مُسْتَقبلُ المَشْهَدِ اليَمَنيِ فِي ظِلِّ اسْتِمرارِ الحَرْبِ عَلىَ غَزةَ

إعداد: آية أشرف

الْمُقَدِّمَةِ

أَعَادَتْ عَمَلِيَّةُ “طُوفَانِ الْأَقْصَى” تَسْلِيطَ الضَّوْءِ عَلَى الصَّرَعَاتِ وَالْأَزَمَاتِ الْعَالِقَةِ فِي الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ وَانْهَتْ بِشَكْلٍ جَذْرِيٍّ سِيَاسَةَ “الْوَضْعِ الْمُرِيحِ” الَّتِي تَتَبَنَّاهَا الْإِدَارَاتُ الْأَمْرِيكِيَّةُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الْمِنْطَقَةِ وَالَّتِي تَرْمِي  إِلَى الْحِفَاظِ عَلَى صَرَعَاتِ الْمِنْطَقَةِ دُونَ تَصْعِيدِهَا وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ ضَمَانِ الْأَمْنِ الْمُطْلَقِ لِإِسْرَائِيلَ، لِذَا فَهِيَ بِمَثَابَةِ زَلَازِلَ سِيَاسِيٍّ وَعَسْكَرِيٍّ أَحْدَثَ الْعَدِيدَ مِنْ الِاهْتِزَازَاتِ الْعَنِيفَةِ فِي الْمِنْقَطَةِ بِشَكْلٍ مُجْمَلٍ، وَعَمِلَ عَلَى إِعَادَةِ تَرْتِيبِ أَوْرَاقِ الضَّغْطِ وَالتَّأْثِيرِ الَّتِي تَمْتَلِكُهَا الْأَطْرَافُ الْفَاعِلَةُ فِيهَا، وَبِتَالِي تَجِدُ  الْمِنْطَقَةُ نَفْسَهَا أَمَامَ نُقْطَةٍ مِحْوَرِيَّةٍ قَدْ تُكَلِّفُهَا الِانْجِرَارُ إِلَى مُسْتَنْقَعِ الْحَرْبِ الْإِقْلِيمِيَّةِ فِي ظِلِّ تَنَامِي التَّصْعِيدِ فِي غَزَّةَ وَتَصَاعُدِ الْمَخَاطِرِ الْمُرْتَبِطَةِ عَلَيْهِ وَوُجُودِ الْعَدِيدِ مِنْ الْأَطْرَافِ الَّتِي تُحَاوِلُ تَوْظِيفَ هَذِهِ الْحَرْبِ لِلْخُرُوجِ بِمَكَاسِبَ سِيَاسِيَّةٍ عَلَى الصَّعِيدِ الْإِقْلِيمِيِّ وَالدَّوْلِيِّ، الْأَمْرُ الَّذِي جَعَلَ مِنْ هَذِهِ الْحَرْبِ أَخْطَرَ تَهْدِيدٍ أَمْنِيٍّ يُوَاجِهُ مَنْظُومَةَ الْأَمْنِ الْإِقْلِيمِيِّ وَالدَّوْلِيِّ فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ، وَيُعَدُّ مِلَفُّ الْيَمَنِ مِنْ أَبْرَزِ الْقَضَايَا الْمُتَأَثِّرَةِ بِتَدَاعِيَاتِ وَمَخَاطِرِ هَذِهِ الْحَرْبِ وَالْأَجِنْدَاتِ الَّتِي تُحَاوِلُ الْأَطْرَافَ الْمُخْتَلِفَةُ تَحْقِيقَهَا عَلَى حِسَابِ سَلَامَةِ دُوَلِ الْمِنْطَقَةِ وَشُعُوبِهَا، كَمَا كَشَفَتْ هَذِهِ الْحَرْبُ وَتَدَاعِيَاتِهَا عَلَى الْأَزْمَةِ الْيَمَنِيَّةِ خُطُورَةُ النَّتَائِجِ الَّتِي تُوَلِّدُهَا الْحُلُولُ الْجُزْئِيَّةُ أَوْ السَّطْحِيَّةُ لِلْأَزَمَاتِ الْمُعَقَّدَةِ الَّتِي يَشْهَدُهَا الشَّرْقُ الْأَوْسَطُ بِشَكْلٍ عَامٍّ وَالْأَزْمَةُ الْيَمَنِيَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ.

وَعَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ الْوَرَقَةَ تُنَاقِشُ الْأَسْبَابَ الَّتِي قَرَنَتْ الْأَزْمَةَ الْيَمِينَةَ دُونَ غَيْرِهَا بِالْحَرْبِ فِي غَزَّةَ وَتَدَاعِيَاتِ ذَلِكَ الِاقْتِرَانِ عَلَى الْمُسْتَوَيَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَتَأْثِيرُ هَذِهِ التَّدَاعِيَاتِ عَلَى مُسْتَقْبَلِ الْيَمَنِ.

الْيَمَنُ جَبْهَةُ الصِّرَاعِ الْجَنُوبِيَّةُ

فَرَضَ الْيَمَنُ نَفْسَهُ بِقُوَّةٍ عَلَى الْمَشْهَدِ فِي الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ بِالتَّوَازِي مَعَ الْحَرْبِ فِي غَزَّةَ، خَاصَّةً فِي ظِلِّ تَعَمُّدِ _الطَّرَفِ الْأَكْثَرِ فَعَالِيَّةً وَتَأْثِيرٍ فِي الْمَشْهَدِ الْيَمَنِيِّ وَالْمُتَمَثِّلِ فِي جَمَاعَةِ “الْحُوثِي”_ رَبَطَ التَّصْعِيدَ فِي غَزَّةَ بِتَصْعِيدٍ فِي الْمِنْطَقَةِ كَكُلِّ وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ عَسْكَرَةِ  الْبَوَّابَةِ الْجَنُوبِيَّةِ لِلْمِنْطَقَةِ الْمُتَمَثِّلَةِ فِي السَّوَاحِلِ الْيَمِينِيَّةِ الْمُطِلَّةِ عَلَى الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ، وَظَهَرَ ذَلِكَ وَاضِحًاً بَعْدَ التَّصْعِيدِ “الْحُوثِي” الَّذِي جَاءَ كَرَدٍّ عَلَى الِاعْتِدَاءَاتِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ فِي غَزَّةَ مِنْ خِلَالِ اخْتِطَافِ السُّفُنِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ أَوْ الْمُتَوَّجَةِ إِلَى إِسْرَائِيلَ وَتَوْجِيهُ عَدَدٍ مِنْ الضَّرَبَاتِ الصَّارُوخِيَّةِ تُجَاهَ مِينَاءِ “إِيلَاتْ” فَضْلًاً عَنْ تَصْرِيحَاتِ قَادَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مُقَدِّمَتِهِمْ “عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُوثِي” بِالتَّهْدِيدِ بِالتَّدَخُّلِ الْمُبَاشِرِ فِي الْحَرْبِ فِي حَالِ تَدَخُّلِ أَطْرَافٍ دَوْلِيَّةٍ بِصِفَةٍ مُبَاشِرَةٍ لِدَعْمِ إِسْرَائِيلَ فِي إِشَارَةٍ إِلَى الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ أَوْ تَنْفِيذِ إِسْرَائِيلَ لِخُطَطِ الِاجْتِيَاحِ الْبَرِّيِّ الَّتِي تُعْلِنُ عَنْهَا بِاسْتِمْرَارٍ.

عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ مِثْلَ هَكَذَا رَدَّ أَوْ تَصْعِيدٌ كَانَ مُنْتَظَرٌ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ مِنْ “حِزْبِ اللَّهِ اللُّبْنَانِيِّ” عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ إِلَّا أَنَّ جَمَاعَةَ “الْحُوثِي”  كَسَرَتْ كَافَّةَ هَذِهِ التَّوَقُّعَاتِ وَكَانَتْ صَاحَبَتْ الدَّوْرَ الْأَكْثَرَ تَأْثِيرًاً وَطَرَحَتْ نَفْسَهَا بِقُوَّةٍ لِتُصْبِحَ طَرَفٍ فَعَّالٍ فِي مَسَارِ الْأَحْدَاثِ فِي غَزَّةَ لِتَعْمَلَ بِذَلِكَ عَلَى تَوْسِيعِ رُقْعَةِ الصِّرَاعِ وَالِاضْطِرَابِ فِي مِنْطَقَةٍ مُضْطَرِبَةٍ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الرَّدُّ الْحُوثِيُّ فِي الْإِطَارِ التَّضَامُنِيِّ مَعَ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ وَالْأَحْدَاثِ فِي غَزَّةَ كَتَأْكِيدٍ لِلْعَقِيدَةِ الَايْدْلُوجِيَّةِ الَّتِي تَتَأَسَّسُ بِنَاءً عَلَيْهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْأَذْرُعِ الْإِيرَانِيَّةِ فِي الْمِنْطَقَةِ وَالْمُتَمَثِّلَةِ فِي مُقَاوَمَةِ النُّفُوذِ الْأَمْرِيكِيِّ فِي الْمِنْطَقَةِ وَمُوَاجِهةِ إِسْرَائِيلَ

وَقَدْ أَثْبَتَ الْأَشْهُرَ الْمَاضِيَةَ أَنَّ فَتِيلَ الصِّرَاعِ الَّذِي اشْتَعَلَ مُجَدَّدًاً بَيْنَ حَرَكَةِ الْمُقَاوَمَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ “حَمَاسَ” وَإِسْرَائِيلَ قَدْ وَفَّرَ مُنَاخًاً مُنَاسِبَةً لِجَمَاعَةِ “الْحُوثِي” لِإِثْبَاتِ مِصْدَاقِيَّتِهِ شِعَارَتَهَا الَّتِي تَرْفَعُهَا فِي خِطَابَتِهَا الْمُوَجَّهَةِ لِدُوَلِ الْمِنْطَقَةِ، فَجَاءَ تَصْعِيدُ الْحُوثِي  فِي هَذَا الْإِطَارِ لِيُحَقِّقَ عِدَّةَ الْأَهْدَافِ تَتَمَثَّلُ فِي :

تَأْكِيدُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْتِزَامِهَا بِالْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ كَأَسَاسٍ جَوْهَرِيٍّ لَهَا خَاصَّةً فِي ظِلِّ الظِّلِّ الزَّخْمَ الشَّعْبِيَّ الْوَاسِعَ الَّذِي تَتَمَتَّعُ بِهِ الْقَضِيَّةُ الْفِلَسْطِينِيَّةُ عَلَى مُسْتَوَى الْعَالَمِ وَبِالتَّالِي فَإِنَّ هَذَا التَّدَخُّلَ جَاءَ مُمَنْهَجٌ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ لِيُسَاعِدَ فِي تَعْزِيزِ الْقَاعِدَةِ الشَّعْبِيَّةِ الَّتِي تَتَمَلَّكُهَا جَمَاعَةُ “الْحُوثِي” وَهُوَ مَا لَمَسَتْ ثِمَارَهُ الْجَمَاعَةُ فِي السَّاعَاتِ الْأَوَّلِيِّ لِتَحَرُّكَاتِهَا ضِدَّ إِسْرَائِيلَ فَقَدْ أَجْتَمِعُ أَبْنَاءُ الشَّعْبِ الْيَمَنِيِّ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ لِدَعْمِ التَّحَرُّكِ الْحُوثِيِّ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ.

