إعداد: جميلة حسين
أصدر البرلمان الأوروبي نهاية الأسبوع الماضى مشروع قرار أدان قمع الاحتجاجات فى إيران مطالباً بفرض مزيد من العقوبات عليها وإدارج “الحرس الثورى” الإيراني فى القائمة السوداء للجماعات الإرهابية وكذلك (قوات الباسيج ) التابعة للحرس الثوري، بالإضاقة إلى فرض عقوبات على المرشد “علي خامنئي”، والرئيس الإيراني “إبراهيم رئيسي “وعائالتهما، وعليه يتم حظر “أي نشاط اقتصادي أو مالي”مع الحرس الثوري من خلال شركات أو مؤسسات قد تكون مرتبطة به.و قد سبق للولايات المتحدة الأمريكية إدراج الحرس على قائمة المنظمات الإرهابية عام 2019 .
وقد صوت أغلبية الأعضاء على هذا القرار فقد صوت 598 نائب من بين 638 من الحضور لإدراج تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية في القرار، فى مقابل تصويت 9 أعضاء ضده، وامتنع 31 عن التصويت. وتعتبر فرنسا وهولندا والسويد من الدول التى أيدت هذا القرار بقوة.
دوافع القرار
جاء قرارا البرلمان الأوروبي في اطار عدد من الأسباب:
أولا: حملة القمع العنيفة التي تشنها ايران على المواطنين أثر المظاهرات التي اندلعت في سبتمبر الماضي بسبب مقتل الشابة مهسا أمينى”. فانهم البرلمان ایران بازدراء و انتهاك حقوق وكرامة الإنسان، وطالها بضرورة إلغاء أحكام الإعدام الصادرة ضد المحتجين المطالبين بالحرية
ثانيا: سعى الدول الأوروبية لإطلاق سراح الرهائن المعتقلين في ايران خاصة بعد حادثة اعدام الايراني البريطاني على رضا أكبرى” النائب السابق لوزير الدفاع الايراني والتي لقيت تنديد من جانب كافة دول الاتحاد الأوروبي.
ثالثا: الدعم لروسيا في الحرب الروسية الأوكرانية خاصة بإمدادها للطائرات المسيرة لاستخدامها رابعا: تدهور العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي وطيران خلال الفترة الماضية مع تعثر الجهود الإحياء الاتفاق النووي الإيراني في الداخل الأوكراني.
ماهية الحرس الثوري
تم تأسيس الحرس الثورى بعد الثورة الإيرانية عام 1979. بأمر من المرشد الأعلى “علي خامني”، كقوة عسكرية مهمتها حفظ الثورة الإسلامية وكجزء من القوات المسلحة الإيرانية تتمتع بقوات برية وبحرية ،وجوفضائية متخصصة، وقد توسع دوره على مدار السنوات الماضية وأصبح له دور أساسي في النظام الإيراني لحماية النظام الإسلامي ومنع التدخل الأجنبي أو الانقلابات العسكرية أو الحركات المتطرفة. فتبلغ القوات البرية للحرس بحوالى 125 ألف شخص، ولها دور هام في تطوير القدرات العسكرية الإيرانية، خاصة الصواريخ والطائرات المسيرة. في حين يقدر عدد القوات البحرية حوالى 20 ألف شخص يختص دورها فى النطاق الحيوي للجمهورية الإسلامية اسلامی 113571 كالخليج ومضيق هرمز.
تداعيات القرار
بالنسبة لإيران: هاجمت ايران هذا القرار، وسبق أن حذرت الاتحاد الأوروبي من تداعيات تصنيف الحرس الثورى كيانا ارهابياً، وقد وصف وزير الخارجية الإيراني ” حسين أمير عبد اللهيان” هذا القرار بأنه غير مهنى وسلوك غير مدروس ودعا البرلمان للتفكير في نتائج هذا القرار وأشار الى امكانية ايران للرد على أى قرار ضدها. هذا بالاضافة الى تأكيد أهمية الحرس الثورى كمؤسسة رسمية، ودوره الهام في ضمان أمن إيران والمنطقة وفي مكافحة الإرهاب.
