الاتحاد الإفريقي يعلن عن موقف صارم اتجاه حكام اتشاد العسكريين

الاتحاد الإفريقي يعلن عن موقف صارم اتجاه حكام اتشاد العسكريين

بقلم السفير محمد سالم الصوفي: المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي 

قبل أكثر من سنة من الآن قرر الاتحاد الإفريقي عدم الصرامة في التعامل مع الوضع في اتشاد مفضلا مواكبة المجلس العسكري الانتقالي الذي يقوده محمات إدريس دبي نجل الرئيس الراحل إدريس دبي بعد مقتل والده في ظروف غامضة يوم 20 ابريل 2021 .

وكانت الأوساط المحلية والدولية منذ ذلك التاريخ تنتظر موقف المنظمة القارية من مسألة الفترة الانتقالية في اتشاد وقابلية رئيس وأعضاء المجلس العسكري الحاكم للترشح للانتخابات القادمة بالمقارنة مع مواقف الاتحاد الإفريقي من دول أخرى ذات أوضاع شبه مطابقة للحالة في اتشاد حيث كان موقف الاتحاد أكثر صرامة مع القادة العسكريين في تلك الدول.

هذه المرة قرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي اتخاذ موقف صارم حيث أعلن إثر اجتماعه الأخير يوم 19 سبتمبر المنصرم عن رفضه لترشح أي عضو من المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في اتشاد للانتخابات القادمة في نهاية الفترة الانتقالية التي قال الاتحاد إنها لا يمكن أن تتجاوز بحال من الأحوال 18 شهرا.

وكانت الطبقة السياسية في اتشاد وخاصة المعارضة والرأي العام الدولي والمحلي تنتظر موقف الاتحاد حسب ما أفادت به مصادر دبلوماسية أكدت أن البعثات الدبلوماسية الغربية في اتشاد بدأت منذ أسابيع في تجديد الضغط على الاتحاد الإفريقي من أجل إعطاء نقطة الانطلاق للحديث عن مسألة قابلية رئيس وأعضاء المجلس العسكري الانتقالي للمشاركة في الانتخابات والفترة المحددة للمرحلة الانتقالية.

 وقد كانت البعثات الدبلوماسية والجهات الأخرى على عجلة من أمرها تريد اتخاذ قرار قبل نهاية الحوار الوطني الشامل الذي يجري حاليا في اتشاد في ظل فترات تعثر عديدة و مطبَّات  و يبدو أنه على كل حال قد اتجه بالفعل نحو المراحل الأخيرة مع الشروع هذا الأسبوع في الحديث عن شكل الدولة اتشادية المقبلة وأمور أخرى.

وتعتبر البعثات الدبلوماسية أن إعلان الاتحاد الإفريقي عن قراره الصارم جاء في الوقت المناسب بعد صدور مقترحات اللجنة الخاصة التي عينها الحوار لمناقشة هذه المسائل وقد أصدرت توصيات بقابلية رئيس المجلس العسكري الجنرال محمات إدريس دبي للترشح للرئاسيات المقبلة وإجراء استفتاء حول شكل الدولة وتمديد الفترة الانتقالية لمدة لا تقل عن 24 شهرا وبعد صدور توصيات اللجنة المذكورة بدأ نقاش ساخن حيث تعاقب على منصات الخطابة مئات الوفود في مواقف متعارضة حول هذه المسائل الأمر الذي يعكس خلافات حادة وانشقاقات عميقة في الجمهور المشارك في الحوار.

 ولكن المشرفين قد علقوا النقاش في انتظار عقد جلسة عامة تحسم القرار في هذه المسائل نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل حسب هذه المصادر، ولكن معارضي قابلية انتخاب قائد المجلس العسكري وأعضائه في الانتخابات المقبلة لا شك لديهم في أن القرار الأساسي الذي تعمل السلطة والمتحالفون معها على تمريره في نهاية الجلسة المقبلة ،هو التمكين للجنرال محمات إدريس دبي لخوض الانتخابات المقبلة.

 لذلك أصبح الحديث الآن حول شكل الدولة بدل التركيز على هذه المسائل الحساسة بالنسبة للمعارضة وللاتحاد الإفريقي والمجموعة الدولية مما يعني أن المعنيين يسعون إلى تمرير القرار المناسب لهم في ظل التهدئة.

و يستبعد المراقبون  حصول ذلك دون صخب و ربما انسحابات واسعة بعد صدور قرار الاتحاد الإفريقي الذي أعطى شحنة للمعارضين وأضفى على موقفهم مزيدا من الشرعية. علما أن الاتحاد الإفريقي لم يتحدث حتى الآن عن عقوبات ضد اتشاد في حالة مخالفة قراره وإن كانت حسب المراقبين تلوح في الأفق. وأنهى الاتحاد الإفريقي بيانه بالتأكيد على أنه سيعقد في الوقت المناسب جلسة خاصة حول هذه المسائل ستخصص لدراسة الفترة الانتقالية في اتشاد.

 وتعتبر المصادر الدبلوماسية والمراقبون أن الكرة الآن أصبحت في مرمى السلطات الانتقالية اتشادية وأصبح الاتحاد الإفريقي والرأي العام المحلي في انتظار تعليق السلطات على قرار الاتحاد الإفريقي والكيفية التي سيتم بها ذلك دون التعرض لعقوبات المنظمة القارية أو الالتحاق بزمرة الدول ذات العلاقات المتوترة مع المنظمة القارية وغيرها من المنظمات الإقليمية كما هي الحال بالنسبة لمالي وغينيا و بوركينافاسو الذي استجدت فيه أوضاع أخرى.

 

كلمات مفتاحية