  • جَاءَتْ هَذِهِ التَّحَرُّكَاتُ فِي إِطَارِ الْتِزَامِ جَمَاعَةِ “الْحُوثِي” بِأَجِنْدَةِ طَهْرَانَ الَّتِي رَسَمَتْهَا لِمِحْوَرِ الْمُقَاوَمَةِ الَّذِي يَتَنَشَّرُ أَذْرُعَهُ فِي الْعَدِيدِ مِنْ دُوَلِ الْإِقْلِيمِ، بَلْ أَنَّ قَادَةَ الْجَمَاعَةِ حَاوَلُوا تَجَاوُزَ مُجَرَّدِ هَذَا الدَّوْرِ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَعْزِيزِ الشَّرِكَاتِ مَعَ الْأَذْرُعِ الْأُخْرَى فِي الْمِحْوَرِ وَذَلِكَ لِلتَّأْكِيدِ عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُجَرَّدَ جُرْمٍ فِي الْفَلَكِ الْإِيرَانِيِّ يَتَلَقَّوْنَ الدَّعْمَ مِنْ الْمَحَاوِرِ الْأُخْرَى بَلْ أَنَّهُمْ دَاعِمٌ مُهِمٌّ وَمُؤَثِّرٌ لِمَشَارِيعِ هَذِهِ الْمَحَاوِرِ فِي الْمِنْطَقَةِ، وَبِتَالِي فَإِنَّ هَذَا التَّصْعِيدَ جَاءَ بِشَكْلٍ مُنَسَّقٍ مَعَ الْمَحَاوِرِ الْأُخْرَى، الْأَمْرُ الَّذِي جَعَلَ جَمَاعَةَ “الْحُوثِي” تَضَعُ نَفْسَهَا كَطَرَفٍ مِحْوَرِيٍّ فِي مُعَادَلَةِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ فِي الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ.
  • عَمِلَتْ جَمَاعَةُ “الْحُوثِي” مِنْ خِلَالِ هَذَا التَّصْعِيدِ عَلَى إِرْسَالِ رَسَائِلَ وَاضِحَةٍ لِكَافَّةِ الْأَطْرَافِ الدَّوْلِيَّةِ وَالْإِقْلِيمِيَّةِ الْفَاعِلَةِ فِي الْمِنْطَقَةِ عَلَى أَنَّهَا أَصْبَحَتْ قُوَّةً عَسْكَرِيَّةً وَسِيَاسِيَّةً لَا يُمْكِنُ التَّغَافُلُ عَنْهَا أَوْ الِاسْتِهَانَةُ بِالدَّوْرِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ تُؤَدِّيَهُ فِي صَرَعَاتِ الْمِنْطَقَةِ بِدُونِ التَّقَيُّدِ بِحُدُودِ الْجُغْرَافِيَا سَوَاءٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَاجَهَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ أَوْ مَسَارَاتِ السَّلَامِ

تَدَاعِيَاتُ الِانْخِرَاطِ الْحُوثِيِّ فِي الْحَرْبِ فِي غَزَّةَ  عَلَى مُسْتَقْبَلِ الْأَزْمَةِ الْيَمَنِيَّةِ 

