شبح أزمة غذائية حادة يخيم على منطقة الساحل الإفريقي

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

أعلن برنامج الغذاء العالمي يوم 20 مايو الجاري في نقطته الصحفية الأسبوعية من جنيف في سويسرا أن أكثر من 18 مليون شخصا سيواجهون خطر أزمة غذائية حادة في دول الساحل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

هذا الرقم المخيف يقول المسؤولون أنه الأعلى منذ 2014 ويفسرون هذه الوضعية بعدة عوامل منها أولا، انعدام الأمن والاستقرار بسبب النزاعات المسلحة المنتشرة في الكثير من دول الساحل بالإضافة إلى جائحة كورونا وموجة الجفاف الحالية التي تضرب دول المنطقة وجاءت التداعيات السلبية للوضعية العالمية لتزيد الطين بلة بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية إثر التطورات الأخيرة في أوكرانيا.

يرى المسؤولون في برنامج الغذاء العالمي أن الفئات المتضررة أكثر من هذه الأزمة هي الشرائح الأكثر هشاشة مثل الأطفال والشيوخ وتحدد تقديرات البرنامج عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات وسيواجهون نقصا في التغذية يصل أكثر من سبعة ملايين وخمسمائة ألف طفل في دول الساحل.

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد دقت ناقوس الخطر قبل تقرير البرنامج الغذائي العالمي بثلاثة أيام حول وضعية أكثر من عشرة ملايين شخص في مالي وبوركينافاسو والنيجر وموريتانيا سيواجهون نقصا حادا في الغذاء خلال فترة الصيف الحالية التي بدأت الآن وتفسر اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي الأخرى  هذه الوضعية الخطيرة بوجود النزاعات الدائرة في المنطقة بالإضافة إلى موجة الجفاف الحادة التي تضرب دول المنطقة في الوقت الحالي.

وترى اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الأنشطة الإنسانية التقليدية لا تكفي فلابد من متابعة العمل من أجل تنمية هذه المناطق حسب رأي الناطق الرسمي باسم اللجنة الذي أكد أن منطقة الساحل تمر بأسوأ موجة جفاف منذ عشر سنوات وذكر بأن الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي تشير إلى أن أكثر من 340 مليون شخصا سيتأثرون من الجفاف في منطقة الساحل ويعني ذلك أن المنطقة تمر بالفعل بأسوأ فترة جفاف تعرفها خاصة في منطقتيْ القرن الإفريقي والساحل وخاصة في المناطق الوعرة والمعزولة التي لا تصل إليها المساعدات الإنسانية بسرعة وبالسهولة المطلوبة.

ويقول المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن المطلوب الآن هو مبادرات من نوع آخر فلا بد ،إلى جانب نشاط الإغاثة الإنسانية التقليدي، من تضافر الجهود من أجل تنمية مستدامة ومراجعة أنظمة الإنتاج في هذه الدول، فالنيجر ومالي مثلا قد انخفض إنتاج الأرز فيهما بنسبة 80% بسبب الوضعية المناخية الحالية. فلا بد إذن من الاعتماد على كفاءات واعتماد استراتيجيات من أجل دعم وتطوير الإنتاج الزراعي في هذه البلدان إلى جانب العون الإنساني المعهود.

ولكن الوضعية الراهنة تتطلب تدخلا عاجلا في إطار الإغاثة الإنسانية لأن الوضعية خطيرة بسبب نفاد الأرصدة لدى برنامج الغذاء العالمي الذي هو المتدخل الإنساني الرئيسي في المنطقة فالبرنامج يواجه نقصا في السيولة غير مسبوق حسب الناطق باسم المؤسسة فقد اضطر البرنامج في اتشاد منذ يونيو 2021 إلى تخفيض الحصص الممنوحة للأشخاص النازحين والحالات المستعجلة إلى النصف بسبب نقص الموارد المالية وقد وصلت الأزمة بالنسبة للصندوق إلى خطر توقف البرنامج عن دفع أثمان المواد التي يستوردها وقد تلقى الصندوق دعما من منظمة الأمم المتحدة من صندوق التدخل العاجل بلغ 30 مليون دولار خصص للمساعدة العاجلة لدول اتشاد والنيجر وبوركينافاسو.

و المقلق أكثر بالنسبة للمراقبين هو أن أي إجراء جاد لمعالجة الوضعية لا بد له ،لكي ينجح، من وجود مستوى أدنى من الأمن و الاستقرار و ذلك شرط عسير التحقيق في الظرفية الراهنة التي تجتازها دول المنطقة.

 

كلمات مفتاحية