حسناء تمام كمال
بعد تعثر دام عقدًا في اليمن، تخلله العديد من الاتفاقيات ومحاولات التسوية التي فشلت في التوصل إلى حل شامل للأزمة، تنفذه كافة الأطراف، عاد مجلس التعاون الخليجي بطرح مبادرة جديدة، تحاول الجمع بين الأطراف اليمنية، وتقريب وجهات النظر، بالشكل الذي يساهم في إنهاء الصراع.
إن تعقيد الصراع وتعدد أطرافه، وتعارض مصالح الفاعلين فيه، وطول أمده، وتشابك قضاياه، يجعل الوصول لتسوية مناسبة مرضية لكافة الأطراف، ليست بالأمر اليسير، لكن حجم الخسائر الناتجة عن الصراع على كافة المستويات، سواء الإنسانية، أو السياسية، أو خسائر الأطراف الخارجية المنخرطة في الصراع، تجعل البحث عن هذه التسوية، أمرًا ضروريًّا ومُلحًا.
للمبادرة المطروحة دلالات مختلفة، باعتبار توقيت طرحها، والسياق الذي تجري فيه، كما أن لها أهدافًا يعول عليها في تنفيذها، ويتطلب تحقيق هذه الأهداف، الاستفادة من دروس التسويات التي طرحت سابقًا، والأخذ في الاعتبار المواقف الحالية للأطراف على أرض الواقع، خصوصًا مساحات الانتشار الميداني منها، وفي هذه الورقة، نقترب من المبادرة، ونستخلص ما يمكن أن يساعد في إنجاحها.
أولًا : طبيعة المبادرة وردود الأفعال الأولية نحوها
هدف المبادرة: أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عن تقدمه بمبادرة؛ هدفها حثُّ جميع الأطراف اليمنية – دون استثناء – للقبول بوقف شامل لإطلاق النار، والدخول في مشاورات سلام تحت رعاية الأمم المتحدة بدعم خليجي، لتعزيز مؤسسات الدولة، وتمكينها من أداء واجباتها الدستورية على الأراضي اليمنية، واستعادة الأمن والسلام والاستقرار إلى اليمن، إلى جانب تأكيد موقف مجلس التعاون من الأزمة، واستمراره في تقديم الدعم، والسعي لعقد آلية مشاورات مستدامة، على أن تعقد المشاورات في الفترة من «27 مارس وحتى 7 أبريل».
ووصف الدعوة، بأنها لكافة الأطراف، يعني أن الحوثيين مدعوون إلى الجلوس إلى مائدة التفاهمات، وهذا النوع من الدعوة لكافة الأطراف، غاب عن دعوات الحوار، وطرق التسوية المطروحة في السنوات الأربع الأخيرة من عمر الصراع ،وهذا ما يجعل للمبادرة خصوصية .
كما أن المجلس أكد أنه وجَّه الدعوة إلى 500 شخصية، وهذا يعني أنها لن تكون على مستوى الممثلين الرسميين فقط، أو على مستوى عُليا القيادات، بل من المرجح، أن تشمل عددًا أوسع من الفاعلين ذوي الصلة بالصراع ،أي أنه قد يشمل بجانب الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وممثلين لقوات التحالف، بعض الفصائل المسلحة، بجانب منظمات المجتمع المدني وغيرها، من الأطراف الذين قد يكونون متأثرين بشكل كبير بالصراع.
ردود الفعل: لاقت المبادرة زخمًا، و تنوعت ردود الأفعال حولها، من بين مؤيد لها، ومتخوف من أن تكون نتائجها على غرار المبادرات السابقة:
بالنسبة للداخل اليمني، رحَّبت الرئاسة اليمنية بالدعوة، و أشادت في بيان ترحيبها، بالجهود المخلصة لدول الخليج العربي، وتحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، ومن جهة المجلس الانتقالي الجنوبي، فقد عقد اجتماعًا لمناقشة الدعوة، وأكد انفتاحه على مشاورات تضمن حضور جميع الأطراف المعنية؛ لمعالجة القضايا المحورية، وفي طليعتها، قضية شعب الجنوب دون أي شروط مسبقة، من خلال تصميم إطار يهيء لعملية تفاوضية، تضمن سلامًا شاملًا ومستدامًا.
