الانتخابات التركية المقبلة منافسة شرسة … إلى أين تقود البلاد؟

رابعة نورالدين وزير

مازال الحديث عن الانتخابات الرئاسية التركية مبكرًا حيث لايزال هناك عام كامل على موعد عقد الانتخابات المقررة في يونيو 2023، ولكن مع تصاعد حدة التوتر على الساحة السياسية التركية إثر مطالب المعارضة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، ورفض الرئيس و”تحالف الجمهور” المُكون من حزبي “العدالة والتنمية”، و”الحركة القومية”، لتبكير الانتخابات، والإصرار على عقدها في الموعد المُحدد لها في يونيو 2023، وذلك بعد نجاح مساعي أردوغان لفرض تغييرات في قانوني الانتخابات والأحزاب، وإلغاء شرط (50+1) من جانب، ومن جانب آخر دعاوي المعارضة بقيادة زعيم حزب “الشعب الجمهوري” كمال كليجدار أوغلو، لسلسلة من التحركات الميدانية في جميع أنحاء البلاد للمطالبة بتقديم موعد الانتخابات اعتراضًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ووصول الليرة لمستويات غير مسبوقة من الانحدار أمام الدولار.

وعليه تفرض الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية في تركيا مزيجًا من عوامل القوة والضعف على وضع التحالفات، بالإضافة إلى التأثير على إمكانية إجراء انتخابات مبكرة من عدمه، وفرص أردوغان مقابل فرص المعارضة التركية، هذا ما سنحاول تناوله خلال السطور التالية:

أولًا: قراءة في المشهد التركي الداخلي

ارتفاع الأسعار وانهيار مستويات المعيشة: شهد مطلع العام الجاري 2022 ارتفاعًا في أسعار العديد من المنتجات والسلع الاستهلاكية والمحروقات بنسب تراوحت ما بين 25% وأكثر من 100% بالنسبة للاستخدامات المنزلية والشركات، وتأتي تلك الزيادات على خلفية تدهور أوضاع الليرة خلال عام 2021 والذي اعتبر العام الأسو بالنسبة لليرة منذ وصول أردوغان إلى السلطة، بفقدانها حوالي 44% من قيمتها أمام الدولار، حيث وصل الدولار لـ 18.4 ليرة نهاية عام 2021، بعد أن كان 7.4 ليرة في بداية نفس العام.

تصاعد الاحتجاجات والإضرابات: ارتفع معدل التضخم على أساس شهري في ديسمبر 2021 بنسبة 13.58%، وعلى اساس سنوي بنسبة 36.08%.، وفقًا للبيان الصادر عن مؤسسة الإحصاء التركية 2022، في ظل التداعيات الاقتصادية السلبية لجائحة كورونا وما أسفرت عنه من تراجع في عوائد السياحة، وتراجع ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصادي التركي، كل ذلك أثار انهيار مستويات المعيشة، وبالتالي تصاعد الاحتجاجات ضد ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء تركيا حيث طالبوا بالتراجع عنها، كما كان هناك ما لا يقل عن 108 ضربات في الشهرين الأولين من عام 2022 في جميع أنحاء تركيا .

تعامل إدارة أردوغان وفرص المعارضة: ولم يؤد تعامل أردوغان مع الأزمة الاقتصادية إلا إلى مزيد من تآكل قاعدته، فقد أعتمد على التخفيض المستمر لأسعار ما أدى إلى تدهور قيمة العملة، فقد أنهت الليرة التركية العام الماضي بخسارة 45 بالمئة من قيمتها، كما لم تنجح خطته في صياغة الأزمة على أنها حرب استقلال، حيث سرعان ما نددت المعارضة بتدهور الأوضاع، واحتمالية انفجار حالات الإفلاس وتغذية التضخم وتأكل الأجور بشكل يؤدي إلى مزيد من الغضب في الشارع التركي.

