"الملف الفلسطيني هو أحد الأولويات الأسياسية في الخارجية المصرية"أبرز تصريحات حوار السفير محمد العرابي مع موقع "بصراحة".
إعداد : يوسف علاء
قام السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق ورئيس مجلس أمناء مركز شاف، بإجراء حوار مع موقع “بصراحة” وكان حواراً مليئاً بخلاصة الخبرات في الدبلوماسية المصرية وعلاقات مصر الخارجية وذكريات توليه منصب وزير الخارجية، وعلاقته مع وزير الخارجية السابق “نبيل فهمي” ووزير الخارجيه الحالي “سامح شكري”، إضافة إلي ذلك تحدث السفير عن الأوضاع العالمية في ظل الحرب الروسية الأوكرانية ودور مصر في الملف الفلسطيني وأتم حديثه الأوضاع في ليبيا والسودان وأكد في حديثه عن ثقته في شباب الدبلوماسية ليكونو نواه مستقبل أفضل للدولة المصرية.
بدأ الحوار بتوجية سؤال “لسيادة السفير “عن قمة المناخ في مصر؟فأجاب قائلاً “بالطبع أزمة المناخ هو موضوع هام له آثار سياسية واقتصادية ستكون ذات تأثير قوي على العالم مستقبلا وجود المؤتمر في شرم الشيخ هو تحدي للدولة المصرية للتنظيم وإيضاح رؤيتها واستراتيجيتها بشأن المناخ، وأرى أن القمة ستشهد حضور أكثر من 35 ألف شخص بجانب وجود ما يقرب من 2000 متحدث والتحدي الحقيقي هو كيفية التزام العالم باستراتيجية مصر بشأن الحفاظ على البيئة”.
وعند سؤال “السفير” عن كيف يري دور مصر في هذا المحيط الملئ بالصراعات بسياستها الخارجية؟أجاب قائلاً “مصر لها منهج بسياستها الخارجية لا يتغير وفي ذات الوقت يحفظ حساسية الإقليم من التدخل الخارجي .. والمنهج المصري قائم على 3 محاور وهي: الاستقرار في المنطقة، السلام وحفظ مناطق الجوار من الدخول في أي صراعات مسلحة، بجانب التنمية وهو سلاح تستخدمه مصر بذكاء شديد في التقليل من مخاطر كثيرة بالمنطقة وهو أحد السمات الأساسية للسياسة الخارجية المصرية الآن وستلاحظ أن كافة النقاشات التي تجريها مصر في جوارها الاستراتيجي قائمة على تلك المبادئ وهو أسلوب جديد في العلاقات الدولية فأنت لا تطمح فقط لتحقيق مصالحك لكن تحاول أن يكون لك دورا هاما في حفظ السلام بالمنطقة”، وأضاف السفير “المواطن العربي في أي وطن به أزمة ينظر لاستقرار الأوضاع في مصر والتنمية بانبهار كبير جدا جدا .. ونحن كمصريين لا نحتاج للحديث عنه لكن أنظر للزائرين هم من يقيموا ويتحدثوا بعد زيارات متتالية على فترات زمنية يرون التغيير بأعينهم واستمرار عجلة التنمية .. «احنا مش محتاجين نتكلم عن النموذج المصري لكن اللي بيجي يزورنا بيحس أكتر بالتغيير ده ويقولك كل ده عملتوه إمتى على الأقل أنت معندكش مخاطر أمنية .. التجربة دي إحنا نفتخر بيها ونحافظ عليه» .. لكن الشعوب لا ترغب أن تتحدث إليهم من منطق الإملاء والتوجيه لكن هو من يرى ويقارن الأوضاع”.
وعند سؤاله عن كيفية تعامل مصر في الملف الفلسطيني وعن الوضع الحالي هناك وعن رؤيته للعلاقة بين مصر وإسرائيل بالأخص بعد قيام بعض الدول العربية من تطوير علاقتها مع إسرائيل؟ أجاب قائلا”الملف الفلسطيني هو أحد الأولويات الأساسية في السياسة الخارجية المصرية ومصر لازالت على تعهدها في إعادة إعمار غزة وملتزمة متعهدها بمحاولة نزع فتيل أي توتر أو أي نزاع مسلح بين إسرائيل وبين أي من أطراف الضفة الغربية أو غزة بشقيها حماس أو الجهاد الإسلامي ومصر على مسافة جيدة بين جميع الأطراف مما يجعلها الوحيدة بالعالم الذي يستطيع القيام بدور وسيط وفاعل بين كافة الأطراف” وأضاف قائلاً”العلاقات الإسرائيلية المصرية تختلف كثيرا عن فكرة التطبيع وخلافه .. لكن هي علاقات دبلوماسية لها محددات خاصة جدا من بينها الملف الفلسطيني الذي يوضح للعالم أجمع دور مصر الفاعل فيه وتدخلها لتهدئة الأوضاع ووقف إطلاق النار بمكالمة من الرئيس السيسي للأطراف المتصارعة إذن فالدور المصري مقدر جدا”.