وعلى صعيد المنظمات المعنية، رحَّبت الأمم المتحدة بمبادرة مجلس التعاون الخليجي، المتعلقة بعقد المشاورات، معبرًا عن تقديره لجميع المبادرات؛ للتوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية شاملة للصراع في اليمن، وفي السياق ذاته، رحَّبت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، بمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن من شأنها رأْب الصدع بين الأشقاء اليمنيين.
ثانيًا: دلالات طرح المبادرة “السياق والتوقيت”
من حيث التوقيت: لا يمكن فهم توقيت طرح المبادرة بمعزل عن التغيرات الإقليمية؛ إذ جاء الإعلان عن المبادرة بعد إصدار مجلس الأمن قرارًا بتصنيف الحوثي جماعة إرهابية، وهذا من جهة، يعد محاولة أخيرة من مجلس التعاون الخليجي لاحتواء الأطراف المختلفة في اليمن.
فتصنيف الحوثي كجماعة إرهابية قد يجلب المزيد من الابتعاد عن التسوية الشاملة في اليمن، كما أن الخيار العسكري لم يثبت قدرته على حسم الصراع في اليمن، وظلت أدوار الفاعلين من غير الدول ومصالح القوى الإقليمية غير العربية، وحالة الاضطراب بشكل عام في النظامين «الإقليمي، والدولي» تفاقم الوضع.
من ناحية أخرى، فالعالم يمر بمتغيرات جيوسياسية واقتصادية كبيرة، وربما يتشكل في هذا التوقيت عالم جديد متعدد الأقطاب، والفاعلون الإقليميون في المنطقة يرون استثمار هذه المتغيرات في إدارة الملفات المهمة، ومنها الملف اليمني.
دلالات الطرح من حيث مجلس التعاون الخليجي: كان مجلس التعاون الخليجي أول الأطراف التي تدخلت على خط الأزمة اليمينة، واقترحت بعد اندلاع الثورة اليمنية مبادرة الخليج، والتي نجحت فيها بنقل الحكم من الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح إلى عبد ربه منصور ، ومثَّلت تلك الخطوط انتقالًا سلميًّا بين طرفي الأزمة، وهو ما يجعل للمجلس ارتباطًا إيجابيًّا بدوره في الأزمة.
من ناحية أخرى، يعتبر المجلس المنظمة الإقليمية ذات التصرف الأقرب في الأزمة اليمنية؛ لاعتبارات عدة، وبالتالي، فالخطوة تأتي باسم التكتل الأهم سياسيًّا واقتصاديًّا في المنطقة، وبالتالي، وسيط مقبول لجميع الأطراف، كما أن التحرك باسم التكتل يخلق مساحة لتجنب الحساسية بين بعض أطراف الأزمة وبعض دول المجلس، ويزيد من فرص التوصل لاتفاق.
ورعاية مجلس التعاون الخليجي، بالشكل الذي يبعد عن كونة مبادرة من دولة واحدة، يؤكد أن دول المجلس تسعى لإغلاق هذا الملف بأي طريقة ممكنة؛ لذا تمنح للمكونات اليمنية فرصة تجاوز الخلاف، والبدء بعملية سياسية شاملة، تخرج اليمن من المأزق، وتخفف معاناة اليمنيين.
ثالثًا: الملفات المطروحة للتفاوض ومحددات تسويتها
في هذا الصدد، وفي إشارة المجلس، بأن المناقشات مع الحوثي ستشمل ملفات سياسية وعسكرية وأمنية، وبالاستناد إلى أبرز القضايا المحركة للملف اليمني، يرجح أن تأتي هذه الملفات على رأس الملفات المطروحة:
«الحوثيون» والتصنيف كجماعة إرهابية: لا شك أن تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية سيكون أولى الملفات المطروحة، ومن المرجح، أن تعتبر جماعة الحوثي- حال حضورها – هذا الملف على رأس مطالبها للتفاوض، لكن تظل الموافقة على هذا المطلب مرهونةً بما تبديه الجماعة من مرونة في تسوية باقي الملفات.