هَذَا التَّصْعِيدُ الْخَطِيرُ مِنْ “الْحُوثِي” قَدْ يُسْفِرُ عَنْ تَغَيُّرٍ جِيُوسِيَاسِيٍّ ذُو مَخَاطِرَ أَمْنِيَّةٍ حَادَّةٍ قَدْ تَقْلِبُ مَوَازِينَ الْقُوَّةِ فِي الْمِنْطَقَةِ رَأْسًاً عَلَى عَقِبٍ خَاصَّةً فِي ظِلِّ الْمَوْقِعِ الْجُغْرَافِيِّ الْاسْتِرَاتِيجِيِّ الَّذِي تَسْطِيرَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ، وَفِي ظِلِّ الْوَضْعِ الْمُتَأَزِّمِ بِالْفِعْلِ فِي الصِّرَاعِ فِي الْيَمَنِ سَوَاءٌ عَلَى الْمُسْتَوَى الْإِقْتِصَادِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ وَالْإِنْسَانِيِّ أَوْ عَلَى الْمُسْتَوَى السِّيَاسِيِّ وَمَسَارَاتِ حَلِّ الْأَزْمَةِ، فَقَدْ يُؤَدِّي هَذَا التَّصْعِيدُ إِلَى زِيَادَةِ الْمَعَانَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالِاقْتِصَادِيَّةِ الَّتِي يُعَانِي مِنْهَا الشَّعْبُ الْيَمَنِيُّ عَلَى مَدَارِ سَنَوَاتِ الْأَزْمَةِ خَاصَّةً إِذْ تَطَوَّرَتْ إِلَى مُسْتَوَى الْمُوَاجَهَاتِ الْمُبَاشِرَةِ؛ فَإِنَّ أَيَّ رَدٍّ دَوْلِيٍّ أَوْ إِقْلِيمِيٍّ عَنِيفٍ تُجَاهَ الْحُوثِيِّينَ سَوْفَ يَتَحَمَّلُ عَوَاقِبَهُ أَوَّلًاً وَأَخِيرًاً الشَّعْبُ الْيَمَنِيُّ، فَضْلًاً عَنْ اسْتِغْلَالِ الْحُوثِيِّينَ لِلْمَشَاعِرِ الْمُتَضَامِنَةِ مَعَ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ مِنْ أَبْنَاءِ الْيَمَنِ وَالْعَمَلِ عَلَى زِيَادَةِ الْحَشْدِ الْمَالِيِّ وَالْعَسْكَرِيِّ بِاسْمِ الْحَرْبِ فِي غَزَّةَ، الْأَمْرُ الَّذِي يَزِيدُ مِنْ خُطُورَةِ تَفَاقُمِ خَطَرِ تَوَسُّعِ التَّنْظِيمَاتِ الْمُسَلَّحَةِ فِي الْيَمَنِ الَّتِي سَيُؤَثِّرُ انْتِشَارُهَا عَلَى دُوَلِ الْمِنْطَقَةِ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ وَغَيْرِ مُبَاشِرٍ.