وأكمل عند سؤالة عن الأوضاع في ليبيا أشار السفير بأن “الوضع معقد في ليبيا وأرى أن الأرض لازالت غير ممهدة لإقامة انتخابات رغم تمنياتي بإقامتها .. في ذات الوقت الشعب الليبي يعيش في حالة من الضجر من هذا الصراع السياسي .. بالنسبة للمجتمع الدولي فهو يرحب باستقرار ليبيا خاصة في ظل أهميتها كدولة منتجة للمواد البترولية وخلافه .. أما عن مصر فليبيا هي دولة جوار استقرارها هو هدف أساسي للخارجية المصرية وننشد فيها الهدوء واستقرار الاوضاع وإقامة الانتخابات لأن ليبيا هي أمن استراتيجي لمصر”.
وأثناء الحوار قام المحاور بتوجيه سؤال “لسيادة السفير” كنت على رأس وفد المجتمع المدني للسودان ما هي رؤيتك للأوضاع هناك وكيف تنتهي الأزمة وما رسالة وفد المجتمع المدني المصري للأطراف في السودان؟ أجاب قائلاً “هناك سمة أساسية للأسف في منطقتنا هو التواجد في الشارع للإدلاء بمطالبات رغم أن العالم يتحرك من حولك .. «محدش هيستناك العالم بيجري» .. أخشى على السودان من الانغماس في الشارع والمطالبات بعيدا عن الانغماس في العمل والإنتاج .. السودان لديه ضائقة اقتصادية كبيرة والانفراجه لن تأتي إلا بالاستقرار وبداية العمل لإيجاد حلول .. ورغم وجود مطالبات مشروعة من الشباب المتظاهر هناك لكن عليهم بالتفكير من سينتج ويعمل طالما هم مشغولون بالتظاهر وإشعال النيران في إطارات السيارات وكانت رسالتنا أنننا لا نحمل حلول وأن الحل يجب أن يكون نابع من المواطن السوداني نفسه .. بينما نحن لا نفرض رأي أو أجندة معينة نحن هنا لنستمع ولنعبر عن قلقنا من الأوضاع في السودان .. وأعتقد أنه كان منطق جيد وقوبل بالترحاب من جميع الأطراف .. وكان منهجنا أن الوقت ليس في صالح أحد والأوضاع الاقتصادية أثرت بشكل كبير على حياة المواطن السوداني”، وعند سؤاله هل حاولت ذكر التجربة المصرية كمثال للحل في السودان وأضاف قائلا”لم نحاول إملاء أفكار على الأطراف السودانية وإن كانت التجربة المصرية ملهمة للجميع بشهادتهم .. وقوبلنا كوفد مصري بترحاب شديد جدا .. وأكدت بأن استقرار مصر لن يكتمل إلا باستقرار السودان وهو ما استقبلته جميع الأطراف بترحاب شديد”.
يتحدث عن تقارب بعض المعارضة السودانية مع إثيوبيا هل نجاحها في الانتخابات قد يتسبب في أزمة مع مصر؟ أجاب سيادة السفير قائلاً”لا أعتقد ذلك مصر متواصلة مع كافة الأطراف وعلى علاقة جيدة بالجميع لكن الحديث عن الانتخابات السودانية يجعلني أوضح أن هناك أزمة في المقاربات لحل المشاكل العربية تأخذ المنحنى الإعلامي أكثر منه واقعي .. فترى في سوريا يتحدثون عن صياغة الدستور وأرضهم محتلة من 8 جيوش .. في السودان تتحدثون عن انتخابات بدون وجود قدر من الوفاق السياسي بين جميع الأطراف «الأرض غير ممهدة لإقامة انتخابات في السودان ونتائجها قد يكون كارثيا أكثر من الوضع الحالي» .. الأفضل في الوضع الحالي هو فكرة الحوار بين الجميع وإيجاد نقطة للتقارب من أجل مصلحة السودان”.
