جديد القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين

بقلم البروفيسور أيمن سلامة: أستاذ القانون الدولي العام

الرغم من انتشارها في مصر وإسرائيل في عام 1982 لمراقبة تنفيذ البروتوكول العسكري لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة في عام 1979، لاتزال ” القوة متعددة الجنسيات و المراقبين مثار خلط كبير لدي الكثيرين ، ولا يقتصر الخلط علي  ماهية وبواعث انشاء هذه القوة و لكن المهام و الاختصاصات العديدة التي تقوم بها هذا القوة الفاعلة في مجال حفظ السلم و الأمن  الدوليين بين مصر و إسرائيل تحديدا .

الماهية

القوة متعددة الجنسيات والمراقبون MFO هي قوات دولية مسؤولة عن حفظ السلام بين مصر وإسرائيل، وتحديدا مراقبة تنفيذ الدولتين للملحق العسكري لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المبرومة بين الدولتين في مارس عام 1979، وتعمل القوة بوحداتها العسكرية ومراقبيها في كل من شبه جزيرة سيناء في مصر و صحراء النقب في إسرائيل.

أنشئت القوة عام 1982 بموجب اتفاق دولي ثلاثي ضم الولايات المتحدة الأمريكية و مصر وإسرائيل بعد الفيتو السوفيتي علي تمديد ولاية قوة  الطوارئ الدولية الثانية للأم  المتحدة  التي انتشرت في سيناء بعد توقيع اتفاق فض الاشتباك المصري  الإسرائيلي .

الباعث و الهدف

كانت كل من مصر و إسرائيل بعد توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في 26 مارس 1979، طُلبتا من الأمم المتحدة توفير قوات حفظ السلام لشبه جزيرة سيناء المنصوص عليها في المعاهدة ، حيث  تطلبت شروط المعاهدة وجود قوات حفظ سلام دولية لضمان التزام كل من إسرائيل ومصر بالأحكام المتعلقة بالحشد العسكري على طول الحدود، لكن في 18 مايو 1981 أشار رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى أن الأمم المتحدة لن تكون قادرة على توفير القوة، بسبب استخدام الإتحاد السوفيتي السابق حق النقض ضد الاقتراح .

نتيجة لرفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، شرعت كل من مصر وإسرائيل مصر والولايات المتحدة في مفاوضات لإنشاء قوة دولية متعددة  الجنسيات لحفظ السلام خارج إطار الأمم المتحدة، وبالفعل تم في 3 أغسطس 1981 التوقيع على بروتوكول معاهدة السلام، وإنشاء القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين.

المقر

يقع المركز الرئيسي العملياتي للقوة في الجورة-رفح شمال سيناء المصرية، ويقع مقرها الإداري في العاصمة الإيطالية روما، وللقوة مكاتب اتصال في كل من القاهرة بمصر، وتل أبيب بإسرائيل وشبكة تضم 35 برج مراقبة ونقطة تفتيش ومركز مراقبة على طول الشريط الممتد على طول شرقي سيناء.

كيفية مباشرة القوة مهامها

تقوم القوة بتنفيذ الوظائف المكلفة بها و  الواردة في الاتفاق الثلاثي المصري  الإسرائيلي الأمريكي من خلال تنفيذ أربع مهام:

أولا: تشغيل نقاط التفتيش ونقاط المراقبة وتسيير دوريات استطلاع على الحدود الدولية وداخل المنطقة ج في مصر و داخل المنطقة د في النقب الإسرائيلي

ثانيا: التحقق نفاذ من البنود العسكرية والأمنية لمعاهدة السلام بما لا يقل عن مرتين في الشهر.

ثالثا: التحقق من شروط معاهدة السلام في غضون 48 ساعة، بناء على طلب أي من الطرفين.

رابعا: ضمان حرية الملاحة البحرية الدولية في مضيق تيران والوصول إلى خليج العقبة.

التشكيل

جاء في البند 19 من ملحق بروتوكول إنشاء تلك القوة أن حجمها يتكون من مقر قيادة وثلاث كتائب مشاة، ولا يزيد مجموع أفرادها عن ألفي فرد ووحدة دوريات ساحلية ووحدة مراقبين وعنصر ملاحة ووحدات شؤون إدارية وإشارة، كما حدد البند (34) تاريخ وساعة بدء ممارسة هذه القوة مهامها، وهو الساعة 1300 يوم 25 أبريل/نيسان 1982، بعد جلاء القوات الإسرائيلية عن سيناء تماما.

