إعداد: رضوى شريف
لا يوجد ما يُوحي بتراجع ميليشيا الحوثي عن مواقف مُتصلِّبة واشتراطات، تُعطِّلُ أيَّ جهودٍ دوليةٍ؛ لكسر جمود محادثات السلام، المتوقفة منذ فترة طويلة، بل أصبحت تراهن في الوقت الحالي على التصعيد؛ لتحسين موقفها التفاوضي؛ حيث تشهد جبهات القتال في «الضالع، وتعز، ولحج، ومأرب» تصعيدًا حوثيًّا، للأسبوع الثاني على التوالي، وذلك ضمن ضغط عسكري؛ لتحقيق مكاسب سياسية، ولإفشال مهمة المبعوث الأممي؛ الرامية لتجديد هُدْنةٍ مُوسَّعةٍ.
ويهدد تصعيد الميليشيات المدعومة إيرانيًّا، بعودة القتال، بشكلٍ غير مسبوقٍ لليمن، وسط تحذيرات مراقبين من خطوات التصعيد الحوثية، التي تُهدِّدُ أيَّ مساعٍ أو جهودٍ «أمميةٍ، ودوليةٍ»؛ لتحقيق أيِّ تقدُّمٍ في الملف اليمني.
تصعيد حوثي على جبهات مختلفة
تصعيد حوثيٍّ جديدٍ يشُقُّ طريقه إلى الجبهات اليمنية، خلال الأسبوعيْن الماضييْن، وذلك في محاولةٍ من ميليشيا الحوثي لـ”تسخين الميدان”؛ أملًا في إفشال جهود إحلال السلام، ويتخذ ذلك التصعيد الحوثي، والذي بدا أشكالًا متعددة، على عدة جبهات، عْبر شنِّ سلسلة هجماتٍ، وإرسال تعزيزات عسكرية إلى عناصرها المحاصرة، ومحاولة التسلُّل إلى مواقع عسكرية.
جبهة «الضالع»:
في وقتٍ سابقٍ، مساء الأحد الماضي، قالت القوات الجنوبية: إنها تصدَّت لأوسع هجومٍ بريٍّ لميليشيات الحوثي، المدعومة إيرانيًّا، على 4 محاور قتالية، شمالي محافظة «الضالع».
وأعلنت القوات الجنوبية ومحور «الضالع» العسكري، في بيانٍ رسميٍّ لها، بصدِّها لهجوميْن بريِّيْن منفصليْن، حاولت خلالهما الميليشيات الانقلابية، تحقيق مكاسب ميدانية، بجبهة «الضالع».
وبحسب البيان، فإن ميليشيات الحوثي، استخدمت في الهجوميْن أسلحةً ثقيلةً ومتوسطةً وخفيفةً، منها «قذائف الدبابات، ومدفعية الهاون متعددة العيارات، ومدفعية B10، وقاذفات RPG-7»، وكان الاشتباك على مسافةٍ صفريةٍ.
وأسفرت المعارك عن مقتل 9 من عناصر ميليشيات الحوثي – على الأقل- في المواجهات العنيفة، وعمليات القصف المركَّز على أماكن تجمُّعاتهم، فيما أُصيب نحو 16 آخرين، وفْقًا للبيان.
جبهة «مأرب»
وعلى جبهة «مأرب» الجنوبية، أعلن المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، في تغريدةٍ مُقْتَضبةٍ، عبر حسابه الرسمي، بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن قوات الجيش مدعومةً بعناصر المقاومة الشعبية، أحبطت محاولة تسلُّلٍ للميليشيات الحوثية الإرهابية، على مواقع عسكرية، في الجبهة الجنوبية، بمحافظة «مأرب».
جبهة «تعز»
وفي «تعز»، قالت القوات المشتركة، في بيانٍ رسميٍّ لها: إنها تصدَّت لهجومٍ عسكريٍّ واسعٍ، من قِبَلِ ميليشيات الحوثي، استهدف “محور البرح”، غربي محافظة «تعز»، جنوبي اليمن.
وبحسب البيان، فإن ميليشيات الحوثي دفعت بالعشرات من عناصرها؛ لمحاولة التسلُّل من جهة بلدة “البرح”، صوْب «تباب»، إستراتيجية قُرْب خطوط التماس، دون جدوى.
وعلى جبهةٍ ثانيةٍ، في محافظة «تعز» أفشل الجيش اليمني هجومًا بريًّا لميليشيات الحوثي، استهدف بلدة «القحيفة» بجبهة «حمير»، في مديرية «مقبنة» غربي المحافظة، مشيرًا إلى أن الهجوم تزامن مع اشتباكات متقطعة، امتدَّت إلى محيط «جبل هان، ووادي حذران» غربًا، وجبهة «عصيفرة» شمالًا، والدفاع الجوي شمال شرق المدينة.