وعن تقييمه لدور “الرئيس السيسي” في كافة الملفات الخارجية وتقبل زعماء العالم لرئيس مصر قال “دور فخامة الرئيس معروف ومقدر ويتميز عن جميع زعماء العالم أنه يمكنه التحدث والتواصل مع جميع الأطراف ويخاطب الجميع .. والسؤال يذكرني بموقف مع السفير البرازيلي في مصر عندما قال لي «احنا رئيسنا عشان يكلم سكرتير الأمم المتحدة ممكن يقعد شهور لكن أنتم رئيسكم قاصداً الرئيس السيسي ممكن يوصل لسكرتير عام الأمم المتحدة في لحظات» .. ده نتيجة إننا مصر بمعنى أنك دولة مهمة للعالم أجمع ودائما دورك مطلوب وتتمتع بعلاقات جيدة مع الجميع”.
قام المحاور أثناء الحديث بتوجيه سؤال إلي “سيادة السفير” عن الملف النووي الإيراني وإمكانية وصولها لاتفاق ؟ فأجاب قائلاً “أنا لا أرى أن إيران حريصة على الوصول لاتفاق وفي نفس الوقت لا أرى أن إسرائيل قادرة على توجيه ضربة عسكرية لإيران .. أرى أن إيران لديها من المهارة للعب بورقة الاتفاق بطريقة تساعدها كدولة بشكل كبير .. وبالتالي سيظل هذ الملف معلق وممتد”.
وعند سؤاله كنت سفيرا في ألمانيا لمدة 8 سنوات كيف ترى وضعها الآن بعد قطع إمدادات الغاز الروسي وماذا عن الشتاء القادم ومخاوف من تزايد أزمات ألمانيا في الأشهر القادمة؟ أجاب قائلاً أرى أن روسيا خسرت قيمة استراتيجية كبيرةبط جدا لفقدانها وعدائها لألمانيا بهذا الشكل لأنها كانت الدولة الأولى في الغرب التي كانت تملك سياسة خاصة بها بالتقارب مع الشرق .. الآن أرى أن القيادة الألمانية لا تنظر بثقة للقيادة في روسيا وهذه خسارة للجانبين و أزمة الشتاء تاريخيا تأتي في صالح روسيا نابوليون وهتلر هزموا بسبب الشتاء إذن فالشتاء دائما في مصلحة الروس وفقا للتاريخ .. سيحدث إرهاق مؤكد للشعب الألماني نتيجة التدابير التي ستتخذ في الشتاء لكن أؤكد أن الغرب لا يمكن أن يسمح بأن يخسر في هذه المعركة.. وألمانيا تستطيع عبور الشتاء القادم”.
وعن رؤيتة أزمة الطاقة في ظل تراجع المخزون الأوروبي من الغاز أجاب “أرى أن ألمانيا لديها حلول مختلفة .. ومن الممكن أن تعود لاستخدام المفاعلات النووية والفحم كمصادر للطاقة حتى لا تتأثر صناعتها الأساسية بسبب نقص إمدادات الغاز . ولست من أنصار أن الشعوب الأوروبية سترضخ للضغط الروسي وتثور ضد حكوماتها مهما كان الوضع الاقتصادي صعبا .. بدليل أنك حتى الآن لم تر أي مظاهرة أو تأييد للجانب الروسي حتى في الدول التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي قديما ويرى كثيريون أنها أقرب لمعسكر الشرق .. أنت الآن في صراع كسر الإرادات لكن في النهاية الجميع سيدفع الثمن في صراع ممتد خسائر على كل الأطراف وهذه أحد سمات النزاعات المسلحة في العصر الحديث .. هذه الحرب ليس بها منتصر أو مهزوم”.
وأكمل كلامه بالحديث عن الحرب الروسية الأوكرانية، وعن رؤيته للوضع حاليا قائلاً”روسيا خسرت كثيرا بقرار غزو أوكرانيا بعد 7 شهور وفشلها في دخول العاصمة الأوكرانية .. خسارة عسكرية واستراتيجية كما أنه دفع الناتو لأن يكون أكثر قوة بعدما كان أقرب للانهيار كما أنه خسر ألمانيا الحليف الغربي .. القوي لروسيا .. كما أن فنلندا والسويد اللاتي اشتهرن بالحياد الآن أصبحوا في حلف الناتو ورغم حديث بوتين عن انتهاء عصر القطب الواحد إلى أن القوة الحقيقية لأمريكا لازالت مهيمنة على العالم .. وإن كان نحن أمام إعادة إنشاء نظام دولی مختلف لم يتبلور بعد”.
وعند سؤاله عن دور الصين في النظام الدولي الجديد في ظل دعمها الكبير لروسيا حاليا؟أجاب “الصين لديها أهدافها طويلة المدى الخاصة بها وهي صبورة جدا وغير مستعدة لاستنزاف أيا من قواها العسكرية والاقتصادية لأنها تنظر لنفسها بأنها قادمة .. ولذلك فهي لن تنخرط في أي فعل من شأنه يقلل من قوة دفع قدومها .. بالطبع ستقف بجانب روسيا لكن ليس بدرجة الانخراط الكامل وهي من مصلحتها أن تخرج روسيا والولايات المتحدة من أزمة الحرب في أوكرانيا منهكين”.