التوترات التي يشهدها حزب العدالة والتنمية: تشير التقارير إلي أن الحزب قد فقد خلال عام 2021 فقط حوالي 146 ألف عضو، انضم أغلبهم إلى أحزاب أخرى منافسة من المعارضة، ولعل ذلك يأتي على خلفية سوء إدارة الحزب لملف الأزمة الاقتصادية، بعد أن كان برنامج النهوض الاقتصادي أحد أبرز أسباب أهداف الحزب الحاكم منذ وصوله للسلطة.

ملف اللاجئين: في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا، وارتفاع معدلات البطالة، يعتبر اللاجئون من أكثر الأزمات التي يواجهها المجتمع التركي، الذي أصر أردوغان دائمًا على استعداده لاستقبال اللاجئين، ، وهو ما أدى إلى إثارة الأتراك في ظل الأوضاع الحالية، وهي نقطة حاولت المعارضة استغلالها لصالحها في أنه خلال عامين على أبعد تقدير سيتم إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وهو الأمر الذي من المُتوقع أن يجد تأييدًا من شريحة كبيرة من الأتراك، ولعل ذلك ما دفعه مؤخرًا للتراجع وإعلان خطته لإعادة مليون لاجئ سوري إلى أراضيهم.

زيادة انخراط تركيا عسكريا في الخارج: لا تزال قضية الانخراط العسكري الخارجي لتركيا أحد أهم القضايا الخلافية التي تضفي مزيد من التعقيد على المشهد الداخلي حيث تكبدت تركيا الكثير من الخسائر على المستوى الاقتصادي والعسكري جراء تزايد انخراطها العسكري الخارجي.

تغيير قانون الانتخابات: عدلت تركيا قانون العتبة الانتخابية، حيث خفضت نسبة الأصوات الوطنية التي يحتاجها الحزب لدخول البرلمان من 10٪ إلى 7٪. يُنظر إلى التغيير على نطاق واسع على أنه محاولة لتقسيم المعارضة، حيث صرحت قوى المعارضة إن ما حدث هو “اغتيال للتحالفات” ومحاولة من التحالف الحاكم لـ”هندسة الانتخابات وفق مقاسه” وإن الناخب سيجعله يدفع ثمن ذلك في الصندوق، ولعل ذلك كان من أبرز دوافعها لإنشاء تحالف مقابل التحالف الحاكم.

لا يمكن فصل الأحداث في تركيا عن التغيرات الخارجية بما فيها الحرب الروسية الأوكرانية، والعقوبات الخارجية وهذا ما يمكن ذكره كما يلي: –

الحرب الروسية الأوكرانية: أحدثت الحرب في أوكرانيا صدمة طاقة كبيرة للاقتصاد التركي، الذي يستورد ما يقرب من جميع احتياجاته من الطاقة. وهذا بدوره يغذي التضخم. في حين كان من المتوقع أن تصل أرقام التضخم الرسمية إلى 60 في المائة بحلول مايو ويونيو، فإن أسعار الطاقة المرتفعة كانت أحد الأسباب التي رفعت معدلات التضخم في البلاد.

وقد عمدت تركيا من خلال موقفها الرافض -الذي تدين فيه حرب روسيا على أوكرانيا من جهة وتحجم عن التصعيد على خطى دول غربية- إلى ضمان حالة من التوازن ترعى من خلالها مصالحها، ثم من جانب آخر إمكان القيام بدور الوساطة المستقبلية بين طرفي النزاع، وهو النزاع الذي تجد تركيا نفسها معنية به بشكل مباشر بحكم الجغرافيا، إذ إن تعقد الوضع قد يؤدي بالطرفين إلى التماس الخشن في المستقبل.

العقوبات الخارجية على تركيا: تعتبر العقوبات الخارجية أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم الغضب الداخلي في ظل تحديات لا تقل خطورة عنها، حيث لم تستطع تركيا حتى الآن وقف العقوبات الأمريكية المقررة بمنع شرائها نظام الدفاع الجوي الروسي إس 400.

ما سبق طرحه ما هو إلا دلاله على مدى تعقد الوضع الداخلي في تركيا، وكثرة التحديات التي تواجهها حكومة أردوغان في الوقت الحالي، ولعلنا نرصد في السطور التالية تبعات هذا التعثر على المشهد السياسي والتنافسي بين الحزب الحاكم وبين قوى المعارضة.