جبهة «أبين»
وفي «أبين»، قصفت المدفعية الثقيلة للمقاومة الجنوبية تجمُّعاتٍ ومواقع لميليشيات الحوثي، عقب تحرُّكاتٍ مشبوهةٍ للانقلابيين، في جبهة «ثرة» شمالي المحافظة، وأكدت القوات الجنوبية – في بيانٍ لها- استهدافها لعددٍ من مواقع الميليشيات الحوثية، في جبهة «ثرة»، عقب تحرُّكات حوثية مشبوهة، وردًّا على قصْف ميليشيات الحوثي، قرىً سكنيةً، بالقرب من خطوط المواجهات.
وأكد البيان، وقوع قتلى وجرحى بصفوف ميليشيات الحوثي، وخسائر أُخرى في المعدات، إثْر الهجمات المدفعية للقوات الجنوبية.
القيادة الشرعية اليمنية.. تُلوِّح بالاستعداد للخيارات العسكرية
سبق وأن أعربت الحكومة اليمنية عن تفاؤلٍ – ولكن يبدو كان مُفْرطًا- بوجود فُرَصٍ قد تؤدي إلى حلحلة الأزمة، وإرساء السلام بالبلاد، التي تشهد حربًا، منذ عام 2014، وقادت الأمم المتحدة، ووجهات «دولية، وإقليمية» جهودًا مستمرةً؛ لتمديد الهُدْنة، بعد أن رفضت الميليشيات الحوثية تمديدها إلا بشروط، من ضمنها؛ تقاسُم عائدات النفط قبْل أن يبادروا بشنِّ هجمات على الموانئ، والتهديد باستهداف ناقلات النفط، وسط تبادل اتهامات مع الحكومة اليمنية، بشأن المسؤولية عن فشل تمديد اتفاق الهدنة.
ولكن الموقف تغيَّر في ظلِّ التصعيدات الحوثية الأخيرة؛ إذ صعّدت القيادة الشرعية في اليمن من خطابها السياسي، مُلوِّحةً باستعدادها لخيار المواجهة المسلحة مع الحوثيين، على وقْع تسريباتٍ تتحدث عن تعثُّر المفاوضات الجارية مع الميليشيات الحوثية، بوساطةٍ عُمانيةٍ، فيما كشفت تصريحات، أدلى بها نائبا رئيس مجلس القيادة الرئاسي “طارق صالح” و”عثمان مجلي”، اتخاذ قيادة الشرعية قرارًا، بوقْف مسلسل التنازُلات، وإغلاق الباب أمام الضغوط الدولية، وفْقًا لصحيفة «العرب اللندنية».
وطالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، «المجلس الأوروبي»، بالضغط على ميليشيا الحوثي؛ للتعاطي الجاد مع المساعي الحميدة؛ لإحلال السلام والاستقرار في اليمن، ومعاقبتها مع داعميها الإيرانيين، الذين يرسلون المزيد من شحنات الأسلحة المُحرَّمة دوليًّا، وأكَّد رئيس «المجلس الأوروبي»، “شارل ميشيل”، التزام «الاتحاد الأوروبي» بإسناد مجلس القيادة «الرئاسي، والحكومة»، ودعم كافة الجهود؛ الرامية لتحقيق السلام والاستقرار، وتخفيف المعاناة الإنسانية، التي وصفها بـ”الأسوأ في العالم”.
في المجمل:
كثَّف الحوثيون – في الأشهر التي جاءت عَقْبَ انتهاء الهُدْنة- عملياتهم العسكرية، وذلك عن طريق استهداف الموانئ النفطية في جنوب البلاد، كما شنُّوا هجماتٍ طالت الجيش اليمني، في عددٍ من المحافظات، مثل «مأرب» الغنية بالنفط، والقريبة من الحدود السعودية، وهدَّدوا باستهداف ناقلات النفط في البحر الأحمر، بـ«الصواريخ، والزوارق المفخخة»؛ خدمةً للمصالح الإيرانية، بعد تشديد العقوبات على «طهران»؛ بسبب تنصُّلِها من التزاماتها النووية، وقمْع الاحتجاجات، وتزويد روسيا بطائراتٍ مُسيَّرةٍ، استُخدمت في الحرب الأوكرانية.
ويؤكد التصعيد الحوثي المتكرر، ورهان الميليشيا على العنف، أن الجهود «الأممية، والدولية» المبذولة، تسير في طريقٍ مسدودٍ؛ كوْن قرار الميليشيات مرهونًا لإيران، التي تُوظِّفُ الميليشيا الحوثية، ضمْن أجندتها التوسُّعية؛ لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
وتذهب المؤشرات الحالية، إلى أن المعارك القادمة بعد الهُدنة السابقة، قد تكون أشرس من كل المعارك السابقة، لا سيما مع انحسار فُرَص تحقيق اختراقٍ على خطِّ المفاوضات الجارية بين أطراف الصراع.