جديدُ التصعيد  في الحرب الإعلامية بين باريس و باماكو

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

في خطوة تصعيدية جديدة ضمن الجانب الإعلامي في الأزمة المتصاعدة منذ بعض الوقت بين فرنسا ومستعمرتها السابقة مالي، استدعى القضاء في دولة مالي وزير الخارجية الفرنسي الحالي “جان إيف لودريان” ونجله “توماس” للمثول أمامه في قضية اتهام لوزير الخارجية الفرنسي بالتدخل لحصول شركة ابنه توماس على عقد لتوريد جوازات سفر بيوميترية عام 2015 لحساب دولة مالي، حين كان “جان إيف لودريان” وقتها يشغل منصب وزير الدفاع في الحكومة الفرنسية.

وثيقة الاستدعاء التي تحمل تاريخ 20 أبريل الماضي، لم تظهر إلَّا يوم 11 مايو الجاري حيث تم نشرها على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي.  وقد وقعها قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف بباماكو يطلب فيها حضور رئيس الدبلوماسية الفرنسية “جان إيف لودريان” أمام المحكمة يوم 20 يونيو المقبل. إلَّا أن مصدرًا دبلوماسيا فرنسيا ذكر لوسائل الإعلام أن السفارة الفرنسية لم تُبلَّغ رسميًا بالأمر حتى الآن مندّدِّا في نفس الوقت بما سماه “عملية استفزاز جديدة تهدف إلى صبٍّ للزيت على نار الأزمة”.

وجاء في الحيثيات التي ساقها قاضي التحقيق في أمر الاستدعاء، أن رئيس الدبلوماسية الفرنسية الحالي متهمٌ بأنه “شارك في المس من الممتلكات العمومية وبارتكاب خروقات في مصاريف الدولة المالية”.

تحريك القضاء في دولة مالي للدعوى ضد وزير الخارجية الفرنسي الحالي “جان إيف لودريان” ونجله “توماس”، سبقته دعوى رفعتها “حركة ماليكو” المالية، نهاية شهر فبراير من العام الجاري، تتهم فيها رئيس الدبلوماسية الفرنسية بالتدخل لصالح نجله في صفقة مضت عليها حتى الآن خمس سنوات، معتبرة أن في ذلك انتهاكًا لسيادة الدولة المالية.

وكانت مجلة “Jeune Afrique ” قد نشرت في العام الماضي تحقيقا يوضح جهود وزير الخارجية الفرنسي الحالي “جان إيف لودريان”في هذا الاتجاه، دون الكشف عن أي أعمال غير قانونية.

وقبل ذلك اشتكت الصحافة المالية خلال حكم الرئيس السابق إبراهيم ابوبكر كيتا، بعد توقيع العقد مع الشركة الفرنسية، من أن الحكومة المالية كانت تفرض دفع 50 ألف فرنكا إفريقيا على المواطنين مقابل الحصول على جواز السفر، في حين لا تدفع الحكومة سوى 4000 فرنكا وذلك طيلة العقد الذي ربطها بالشركة الكندية التي انتهى التعامل معها سنة 2014.

يلاحظ المتابعون لتطورات الحرب الإعلامية الدائرة بين الجانبين، أن باماكو تتَّخذ موقف الهجوم بدءً بطرد السفير الفرنسي ومرورا باتهام الفرنسيين بالتجسس وصولًا إلى إلغاء اتفاقيات التعاون من جانب واحد، في حين اقتصرت باريس حتى الآن على الردِّ بالتفنيد والنفي، فالي متى ستستمرُّ الحال هكذا؟ وما هي التداعيات التي ستترتب على اتهام رئيس الدبلوماسية الفرنسية، بالنسبة له شخصيا وبالنسبة لردة فعل الرئيس الفرنسي بعد إعادة انتخابه؟ ذلك ما ينتظر المراقبون اتِّضاحه في الأيام القادمة.

 

كلمات مفتاحية