ثانيًا: تبعات تعثر المشهد التركي على الطبقة الحاكمة

دفعت الأزمة الاقتصادية التي تجتاح تركيا الطبقة الحاكمة التركية إلى أزمة سياسية، حيث بدأت الانقسامات في الظهور داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم وشريكه الانتخابي، حزب الحركة القومية اليميني، كما أدى إلى قيام الأحزاب المعارضة بتشكيل جبهة انتخابية مُوحدة في مواجهة النظام الرئاسي القائم و”تحالف الجمهور”، تتكون من 6 أحزاب معارضة، هي: حزب “الشعب الجمهوري”، وحزبي “الخير” و”الديمقراطي” القوميين، وحزب “السعادة” الإسلامي، وحزبي “المستقبل”، و”الديمقراطية والبناء” ، ويتمثل الهدف الأساسي من وراء هذا التحالف في عدم تفتيت أصوات المعارضة، وتكثيف أصوات الناخبين لصالح مرشح توافقي واحد، خاصة في ظل تراجع شعبية أردوغان وحزبه الحاكم.

حيث اتفق رؤساء الأحزاب الست على وضع وثيقة توافقية تتكون من أهداف رئيسية من بينها:-

  • عودة تركيا إلى النظام البرلماني المُعزز بدلاً من النظام الرئاسي.
  • أن يتم انتخاب الرئيس لـ 7 سنوات رئاسية، قابلة للمد والتجديد لفترة رئاسية واحدة فقط.
  • حصر السلطات التنفيذية لرئيس الجمهورية، وتحديد صلاحياته، بحيث لا يكون له حق النقض (الفيتو) على الوزراء.
  • تخلي الرئيس فور فوزه في الانتخابات عن رئاسة أي حزب سياسي.
  • أن توكل مهمة تشكيل الحكومة إلى زعيم الحزب السياسي الحائز على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان.
  • تخفيض العتبة الانتخابية التي بموجبها لا يمكن لأي حزب سياسي دخول البرلمان إذا لم يحصل على 10% من إجمالي اصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية، وذلك إلى 3% فقط.
  • العمل على تعزيز استقلالية القضاء من خلال تقسيم مجلس القضاء والمُدعين العامين إلى مجلسين، بحيث لا يكون هناك وزير عدل ووكيل وزارة في مجلس القضاة، ولا يكون للسلطة التنفيذية حق تعيين أعضاء مجلس القضاة ومجلس النيابة.
  • تعزيز استقلالية المؤسسات المالية، خاصة البنك المركزي.

من يكون منافس أردوغان في الانتخابات المقبلة؟

فرص “كليجدار أوغلو“: تتواصل مساعي المعارضة التركية للبحث عن مرشح توافقي يواجه الرئيس الحالي، رجب طيب أردوغان، في السباق الرئاسي، ويبرز اسم زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارضة في هذا السياق ” كليجدار أوغلو”، حيث يعتبر هو زعيم أكبر حزب في الكتلة، وتظهر خطاباته أن إصلاح السياسة الاقتصادية محورا لحملته.

ويعتبر “كليجدار” وجه المعارضة التي خسرت سلسلة من الانتخابات على مدى عقد من الزمان، ويرى حزبه الجمهوري نفسه حاملا لشعلة الأتاتوركية، وهي أيديولوجية لمؤسس تركيا الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك.

فرص عمدة إسطنبول أكرم أوغلو”: عضو الحزب الجمهوري، فلطالما سعى دومًا لتقديم نفسه كمرشح أول لمنافسة أردوغان استناداً إلى فوزه في رئاسية بلدية إسطنبول الأهم في البلاد، ونجاحه في تحقيق فارق كبير على مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم ليكون أول سياسي يعيد المعارضة للبلدية لأول مرة منذ نحو ثلاثة عقود.