وفي أثناء الحوار قال:”المحاور”، “كنت العربي الوحيد الحاضر لحلف الرئيس الأمريكي ترامب اليمين الدستورية”وقام بتوجيه سؤال “لسيادة السفير” كيف كان انطباعك ورؤيتك للاختلاف بينه وبين الرئيس الحالي بايدن وهل تعتقد إمكانية عودة ترامب؟ أجاب “السفير” قائلاً “كنت مندهشا من حجم الحماس والتأييد الكبير لترامب كانت حالة من الجنون والهوس بهذا الرجل بين مؤيديه ويمكن هذا ما يفسر اقتحام الكونجرس بعد ذلك .. الحقيقة أن أمريكا في مرحلة صعبة بها قدر من الانقسام لم يحدث قبل ذلك لكن أعتقد أننا لازلنا في عصر الديمقراطية الأمريكية وسيطرة الحزب الديمقراطي بشكل كبير على الأوضاع سياسيا وعن أمكانية عودة ترامب في الإنتخابات الرأسية القادمة “أشك في ذلك رغم خطابه الشعبوية وضحده لأفكار الأحزاب والمؤسسات وخلافه مما قد يستهواه كثيرين من المهوسين بهذه الأفكار لكن لا أعتقد إمكانية عودته .. وإن كنت أرى أن تغيير الأنظمة في الدول كل 4 سنوات هو أمر جيد حتى لا تضع العالم أجمع تحت سطوة الأهواء الأمريكية .. لذلك فليس من مصلحتنا كمصر خروج روسيا من النسق الدولي أو انهزامها بشكل كبير حتى لا تكون هناك قوة واحدة عظمى فقط «ده أمر خطير جدا»”.
وعند سؤال “السفير” أنت أحد أبناء دفعة الوزراء في الخارجية المصرية.. ماذا يمثل لك ذلك وكيف هي علاقتك بزملائك من الوزراء؟أجاب قائلاً “هي سابقة في الخارجية المصرية حدثت وأعتقد أنها لن تتكرر مرة أخرى .. أن يكون هناك 3 وزراء للخارجية المصرية من دفعة واحدة هم أنا والوزير نبيل فهمي والوزير سامح شكري «إحنا دخلنا يوم 14 مارس 1976 وبنعتز جدا بالارتباط جدا بينا كزملاء ومكناش نعرف بعض قبل الخارجية وجايين من خلفيات مختلفة ولكننا قريبين حتى الآن كأصدقاء وإن كان من هو في منصب الوزراء مثل سامح الآن يكون مشغولا بقدر كبير لكننا نقدر موقفه لأننا كنا في نفس موقفه .. لكن أنا مبسوط أوي بموضوع دفعة الوزراء وبتفاخر بيها ده غير وجود أسماء كبيرة وقيادات بالوزارة هم أيضا من أبناء دفعتنا»”، وأتم حديثه عند سؤاله عن رؤيته لتجربة في منصب الوزير؟ “هي كانت فترة قصيرة .. لكن أؤكدلك أنه منصب صعب .. «عليك يوميا في الصباح قراءة 300 ورقة والسفارات وده عبء كبير بعتالك إيه عشان تبقى عارف اللي بيحصل وعليك إنك تاخد موقف في كل ورقة وده شئ صعب .. كمان عليك أن تلبي تعليمات رئيس الدولة ورئيس الوزراء وتقدم لهم آراء رصينة ممكن الدولة تسير عليها وده كمان عبء كبير إنك لازم توزن كل قرار بتاخده وميكنش قرارات هوائية إلى جانب عبء إدارة الوزارة وأنا كنت مهتم جدا بالفرد وأحب أوي أهتم بشباب الدبلوماسيين وكنت بحب أروح المعهد»”
وفي نهاية الحديث وعند سؤاله عن قربه لشباب الدبلوماسيين الجدد .. كيف تری مستقبل الدبلوماسية المصرية؟ أنهي حديثه قائلاً”الشباب المصري على أعلى مستوى من التعليم وفرصهم أكبر مننا ومن أجيلنا هو الآن يمكنه الوصول لكافة المعلومات عن طريق الإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة بعكس زماننا كنا نعتمد على الإذاعة كمصدر وحيد للأخبار والمعلومات .. وجيلنا عليه دور وواجب في رد دين الدولة عليه بعد استثمارها في شخصه كدبلوماسي وواجب علينا أن نكون أقرب للشباب وننقل لهم خبراتنا”.