إنتخابات مجلس الأمة الكويتى .. ماذا تغير فى المشهد؟
إعداد / ميار هاني
اختار الناخبون، الخميس ٢٩ من سبتمبر، إحداث هزة فى نتائج الإنتخابات البرلمانية الكويتية من خلال إرسال المعارضة إلى مجلس الأمة.
كانت الكويت على موعد مع يوم إنتخابى طويل لإختيار أعضاء مجلس الأمة، أتت تلك الإنتخابات التشريعية المبكرة بعد حل المجلس، فى بداية أغسطس الماضى، إثر إرتفاع التوترات بين الحكومة والبرلمان، الأمر الذى أدى بدوره إلى إعاقة عمل الحكومة منذ الانتخابات البرلمانية فى ٥ ديسمبر ٢٠٢٠.
وفى محاولة لإنهاء الخلاف السياسى، أعلن ولى العهد الكويتى “مشعل الأحمد” حل البرلمان والدعوة إلى الشارع مجددا من أجل استدامة الحياة البرلمانية فى الكويت.
هذة ليست المرة الأولى التى تشهد فيها البلاد حلا للبرلمان، فإذا القينا نظرة على التاريخ السياسى للكويت، سنجد أن هذا الحل هو العاشر منذ تشكيل البرلمان لأول مرة عام ١٩٦٣ بعد الإستقلال، يرجع ذلك إلى الخلاف والتعارض على العديد من قضايا بين السلطتين، الأمر الذى أدى إلى احتقان ونزاعات بينهما، واستجوابات متعددة لعدد من الوزراء، ما دفع أمير البلاد بالتدخل من خلال إصدار مراسيم لحل أى من السلطتين تجنبًا لأزمة فى البلاد، فهذا الرقم الكبير ليس غريبا فى البلاد التى شهد تاريخها صراعات برلمانية على مدى عقود.
شهدت إنتخابات مجلس الأمة تنافس ٣٧٦ مرشحا من بينهم ٢٧ امرأه، وأظهرت النتائج تقدم نسبى للمعارضة لاسيما الإسلامية وتحقيق تغيير بنسبة ٥٤% من تركيبة مجلس الأمة السابق.
فوفقا لما نشرته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية أن معظم من يسمون ب “النواب الموالين للحكومة” خسروا مقاعدهم، بينما حققت الكتلة الشيعية والحركة الدستورية الإسلامية “حدس” الفرع الكويتى للأخوان المسلمين، مكاسب كبيرة فى مجلس النواب المكون من ٥٠ مقعدا؛ حيث أرتفع تمثيل الكتلة الشيعية من ٦ مقاعد فى المجلس السابق إلى ٩ مقاعد، وأستطاعت “حدس” الحفاظ على مقاعدها الثلاثة، كما فاز اثنان من المقربين منها وهم ( عبدالله فهاد – فلاح ضاحى)، وتمكن (مبارك الطشة – حمد العبيد) مرشحين التجمع الإسلامى السلفى بالفوز فى السباق الإنتخابى بعدما غابا عن المجلس منذ عام ٢٠١٦.
وساد التفاؤل بإستعادة التمثيل النسائى، بعودة النائبتين (عالية الخالد – والوزيرة السابقة جنان رمضان بوشهرى) ، بعد فشل المرأه الكويتية فى الفوز بأى مقعد فى مجلس الأمة المنحل.
وفى سابقة بتاريخ إنتخابات المجلس، تمكن المرشحان (حامد البذالى – مرزوق الخليفة) من الفوز بعضوية المجلس وهما داخل السجن بعد إدانتهما فى قضية تتعلق بالمشاركة فى إنتخابات فرعية يجرمها القانون الكويتى.
كما حقق، رئيس مجلس الأمة السابق “أحمد السعدون”، فوزا كاسحا، ويعد السعدون أحد أقدم البرلمانيين فى الكويت وهو مرشح لرئاسة مجلس الأمة.
من الجدير بالذكر أن البرلمان الكويتى يعد الهيئة التشريعية الأكثر نشاطا واستقلالية من الهيئات المماثلة له فى منطقة الخليج، حيث يتمتع بصلاحية تمرير القوانين ومنعها، واستجواب الوزراء وتقديم مقترحات بحجب الثقة عن كبار مسئولى الحكومة، لكن لا تزال السلطة السياسية مرتكزة إلى حد كبير فى أيدى عائلة الصباح الحاكمة، التى تعين رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، ويمكنها حل المجلس فى أى وقت.
ولعل التساؤل الذى يتبادر إلى ذهنك بعد قراءة تلك السطور : ما ملامح المشهد السياسى المقبل؟
مما لا شك به أننا أمام تشكيله سياسية جديدة بوجود نحو ٢٧ نائبًا جديدا لم يدخلوا إلى المجلس من قبل، بالإضافة إلى تقدم المعارضة فى الإنتخابات، كل ذلك يوحى بأن ماضى المجلس لن يشبه حاضره القريب، كما أشار “عبد الله ولد سيديا” مراسل العربى.
إلا أن ملامح المشهد السياسى سوف يتحدد بعد تشكيل الحكومة الكويتية خلال الأيام القليلة المقبلة، فإذا كانت مكونات الحكومة متوافقة مع مخرجات العملية الإنتخابية لمجلس الأمة، فسيكون هناك توافق بين المجلس التشريعى والمجلس التنفيذى، وبالتالى فقد يتبلور المشهد السياسى بالإيجاب، والعكس صحيح.
وعليه، فإن نتائج تشكيل الحكومة قد تعطينا صورة أوضح عن طبيعة المشهد السياسى المقبل فى الكويت.
– وتجدر الإشارة أن المجلس الجديد تنتظرة قضايا عالقة تستوجب الحل مثل ملف التعليم والإسكان، إلى جانب قوانين الإصلاح السياسى ومنها: تعديل القوانين لتحسين وضع المرأة فى الكويت، إضافة إلى تعديل قانون الإنتخاب.
وخلاصة القول، يقع على عاتق المجلس التشريعى الحالى والتنفيذى المقرر تشكيله، وضع آليات جديدة لضبط عملية التعاون بينهم لمنع حدوث صراعات والبقاء فى دوامة حل البرلمان، حيث أظهرت التجارب أن مجرد حل البرلمان أو تنحية رئيس الوزراء أو أى من أعضاء مجلس الوزراء، لا يوفر حلا دائما للأزمات، فلا يخرج شئ من هذة المحنة سوى مزيد من الإتهامات وإنعدام الثقة بين الطرفين، فمن المتوقع أن تبقى تلك التجارب غير مفيدة ما لم يقر القادة الحكوميون والمشرعون بأن الحلول السطحية للأزمات تؤدى لإستمرار نمط من عدم الإستقرار السياسى وتمهد الطريق للإنقسامات المستقبلية.
إن إعادة تقييم الأساليب التى يتم إستخدامها لحل الأزمات فضلا عن السعى بتبنى إطار أكثر تصالحية لإدارة الأزمات، يجب أن يمثل هدفا أساسيا للنخب السياسية الكويتية، فلقد مضى وقت طويل على العلاجات السطحية لهذا المرض. خلاف ذلك، ستغرق البلاد بشكل عميق فى المستنقع السياسى.