وقف إطلاق النار: منذ اللحظات الأولى لاندلاع الصراع بين الأطراف في الداخل اليمني، وتزامنت مع الدعوة لوقف إطلاق النار بين الأطراف؛ تمهيدًا لأمور عدة، منها الانتشار الإغاثي للقوات الأممية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لأطراف عدة، بالإضافة إلى خلْق أجواء من الثقة بين الأطراف، تمهد لبدء محادثات سياسية، وطوال فترة المحادثات، تبادلت الأطراف الاتهامات بتعطيل وقف إطلاق النار؛ لذا فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات مالية على جماعة الحوثي، وبالتالي، فوقف إطلاق النار سيكون قضيةً أساسيةً ومحلًّا للنقاش بين الأطراف.
ويرتبط نجاح وقف إطلاق النار، بتخلي جماعة الحوثي بشكل أساسي عن تطلعاتها لمشروع الجماعة بشكل خاص في اليمن، وأن يقوم الوقف على اعتراف بسيادة الحكومة اليمنية، وأن يكون وقف إطلاق النار، هو وقف في المطلق على كافة الأراضي اليمنية، وليس بين طرف وآخر.
الانسحاب من موانئ الحديدة: مازالت جماعة الحوثي تسيطر على أهم الموانئ اليمنية، وفشل اتفاق الحديدة الذي كان مكرسًا للانسحاب من موانئ «الحديدة، والصليف، ورأس عيسى»، لكن فشل اتفاق الحديدة؛ لعدة أسباب، منها المتعلق بنص الاتفاق نفسه، الذي لم يحدد مصير من سيتولى حماية وتأمين وإدارة الموانئ والمؤسسات بعد الانسحاب منها، ولم يوضح مصير الألغام المزروعة بالحديدة، أو يحدد مدة زمنية لتنفيذ الاتفاق، كما لم يكن فريق المراقبين لديه الأدوات الكافية لحسم عدة أمور، منها أمر المتسببين في خرق وقف إطلاق النار، كما لم يكن لديه آلية للتحقق من أجل تقييم الوحدات المحلية التي اقترحت لتشغيل الميناء حال الانسحاب منه عقب الاتفاق، والتي وصفت وقتها أنها موالية للحوثي.
ومن ثم، ظلَّ الحال كما هو، ومازال الميناء تحت سيطرة الحوثي، وهو ما يمثل مصدر انزعاج كبير للحكومة اليمنية، التي تعتمد على الميناء كمصدر للدخل من ناحية، بجانب كون ميناء الحديدة هو الميناء الرئيسي الذي يستخدم في دخول أغلب الإمدادات التجارية والمساعدات لسكان اليمن.
ومن ثم، فمسألة ميناء الحديدة من أهم القضايا المطروحة، والتسوية السياسية مرتبطة بها إلى حد كبير، ومن المرجح في هذا الصدد، إما أن يخرج اتفاق جديدة عوضًا عن اتفاق السويد، على أن لا أن يتم إرفاق مذكرة معنية بآلية التنفيذ، أو أن يتم الاتفاق على شكل وآلية جديدين بالكامل؛ لتنفيذ الاتفاق، وهذا بحد ذاته يعتبر إلغاءً ضمنيًّا لاتفاق السويد، وربما يرجح الأول، خاصة في ظل الرعاية الأممية للمبادرة، وإشرافها على تنفيذ اتفاق السويد.
عدالة توزيع الموارد الاقتصادية: لا يمكن إغفال الجانب الاقتصادي كمسبب رئيسي في اندلاع الصراع باليمن؛ إذ قامت الثورة اليمنية بالأساس للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، كما أنها كانت سببًا رئيسيًّا في مطالب المجلس الانتقالي الجنوبي، فالجنوب لديه مصادر نفطية أوسع من تلك الموجودة بالشمال، لكن كان يشكو سكانه بتهميش سياسي واقتصادي، وتدهور الخدمات الأساسية التي كانت الدولة تقدمها لهم، مثلت كلها – بجانب عوامل أخرى – الأسباب المباشرة لظهور تجدد الحراك الجنوبي في 2017، وتجدد المطالبة بالانفصال، من ناحية أخرى، اجتزأت الموارد الاقتصادية للحكومة اليمنية، بعد سيطرة الجماعة على الموارد المالية لأهم الموانئ، وهو ما حدَّ من قدرتها على الإنفاق على الخدمات.