فضلا عن الكتائب المتعددة الجنسيات و التي تضم العديد من الدول ، تتكون وحدة  المراقبين في القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون بالكامل من المدنيين الأمريكيين، ومعظمهم إما معارون من وزارة الخارجية الأمريكية أو أفراد متقاعدون من الجيش الأمريكي ، و كان المراقبون المدنيون الذين عينتهم القوة متعددة الجنسيات يرتدون في الأصل زيًا برتقاليًا واضحًا للعيان أثناء قيامهم بواجبات التحقق من المعاهدة، و مؤخرا ، تم إجراء تم استبدال القمصان البرتقالية بقمصان البولو السوداء

أهم المحطات التاريخية

يناير 1982

تم نشر حوالي 160 جنديًا أمريكيًا من فورت براج بولاية نورث كارولينا في سيناء، و كانت مهمة هذه الوحدة ذات الحجم المعزز هي إنشاء مرافق دعم استعدادًا لوصول كتائب المشاة القادمة من مختلف الدول لمراقبة تنفيذ معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، و كان الهدف آنذاك هو إنشاء هيكل قيادة ودعم للطائرات الثابتة والدوارة للقوة، ودعم قطع الغيار وإمدادات المياه والبترول والطبية واللوجستية للقوة المتعددة الجنسيات التي ستتولى المهمة لاحقًا.

أبريل 1982

تولت القوة المتعددة الجنسيات والمراقبون مهامها في 25 أبريل 1982، وهو اليوم الذي أكملت فيه إسرائيل انسحابها من شبه جزيرة سيناء في مصر، ونشرت الولايات المتحدة كتيبة مركبة تتألف من جنود الحرس الوطني من فرجينيا وماريلاند، وجنود الجيش النظامي من الفرقة 82 المحمولة جواً والفرقة 101 المحمولة جواً (الهجوم الجوي).

16 يوليو 2022

الإعلان الرسمي في جدة – المملكة العربية السعودية عن انسحاب المراقبين الدوليين ضمن القوة متعددة الجنسيات الدولية من جزيرة تيران وفقا للإرادة السعودية و بالتفاهم مع الدول الثلاثة: مصر و الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل، حيث ستباشر القوة ذات الوظائف و المهام الموكلة لها بموجب اتفاق عام 1982 من داخل الأراضي المصرية المتاخمة لمنفذ مضيق تيران الصالح للملاحة العالمية.

علاقة القوة بالأمم المتحدة

لا تتبع تلك القوة، التي يطلق على أفرادها “أصحاب القبعات البرتقالية”، تمييزا عن القوات التابعة الأمم المتحدة “القبعات الزرقاء”، واضطر ذو القبعات الزرقاء لإنهاء عملهم بعد عجز مجلس الأمن الدولي عام 1978 عن إصدار قرار باستمرار وتجديد عمل القوة الأممية، التي كانت في سيناء، وهي قوة الطوارئ الدولية الثانية بسبب اعتراض الاتحاد السوفياتي السابق.

نافل القول لقد نجحت الدول الثلاثة مصر وأميركا وإسرائيل في استبدال الدور الرقابي للأمم المتحدة المنصوص عليه في معاهدة السلام عام 1979بقوات متعددة الجنسيات، ووقع بشأنها بروتوكول بين مصر وإسرائيل.

الميزانية والنفقات

تقدر الميزانية السنوية للقوات بما يقرب من 65 مليون دولار أميركي، تتقاسمها كل من مصر وإسرائيل، لكن مصادر أميركية تقدرها بـ86 مليون دولار سنويا، وتذكر أن الولايات المتحدة تقدم نحو ثلث ميزانيتها السنوية، وتؤمّن تمويلا إضافيا لتدابير الحماية الاحتياطية ومركبات مقاومة للألغام وغيرها.

ختاماً، مَثّلت التفاهمات الأمنية الأخيرة بين المملكة  العربية السعودية والدول  الثلاثة التي أسست القوة متعددة  الجنسيات : مصر و الولايات  المتحدة و اسرائيل ، خط الأساس الذي انطلق منه الاتفاق علي انسحاب المراقبين الدوليين التابعين للقوة من جزيرة تيران السعودية لمباشرة ذات المهام الموكلة لهم بموجب الاتفاق المؤسس للقوة في عام 1982 .

 

 

 

كلمات مفتاحية