عَلَى الْمُسْتَوَى السِّيَاسِيِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسَارَاتِ الْحَرْبِ وَالسَّلَامِ فِي الْأَزْمَةِ الْيَمَنِيَّةِ فَإِنَّ هَذَا لِتَصْعِيدٍ يَعْمَلُ عَلَى إِرْبَاكِ الْمَشْهَدِ السِّيَاسِيِّ وَالْمَسَارِ التَّفَاوُضِيِّ فِي الْيَمَنِ وَيُعَزِّزُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ حَالَةً لَاحَرْبٍ وَاللَّاسِلْمِ، إِذْ يُؤَدِّي إِلَى عَرْقَلَةِ جُهُودِ السَّلَامِ بِشَأْنِ الْأَزْمَةِ خَاصَّةً بَعْدَ أَنْ دَخَلَتْ هَذِهِ الْجُهُودُ فِي مَرْحَلَةٍ أَقْرَبَ لِلْجِدِّيَّةِ بِشَكْلٍ مَا أَوْ بِأُخَرَ  وَهُوَ مَا ظَهَرَ وَاضِحٌ فِي الْمُحَادَثَاتِ السُّعُودِيَّةِ الْحُوثِيَّةِ الْأَخِيرَةِ فِي 2023م، إِلَّا أَنَّ الْحَرْبَ فِي غَزَّةَ وَالتَّدَخُّلَ الْحُوثِي عَلَّ خَطِّ الصِّرَاعِ فِيهَا عَمَلَ عَلَى إِعَاقَةِ هَذِهِ الْجُهُودِ وَتَوْجِيهِهَا نَحْوَ الْأَوْضَاعِ فِي غَزَّةَ مِنْ جَانِبِ وَمُحَاوَلَةِ تَحَيُّدِ الْحُوثِيِّينَ وَاحْتِوَاءِ خَطَرِهِمْ مِنْ جَانِبٍ أُخَرَ، وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي أَشَرَّ إِلَيْهِ الْمَبْعُوثُ الْأُمَمِيُّ فِي الْيَمَنِ فِي تَصْرِيحِهِ بِأَنَّ ” الْأُمُورَ كَانَتْ مُهَيَّأَةً فِي الْيَمَنِ لِتُوصِلَ لِتَسْوِيَةٍ لَوْلَا الْمُتَغَيِّرَاتُ الْإِقْلِيمِيَّةُ الَّتِي انْخَرَطَ الْحُوثِيُّونَ بِمُوجِبِهَا فِي الْأَعْمَالِ الْقِتَالِيَّةِ بَيْنَ إِسْرَائِيلَ وَفَصَائِلِ الْمُقَاوَمَةِ فِي غَزَّةَ”، فَضْلًاً عَنْ أَنَّ هَذَا التَّصْعِيدَ يَزِيدُ مِنْ الِاحْتِقَانِ بَيْنَ أَطْرَافِ الْأَزْمَةِ الْمَحَلِّيِّينِ وَهُمَا مُعَسْكَرُ الْحُوثِي وَمُعَسْكَرُ الشَّرْعِيَّةِ خَاصَّةً فِي ظِلِّ رَفْضِ مُعَسْكَرِ الشَّرْعِيَّةِ لِلتَّصْعِيدِ الْحُوثِيِّ عَلَى هَامِشِ الْحَرْبِ فِي غَزَّةَ وَهُوَ مَا قَدْ يَنْعَكِسُ بِقُوَّةٍ عَلَى التَّأْثِيرَاتِ الْإِيجَابِيَّةِ وَنِقَاطِ التَّسْوِيَةِ الطَّفِيفَةِ الَّتِي تَوَصَّلَ لَهَا جَوْلَاتُ الْمُبَاحَثَاتِ السُّعُودِيَّةِ الْحُوثِيَّةِ  وَقَدْ يُعِيدُهَا إِلَى حَيْثُ بَدَأَتْ،عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ تَصْنِيفُ جَمَاعَةِ الْحُوثِي كَجَمَاعَةٍ إِرْهَابِيَّةٍ بَعْدَ هَذَا التَّصْعِيدِ، كُلُّ هَذِهِ الْعَوَامِلِ مُجْتَمِعَةٌ سَتَعْمَلُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى تَجْمِيدِ مَسَارِ السَّلَامِ فِي الْأَزْمَةِ الْيَمَنِيَّةِ وَسَتَكُونُ بِمَثَابَةِ ارْتِدَادِهِ لِجُهُودِ التَّسْوِيَةِ بِشَأْنِهَا .