وأشارت تحركاته الأخيرة إلى أنه يقوم بحملة انتخابية غير معلنة حيث قام بزيارة عدة مناطق في إسطنبول وبعض المدن التي تقع على البحر الأسود وتعهد للسكان بالعديد من الإصلاحات، كما تظهر العديد من استطلاعات الرأي أن له فرص واعدة في الترشح، ولكن بعد هذه الجولة وظهور إحدى الصحفيات المعروفة بولائها للحكومة ومعارضتها للحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه تصاعد الهجوم ضده في مختلف الأوساط وتصاعدت الأصوات التي تلوح بعدم التصويت له في الانتخابات، ولكن يبقى التساؤل هل يمكن أن يترشح بشكل مستقل، أو عبر الانضمام لحزب أخر في حالة أستقر الحزب على عدم ترشيحه؟

وفقًا لما سبق من الممكن اعتبار فرص ترشح “كليجدار” أكبر لخبرته السياسية الطويلة ولكن هذا يتوقف بصورة أساسية على قدرته على مواجهة خصمه “أردوغان” الذي لا يستهان به من خلال برنامج انتخابي قوي.

ثالثًا: احتمالات تبكير موعد الانتخابات التركية

بعد الوقوف على أبرز مظاهر المشهد الداخلي في تركيا يتضح أن بالنسبة للواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في تركيا، وبغض النظر عن دعوات المعارضة وآليات ضغطها على السلطة لتقديم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، فإن هذه الخطوة تتوقف بشكل كامل على قرار السلطة نفسها، اعتمادًا على موازنة عوامل ومحددات القوة والضعف بينها وبين تحالف قوى المعارضة على المديين القريب والبعيد، لاسيما في ظل عدم امتلاك المعارضة للأغلبية البرلمانية التي تؤهلها لفرض قرار تبكير الانتخابات.

ولكن من غير المرجح تبكير موعد الانتخابات ولعل تحركات أردوغان الأخيرة التي شملت عدة مستويات يمكن اعتبارها تحركات أخيرة لإنقاذ الوضع وتحسين صورته على المستوى الداخلي وضمان أصوات أكبر عدد من الناخبين، وذلك من خلال محاولاته الحثيثة في تعميق علاقاته مع محيطه الإقليمي والذي تثل في عدة زيارات كان من بينها؛ مصر والمملكة العربية السعودية، كما حققت العلاقات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة قفزة توّجت بزيارات على أرفع مستوى بين البلدين وتوقيع اتفاقيات للاستثمار ومبادلة العملة. كذلك قطعت أنقرة شوطاً كبيراً على صعيد تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتحركاته للحصول على حصة في مشروع غاز شرق المتوسط، والسعي للحصول على دور الوساطة في الحرب الروسية الأوكرانية، واتخاذه موقف محايد من التطورات في ليبيا، وبالتالي فمن غير المتوقع أن يتم تبكير الانتخابات في ظل محاولة أردوغان لاستغلال هذه الفترة لكسب مزيد من الدعم والتأييد.

رابعًا: فرص أردوغان مقابل فرص المعارضة التركية في الانتخابات؟

ننتقل إلى فرص كلًا من أردوغان وأحزاب المعارضة خلال الانتخابات المقبلة والتي يمكن قياسها وفقًا لتحركات ومؤشرات رئيسية كما يلي:

  • فرص أردوغان في الانتخابات المقبلة

لا شك أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يضع أردوغان في مأزق كبير، ويبدو أن حدوث تحول مطرد في ملف الأزمة الاقتصادية قبل موعد الانتخابات المقررة مستبعد بصورة كبيرة نظرًا لتعمق الاختلالات وضعف الإمكانيات القادرة على معالجتها، ولكن هذا لا ينفي فرص فوز حيث يمكن أن تكون أفضل فرصة له للبقاء في منصبه هي استغلال نقاط ضعف المعارضة (سيتم تناولها)، بما في ذلك الخلافات حول من ينبغي أن يكون مرشحهم في الانتخابات الرئاسية.