وجاء تصريح أخر لقائد الحرس الثورى الإيراني اللواء حسين سلام” يشير الى ارتكاب الاتحاد الأوروبى خطا اذا قام بادارج مؤسسته الى القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، ومن ثم فعليها أن تتحمل عواقب تلك القرارات التي ستؤثر على الأمن والهدوء والسلام الإقليمي والعالمي. وأكد من ناحية أخرى على استحالة اهتزاز قوة الحرس الثورى أو زعزعة قدرته واراداته.
بالنسبة للبرلمان الاوروبي: إن التطبيق الفعلى لهذا القرار ودخوله حيز التنفيذ يعتمد على الآلية المعتمدة من الاتحاد الأوروبى التي تستند على الموازنة بين البرلمان الأوروبي باعتباره هيئة تشاورية تحفز الدول، والمفوضية الأوروبية التي تصرف تلك القرارات على الدول الأعضاء للبت فيها. وأخيرا المجلس الأوروبى المفوض الوحيد بتطبيق العقوبات ومن ثم فإن تصويت الأعضاء على هذا القرار غير ملزم للدول الأعضاء.
حزمة عقوبات جديدة
منذ اندلاع المظاهرات فى إيران بدأت حزمة عقوبات من الاتحاد الاوروبي للأخيرة بدأت بقطع الاتحاد علاقاته مع المجلس البرلماني الإسلامي بسبب عدم احترامه لحقوق الإنسان لحقتها فرض عقوبات على 150 شخصية وكيان إيرانى، وكذلك حظر تصدير بعض التجهيزات تخوفا من استخدامها لأغراض قمعيه في التظاهرات.
واختتمت أمس بفرض الاتحاد الأوروبى حزمة رابعة من العقوبات على إيران خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد على أثر انتهاكها لحقوق الإنسان والقمع الوحشى للمحتجين وتوريدها أسلحة إلى روسيا لمساندتها فى حربها ضد أوكرانيا، وعليه فإن العقوبات شملت 37 فرداً وكيانا ايرانياً متورطين في حملة قمع الاحتجاجات من بينهم المؤسسة التعاونية للحرس الثورى الإيراني و 12 وحدة عسكرية فى الحرس الثورى، ونائب وزير المخابرات الإيراني و4 من قادة في الحرس الثوري الإيراني: أبرزهم “مرتضی نیل فروشان” نائب قائد غرفة عمليات الحرس الثوري، و”مسلم معين” رئيس المركز السيبراني التابع لميليشيا (الباسيج)، و”محمد كرمي” قائد قاعدة (القدس) المسؤولة عن أمن محافظتي بلوشستان وکرمان في جنوب شرقي البلاد.
وضمت القائمة أربعة نواب على رأسهم عضو لجنة الأمن القومي (محمد إسماعيل كوثري جنرال في الحرس الثوري، وثلاثة نواب متشددين هم مصطفی میرسلیم محمد”. و”تقي نقد علي”، و”موسى غضنفر آبادي. كذلك تم فرض عقوبات على وزير الرياضة والشباب “سيد حميد سجادي بسبب الضغوط التي مارسها على الرياضيين، وعلى مديرين في الإذاعة والتلفزيون الإيرانيين.
ومن ناحية أخرى أكدت نتائج الاجتماع أنه لا يمكن أدراج الحرس الثوري ضمن التنظيمات الإرهابية إلا بعد صدور حكم قضائي يتضمن إدانة قانونية ملموسة لهذا الكيان تمكن الاتحاد من التحرك لتنفيذ هذه الخطوة بشكل رسمي.
مما سبق تجد إن التحرك نحو مناهضة ايران وأذرعيا المتنوعة خاصة من جانب الدول الأوروبية قد يساهم في السيطرة على القوة الإيرانية ووسائلها القمعية مع تحرك الجماهير الايرانية المنددة والرافضة للسياسة الإيرانية مما يشكل ضغط داخليا وخارجيا، واذا تطور الأمر واستطاعت أحد دول الاتحاد التوصل لادانه قانونية للحرس الثورى ستكون العواقب وخيمة على النظام الإيراني ويلحقها تغييرات في طريقة التعامل مع القضايا التجارية والبنكية والمالية وكذلك تطوير التكنولوجيا. أما هذا الضغط الداخلى والدولى وفرض سلسة من العقوبات التي لن تتوقف عند هذا الحد، يتوجب على النظام الإيرانى مراجعة حساباته وسياساته المستخدمة حتى لا تلقى مزيدا من العزلة الدولية.