مُسْتَقْبَلُ الْمَشْهَدِ الْيَمَنِيِّ

إِنَّ ضَبَابِيَّةَ الْوَضْعِ الدَّاخِلِيِّ وَالْخَارِجِيِّ فِي الْيَمَنِ تَجْعَلُ هُنَاكَ صُعُوبَةً بَالِغَةً فِي اسْتِشْرَافِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَأُوَّلَ إِلَيْهِ الْأُمُورُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَزْمَةِ الْيَمَنِيَّةِ إِلَّا أَنَّهُ مِنْ الْمُؤَكَّدِ أَنَّ الْحَرْبَ فِي غَزَّةَ عَكَسَتْ نَفْسَهَا بِقُوَّةٍ عَلَى مُجْرَيَاتِ الْأَزْمَةِ فِي الْيَمَنِ خَاصَّةً فِي ظِلِّ رَغْبَةِ جَمَاعَةِ “الْحُوثِي” فِي الْحُصُولِ عَلَى مَزِيدٍ مِنْ الزَّخْمِ الدَّوْلِيِّ وَالْإِقْلِيمِيِّ الَّذِي سَيُعَزِّزُ مِنْ مَكَانَتِهَا مُسْتَقْبَلًاً عَلَى طَاوِلَةِ التَّفَاوُضِ مَعَ الطَّرَّافِ الْإِقْلِيمِيَّةِ وَالدَّوْلِيَّةِ الْفَاعِلَةِ فِي الْأَزْمَةِ الْيَمَنِيَّةِ، تَخْتَلِفُ السِّينَارْيُوهَاتُ الْمَطْرُوحَةُ حَوْلَ مُسْتَقْبَلِ الْمَشْهَدِ الْيَمَنِيِّ فِي ظِلِّ اسْتِمْرَارِ الْحَرْبِ فِي غَزَّةَ حَيْثُ أَنَّ نَتَائِجَ هَذِهِ الْحَرْبِ عَلَى الْيَمَنِ وَعَلَى الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ بِشَكْلٍ عَامٍّ تَتَوَقَّفُ عَلَى تَطَوُّرَاتِ الْحَرْبِ نَفْسِهَا وَالتَّفَاعُلِ الْحُوثِي مَعَ هَذِهِ التَّطَوُّرَاتِ، فَمِنْ الْمُتَوَقَّعِ أَنْ تُؤَدِّيَ هَذِهِ الْحَرْبُ إِلَى مَسَارَيْنِ يَخْتَلِفُ كُلٌّ مِنْهَا عَنْ الْأُخَرِ فِي الْيَمَنِ:

الْمَسَارُ الْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِتَرَاجُعِ الِاهْتِمَامِ الدَّوْلِيِّ وَالْإِقْلِيمِيِّ بِشَأْنِ الْوَضْعِ فِي الْيَمَنِ وَتَحَوُّلِ كَافَّةِ الْمَوَارِدِ وَالْجُهُودِ الْمَادِّيَّةِ وَالدِّبْلُومَاسِيَّةِ لِصَالِحِ الْحَرْبِ الْحَالِيَّةِ فِي غَزَّةَ بِاعْتِبَارِهَا الْأَوْلَوِيَّةَ الْأَهَمَّ عَلَى أَجِنْدَةِ كَافَّةِ دُوَلِ الْعَالَمِ شُعُوبًاً وَحُكُومَاتٍ

الْمَسَارُ الثَّانِي يَدُورُ حَوْلَ إِعَادَةِ النَّظَرِ مِنْ قِبَلِ الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ لِتُقِيُّمِ الْوَضْعِ فِي الْيَمَنِ وَالْعَمَلِ عَلَى حَشْدِ جُهُودٍ فَعَلَيْهِ لِلْعَمَلِ عَلَى حَلِّ الْأَزْمَةِ فِي الْيَمَنِ وَالسَّيْطَرَةِ عَلَى النَّشَاطِ الْحُوثِيِّ فِي الْمِنْطَقَةِ الْأَكْثَرِ اخْتِنَاقًاً فِي الْعَالَمِ

إجمالًا:

نَجِدُ أَنَّ مُعْطَيَاتِ الْوَاقِعِ الْحَالِيِّ تُؤَكِّدُ بِقُوَّةٍ تَشَابُكٍ وَتَعْقُّدُ أَوْرَاقُ اللُّعْبَةِ فِي الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ وَالَّتِي تَتَغَيَّرُ وَيُعَادُ تَرْتِيبُهَا فِي إِطَارِ مَصَالِحِ الْأَطْرَافِ الْفَاعِلَةِ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ، فَضْلًاً عَنْ تَأْكِيدِ هَذَا الْوَضْعِ الْمُضْطَرِبِ عَلَى تَرَابُطِ مَنْظُومَةِ الْأَمْنِ الْإِقْلِيمِيِّ لِلشَّرْقِ الْأَوْسَطِ فِي كُلِّ مُتَكَامِلٍ لَا يُمْكِنُ تَقْسِيمَةٌ إِلَى أَجْزَاءِ مُنْفَصِلِهِ، وَيُعْزَى ذَلِكَ التَّرَابُطُ إِلَى سَيُبْبِنُ الْأَوَّلِ هُوَ الْحَتْمِيَّةُ الْأَمْنِيَّةُ وَالِاعْتِمَادُ الْمُتَبَادَلُ بَيْنَ الْقُوَى الْمُخْتَلِفَةِ فِي الْمِنْطَقَةِ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالْمُخَطَّطِ الْإِيرَانِيِّ الَّذِي تَعَمَّدَتْ مِنْ خِلَالِهِ خَلْقَ هَذِهِ الشَّبَكَةِ الْمُتَرَابِطَةِ مِنْ الْأَذْرُعِ  لِتَسْمَحَ لَهَا بِمَزِيدٍ مِنْ السَّيْطَرَةِ وَالنُّفُوذِ بِمَا يُمَكِّنُ طَهْرَانَ مِنْ تَحْقِيقِ مَصَالِحِهَا فِي الْمِنْطَقَةِ دُونَ الْحَاجَاتِ لِلدُّخُولِ فِي صِرَاعَاتِ مُبَاشِرِهِ مَعَ أَقْطَابِهَا، وَلَعَلَّ الْحَرْبَ فِي غَزَّةَ وَتَدَاعِيَاتِهَا عَلَى الْيَمَنِ تُقَدِّمُ دَلِيلًاً حَاسِمًاً فِي هَذَا الْأَمْرِ.

وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ هَذِهِ التَّدَاعِيَاتُ تَصُبُّ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ لِصَالِحِ الْحُوثِينَ وَمَكَانَتِهِمْ فِي الْمِنْطَقَةِ؛ إِذْ تَمَّ اسْتِغْلَالُهَا بِأَفْضَلِ شَكْلٍ مُمْكِنٍ مِنْ قِبَلِ الْجَمَاعَةِ فِي مُحَاوَلَةٍ مِنْهَا لِلْهُرُوبِ مِنْ الْتِزَامَاتِهَا الدَّاخِلِيَّةِ وَمُحَاوَلَةٍ لِكَسْبِ التَّأْيِيدِ الشَّعْبِيِّ عَلَى حِسَابِ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ، فَضْلًاً عَنْ أَنَّهَا دَفَعَتْ إِلَى إِعَادَةِ النَّظَرِ فِي مُقَارَبَةِ الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ لِطَبِيعَةِ التَّهْدِيدَاتِ الَّتِي تُشَكِّلُهَا جَمَاعَةُ الْحُوثِي وَالدَّوْرُ الْخَطِيرُ الَّذِي تُمَارِسُهُ فِي إِطَارِ صَرَعَاتِ وَأَزَمَاتِ الْمِنْطَقَةِ وَمُسْتَقْبَلِ الْأَزْمَةِ فِي الْيَمَنِ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ

قائمة المراجع

أمين، سارة، 2023، تبديل الأدوار وكيف تستخدم إيران أذرعها في حرب إسرائيل على غزة، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، متوفر على: https://rcssegypt.com

الجليل، وضاح، 2023، مخاوف من تأثيرات عميقة لحرب غزة على معيشة اليمنيين، الشرق الأوسط، متوفر على: https://aawsat.com

السقلدي، صلاح، 2023، تداعيات الحرب في غزة على الوضع في اليمن، عدن الغد، متوفر على: https://www.adengad.net

غويدي، فوزي، 2023، تدخل الحوثي في حرب غزة ما بين التكتيك والتأثير، مجلس الشرق الأوسط للشئون الدولية، متوفر على: https://mecouncil.org

لاكنر، هيلين، 2024، الحرب على غزة تضع جماعة الحوثي في دائرة الاهتمام العالمي، جريدة أوريان 21، متوفر على: https://orientxxi.info

مركز صنعاء، 2023، تداعيات الحرب في غزة على اليمن والمنطقة، متوفر على: https://www.youtube.com

The Gaza War Reverberates Across The Middle East, International Crisis Group,04 NOV 2023: https://www.crisisgroup.org

كلمات مفتاحية