يمتد بين 60 مترًا و15 كيلومترًا.
  • تستهدف الصورايخ ذاتية الدفع، خاصة تلك التي تحمل رؤوسا كيماوية أو نووية أو بيولوجية، كما تستهدف الصورايخ الباليستية (TBM).
  • تتكون من نوعين “باك-2” والآخر “باك-3″، ويستطيع الأخير إطلاق 16 صاروخًا دفعة واحدة يصل طول الواحد لـ5 أمتار، ويحمل رأسا متفجرا يزن 73 كجم.

منظومة باتريوت 1 صواريخ الباتريوت في مشهد الأزمة الأوكرانية

مسببات القرار الأمريكى:

أولًا: جاء القرار فى إطار المساعدات الأمنية التي تقدمها واشنطن تجاه أوكرانيا منذ بداية الحرب، وتأكيدًا على التزامها بتوفير المساعدة لأوكرانيا من أجل الدفاع عن نفسها،  وتحسين مهارات القدرات العسكرية الأوكرانية لمجابهة التهديدات الروسية، ومن ناحية أخرى إشارة لتعزيز حلف الناتو الذى سيساعد في تأمين المجال الجوي له في أوروبا الشرقية، وكذلك مواصلة المواجهة ضد روسيا فى إطار حربها غير القانونية تجاه أوكرانيا. وقد أشار المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة قدمت حوالى 18.5 مليار دولار من المساعدات الأمنية لكييف من أصل 47.9 مليار دولار من المساعدات الكلية الأمريكية.

المساعدات الأمريكية 1 صواريخ الباتريوت في مشهد الأزمة الأوكرانية

ثانيًا: مطلب الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” بإنشاء درع الدفاع الجوي متعدد الطبقات لتغطية الهجمات قصيرة المدى ومتوسطة المدى وبعيدة المدى، لحماية الأهداف الاستراتيجية الأوكرانية كالبنى التحتية ومراكز الطاقة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والدرونز الروسية، وقد أشارت قبل ذلك إلى حاجتها لصواريخ باتريوت، وصواريخ أتاكمز (ATACMS)، ودبابات أبرامز الأمريكية (Abrams)، وليوبارد (Leopards)، وماردر الألمانية (Marders).

وما يميز منظومة باتريوت بالنسبة لأوكرانيا كما أشار وزير الخارجية الأوكرانى “دميترو كوليبا” إلى أنها سلاح دفاعي تحتاجه لحماية البنية التحتية وتمكنها من الحد من الخسائر البشرية وأزمة انقطاع الكهرباء وتعزيز الأمن على حدودها، بالإضافة إلى قدرة الصاروخ على القيام بعمليات دقيقة داخل الأراضي الروسية.

تداعيات القرار الأمريكي:

يشير هذا القرار إلى خطورة انخراط واشنطن فى الحرب بين موسكو وكييف، حيث إن نشر منظومات صواريخ أمريكية على أراضي أوكرانيا يراه البعض عملًا استفزازيًا يثير غضب الكرملين ويؤثر على تصاعد الأزمة، وبحسب ما أشار خبراء أن تلك المنظومة بإمكانها إنقاذ الوضع فى ساحة المعركة ولكنه لن يغير من مسار الصراع المستمر لحوالى 10 أشهر لكونه نظامًا دفاعيًا.

التساؤل المرتبط بالتكلفة المرتفعة لهذه المنظومة، حيث تصل تكلفة منصة إطلاق صواريخ باتريوت المضادة للجو  إلى 10 ملايين دولار، وتكلفة كل صاروخ حوالي 4 ملايين دولار، خاصة فى إطار مواجهتها للطائرات من دون طيار المنخفضة التكلفة بالنسبة للباتريوت، ومن ثم فإنه يمثل خسارة كبيرة.

 فضلًا عن عدم الإفصاح عن عدد منظومات صواريخ الباتريوت التي سيتم إرسالها إلى الساحة الأوكرانية، وكذلك عنصر التدريب الذى سيتطلب من واشنطن تدريب القوات الأوكرانية على كيفية استخدام تلك الصواريخ وصيانتها، وقد صرحت مصادر تابعة للإدارة الأمريكية بأن تلك المنظومة ستصل إلى ألمانيا أولًا للتمكن من تدريب القوات الأوكرانية عليه، بالإضافة إلى تصريحات الجيش الأمريكي بالتوسع في تدريب القوات الأوكرانية بشكل عام في ألمانيا بدءًا من يناير القادم، ومن ثم لن تتمكن أواكرانيا من استخدامها قبل بضعة أشهر من الآن، نظرًا للوقت المستغرق من عملية التدريب.

وحصول أوكرانيا على منظومة باتريوت بالإضافة إلى منظومات الدفاع التي حصلت عليها من ذي قبل كمنظومة (NASAMS / IRIS-T/ Crotale) سيحقق لها تلك الفرصة المرجوة فى إنشاء نظام دفاعي جوي متعدد الطبقات حيث (باتريوت / NASAMS) بعيد المدى، و(IRIS-T) متوسط ​​المدى، و(Crotale) وعدد من المنظومات الغربية قصيرة المدى.

الاستجابة الروسية للقرار الأمريكي:

أشار الرئيس الروسى “فلاديمير بوتين” فى تصريح يوم الخميس الماضي إلى أن القوات المسلحة الروسية ستدمر منظومة باتريوت الأمريكية في حال نقلها إلى أوكرانيا، وأن تلك المنظومة لا تؤدي إلى حل الأزمة بل تؤدي لتفاقمها، والواقع أن الخبراء الروس يشيرون إلى التأثير السلبي لتواجد الباتريوت داخل الأراضي الأوكرانية، وعواقبه الوخيمة خاصة مع اعتباره هدف مشروع للقوات الروسية.

وعلى الرغم من إشارة روسيا لخطر المنظومة الأمريكية على القوات الجوية الروسية، ولكنها تؤكد امتلاك روسيا ما يكفى من الوسائل للرد وتدمير هذه المنظومات، مع الإشارة إلى منظومتها المتطورة مثل منظومة “إس-400” التي صممت لإسقاط طائرت وصواريخ على المدى المتوسط والبعيد، ويبلغ مدى استهدافها 400 كم وتستطيع إطلاق 32 صاروخًا دفعة واحدة، وتتكون من وحدات مضادة للطائرات مجهزة بـ12 منصة إطلاق.

وختامًا

إن تزويد أوكرانيا بمنظومة باتريوت يأتى فى إطار المساعدة الأمنية الأمريكية ومحاولة التصدى للهجمات الروسية المتنوعة مما قد يسهم فى تصعيد الحرب، ولكن يجدر التفكير فى التداعيات الاقتصادية لهذا القرار والتكلفة الباهظة لتلك المنظومة ومدى فاعليتها على الأراضي الأوكرانية فى الواقع العملياتي، كذلك على الرغم من أنها ستمثل عائقًا أمام الهجمات الجوية الروسية إلا أن الرد الروسي سيكون أقوى فى المواجهة خاصة بما تمتلكه موسكو من قوات جوية متطورة.

 

كلمات مفتاحية