لذا يرى كافة الأطراف بأن الموارد توزع وتدار بشكل غير عادل، لذا فتقسيم الموارد وضمان توزيعها لأطراف سيكون محل طرح، وهو بالتأكيد ذو صلة بتنفيذ الانسحاب من موانئ الحديدة، غير أن سيكون أليه و طبيعيه إعادة التوزيع هذا تبقى مرهونة بما سيتم الاتفاق عليه سياسيًّا.
موقف الفاعلين في الصراع من التسوية السياسية وتقاسم السلطة : وهي المعضلة الأكبر في الصراع السياسي، الذي أنتج في وقت معين ثلاث حكومات في اليمن (الحكومة الشرعية، ومجلس الانتقال الجنوبي، وحكومة صنعاء)، يعكس في المواقف المختلفة مدى تطلعات الأطراف السياسية، وإلى أي مدى يمثل ذلك التضاد في تطلعات أفراد الصراع، وبالتالي، بتسوية الخلاف يتطلب تضمين هذه التطلعات.
وهنا قد تطرح عدة حلول، أولها: أن تمثل كافة الأطراف في تشكيل حكومة جديدة، والثانية: أن يكون إدماج الجماعات المسلحة في الجيش فقط، والوحدات القتالية الرسمية، بدون تمثيل حكومي لهم، أو أن تكون هناك موائمة، لكن على أي حال، سيتطلع هذا المحور لإشراك كافة العناصر في العملية السياسية.
رابعًا: محددات نجاح التفاهمات
التواجد الميداني: يعتبر واحدًا من محددات حسم جولة التفاهمات بين الأطراف، وتتواجد الحكومة في «مهرة، وحضرموت وشبوة، وأجزاء من الجوف ومأرب وأبين»، وهي المحافظات ذات المساحة الأوسع جغرافيًّا ، والكثافة السكانية المنخفضة، وفي الناحية الأخرى، يسيطر الحوثيون على «صعدة، وعمران، وصنعاء، وذمار، وإب، والأجزاء الكبرى من تعز وإب، وريمة والحديدة»، ويسيطر الانتقالي الجنوبي على «لحج، وأجزاء من الضالع وأبين، وسقطرى»، وهذا الانتشار الميداني لاشك أنه يعكس ثقل موقف الأطراف التفاوضي، كم أن قدر المرونة التي يبديها الأطراف تجاه انتشارها الميداني، ومدى تطويعه بما يخدم التفاهمات يظل عنصرًا رئيسيًّا.
حسن النية والرغبة في التسوية الجادة: يعاني الأطراف من تآكل الثقة فيما بينهم، وهو ما كان سببًا في عدم تنفيذ معظم الاتفاقيات السابقة، خصوصًا تلك المرتبطة بالانتشار الميداني؛ إذ يتخوف كافة الأطراف من أن يكون انسحابه تمددًا للطرف الآخر، وعندما تجتمع حالة فقدان الثقة مع حالة عدم اليقين والغموض السياسي، ستتعثر أي مجهودات حكومية في إقناع الأطراف بجدوى أي تسويات سياسية.
وبالتالي، فيجب البحث عن مشروع وطني يلتف حوله الجميع، ومن ناحية، يجب تعزيز حالة الثقة بين الأطراف، وتقديم ما يثبت قدرة الأطراف وجدتهم على معالجة ملفات مهمة، منها حل الخلافات، والبحث عن طريقة لتسوية بناء الثقة بين مختلف الأطراف.
وكسب ثقة الأطراف وطمأنتهم، بالقضاء على حالة الغموض السياسي، وعدم التيقن، التي تصيب المجتمع وتربكه، وذلك بتوفير مناخ حر، تتداول فيها السلطة، ويتم فيه احترام القانون وحقوق الإنسان والمواطنة.
الالتزام بالإطار الزمني والذي يفضل أن يكون غير قصير: كان من المتوقع، أن يتم الالتزام بتنفيذ اتفاق الحديدة خلال ثلاثة شهور، وهي مدة قصيرة نسبيًّا؛ لما يراعى فيها، أن هناك عددًا من الآليات الخاصة بالتنفيذ ظلت غير محسومة، وهي ما أعاقت التنفيذ، كما لم يترك أي مساحة إضافية لأي معوقات قد تؤدي إلى عرقلة المفاوضات، ومن ثمَّ، فكانت المهلة المرفقة غير واقعية أعاقت التنفيذ الفعلي لهذه المبادرة.