كما يمكن للحرب الروسية الأوكرانية أن توفر لأردوغان فرصة لإعادة صياغة الانتخابات كمنافسة تركز على السياسة الخارجية، وعرض أوراق اعتماده كزعيم قاد تركيا خلال سلسلة من الأزمات الإقليمية، كما أنها أصبحت العضو في حلف شمال الأطلسي لاعبا رئيسيا في الأزمة الأوكرانية حيث باعت أسلحة لكييف ومنعت بعض السفن الحربية الروسية من الوصول إلى البحر الأسود واستضافت محادثات سلام رفيعة المستوى بين الجانبين.

أيضًا، على الرغم من سوء إدارة أردوغان للعديد من الملفات، لاسيما ملفي الاقتصاد والتدخلات الخارجية، إلا أنه لا يمكن إنكار وجود رصيد من الإنجازات التي استطاع أردوغان وحزبه الحاكم تحقيقها خلال العقدين الماضيين، والتي قد تدفع شريحة كبيرة من الأتراك لإيثار الاستقرار، والخبرة في إدارة البلاد، على الخوض في مسار مجهول مع أحزاب المعارضة. فقد شهدت فترة حكم أردوغان ارتفاع نسبة الإنتاج المحلي في الصناعات الدفاعية، وأصبحت تركيا إحدى الدول الثلاث في العالم المُنتجة والمُصدرة للطائرات المسيرة “الدرونز”، إضافة لكونها واحدة من الدول الـ 9 المُنتجة للقاح كورونا “توركوفاك”. هذا، فضلاً عن مساعي أردوغان لتوطيد علاقته مع دول مجلس التعاون الخليجي

  • فرص المعارضة التركية في الانتخابات مشروطة ببعض الخطوات

تعد الانتخابات الرئاسية التركية القادمة الأكثر تنافسية مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث تسعى المعارضة لاستثمار الظروف التركية الداخلية والخارجية لتحقيق خرق في الانتخابات، ولكن اختلاف التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للقواعد الشعبية لها قد يحول دون هذا الأمر.

الظروف السياسية التركية الراهنة تقود للاستنتاج بأن فرص نجاح المعارضة التركية في الانتخابات القادمة يرتبط بقدرتها على تشكيل تحالف متماسك، وهذا الأمر ليس بالسهولة المتوقعة، فالتحالف الرسمي بين قادة الأحزاب لا يعني بالضرورة خضوع الموالين لهذه التحالفات، من ناحية أخرى أثبت تحالف المعارضة في أوقات مختلفة قدرته على النجاح، ومن أبرز الدلائل على ذلك ما حدث في عام 2019، حيث حقّق مرشحو حزب الشعب الجمهوري انتصاراً في الانتخابات البلدية بإسطنبول وأنقرة، وذلك في ظل تحالفات مع أحزاب معارضة أخرى. في المقابل كان قرار حزب الشعب الديمقراطي ذي الميول الكردية بعدم تقديم مرشح في سباق الانتخابات البلدية في إسطنبول.

ختامًا، يبدو أن المشهد الانتخابي في تركيا غير مكتمل حتى الآن فما زالت أحزاب المعارضة لم تعلن بشكل رسمي عن مرشحها، ويعول على حزب العدالة والتنمية قوته في حسم مرشحه للانتخابات بشكل مبكر وعدم وجود تباينات مع حليفه حزب الحركة القومية، حيث أن تحالف المعارضة يجازف بخسارة فرصة تاريخية للوصول إلى السلطة إذا فشل في اختيار مرشح توافقي قوي للانتخابات الرئاسية وهو ما يعزز فرص فوز أردوغان رغم تراجع شعبيته بشكل كبير وفقًا لعدد من استطلاعات الرأي، إلا أنه في حال نجحت المعارضة في توحيد صفوفها، وتقديم برنامج انتخابي ومُرشح واحد توافقي، فإن الأصوات ستذهب مُكثفة لصالح تحالف المعارضة في مواجهة أردوغان وحزبه، الأمر الذي سيقلص من فرص فوزهما.

 

 

 

 

 

 

كلمات مفتاحية