سلطات مالي تسعى لتنظيم استفتاء دستوري وسط جدل مع الأحزاب السياسية

بقلم السفير محمد الصوفي

المدير العام للمعهد الثقافي الأفريقي العربي

 وسط جدل مع الأحزاب السياسية

نظَّم العقيد عبد الله ميغا وزير الإدارة الإقليمية  اجتماعا  تحضيريا مع الأحزاب السياسية يوم 12 يناير الجاري من أجل تنظيم استفتاء شعبي حول الدستور الجديد في البلاد .وسبق للمجلس العسكري الانتقالي الحاكم في مالي أن عرض مسودة للدستور الجديد منذ ثلاثة أشهر ومن المنتظر عرض هذا النص على المواطنين الماليين للتصويت عليه في استفتاء شعبي يجري التحضير لتنظيمه في شهر مارس المقبل.

وبطبيعة الحال تخلفت عن الاجتماع الذي دعا له وزير الإدارة الإقليمية عدة أحزاب تعتبر أكثر راديكالية في معارضة اعتماد دستور جديد في البلاد وتطالب منذ بروز فكرة الدستور الجديد بالتخلي عن هذا المشروع وقد قاطعت اجتماع الوزير مع الأحزاب الأخرى.

ومن أبرز الأحزاب التي حضرت الاجتماع  حزب الاتحاد من أجل حماية الجمهورية الذي يساند سياسة السلطات المالية الانتقالية ويدعو إلى استكمال إعداد الدستور الجديد بسرعة لكي يتم عرضه على الاستفتاء وقد عبر رئيس هذا الحزب نهوم تاكو عن ارتياحه لحديث وزير الإدارة الإقليمية أثناء الاجتماع حيث قال إن الوزير قد طمأنهم على أن العمل يسير بانتظام وبكثير من المسؤولية وأن المسألة سيتم الحسم فيها قريبا.

وفي إطار انقسام الأحزاب السياسية بين رافض بشدة للدستور الجديد وموافق على المشروع هناك من هم في الوسط ولديهم تحفظات على التصويت على دستور جديد وقد حضروا اجتماع وزير الإدارة الإقليمية وعبروا عن تحفظاتهم، من هؤلاء، رئيس حزب “يالما “يوسف جاورا الذي عبر أثناء الاجتماع أمام وزير الإدارة الإقليمية عن تحفظه حول ضرورة التصويت في الظروف الراهنة على دستور جديد معللا موقفه بأن البلاد توجد على طريق مسدود بسبب الظروف الأمنية التي جعلت جزءا من الأراضي لا يخضع لسلطة الدولة المركزية وبالتالي لا يستطيع المواطنون فيه المشاركة في التصويت.

وبالتالي سيتم التصويت على الدستور عن طريق جزء من السكان في غياب الجزء الآخر ويقول إنه لابد من الاعتراف بأن التحديات الراهنة تدعو  إلى تقدير الموقف وطرح السؤال عن ما إذا كان السياق ملائما لتنظيم الاستفتاء  في الوقت الراهن.

وكانت مسودة الدستور الجديد عند الإعلان عنها في أكتوبر الماضي قد أثارت ردود أفعال متباينة في الأحزاب السياسية وأوساط الطبقة السياسية وقد طرحت أثناء الجدل عدة أسئلة جوهرية تتعلق بمبدأ اعتماد الدولة العلمانية وأيضا حول حجم الصلاحيات الجديدة الممنوحة لرئيس الجمهورية ومكانة اللغات الوطنية.

وقد عبرت الأحزاب التي حضرت الاجتماع مع وزير الإدارة الإقليمية عن انشغالها بمسألة إلحاح السلطات على تنظيم استفتاء حول دستور جديد في الظروف الراهنة في وقت يغيب فيه الإجماع حول هذه المسألة كما سيغيب جزء من السكان عن التصويت على النص الجديد بسبب الظروف الراهنة.

توجد مؤشرات على أن الاستفتاء قد يتأخر عن موعده، منها أن اللجنة التي تم تعيينها في النصف الأخير من ديسمبر الماضي من أجل استكمال إعداد النص الدستوري الجديد لم يعين أعضاؤها حتى الآن كما أن خمسين حزبا فقط من أصل 281 حزبا سياسيا في البلاد قد لبوا دعوة الحكومة لتقديم مقترحات حول النص الجديد مما يعني بالنسبة للمراقبين أن الجزء الأكبر من الطبقة السياسية قد غاب عن المشاركة في إعداد النص الجديد.

كما أن بعض النقاط في النص الجديد ما زالت قيد الصياغة وبالتالي يطرح المراقبون السؤال حول إمكانية دعوة السكان في شهر مارس المقبل كما هو مقرر في البرنامج الانتخابي للسلطات الانتقالية وفي هذا السياق يقول نهوم تاكو رئيس حزب الاتحاد من أجل حماية الجمهورية إن الاستفتاء سيجري في مارس أو في غيره المهم هو أن التحضيرات جارية وقد ناقشوا ذلك مع الوزير وليسوا مجبرين على التمسك بتنظيم الاستفتاء في شهر مارس ويمكنهم تغيير الجدولة الزمنية ولكن لابد من أن تتم الأمور بسرعة من أجل دعوة السكان إلى التصويت في الاستفتاء. وتطرح هذه التصريحات احتمال تأجيل الاستفتاء بصفة واضحة.

كلمات مفتاحية