تحقيق مبدأ المكسب المتساوي لكافة الأطراف: بمعنى ألا يحاول كل طرف الاستئثار بتحقيق مطالبه بشكل كامل، دون الأخذ في الاعتبار التوافق مع الطرف أو الأطراف الأخرى بشأن مطالب أخرى، بما يجعلها تسويةً تعيد الأطراف إلى دائرة التشكيك المتبادل مجددًا، ومن ثمَّ، بدلًا من البحث عن التوافق يزداد تمسك كل طرف بتطلعاته.
أن يكون الالتفاف في التسوية حول الدولة وليس السلطة: بمعنى أن تكون التسوية تهدف إلى بناء اليمن، وليس تقاسم السلطة أو الموارد الاقتصادية، أو النفوذ على الأراضي، فتكون تلك القضايا، هي غايات وليست أهدافًا، يمكن إذا ما تعرض أيٌّ منها للتعثر أن يعاد الاتفاق عليه، ولا يؤثر على الهدف الأكبر الخاص ببناء الدولة.
خامسًا: السيناريوهات المحتملة أمام المبادرة
لا شك أن مقاربة مجلس التعاون هي الأهم في هذه اللحظة التاريخية بعد عقد من التأزم والصراع، ليس فقط لأنها تتضمن مشاركة الحوثي في جهود مجلس التعاون، ولكن لأنها محاولة لاستعادة الدول، لكن رغم ذلك تظل جهود التسوية ومدى نجاحها مطروحًا بشأنها عدة سيناريوهات، ويعول في تحديد أيٍّ من السيناريوهات على عاملين رئيسيين، أولها: شمول التفاهمات لكافة الفصائل المتصارعة، ومدى النجاح في التوصل إلى اتفاق بين الأطراف، يكون شاملًا للنقاط الخلافية الجوهرية، التي اشتملت عليها محاولات التسوية السابقة.
النجاح الشامل: ويتوقع هذا السيناريو، النجاح في الوصول إلى اتفاق، ويعني هذا السيناريو، أن المبادرة تتم بحضور جماعة الحوثي وكافة الأطراف المعنيه، وأن ينجح المؤتمر في التوصل إلى تسوية شاملة بين الأطراف المختلفة، يرتضيها الأطراف، ويبدأ السير في تنفيذها، وهذا السيناريو هو المأمول، وإن كان الواقع مازال بعيدًا، ومليء بالتحديات، وتعقد القضايا المختلفة، يجعل هذا السيناريو ليس سهل المنال.
الفشل في التوصل لتسوية: وهذا السيناريو، يتوقع أن تنعقد المشاورات، ويحضر الأطراف المعنيون ، لكنهم يفشلون في التوصل لرؤى توافقية، وهو ما يعني أن تكون المبادرة على غرار التسويات التي طرحت سابقًا، وأن تبوء بالفشل، ويستند هذا السيناريو إلى عدة أسباب، أولها: تعقيد الموقف، وتباعد وجهات النظر بين الأطراف، واستمرار التشكيك بينهم، وهذا السيناريو غير مستبعد؛ لاعتبارات المواقف السياسية الأخيرة التي جرت بين الأطراف، وكان آخرها التصعيد الحوثي ضد المملكة العربية السعودية، واستهداف 6 مدن رئيسية.
غياب تمثيل عدد من الأطراف المؤثرة : ويفترض هذا السيناريو، أن الاستجابة للمنتدى ستكون منتقصة من الأساس؛ وذلك بسبب غياب أحد الأطراف المؤثرة في الصراع؛ لاعتبارات مختلفة، منها إعلان الحوثي بأن مشاركته ستكون شريطة أن تكون في بلد خليجي غير السعودية، وأن تنطلق المشاورات – أولًا – لرفع الحصار، وفتح مطار صنعاء، ورفع القيود عن ميناء الحديدة، وأن الهجمات التي يشنها هي رسائل رفض مبكر للحضور، وبالتالي، فعدم حضور كافة الأطراف المعنية بالصراع، يعني أن أي أجندات للتسوية ستخرج، ستكون أجندات منقوصة، وهذا السيناريو غير مستبعد أيضًا.